الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سياسات إدارة ترمب الشرق أوسطية

سياسات إدارة ترمب الشرق أوسطية

24.12.2018
عادل عبد الله المطيري


العرب القطرية
الاحد 23/12/2018
احتلت منطقة الشرق الأوسط مكانة مهمة في سياسة الولايات المتحدة الأميركية الخارجية، لأسباب عديدة، منها: وجود أهم حليف لها في العالم "إسرائيل"، وتميز المنطقة بأهم مورد للطاقة "البترول".
وبالطبع، يتمتع الخليج العربي بأهمية قصوى عند الإدارات الأميركية المتعاقبة، حتى إن الالتزام بأمنه يأتي عادة على شكل تعهد رئاسي علني، كمبدأ كارتر الشهير، الذي نص على أنه "سوف تعتبر أي محاولة من قبل أي قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج اعتداءً على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأميركية، وسيتم صد مثل هذا الاعتداء بأي وسيلة ضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية".
استمرت الإدارات الأميركية المتعاقبة في تأكيد هذا المبدأ أو الالتزام الاستراتيجي في الأمن الخليجي، وصولاً إلى الرئيس أوباما، الذي حاول إعادة التوازن في المنطقة بإلزام الجمهورية الإسلامية الإيرانية التخلي عن أحلامها النووية العسكرية، بتوقيعها على الاتفاق النووي الإيراني بينها ومجموعة 5الاحد 23/12/20181، مع تأكيد الرئيس أوباما على تعزيز أمن دول مجلس التعاون، ودعمهم بما يلزم من أسلحة دفاعية تُهدئ من روعهم اتجاه إيران، واقترح أوباما إنشاء "الدرع الصاروخي الخليجي"، وهي عبارة عن منظومة متطورة من أسلحة الدفاع الجوي تمكّن الخليجيين من التوازن مع القوة الصاروخية الإيرانية.
من جهة ثانية، سعى أوباما إلى تلطيف الأجواء المشحونة بين إيران ودول مجلس التعاون، ولكن لم يسعفه الوقت مع انتهاء ولايته الثانية، بالإضافة إلى الصد الخليجي والإسرائيلي لسياساته، وعدم الرضا عنها. عقلانية الرئيس أوباما، التي ميّزت فترة حكمه، أعقبها تهوّر الرئيس الجديد "ترمب"، وغلاظته، وصراحته المحرجة، وعقلية "البزنس مان" الشغوفة بالمال فقط.
أوباما لم يُحمّل حلفاء أميركا الكثير من الأعباء المالية، ولم يهوّل من المخاطر ليبتزهم، بينما الرئيس ترمب رجل الأعمال استخدم الجيش الأميركي كأداة استثمارية (سندات) تجلب عوائد مادية دون مخاطر عالية، فليس في مخيّلة ترمب أن يبدأ حرباً لا مع إيران ولا غيرها، هو فقط يسخّن الساحات الإقليمية والدولية، من أجل أن يأتي المستثمرون عفواً الخليجيين أو الأوربيون أو الشرق آسيويون، وغيرهم، ليحصلوا على "سنداته" أو جيشه وأسلحته، للحماية من لا شيء.
الرئيس ترمب لم يتحمل وجود رمزي في سوريا دون مقابل مادي، رغم الأهمية الاستراتيجية لوجود القوات الأميركية في وسط أشرس حرب مختلطة (أهلية وخارجية) في العالم، فكيف سيتحمل وجوداً مكثفاً في الخليج للحرب مع إيران؟.
نتذكر جميعاً عندما أعلن ترمب أن الوجود العسكري الأميركي في سوريا لن يستمر إذا لم يدفع الخليجيون ثمنه، وإلا ليأتوا بجيشهم بدلاً عنّا، خرج بعدها وزير الدفاع الأميركي ليصحح ما اعتقدناه "زلة لسان"، وينفي أن لا نية للانسحاب الأميركي من سوريا، ولكن هذا التضارب المعلن بين الجيش والرئيس الأميركي تأكد منذ أيام، عندما أعلن الرئيس الأميركي انسحاب قواته من سوريا، وأعلن في المقابل وزير الدفاع الأميركي ماتيس استقالته!!
ختاماً، تعوّدنا أن عقب كل انسحاب عسكري أميركي يأتي من يملأ الفراغ، وعادة ليس من حلفاء أميركا المعلنين، والسؤال هل تتعمد واشنطن ذلك، أم أن هناك خطأ في التقدير؟ يبدو أن الرئيس ترمب يسلم سوريا للروس المتهم بالتعامل معهم في حملته الانتخابية، كما سلّم بوش الابن العراق للإيرانيين عندما قام بتدمير مؤسساته الوطنية، وأبدلها بمؤسسات طائفية، عقب الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.
الخلاصة: أجمع الخبراء على أن ترمب لا يملك استراتيجية ولا سياسات محددة اتجاه قضايا الداخل أو الخارج، ولا يدور بخلده إلا كسب المال، وهذه الاستراتيجية لا تجدي نفعاً في السياسة الدولية، فالمكانة الدولية والتغلل في الساحات الدولية، وكسب ثقة الحلفاء من المفترض، أن يأتي أولاً للدول العظمى وبعده الكسب المادي، لا العكس!;