الرئيسة \  قطوف وتأملات  \  شاعر ومنشد!! .. وليد الأعظمي وأحمد بربور

شاعر ومنشد!! .. وليد الأعظمي وأحمد بربور

22.05.2018
يحيى حاج يحيى




في أدبنا القديم ، و حتى الحديث كان لعدد كبير من الشعراء رواة يذيعون بين الناس شعرهم و يؤدونه في الغالب كما سمعوه من أفواه الشعراء ! فكان بذلك يكتب للشعر الذيوع و الانتشار و لا سيما في وقت لم تكن فيه الكتابة و الطباعة و وسائل النشر كما هي عليه اليوم .
كما قدر لعدد من القصائد من ينشدها ، أو يغنيها ، و قد فطن الشاعر القديم إلى ذلك فقال:
تغنّ بالشعر إما أنت قائله       إن الغناء لهذا الشعر مضمارُ
و أذكر هنا أن الشيخ أحمد بربور المنشد ذا الصوت المؤثر ، و الفن الراقي كان يحفظ كثيرا من قصائد الشاعر وليد الأعظمي ؟! بل إن كثيرا من هذه القصائد ذاع في بلاد الشام عندما أنشدها الشيخ أحمد ، قبل أن نقرأها في ديوان ؟!
ففي أواخر الستينيات ، و عامة سنوات السبعينيات من القرن الفائت كانت مجالس الإنشاد تزخر بتلك القصائد الجميلة ، و كان لاختيار الشيخ بربور ، و ذوقه الفني ، مع جمال صوته ، و حسن أدائه الأثر الكبير في ذيوع قصائد الأعظمي ، و هي في الحقيقة - جديرة بالانتشار لكونها من جميل الشعر الملتزم ، مع قوة في المعنى ، و وضوح في الأسلوب ، و سمو في الغرض !!
و إن أنس لا أنس قصائد الأعظمي بصوت أحمد بربور و هو يترنم بها مع فرقة من المبدعين في مساجد حلب و حماة و حمص و جسر الشغور و أريحا و معرة النعمان ، و مجالس أنسها ، من ذلك :
يا فتيـة الإسـلام سـوّوا صفّكم      و بغير ديـن الله لا تتدرّعوا
صونوا كما صان الحمى أجدادُكم       سيروا على آثارهم و تتبعوا
و ليعـلـمِ الأعـداءُ أنّـا أمـةٌ       بعواصف التهديد لا تتزعزع
و منها :
إنا لنهتفُ ، و الرسولُ زعيمُنا        وكتابُ ربك عندنا دسـتورُ
يا قومُ ! لو عُدنا إلى إسـلامنا       لم يبق فينـا عاطل ٌوفقيـرُ
و منها :
فوق المنابر-يا بلابلُ- غرّدي      في مولد الذكرى ، و ذكرى المولدِ
الله أكرمنــا بنـور محمـدٍ      فعن البصـائر -يا ظلامُ - تبـدّدِ
و منها :
من مشرق الدنيا لأقصى المغرب        روحٌ يحن إلى تعاليم النبـي
يشتاق للمُثـل اللطـاف تسـوده        ما دام نجم سعودها لم يغربِ
و لعل أكثرها جمهورا ، و أشدها تأثيرا في السامعين :
 
شباب الجيل للإسلام عودوا        فأنتم روحُه و بكم يسـودُ
و أنتم سِـرُّ نهضته قديمـا        وأنتم فخرُه الزاهي الجديدُ
عليكـم بالعقيدة فهـي درعٌ      - نصون به كرامتنا - حديدُ
و منها :
شهد العدوُّ بعزتي و تمنعي       لاأرهبُ الدنيا وقرآنـي معـي
هذه مشاعرُ كل قلب مؤمنٍ       وخواطرٌ تنـداحُ بين الأضـلع
يا ليلـة القرآن رُدِّينا إلـى      هدْي الرسول، ووحدّينا واجمعي
و إذا كان ما قاله الأعظمي جميلا ، و ما أنشده البربور بديعا فأنت في حديقة غنّاء تفتحت أزاهيرها ، و شدت الأطيار فيها !
و لعمري ما ذكرت مطالع هذه القصائد إلا وجدتني أترنم بها ، و أهتز للحنها !
رحم الله الشاعر وليد الأعظمي [ ابن الأعظمية الأصيلة في العراق ] و رحم الله المنشد أحمد بربور [ ابن أريحا المجاهدة في سورية ] و جعل ملتقاهما في جنان الخلد !