الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية على أجندة أميركية روسية

سورية على أجندة أميركية روسية

06.07.2015
أيمن الصفدي



الغد الاردنية
الاحد 5/7/2015
تتحدّث الأنباء عن توافقٍ أميركيٍ - روسيٍ على تشكيل مجموعة اتصالٍ دوليةٍ لقيادة جهود البحث عن حلٍّ سياسيٍ للأزمة السورية. وفي ذلك مؤشرٌ لافتٌ على أنَّ الدولتين باتتا مقتنعتين بإمكانية تلاقيهما في مساحات تحركٍ مشتركةٍ يُمكن عبرها وقف المسار الكارثي للأوضاع في سورية.
يبدو أنَّ واشنطن قررت أنّ الوقت صار مواتياً للانخراط بشكلٍ حقيقيٍ في المشهد السوري، مع اقتراب انتهاء مفاوضاتها النووية مع إيران. فأميركا كانت جعلت من الملف النووي أولوية. استراتيجيتها التفاوضية إزاءه اعتمدت فصله عن أيِّ ملفٍ آخر قد يهدّد إمكانية التّوصل إلى اتفاق.
وبموازاة ذلك، الواضح أنَّ واشنطن اقتربت من الموقف الروسي، الذي كان رفض حصر المعارضة السورية في الائتلاف الوطني. والمعلومات التي رشحت تقول إنَّ أميركا أقرّت بدورٍ لجهاتٍ معارضةٍ أخرى شاركت في حوارات موسكو السابقة، ووافقت أيضاً على أن تكون إيران ضمن مجموعة الاتصال التي ستبحث في حلٍّ يُقدّم مرحلياً محاربة الإرهاب على إنهاء حكم الأسد.
التركيبة المقترحة لمجموعة الاتصال تشمل أيضا السعودية وتركيا وقطر. وهذا يعني أنَّ أعضاءها دولٌ ما تزال مواقفها ورؤيتها لأولويات الأزمة السورية متضادة متناقضة، ما ينبئ أن عملها سيُواجه صعوباتٍ شديدة. لكنَّ الواقع أنَّ كلَّ هذه الدول أطرافٌ مؤثرة في الأزمة ولا يُمكن الوصول إلى حلٍّ لا يحظى بتوافقها.
لذلك يُمكن أن تمثّل مجموعة الاتصال أوّل جهدٍ حقيقيٍ لوقف المسار الكارثي للأزمة.  غير أنَّ السؤال الكبير سيتمحور حول حجم التسويات التي سيفرضها التوافق.  فالواضح أنَّ خروج الأسد من الحكم شرط موضوعي لا يُمكن أن يتوقف دمار سورية من دونه. بيد أنَّ الخلاف سيكون على كيفية خروجه وتوقيته، وعلى شروط المرحلة الانتقالية التي ستقود إلى طيِّ صفحة الأسد المظلمة في تاريخ سورية.
وسيكون تحدي تلبية مصالح إيران في سورية بحجم تحدي التوافق على تعريف المجموعات الإرهابية وأولوية محاربتها.
ذاك أنَّ مصالح إيران الرئيسة في سورية هي الحفاظ على خط إمدادٍ عبر الأراضي السورية لحزب الله في لبنان، وترتيب ضماناتٍ عمليةٍ على الأرض تحميه من أيِّ تطورات سيحملها تشكيل حكومةٍ معاديةٍ له في دمشق. إيجاد مثل هذه الضمانات قد يتطلب سيادةً سوريةً منقوصةً على ممرات آمنة من سورية إلى لبنان. فرض ذلك سيحتاج توافقاً من الصعب الوصول اليه.
وكبيراً أيضاً سيكون الخلاف بين الدول المقترحة لمجموعة الاتصال حول تعريف القوى الإرهابية ومحاربتها. ذاك أنه بالنسبة لأميركا وروسيا، النصرة وحلفاؤها من مجموعاتٍ مقاتلةٍ قوى إرهابيةٌ يجب تفكيكها. لكنَّ هذه المجموعات تحظى بالدعم والتسليح من تركيا وقطر، اللتين تعتبرهما حلفاء ورأس حربةِ نفوذهما في سورية.
رُغم كلِّ ذلك، لا حلَّ للأزمة السورية من دون التوافق الدولي الإقليمي الذي يُمكن أن تنجزه المجموعة المقترحة. بديل هذا التوافق هو الاستمرار في تدمير سورية وتعظيم الخطر الإرهابي الاقتصادي الديمغرافي الذي يمثله سقوطها في المزيد من الفوضى للمنطقة برمتها.
من هنا يجب أن تستغلَّ الدول العربية المتماسكة التي تعي خطورة الوضع وتعتمد مقارباتٍ عقلانيةٍ نحوه فرصة الحديث الأميركي - الروسي عن جهدٍ حقيقيٍ لحلِّ الأزمة السورية، والتقدّم بطروحاتٍ تسعى لفرض مصالحها ومصلحة الشعب السوري على توجهات هذا الجهد ونتائجه.
وفي هذا السياق، ليس مفهوماً أن يكون الأردن خارج الدول المقترحة لعضوية مجموعة الاتصال، في ضوء تأثرّه بالأزمة السورية وقدرته التأثير فيها، وفي ضوء ثبات نجاعة السياساتِ التي اعتمدها في التعامل معها.
فبين الموقف الأميركي الرمادي والمحاصر في ضيق حدود تعريفه للمخاطر الكامنة في الوضع السوري، وبين مواقف روسيا وإيران وتركيا وقطر التي لم تأبه بتدمير سورية خدمةً لمصالحها وإشباعا لطموحاتها ورغباتها، ثمة ضرورةٌ لأن توضع على أجندة مجموعة العمل طروحات دولٍ إقليميةٍ وأخرى دولية تملك رؤىً عقلانيةً تستهدف إنقاذ سورية من الإرهاب والأسد في آن.