الرئيسة \  ملفات المركز  \  سوريا في عام 2020 بلد متعدد الأزمات .. جوع وفقر ومرض

سوريا في عام 2020 بلد متعدد الأزمات .. جوع وفقر ومرض

02.01.2021
Admin


ملف مركز الشرق العربي 1/1/2021
عناوين الملف :
  1. جسر برس :خلال سنة 2020.. 1528 سوري قُتلوا على يد أطراف الصراع في سوريا
  2. المال :سوريا في 2021 .. مصاعب اقتصادية وطبية من رحم صراع مستمر
  3. ليفانت :سوريا 2020.. بلدٌ ممزّق ونظامٌ ماضٍ في تصدير الموت
  4. اساس ميديا :سوريا 2020: صعود نجم أسماء وأفوله
  5. النهار :سوريا 2020: حصاد الجوع وتخبط السياسة والأزمات المعيشية
  6. المرصد :سوريا في 2020: واقع معيشي كارثي يهدد حياة السوريين وتصعيد إسرائيلي غير مسبوق.. ونشاط متصاعد لتنظيم الدولة الإسلامية وتغلغل إيراني.. وهيمنة روسية وانتهاكات تركية متواصلة
  7. ا ف ب :6800 قتيل في سوريا خلال 2020 في أدنى حصيلة سنوية منذ اندلاع النزاع
  8. أهم الأحداث الأمنية والعسكرية في سوريا في عام 2020
  9. الحرة :سوريا تسجل أدنى حصيلة سنوية للخسائر البشرية منذ بدء الأزمة
  10. الرؤية :سوريا 2020.. تقدم ميداني للأسد وتردٍّ اقتصادي واستغلال تركي
  11. المدن :سوريا 2020... في كوارثها هي العالم
  12. العربية نت :3 هزّات أرقت بشار الأسد بـ 2020.. إحداها لوّحت برحيله
  13. سكاي نيوز :سوريا في 2020.. حرب ووباء واقتصاد منهار
 
جسر برس :خلال سنة 2020.. 1528 سوري قُتلوا على يد أطراف الصراع في سوريا
في ديسمبر 31, 2020
جسر – متابعات
نشر “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إحصائية توضّح عدد المدنيين الذين قُتلوا على يد الأطراف المتصارعة في سوريا، خلال عام 2020، الذي سينتهي بعد ساعات قليلة.
وأحصى المرصد مقتل 1528 مواطناً سورياً جميعهم مدنيون، بينهم 231 طفل دون سن الثامنة عشر، و197 مواطنة فوق سن الـ 18 توزعوا على الشكل التالي:
235 مواطن بينهم 41 مواطنة و58 طفلاً قتلتهم الطائرات الحربية الروسية، و115 مواطناً بينهم 21 مواطنة و38 طفلاً قتلتهم الطائرات الحربية التابعة للنظام السوري ومواطنان اثنان اعدمهم تنظيم “داعش”، و12 مواطناً بينهم مواطنتان اثنتان وطفل قتلتهم الطائرات المروحية التابعة للنظام.
كما قُتل 117 مواطناً بينهم 23 طفلاً و37 مواطنة بقصف قوات النظام، و83 مواطناً استشهدوا تحت التعذيب في سجون قوات النظام، و34 مواطناً بينهم 7 مواطنات وطفل قضوا على يد قوات النظام.
وبحسب الإحصائية، فإن 53 مواطناً بينهم 10 مواطنات و7 أطفال قضوا على يد الفصائل، و24 مواطناً بينهم 3 مواطنات و4 أطفال على يد “قوات سوريا الديمقراطية”، و9 مواطنين بينهم 3 أطفال قضوا على يد حرس الحدود التركي، و29 مواطناً بينهم طفل قتلوا على يد “هيئة تحرير الشام”، و134 مواطن بينهم 19 مواطنة و12 طفل استشهدوا في ظروف مجهولة.
كما قُتل 13 مواطناً بينهم طفل ومواطنة قضوا على يد قوات التحالف الدولي، و165 مواطناً بينهم 12 مواطنة و52 طفل قضوا بانفجار ألغام ومخلفات الحرب، و50 مواطناً بينهم 3 مواطنات و7 أطفال قضوا بانفجار عبوات ناسفة، و148 مواطناً بينهم 10 مواطنات و8 أطفال استشهدوا في انفجار مفخخات، و12 مواطناً بينهم مواطنتان اثنتان وطفل على يد قوات “نبع السلام”، و16 مواطناً بينهم 3 مواطنات وطفلان اثنان قضوا على يد القوات التركية، و4 مواطنين بينهم مواطنة قضوا بالضربات الإسرائيلية، و273 مواطناً بينهم 23 مواطنة و12 طفل قضوا باغتيالات متفرقة في الأراضي السورية من قبل عناصر التنظيم وموالين لـ”قوات سوريا الديمقراطية” وقوات النظام ومجهولون.
ونوّه المرصد في الإحصائية المنشورة، أن حصيلة الضحايا هذه، هي أقل حصيلة سنوية للضحايا السوريين في سوريا.
===========================
المال :سوريا في 2021 .. مصاعب اقتصادية وطبية من رحم صراع مستمر
لاشك أن العام 2020 كان عاما صعبا على العالم بشكل عام، لكن التوقعات ترجح استمرار المصاعب في سوريا في 2021، وسط حرب طويلة الأمد مما جعل الصعوبات أكثر وضوحا على المستويين الطبي والاقتصادي.
استمرار المصاعب في سوريا
صحيح أن الوضع الأمني في البلاد أصبح في السنتين الماضيتين أفضل بكثير مما كان عليه قبل سنوات قليلة، لكن الوضع الاقتصادي تراجع بشكل كبير، خاصة في العام 2020 بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا والوضع المتدهور في لبنان المجاور، وانتشار مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد -19).
وفي  أكتوبر العام 2019، بدأت الاحتجاجات في لبنان تندلع بسبب تباطؤ الوضع الاقتصادي في البلاد واستمرت الاحتجاجات في العام 2020 قبل بداية أزمة (كوفيد-19)، وخلال الفترة نفسها، فرضت المصارف اللبنانية قيوداً صارمة على عمليات السحب والتحويلات إلى الخارج.
وبسبب الأزمة في سوريا، كان لدى معظم التجار السوريين حسابات مصرفية في لبنان، والتي كانت رئة سوريا خلال الأزمة، لكن عندما فرضت البنوك اللبنانية تجميد الحسابات، تأثر الوضع الاقتصادي في سوريا بشكل كبير.
في نوفمبر من العام الحالي، قال الرئيس السوري بشار الأسد إن حجب مليارات الدولارات من الودائع لدى رجال الأعمال السوريين في لبنان كان السبب الرئيسي للأزمة الاقتصادية المتفاقمة في سوريا.
وقدر الرئيس الأسد أن لدى السوريين ما بين 20 و 42 مليار دولار في البنوك اللبنانية، قائلا “هذا الرقم لاقتصاد مثل سوريا مرعب”.
تزايد إصابات فيروس كورونا
وفي مارس الماضي، تم الإبلاغ عن أول حالة إصابة بمرض (كوفيد-19) في سوريا، تلاها إغلاق جزئي أثر على الشركات الراكدة بالفعل في البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، فرضت الولايات المتحدة مجموعة من العقوبات في العام 2020 بموجب ما يسمى بقانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا.
ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر 2019  على القانون، ودخل حيز التنفيذ في 17 يونيو 2020.
وتم استهداف عدد من الصناعات التي تديرها سوريا، بما في ذلك تلك المتعلقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة، ويستهدف القانون أيضًا الأفراد والشركات الذين يقدمون التمويل أو المساعدة للحكومة السورية.
كما فرضت الولايات المتحدة أخيرا جولة جديدة من العقوبات على سوريا، استهدفت البنك المركزي السوري وأدرجت العديد من الأشخاص والكيانات في القائمة السوداء لخنق الحكومة السورية.
تسجيل شركات روسية في سوريا
مع حدوث هذه الأزمات، استمرت الليرة السورية في التدهور وارتفعت أسعار جميع المواد بشكل كبير، علاوة على ذلك ، حدث نقص حاد في الوقود بالإضافة إلى أزمة تأمين القمح للخبز بسبب ارتفاع أسعار القمح المستورد.
ولجأت  الحكومة السورية إلى رفع أسعار الوقود والخبز المدعوم وعالجت الموقف من خلال ضبط التوزيع عبر بطاقة إلكترونية توزع على المواطنين لتحديد عدد المواد المدعومة التي يمكنهم الحصول عليها شهريًا.
في غضون ذلك، قال خبراء اقتصاديون إن العام 2020 كان من أسوأ الأعوام اقتصاديًا  يمر على سوريا خلال سنوات الحرب التي استمرت قرابة 10 سنوات.
يشار إلى أن هذه المقالة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.
===========================
ليفانت :سوريا 2020.. بلدٌ ممزّق ونظامٌ ماضٍ في تصدير الموت
 ليفانت- نور مارتيني
رغم تفاؤل الأسد بتعافي نظامه بشكل مطلق في أواخر عام 2019، ما دفع به للاستعانة بأبواقه من إعلاميين ومرتزقة ممن نشرهم في أصقاع العالم، ليروّجوا لمقولة "هزيمة الإرهاب"، والترويج لإعادة الإعمار وعودة اللاجئين إلى سوريا، و"قرب السيطرة على آخر معاقل الإرهاب في إدلب"، على حسب زعمه، إلّا أنه مني بضربة قاصمة للظهر في مطلع عام 2020، من خلال مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني "قاسم سليماني".
فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي سبق وأن وصف بشار الأسد بـ”الحيوان” عام 2018، كان قد ادّخر الكثير من القوة ليمطر بها النظام السوري وإيران قبيل الاستحقاق الرئاسي عام 2020، حيث استهلّه بإقرار “قانون قيصر”، الذي بقي حبراً على ورق إلى أن تمّت المصادقة عليه ليدخل حيّز التنفيذ.
وكان “قانون قيصر” الأميركي بشأن سوريا، قد دخل حيز التنفيذ في السابع عشر من حزيران/ يونيو في العام المنصرم، وسط تخوّف الدوائر المعنية في لبنان بتأثر الاقتصاد الوطني بالقانون الذي يفرض عقوبات على كل من يقيم علاقات تجارية مع النظام السوري، بمثابة ضربة حقيقة لفلكيي النظام السوري المقرّبين، من أمثال مايك فغالي الذي تنبّأ بانخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي، مقابل الليرة السورية إلى 300، فإذا به يلامس حاجز ال3000!
لم يأتِ قيصر وحده، بل جلب إلى جانبه تصدّعاً في الروابط الوثيقة داخل أسرة الأسد، ونسيجها الاجتماعي، تجلّت في أزمة سيرياتيل، التي بدأتها مؤسسة الاتصالات بمطالبة رامي مخلوف بسداد الضرائب المتراكمة، والتي تمّ التعاطي معها إعلامياً أنّها متعلّقة بتنامي نفوذ “أسماء الأسد”، ورجال الأعمال المقرّبين منها، ممن أسماهم “مخلوف” مراراً، في منشوراته على فيسبوك، والعدد المحدود من مقاطع الفيديو التي نشرها قبلاً، بـ”تجار الحروب”!
وتسبّب قيصر بتدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل مروّع، لتزيد من وطأته جائحة كورونا، والإغلاق، فتتداعى المنظومة الصحية بشكل كامل، وهي التي أرهقت أصلاً بسبب ما اقترفته يدا النظام، من استهداف للمنشآت الحيوية والمستشفيات، فضلاً عن هجرة الأدمغة، التي أدّت إلى هجرة الأطباء، فيما توفيت أعداد هائلة منهم نتيجة الفيروس اللعين، تاركة المدنيين يواجهونه بالإيمان وما تيسّر لهم من قوت.. سوريا 2020
تبع ذلك كلّه حرائق داهمت مناطق الغابات، التي تقع في معظمها في الساحل السوري، حيث أدّت إلى تهجير عدد لا يستهان به من سكان المنطقة، وتدمير ممتلكاتهم ومحاصيلهم الزراعية، فيما أشارت مصادر مطّلعة إلى أن الروس وضباط النظام هم من افتعلوها، ليقوموا بشراء الأراضي في المنطقة.
واجه النظام السورية هذه التحدّيات بطريقته المعهودة، البروباغاندا والمحسوبيات، وشراء الذمم، بدلاً من محاولة إيجاد حلول حقيقية للواقع السوري، الذي بات أكثر تعقيداً في ظلّ هذه الحالة من التعامي عن الواقع.
روسيا وإيران في سوريا.. أدوات أم سادة القرار؟!
اعتاد النظام السوري، الذي يلقّب نفسه زوراً بـ”الممانع”، أن يوجّه صفعة لمنتقديه، مفادها أنّه اللاعب الأساسي في أرضه وبين جممهوره، إلى أن سرّب الرئيس الروسي بوتين رسائل عدّة لرئيس النظام السوري، من خلال اللقاءات المحدودة التي جمعتهما، كان واضحاً فيها أنّه سيد تلك الرقعة الجغرافية التي استقبله فيها بصفته ضيفاً، حيث وقّع  الرئيس فلاديمير بوتين في أيار/ مايو المنصرم، مرسوماً يفوض وزارتي الدفاع والخارجية العمل مع النظام السوري لتوقيع بروتوكول إضافي يوسّع الوجود العسكري الروسي على الأراضي السورية.
إيران هي الأخرى لم تكن بأفضل حالاً في التعاطي مع بشار الأسد، الذي لم يعد خفيّاً على أحد مدى تبعيّته اللامتناهية لنظام الوليّ الفقيه في إيران، رغم محاولاته المتكرّرة للتملّص من هذه الصورة، كعزل منطقة “السيدة زينب”، وإيقاف الرحلات القادمة من إيران في بداية أزمة كورونا، ولكنّه لم يصمد طويلاً، واضطرّ للرضوخ للقرار الإيراني، الذي أسفر عن تدخّل سافر لإسرائيل من أجل تنفيذ ما عجز عنه نظام الأسد وروسيا. سوريا 2020اقرأ المزيد: مستثنياً تركيا..محور أستانة يناقش التطورات في سوريا
الصحفي السوري “غسان مفلح”، أوضح لـليفانت نيوز، أنّ”العلاقة بين النظام السوري وروسيا وإيران معقدة، ولا تسير باتجاه واحد. الطرفان يحتاجان بعضهما، فإيران تحتاج الأسد منذ تاسيس حزب الله بداية الثمانينيات. والنظام الأسدي بحاجتها اقتصادياً، وحليفاً يستخدمه ساعة يشاء. هذا ما حدث بعد الثورة”.
ويحسب رؤية “مفلح” لطبيعة الدور الذي يلعبه الفريقان في سوريا يرى مفلح أنه “لهذا السبب، القول أن الإيرانيين أو الروس متحكمين في اللعبة والأسد قول غير صائب. هذا التبادل المصلحي لم يكتب له الوصول إلى هنا، دون غطاء أمريكي أوروبي”. سوريا 2020
من الضالع في شيطنة المعارضة السورية؟
ما تزال معضلة إيجاد البديل لرئيس النظام السوري، هي الحجّة الدائمة التي يتداولها البعض في تبرير عدم المضيّ في خطوات جدّية لإسقاط الأسد ونظامه، وفي ظلّ التراكمات الناجمة عن طول أمد الأحداث في سوريا منذ اندلاع الثورة قبل قرابة العشر سنوات، يزداد الوضع تعقيداً، فالفوضى ولّدت مزيداً من الفاسدين والكثير من اللاعبين الذين باتوا أساسيين في الملف، في حين كان الموضوع حكراً على فريقين هما الأسد ومعارضوه حتى عام 2013.
وتعقيباً على موضوع شيطنة المعارضة السورية، يرى ” غسان مفلح” أنّه “ليس النظام من شيطن المعارضة، بل الموقف الدولي الداعم لتحويل سوريا الى بؤرة موت مزمنة، ومزيد من تعفين الوضع”، موضحاً أن ” الأسد والمعارضة في حالة شيطنه دولية تقريباً، فالنظام لا يعترف باي شرعية سوى شرعية استمراره، وهذه الشرعية في عمقها مرتبطة بأمريكا وإسرائيل، ولهذا فإنّ النظام حتى اللحظة رغم كل القلق، مطمئن أن شرعيته مستمرة، وكذا راهن على فوز بايدن مثله مثل إيران”.
وفيما يتعلّق بالمعارضة الرسمية، أشار الصحفي السوري إلى أنّها “شريك للنظام في اتفاقيات استانة وسوتشي، برعاية الثلاثي المحتل، طبعاً مع الفارق بين كل محتل وآخر في استراتيجياته داخل سوريا”، ولفت إلى أنّ “روبرت فورد السفير الأمريكي الأسبق، قال في مقالة نشرها في جريدة الشرق الأوسط، مشيراً إلى ما أسماه الانتصار الأمريكي في سوريا، والذي يراه شكلاً من الهزيمة، أنّه يطالب إدارة بايدن بإلغاء قانون قيصر ورفع العقوبات كل العقوبات عن الأسد. ودعمه في قتال داعش غرب الفرات، لا بل ينصح بسحب القوات الأمريكية من سوريا، لتقع لقمة سائغة في يد الأسد وإيران وروسيا”.اقرأ المزيد: رغم التصعيد الأمريكي تجاهها.. بيدرسون يبحث المسألة السورية مع طهران
وتساءل “مفلح”: “أليس النظام من انسحب من اجتماعات اللجنة الدستورية؟ ماذا فعلت الأمم المتحدة حيال ذلك؟ أليست الأمم المتحدة هي مجلس الأمن؟” لافتاً إلى أنّه “بالمقلب الآخر كل طرف من أطراف أستانة يحاول توسيع نفوذه على الأرض، على حساب بقية الأطراف أو أحياناً، بالتفاهم والتناغم والشراكة”.
في ظلّ الأوضاع المزرية اقتصادياً، بات شغل السوريين هو تأمين القوت، ولم يعودوا معنيين بشيء آخر، غير أنّ تأمين القوت بات مرتبطاً بزوال الأسد، خاصة بعد قراره الأخير القاضي بإلزام مكاتب الحوالات المصرفية بتركيب كاميرات مراقبة، لمراقبة زبائنها، ردّاً على العقوبات الأمريكية على المصرف المركزي، حيث أنّه وجرياً على عادته، مع كلّ ضربةٍ توجّه لنظامه يعاجل بالقاضية للشعب الذي طحنه الجوع والبرد وكورونا..  سوريا 2020
ليفانت
===========================
اساس ميديا :سوريا 2020: صعود نجم أسماء وأفوله
خيرالله خيرالله - الخميس 31 كانون الأول 2020
من "الصراع على سوريا"، عنوان كتاب البريطاني باتريك سيل في منتصف ستينات القرن الماضي، إلى كتاب "الصراع على السلطة في سوريا" للهولندي نيكولاس فان دام في سبعينات القرن نفسه، كانت هناك عودة في السنة 2020 إلى مزيج من الصراعين. ثمة صراع على سوريا وثمّة صراع على السلطة في سوريا في الوقت ذاته في هذه المرحلة. ثمّة ما هو أبعد من ذلك. ثمّة أسئلة مرتبطة بمصير سوريا التي عرفناها والتي صارت تحت خمسة احتلالات: الإيراني والروسي والتركي والأميركي والإسرائيلي...
جاءت تلك العودة إلى الصراعين بعد نصف قرن على قيام النظام السوري الحالي الذي لم يعد من مجال للشكّ في أنّه كان منذ بدايته نظاماً عائلياً قبل أي شيء آخر. في السنة 2020، بقي النظام عائلياً، لكنّ تغييراً أساسياً طرأ على تركيبته في ظلً صعود نجم أسماء الأخرس الأسد، زوجة بشّار الأسد، وأفول نجم رامي محمّد مخلوف. من نظام الأسد – مخلوف، الذي دام طويلا، إلى نظام الأسد – الأخرس الذي انتهى قبل أن يبدأ، في بلد يغيب فيه الحد الأدنى من الوعي لما آلت اليه سوريا في ظلّ التجاذبات الدولية والإقليمية.
لم يستمرّ طويلاً صعود نجم أسماء، ابنة العائلة السنّية (من حمص). جاءت العقوبات الأميركية على والدها ووالدتها وشقيقيها فراس وأيّاد لتؤكّد أن الإدارة الأميركية مصرّة على التغيير في سوريا وأنّ الأمر لم يعد مرتبطاً بإدارة دونالد ترامب، بل يتعدّى ذلك نظراً إلى أنّ اللاعب الأساسي في هذا المضمار هو الكونغرس، بمجلسيه (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) حيث يحظى التغيير الجذري في سوريا بتأييد كبير من الشيوخ والنواب الديموقراطيين والجمهوريين على حدّ سواء.
كان لا بدّ من انتظار وفاة محمّد مخلوف قبل ثلاثة أشهر لاكتشاف أنّ الرجل كان ابن خالة حافظ الأسد وأنّ شقيقته أنيسة زوجة الرئيس السوري الراحل لم تكن من طبقة اجتماعية مختلفة. كلّ ما روّج له النظام طوال نصف قرن عن دور محمّد مخلوف في تسهيل زواج أخته من حافظ الأسد كان غير صحيح. كلّ ما في الامر أنّه كان هناك، منذ البداية، توزيع للأدوار بين الأسد الاب وابن خالته الذي وضع يده على الاقتصاد السوري بغطاء منه وذلك من أجل السيطرة على الطائفة العلوية وتطويعها عن طريق صناديق مالية خاصة.
لم يستمرّ طويلاً صعود نجم أسماء، ابنة العائلة السنّية (من حمص). جاءت العقوبات الأميركية على والدها ووالدتها وشقيقيها فراس وأيّاد لتؤكّد أن الإدارة الأميركية مصرّة على التغيير في سوريا وأنّ الأمر لم يعد مرتبطاً بإدارة دونالد ترامب
أسّس حافظ الأسد للنظام القائم إلى الآن. في 16 تشرين الثاني من العام 1970. انقلب حافظ الأسد، وزير الدفاع منذ العام 1966 والذي احتلت إسرائيل الجولان خلال توّليه هذا الموقع في حزيزان 1967، في ظروف أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها غامضة، انقلب على رفاقه البعثيين والعلويين. تفرّد بحكم سوريا بعد وضعه العلوي الآخر صلاح جديد في السجن مع السنّيين نور الدين الأتاسي ويوسف زعيّن وآخرين. ما لبث أن تخلّص من الضابط العلوي الكبير الآخر محمّد عمران عندما أرسل من يغتاله في طرابلس، عاصمة الشمال اللبناني في العام 1972. كلّف ذلك تحوّل رئيس الوزراء اللبناني وقتذاك صائب سلام إلى شخص غير مرغوب به في سوريا بسبب إصراره على التحقيق في جريمة اغتيال محمّد عمران...
يمكن وصف ما حصل في 2020 بتطور في غاية الأهمّية، بل بمنعطف، على الصعيد السوري وذلك بعد أقل بقليل من عشر سنوات على اندلاع الثورة الشعبية في آذار من العام 2011. ففي ظلّ الصراع الإقليمي والدولي على سوريا، تغيّرت طبيعة الصراع الدائر داخل العائلة الحاكمة. خرج رامي محمد مخلوف الذي ورث دوراً كان يلعبه والده وحلّت مكانه أسماء الاخرس الأسد المرأة التي تمتلك شبقاً ليس بعده شبق إلى السلطة والنفوذ المالي.
استطاعت أسماء في 2020 تدمير امبراطورية آل مخلوف الاقتصادية والاجتماعية والطائفية والسيطرة عليها بالكامل وتفتيت ما بقي منها لمصلحة مشروع خاص بها. بذلك صارت العائلات  العلوية ولقمة عيشها وخبزها اليومي تحت رحمة مؤسسات "الأمانة السورية للتنمية" التابعة مباشرة لأسماء الأخرس بعدما كانت تحت سيطرة آل مخلوف منذ سبعينيات القرن الماضي حين سمح حافظ الأسد لمحمد مخلوف بالسيطرة على الاقتصاد السوري واستخدام هذا المال للسيطرة على أبناء الطائفة العلوية وتطويعهم في خدمة العائلة الحاكمة. كذلك استطاعت اسماء تحويل نفسها إلى ركيزة اساسية في معادلة اقتصاد الحرب السورية لضمان ديمومة النظام الاسدي.
في ظلّ الصراع الإقليمي والدولي على سوريا، تغيّرت طبيعة الصراع الدائر داخل العائلة الحاكمة. خرج رامي محمد مخلوف الذي ورث دوراً كان يلعبه والده وحلّت مكانه أسماء الاخرس الأسد المرأة التي تمتلك شبقاً ليس بعده شبق إلى السلطة والنفوذ المالي
تأمل أسماء بنقل السلطة إلى ابنها حافظ الصغير. بعد أن باتت تسيطر اليوم على 70% من اقتصاد القطاع العام السوري عبر ما يسمّى "صندوق شهداء وجرحى الجيش العربي السوري". تشارك أسماء ايضا بطريقة مباشرة في الاقتصاد السوري الخاصّ. كذلك، تسيطر أسماء على موارد المؤسسات الدولية الانسانية ومنظمات الامم المتحدة العاملة في سوريا عبر تحكّمها بوزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمة الهلال الأحمر السوري وإجبار كلّ المؤسسات الدولية العاملة في سوريا على العمل حصراً عبر هاتين الجهتين الخاضعتين لها مئة في المئة.
تركت أسماء الاقتصاد "القذر" لماهر الأسد وحيّدته في المواجهة الناجحة التي خاضتها مع رامي مخلوف ومجموعته. إضافة إلى ذلك، استطاعت فرض سيطرة أقارب مباشرين لها على قطاعات اقتصادية معيّنة.
لم يكن في حسابات أسماء الأخرس الأسد أنّه سيأتي يوم تستهدف فيه عائلتها بعقوبات "قانون قيصر" الأميركي. كانت تظن أنّ الجنسيات البريطانية والدور "السياسي الخفي"، الذي ظنّ والدها الدكتور فواز الأخرس أنّه يلعبه، سيوفّر لهم حماية من العقوبات الأميركية التي سبق أن طالتها شخصيا كما طالت نجلها الأكبر الذي ما زالت تحلم بتوريثه الرئاسة.
أثبتت العقوبات أنّ وضع العائلة على لائحة العقوبات الأميركية جاء بتنسيق كامل بين واشنطن ولندن. أكثر من ذلك، جاءت العقوبات لتثبت أنّ التغيير في سوريا سياسة أميركية بغضّ النظر عن الشخص الموجود في البيت الأبيض، إن كان دونالد ترامب أو جو بايدن.
===========================
النهار :سوريا 2020: حصاد الجوع وتخبط السياسة والأزمات المعيشية
26-12-2020 | 09:30 المصدر: النهار العربي
دمشق-طارق علي
رغم أن ما من شيء بات اعتيادياً في يوميات السوريين، إلا أن عام 2020 شكل مرحلة مفصلية بعدما تربع على عرش أكثر السنين سوءاً على الصعيد المعيشي الملامس ليوميات المواطن، السنة الأقسى والأكثر مرارة في تاريخ سوريا الحديث بعامة، وتاريخ حربها بخاصة.
 يمكن توصيف هذا العام بأنه كان حصاداً للأعوام التسعة التي سبقته، أعوام الحرب، ففيه ترسخت أسس التهاوي الاقتصادي ومعه تبلورت مصائب الناس التي كانت تنقلها الحكومات السابقة من عام الى آخر بسلاسة ومرونة قبل أن تحط رحالها في العام الأخير منفجرة على رؤوس السوريين في بلد ما عاد يشكل لهم مظلة آمنة اقتصادياً للعيش فيه، ولو بالحد الأدنى من المقومات، الحد الذي قبل به السوريون فلم يقبل بهم، لم يقبل بهم لجملة من الظروف الطارئة وغير الاستثنائية لأي بلد يشهد حرباً، إلا أن حرب السوريين كانت أقسى لأن الفساد كان ركيزتها الأساسية، فالحكومات المتعاقبة فشلت وفق كل المقاييس بإدارة دفة البلاد لتجنيبها مرحلة الانفجار الذي حصل.
الناس جياع، هذا هو عنوان المشهد، وأي حديث في السياسة بات يعتبر رفاهية في غير مكانها، الناس تبحث عن طعامها في الشوارع، وتبحث عن فرص عمل معدومة، وأجور تكاد تكون الأدنى عالمياً، إذ إن متوسط المرتب السوري شهرياً بلغ نحو 20$ فقط، أما المعيشة الشهرية للأسرة فتتطلب، وفق دراسات عدة، رقماً قد يصل متوسطه حتى مئتي دولار شهرياً، وبين الواقع والحاجة ضاعت مئات ألوف الأسر السورية لتقع تحت خط الفقر والحاجة، قياساً برؤوس أموال أثرت نفسها خلال سنوات الحرب وباتت تعيش في قصور يفصلها فيها عن الناس حرس وأسلحة ومتاريس.
حتى أن المسار العسكري قد حكم بالاتفاقيات الدولية، أقله في ما يتعلق بملف إدلب، إدلب التي توقفت فيها العمليات العسكرية الكلاسيكية المباشرة اعتباراً من الربع الثاني من العام الجاري من دون أن تستأنف مجدداً.
دخلت البلاد مع وقف الأعمال العسكرية مرحلة كورونا التي اتضحت فيها رداءة النظام الصحي مع غياب وتخبط كامل في قرارات الحظر والإغلاق والافتتاح، ما أسهم في مجموعه في انتشار الفيروس ودخوله الانفجار مع ذروة الموجة الثانية في الشهر الأخير من العام، مروراً بقانون قيصر وحزمة عقوباته الاقتصادية التي تحظر على سوريا الاستيراد وتعرّض كل من يتعامل معها لعقوبات اقتصادية شديدة، وصولاً إلى انهيار العملة المحلية لخمسين ضعفاً مقابل الدولار الأميركي خلال الربع الثاني من العام الحالي، ولتتحول سوريا لاحقاً بلداً لطوابير الانتظار  للحصول على الغاز والبنزين والخبز... في ظل شبه فقدان للمواد قبل أن تعود لتتوافر فجأة بعد قرار الحكومة مضاعفة أسعارها بالتزامن مع فرض مبلغ مئة دولار أميركي على كل سوري يدخل بلاده، وصولاً إلى عقد مؤتمر عودة اللاجئين في دمشق والذي تضمّن جدول أعماله خططاً ومشاريع ورؤى من شأنها، بحسب القائمين على المؤتمر، تذليل العقبات أمام عودة السوريين إلى بلادهم التي شهدت في الشهر السابق للمؤتمر موجة غير مسبوقة من الحرائق التي طالت آلاف الدونمات الزراعية وقضت على جنى عمر آلاف العائلات من الفلاحين.
عسكرياً
في نهايات شهر كانون الثاني (يناير) سيطر الجيش السوري مدعوماً بغطاء روسي على مدينة معرة النعمان في ريف إدلب، وهي ثالث أكبر مدن المحافظة الشمالية، والتي كانت تسيطر عليها مجموعات مسلحة منذ نهاية عام 2012، تحديداً منذ تشرين الأول (أكتوبر)، وسبق السيطرة على المدينة سقوط عدد من القرى والبلدات تباعاً في طريق تقدم الجيش نحو معرة النعمان.
 في موقعها ومكانتها الاستراتيجية، شكّل سقوط المعرة حالة استثنائية في خط سير المعارك جنوب إدلب، باعتبار أن المدينة كانت محصنة ومدعمة بالمتاريس والحواجز على مدار ثماني سنوات من عمر الحرب السورية، لتتغير مع سقوطها معادلات القوى المسلحة في الشمال السوري ولجوئها إلى البحث مع الضامنين التركي - الروسي عن مصير المنطقة استناداً الى مخرجات ومقررات انبثقت سابقاً عبر أكثر من مؤتمر دولي.
 بعد أقل من شهر على سيطرة الجيش السوري على المعرة، تحديداً في نهاية شباط (فبراير) أعلن الأتراك بدء عملية "درع الربيع"، وهي عملية عسكرية برية تشاركت فيها القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها على مدينة إدلب، رداً على تقدم الجيش السوري في المحافظة ذاتها.
أسفرت العملية عن استعادة القوات التركية وفصائلها السيطرة على بلدات صغيرة شمال سراقب في ريف إدلب، قبل أن تتوقف العملية، وتختفي أخبارها من التداول، بعدما اجتمع الرئيسان التركي والروسي وتباحثا في أمر العملية ليقرر الاثنان وقف العملية وإبقاء خطوط التماس كما هي مع احتفاظ الجيش السوري بسيطرته على سراقب الاستراتيجية، وفضلاً عن ذلك، تم الاتفاق على تسيير دوريات عسكرية مشتركة بين روسيا وتركيا على طول طريق m4 الدولي، وبالتالي وقف كل الأعمال القتالية على طول خط التماس.
 وبذا توقفت العمليات العسكرية الرسمية في سوريا، اعتباراً من آذار (مارس) 2020 وحتى نهاية العام، ليكون العام السوري الأول الذي شهد العدد الأقل من المعارك اعتباراً من بداية اندلاع الحرب عام 2011.
أزمة كورونا
في الثاني والعشرين من آذار (مارس) سجلت سوريا رسمياً أول حالة إصابة بفيروس كورونا في البلاد، وحتى الأيام الأخيرة من العام سجلت نحو 10 آلاف إصابة رسمية في مناطق سيطرة الدولة السورية مع أقل من 600 وفاة، فيما سجلت مناطق سيطرة المعارضة المسلحة نحو 19 ألف إصابة، ومناطق سيطرة الأكراد (قوات سوريا الديموقراطية – قسد) في شمال وشمال شرقي سوريا نحو ثمانية آلاف إصابة.
ملف كورونا عرّى النظام الصحي في سوريا، ومنه نظام الاستجابة الطارئة، الذي اتضح أنه مترهل وغير مهيأ أو مجهز للتعامل مع الملفات الطبية، في حين أن الحكومة السورية أرجعت الأمر إلى سنوات الحرب وما تخللها من تدمير للمنظومة الصحية، إلا أن الحقيقة الثابتة أن المشافي السورية ما زالت غير جاهزة لاستقبال المزيد من الحالات في ظل الانفجار الذي بدأ مطلع الشهر الحالي، مع وصول سوريا إلى ذروة الموجة الثانية وهي الأقسى، ليظل التخبط في التعامل مع الحالة ونقص القدرة الاستيعابية وحصر عدد المسحات هو عنوان المشهد الطبي.
قانون قيصر
في السابع والعشرين من حزيران (يونيو) أقرت الولايات المتحدة قانون قيصر على سوريا، القانون الذي سرعان ما انعكس أزمات اقتصادية متعددة ومتشعبة طالت معظم مفاصل الحياة اليومية لمواطني الجمهورية، وأسفرت عن تكريس لحالة الجوع التي استغلتها الحكومة أحسن استغلال في تعويم المعوم أساساً من انتهاك ليومياتهم بقرارات اقتصادية شأنها تدعيم حال فقر الناس.
  قبل الحديث عن قانون قيصر لا بدّ من الإشارة إلى أن القانون ذاته أحدث مفارقة مجتمعية بالغة الخطورة لفتت أنظار السوريين إلى خفايا ما يحصل، باعتبار أن شركة "إيماتيل" الخاصة لبيع الأجهزة الخلوية في سوريا تمكنت، وبعد قانون قيصر، من استيراد كميات كبيرة من أجهزة iphone 12، لتفاخر الشركة إياها بكونها أول جهة تستورد الأجهزة الحديثة اعتباراً من لحظة الإعلان عنها كأول شركة تستورده على مستوى الشرق الأوسط، لتسبق دبي وأبو ظبي والدوحة والمنامة وأنقرة والقاهرة، العواصم والمدن التي لا تخضع لقوانين حصار مشابهة تحظر عليها الاستيراد، وما زاد في الأمر هو توارد الصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لسيارات حديثة من إنتاج 2020 تسير في شوارع البلاد برغم حظر الاستيراد، ما حدا بالسوريين الى رفع صوتهم مراراً متسائلين عن ماهية الحصار، وهل هو حصار غربي - حكومي مشترك على الفقراء من دون أن يشمل أغنياء سوريا ومتنفذيها؟
"قيصر" الذي وقعه ترامب فرض عقوبات على المصانع السورية المتعلقة بالبنى التحتية والصيانة العسكرية وقطاع الطاقة، وفرض عقوبات على روسيا وإيران وأي دولة تدعم الحكومة السورية أو تتعامل معها اقتصادياً من دون استثناء.
أزمة العملة المحلية
في الفترة ما بين تسجيل أول إصابة كورونا وبداية قانون قيصر، سجلت الليرة السورية انهياراً بلغ 50 ضعفاً أمام الدولار الأميركي، ليسجل الدولار الواحد نحو 3000 ليرة سورية، قبل أن ينخفض أخيراً نحو مئتي ليرة سورية، ما كرّس حالة الاحتياج الجماعي السوري لإيجاد سبل لتأمين لقمة العيش، فالانهيار أدى الى ارتفاع أسعار جنوني في الأسواق، بل دفع الكثير من أصحاب المصالح الى إغلاق أعمالهم، من دون تدخل حكومي يذكر، سواء على صعيد خفض قيمة الدولار، أم تفعيل الرقابة التموينية بصورتها الحقيقة في الأسواق.
فيزا للسوريين إلى بلدهم
في شهر أيلول (سبتمبر) أقرت الحكومة السورية في دمشق فرض مبلغ مئة دولار على كل سوري يريد دخول بلاده عبر المنافذ الحدودية، القرار اقتضى إجبار الداخل من مواطني سوريا على تصريف المبلغ حدودياً على سعر الصرف الرسمي في البنك المركزي، الذي يجعل المبلغ يخسر نصف قيمته تماماً، باعتبار أن سعر الصرف المركزي هو 1250 ليرة سورية مقابل كل دولار، أما سعر الدولار الواحد في السوق السوداء فقد بلغ 2800 ليرة سورية، ما جعل أصوات السوريين ترتفع، ليس في الخارج فحسب، بل في الداخل أيضاً، معتبرين أنه من غير المنطقي أن يدفع السوري الداخل إلى بلده ما يشبه الجمارك على نفسه، وفي أحسن الأحوال ثمن فيزا إلى بلده.
 ما زال الموضوع حتى اليوم يخضع لردود الفعل، لا سيما مع مناظر سوريين كثر عالقين على الحدود بين سوريا ولبنان ولا يملكون مبلغ مئة دولار لتصريفها، فضلاً عن مشكلات القانون ذاته في ما يتعلق بالمظلومية القائمة على اعتبار خروج المواطن من سوريا لقضاء أمر أو مراجعة طبيب أو احتمالات كثيرة ليوم واحد أو اثنين في لبنان أو العراق وحتى الأردن، يجب ألا يرتّب عليه دفعاً حدودياً، إلا أن الحكومة السورية ما زالت متعنتة ومتشبثة بقرارها مغلقةً باب النقاش حوله.
بلد الطوابير
اعتباراً من شهر أيلول (سبتمبر) أيضاً غصّت سوريا بطوابير الانتظار على مواد البنزين والمازوت والغاز والخبز، ففي أحسن الأحوال فرضت أزمة البنزين على المواطنين الانتظار لمدة بلغت يومين أحياناً في دورهم في "الكازيات"، في وقت أعلنت فيه وزارة النفط أن سبب الأزمة هو عمليات صيانة طارئة لمصفاة بانياس، لتستمر الأزمة شهراً ونصف شهر، قبل أن تحل بصورة شاملة ومفاجئة منذ اللحظة التي قررت فيها الحكومة رفع سعر البنزين، الى حدود الضعف، ما أعطى انطباعاً استنتاجياً بأن المشكلة لم تكن في مصفاة بانياس وصيانتها، إنما كانت مقدمةً للضغط على الشارع لرفع سعر المادة، الأمر ذاته الذي انسحب على الخبز بانقطاعه قبيل توفيره مع ارتفاع سعره، في ظل انتشار قضية فساد في ملف الطحين تجلت في إهمال الوزارة لعشرات الأطنان في المنطقة الشرقية وتركها لتكسد في محاولة لبيعها كعلف حيواني من دون أن أي تدخل حكومي لمعالجة المشكلة الكبرى في بلد ينتظر مواطنوه لقمة عيشهم في ظل صعوبات تأمينها.
الحرائق
اندلعت موجتان من الحرائق في سوريا، في شهري آب (أغسطس)، وتشرين الأول (أكتوبر)، إلا أن الموجة الثانية التي شملت أرياف اللاذقية وجبلة وبانياس وطرطوس وحمص كانت الأقسى في سوريا، الأقسى في التاريخ الحديث، والتي أدت الى خسائر وصلت الى  آلاف الدونمات الزراعية والحرجية، وتطلّبت أياماً طويلة لإخمادها.
  في الأيام الماضية، بثت قنوات الإعلام الرسمي وثائقياً من ثلاثة أجزاء بعنوان "شياطين النار"، بثت فيه اعترافات 39 شخصاً ألقي القبض عليهم معترفين بضلوعهم في التخطيط والتنفيذ لقاء مبالغ مالية تراوحت بين مئتي ألف ليرة سورية ومليونين، مؤكدين تمويلهم من جهة خارجية من دون أن يسموها.
مؤتمر اللاجئين
في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) استضافت سوريا بالاتفاق مع روسيا مؤتمراً لعودة اللاجئين السوريين، في دمشق، من أجل دعم جميع السوريين الراغبين في العودة إلى بلادهم، حضرت المؤتمر دول عدة بينها روسيا والصين ولبنان وإيران والإمارات وباكستان وعمان، وغابت دول غربية كبرى.
 المؤتمر ركز على ضرورة عودة اللاجئين وتهيئة المناخ المناسب لعودتهم مع تذليل كل العقبات والصعوبات في وجههم.
===========================
المرصد :سوريا في 2020: واقع معيشي كارثي يهدد حياة السوريين وتصعيد إسرائيلي غير مسبوق.. ونشاط متصاعد لتنظيم الدولة الإسلامية وتغلغل إيراني.. وهيمنة روسية وانتهاكات تركية متواصلة
في يناير 1, 2021
تنقضي السنوات ولا تنتهي الأزمة السورية، فها هو عام آخر يلملم أيامه وشهوره استعدادًا للرحيل ولا تزال سوريا وأهلها تتصاعد معاناتهم وصرخاتهم جراء ملف العنف والانفلات الأمني والاضطهاد المستمر الذي تتضاعف صفحاته الدامية يومًا بعد يوم، وكرقعة الشطرنج تشهد الأراضي السورية تبادلًا للأدوار وصراعًا على النفوذ العسكري والسياسي والاقتصادي دون التفات للأرواح والدماء السورية التي تهدر يومًا بعد يوم حتى تشبعت بها هذه الأراضي، فمنذ بداية العام حتى أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2020، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد ومقتل 6817 شخص، من ضمنهم 1528 مدنياً بينهم 231 طفل و197 مواطنة، وهي أقل حصيلة سنوية للخسائر البشرية منذ انطلاق الثورة السورية.
وقد شهد عام 2020 عدد من الأحداث المفصلية على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي أثرت بدورها في المشهد السوري، وقد كان أبرزها: سيطرة النظام الكاملة على اتستراد دمشق – حلب الدولي بعد قتل وتهجير مئات الآلاف، واتفاق بوتين أردوغان لمنطقة خفض التصعيد، واتفاقيَّة تعزيز التعاون العسكريّ والأمنيّ بين طهران ودمشق، وفرض قانون قيصر للعقوبات على النظام السوري، إلى جانب تفشي جائحة فيروس كورونا “كوفيد 19”.
استمرار عمليات الاعتقالات والاختفاء القسري والخطف
استؤنفت عمليات الاعتقال والاختفاء القسري للسوريين في كافة مناطق السيطرة على حد سواء لدى الرجال والنساء والأطفال، كنتيجة لانتشار عصابات الخطف وسطوة المليشيات والجماعات المسلحة في كل المناطق، وقد عمد المرصد السوري لحقوق الإنسان على مدار عام 2020 إلى ملاحقة ومتابعة ورصد عمليات الخطف على اختلاف مناطق السيطرة في البلاد، حيث أحصى خلال العام 512 عملية خطف للمدنيين السوريين بينهم 61 طفلًا و53 مواطنة، الكثير منهم لا زالوا قيد الخطف والقليل منهم جرى الإفراج عنهم مقابل فدية مالية، بينما قُتل من المختطفين 43 شخصًا بينهم طفلين و5 مواطنات، وقد تصدرت مناطق نفوذ النظام المشهد حيث شهدت 198 عملية خطف مقارنة بـ183 عملية في مناطق نفوذ الأتراك والفصائل، و أكثر من 92 في مناطق “قسد”، وما يزيد عن 39 عملية في مناطق نفوذ “هيئة تحرير الشام”، ويذكر أن المرصد سجل خلال العام استشهاد 119 مدنيًا سوريًا تحت التعذيب داخل المعتقلات الأمنية التابعة للنظام السوري.
المرأة السورية.. حقوق ضائعة ومعاناة في مختلف جوانب الحياة
تضاعفت معاناة المرأة السورية خلال العام 2020 مع استمرار الصراع و وتأزم الأوضاع المعيشية على اختلاف مناطق السيطرة، حيث أثقلت كاهلها الأزمات في مناحي الحياة كافة اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وعمد المرصد السوري إلى تسليط الضوء على تلك المعاناة مراراً وتكراراً، والتي كان أبرزها: العنف والاعتداءات الجسدية والاغتيالات والزواج المبكر والاستغلال الجنسي بالإضافة لارتفاع سن الزواج إلى 33 سنة، والعنوسة والبطالة التي تصل في المناطق الجهادية إلى 95% بين النساء، وبروز ظاهرة المرأة المعيلة فوفقًا للمعلومات التي حصل عليها المرصد، فإن نسبة الفقر بين الأرامل وزوجات المفقودين بلغت 90% بالإضافة إلى امتهانهن للأعمال الشاقة التي لا تناسب طبيعتهن، والأمية التي بلغت 30% تقريبًا بين السيدات فضلاً عن الأزمات النفسية وفقدان الأمن الاجتماعي ومحدودية مشاركة المرأة في الحياة السياسية، كما أوجدت الحرب واقعًا شديد المرارة أدى إلى آثار نفسية سلبية على النساء السوريات، نتيجة غياب الأمان الاجتماعي، وغياب القدرة على التكيف مع الأوضاع غير المستقرة التي تفرضها الحرب، إضافة للتعذيب والاعتقال والعنف الذي مورس ضد السوريات، ما جعلهن عرضة إلى الاضطرابات النفسية كالخوف الدائم والقلق والاكتئاب، والرغبة في الانتحار والعزلة، لاسيما مع عدم توافر العلاج النفسي وشح الأدوية ومحدودية الإمكانات الطبية.
الأطفال السوريون.. حاضر مرير ومستقبل على المحك
في ضوء استمرار الأزمة السورية بكل ما تحمله من اقتتال وصراع وعمليات نزوح وتشريد لعام آخر أصبح أطفال سوريا هم الخاسر الأكبر وهم الضحايا الحقيقيين للأزمة، ما يجعل مستقبلهم على المحك، ففي عام 2020 أشار المرصد السوري إلى معاناة أطفال سوريا التي ازدادت سوءًا، بما تضمنته من: التسرب من التعليم نتيجة عمليات تجنيد الأطفال، أو انعدام المدارس ضمن مخيمات اللجوء، وبعد المسافات ما بينها وبين المؤسسات التعليمية، وفقر الأسر، وانعدام وجود أوراق ثبوتية للأطفال أو فقدانها، وخروج الفتيات من العملية التعليمية عن طريق الزواج المبكر، إلى جانب تفاقم ظاهرة التسول والتشرد خاصة في “جرمانا” بالعاصمة دمشق، وأطفال الشوارع واللقطاء التي تزايدت في عام 2020، لاسيما مع فقدان العديد منهم لمنازلهم وأسرهم بسبب الصراعات الدائرة، وغياب الأم والأب بسبب الحرب، مع ارتفاع معدلات الفقر والعوز، هذا إلى جانب انتشار الجريمة بين الأطفال وتورطهم بالأعمال المشبوهة وتعاطيهم للمواد المخدرة، وسلبهم حقهم في الحياة من خلال العمليات العسكرية، وحوادث قتل الأطفال، ورميهم من شاهق، ما أدى بدوره إلى أن يكونوا أكثر عرضةً للاضطرابات والأمراض النفسية مثل: الاكتئاب والانعزالية من جانب، والعنف والميول الانتحارية من جانب آخر؛ لاسيما مع تعرضهم للعنف المباشر من خلال الاعتقالات وعمليات القتل والتفجير والتجنيد والاختطاف والاعتداء، مما يسبب بدوره صدمات مستعصية تتطلب وقتًا طويلاً للعلاج.
النتائج الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للانفلات الأمني وتصاعد منحى الانتهاكات الحقوقية في سورية عام 2020
أدت الانتهاكات التي ارتكبتها قوى النفوذ المتباينة في سوريا في مختلف المناطق خلال العام 2020 إلى عدد من التداعيات والآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المجتمع السوري كان أبرزها:
فرض مزيدًا من العقوبات الاقتصادية “قانون قيصر”، وما تبعها من ارتفاع معدلات الفقر وسوء الأوضاع المعيشية، وضعف البنى التحتية وحدوث أزمات بالسلع والخدمات الأساسية، حيث أضحى الفقر السمة الأساسية للمجتمع السوري نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية وازدياد عمليات النزوح، وانخفاض قيمة الليرة السورية وما تبع ذلك من احتكار السلع الأساسية ورفع أسعارها، لاسيما بعد فرض مزيد من العقوبات بموجب ” قانون قيصر” والذي يعاقب النظام السوري وحلفائه إثر تسرّيب “قيصر” الضابط السوري المنشق عن النظام 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقلًا عام 2014، قتلوا تحت وطأة التعذيب في معتقلات وسجون النظام السوري، إضافة إلى انتشار البطالة بين السوريين، كذلك أكد المرصد أن أكثر من 93% من السوريين والسوريات، يعيشون في حالة فقر وحرمان، بينهم نحو 65% في حالة فقر مدقع، فيما تبلغ نسبة الفقر بين الأرامل وزوجات المفقودين 90% تقريبًا، إضافة إلى “أزمات السلع والخدمات الأساسية”، ما يعانيه قطاع الكهرباء في سوريا من ضعف كبير بسبب خروج سدود “الفرات وتشرين والبعث” عن الخدمة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية على النفط والغاز في شرق سوريا، وسيطرة القوات الروسية على غاز مناطق “تدمر”، ويصل انقطاع التيار الكهربائي في أغلب المناطق لأكثر من 20 ساعة في اليوم، ناهيك عن أزمات نقص المياه وانقطاعها لفترات طويلة ومتكررة، فقد تابع المرصد في شهر أغسطس/آب 2020 فصل جديد من فصول قطع “المياه” في منطقة الحسكة وريفها، حيث قامت القوات التركية بإيقاف محطة “علوك” للمياه الواقعة بريف منطقة رأس العين (سري كانييه)، والتي تغذي مدينة الحسكة ومناطق في محطيها وريفها بالمياه، فقد تم إيقاف ضخ المياه إلى المنطقة، بحجة الصيانة، ويذكر أن هذه كانت المرة التاسعة التي تقوم تركيا بإيقاف محطة “علوك”، كما طلبت القوات التركية زيادة في القدرة الكهربائية لتغذية مناطق “نبع السلام” بالطاقة الكهربائية، الأمر الذي رفضته “الإدارة الذاتية”، ما أدى بدوره إلى انقطاع مياه الشرب بشكل كامل، وبالتوازي مع ذلك قطعت “قسد” خط التيار الكهربائي الذي يغذي مدينة رأس العين وريفها الواقعة ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها.
هذا بالإضافة إلى شح السلع والخدمات الأساسية وحدوث أزمات بها كأزمة الوقود، حيث سجل المرصد السوري لحقوق الإنسان 6/9/2020 عودة أزمة الوقود من جديد لمناطق نفوذ النظام وأزمة المواصلات، وكذلك الخبز التي حدثت في مطلع شهر سبتمبر/ أيلول 2020 وعاودت الظهور في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 وامتدت هذه الأزمات إلى نهاية العام.
استمرار الفساد الذي نخر بنية الاقتصاد السوري
تعد أبرز قضايا الفساد هي قضية “رامي مخلوف” رجل الأعمال السوري وابن خال الرئيس بشار الأسد، الذي يعد أهم أعمدة نظام الأسد الاقتصادي، والأداة التنفيذية المالية بالنسبة للنظام وشريك في نهب أموال الشعب، والداعم لأعماله العسكرية منذ عام 2011، ويخوض مخلوف صراعاً مع النظام والروس منذ أن وضعوا أيديهم على “جمعية البستان” في صيف 2019 وفككوا المجموعات المسلحة المرتبطة بها بدعوى الفساد، وعمد النظام إلى الحجز على أموال مخلوف وشركة “سيريتل” التي يمتلكها واعتقال “ضباط وعناصر قوات النظام ومدراء وموظفين وتقنيين ومقاتلين ضمن منشآت ومؤسسات يمتلكها المدعو رامي مخلوف”، وطُلب من مخلوف تسديد مبالغ مالية مستحقة للهيئة الناظمة للاتصالات والبريد على شركته، وتقرر الحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة، واتُهم بالتهرّب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال الحرب المستمرة منذ 2011، في المقابل اتهم مخلوف الأجهزة الأمنية باعتقال موظفين لديه للضغط عليه للتخلي عن شركاته وأبرزها “سيريتل”، التي تملك نحو 70% من سوق الاتصالات في سوريا، ومن ثم تم الإفراج عن معظم من اعتقلوا من العاملين في مؤسسات مخلوف في سبتمبر/أيلول 2020، بينهم 41
موظفاً في “سيريتل” و57 آخرين كانوا يعملون في “جمعية البستان” التي كان يرأسها، كما تم الإفراج عن 58 “ضابطاً وعنصراً من قوات النظام” تعاونوا مع المجموعات المسلحة التابعة له.
كذلك شهدت جميع مناطق النفوذ في سورية ضعف للرقابة وانتشارًا واسعًا للفساد بسبب الفقر والعقوبات وتدهور الليرة السورية، من خلال انتعاش السوق السوداء، وعمليات الاحتكار، ومع احتدام الأزمة السورية تصاعد الفساد حتى لدى المسئولين، ففي يناير 2020 كشف المرصد عمليات فساد لدى مسئولي “حكومة الإنقاذ” من خلال “وزارة التنمية والشؤون الإنسانية” التي عقدت الصفقات مع المنظمات الإنسانية والإغاثية العاملة تحت مظلتها، واستولت على الدعم وأخذت العقود لصالحها، وكذلك المواد الإغاثة الموجهة إلى النازحين تم إرسالها للمقاتلي “هيئة تحرير الشام”، وفي مناطق “قسد” علم المرصد 17/4/2020 بتورط مقاتلين وقيادات من مجلس منبج العسكري بعمليات تهريب السلع والبضائع بين مناطق سيطرة فصائل “درع الفرات” ومناطق نفوذ “مجلس منبج العسكري”، وبيع تلك السلع بأسعار مضاعفة، إلى جانب إشراف جيش الثوار والشعيطات وقسد على معابر تل تمر المعدة الخاصة بعمليات التهريب، كما كشف المرصد في نوفمبر 2020 حصول مسؤولي مخيم “الهول” وبعض عناصر الأمن الداخلي على رشاوى مقابل تهريب 110 امرأة متشددة من القسم الخاص داخل “دويلة الهول” في ريف الحسكة إلى الأقسام المخصصة للسوريين والعراقيين مقابل مبلغ يقدر بنحو 4 آلاف دولارًا أمريكيًا، كذلك سمحوا لقاطني المخيم بإدخال مبالغ مالية كبيرة تفوق الـ200 دولار وهو المبلغ المقرر من قبل إدارة المخيم.
تحويل المقاتلين إلى مرتزقة في عمليات قتالية خارجية لحماية مصالح دول إقليمية
شملت عمليات الاتجار بالبشر عمليات تجنيد المرتزقة استغلالاً لتردي الأوضاع الاقتصادية، وقد سعت كل من روسيا عبر شركة فاغنز الأمنية إلى تجنيد نحو 3000 سوري كمرتزقة للقتال في ليبيا مع الجيش الوطني الليبي، وكذلك تركيا قامت بتجنيد 18000 مرتزقًا من الجنسية السورية من بينهم 350 طفلاً دون سن الـ18 وإرسالهم إلى ليبيا للقتال بجانب الوفاق، وكذلك تجنيد 2580 مرتزقًا سوريًا من قبل تركيا وإرسالهم للقتال في أذربيجان، إضافة إلى ما تقوم به الشبيبة الثورية” (جواني شورشكر) التابعة لقوات “قسد” من عمليات اختطاف الأطفال من ذويهم وتجنيدهم جبرًا.
تزايد عمليات التهجير والنزوح في ظل تهالك مخيمات الإيواء، ومؤتمر هزلي لعودة اللاجئين السوريين، وتربح النظام من أزمة العالقين على الحدود السورية اللبنانية
أدت الصراعات الدموية بين جميع الأطراف إلى تدمير البنى التحتية بشكل شبه كامل ما أدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها، بما لم يشهد العالم مثيله إلا وقت الحرب العالمية الثانية، وفي ضوء ذلك وثق المرصد حالات التهجير القسري، معتبراً أنّ “مخيم الهول” يعد من أكبر المخيمات في منطقة شرق الفرات والأراضي السورية بفعل الأعداد الضخمة للنازحين إليه التي قاربت الـ 70 ألفًا غالبيهم ممن خرجوا من مناطق سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وفي سياق متصل شهد “مخيم الركبان” الواقع عند مثلث الحدود العراقية – السورية – الأردنية، أوضاعًا كارثية اقتصادية واجتماعية وطبية هددت حياة 11 ألف نازحًا، ويذكر أن إدلب والأرياف المحيطة بها شهدت تهجير مئات الآلاف من المدنيين جراء العمليات العسكرية للنظام والجانب الروسي، وتتشابه الأوضاع الإنسانية المأساوية كذلك في مخيم ” حربنوش” شمالي إدلب، ومخيم “تلمنس” غرب قرية كفريا بريف إدلب الشمالي الشرقي، وكذا المخيمات العشوائية التي تأوي النازحين في قرية دير حسان قرب الحدود السورية مع لواء اسكندرون شمالي إدلب، كما بين المرصد 16 شباط أن أعداد النازحين في حلب وإدلب تخطت حاجز المليونين، وذلك بعد اتساع رقعة العمليات العسكرية التي نفذاها، نتيجة التصعيد العسكري الذي أطلقته قوات النظام في إدلب وحلب (منذ منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر 2019) مما أدى إلى أكبر موجة نزوح على الإطلاق، في ظل أوضاع إنسانية كارثية، نظراً لعدم توافر الحد الأدنى من متطلبات الحياة واكتظاظ مناطق النزوح بالمدنيين، وقد لفت المرصد 14/7/2020 إلى حركة نزوح جديدة تشهدها “أريحا” وقرى واقعة بـ”جبل الزاوية”، جراء مواصلة الطائرات الحربية الروسية غاراتها التي بلغت 12 غارة على الأقل امتدت نحو ريف إدلب الجنوبي، وكذلك الغارات من قبل قوات النظام عبر إطلاق عشرات القذائف الصاروخية والمدفعية، وتعد محافظة أدلب من المحافظات المتكدسة بالنازحين ومخيماتهم، مما يضغط على الموارد الاقتصادية الذاتية للمحافظة ويؤدي لتفشي عدد من الظواهر الاجتماعية السلبية كارتفاع معدلات الفقر، والجريمة والعنف، ناهيك عن عمليات التهجير القسري للأهالي بهدف تغيير التركيبة السكانية للمنطقة كما حدث في عفرين لتحقيق الأطماع التركية، وقد تابع المرصد هذه المحاولات، والتي بدأت في 13 مارس/ آذار 2018 في الداخل السوري وكان باكورتها حي “القدم” جنوب العاصمة “دمشق”، لتتالى بعدها عمليات التهجير وفقًا لصفقات واتفاقات بين ممثلين عن المناطق التي جرى فيها التهجير وفصائلها وبين الروس والنظام، ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان تعداد المُهجرين من مناطقهم نحو الشمال السوري بـ120 ألف مهجرًا من الغوطة الشرقية وجنوب دمشق وريف دمشق الجنوبي والقلمون الشرقي وريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي، وسجل وصول الجزء الأكبر من النازحين إلى منطقة “عفرين” التي هُجِّر مئات الآلاف من سكانها بفعل عملية “غصن الزيتون” التركية، حيث جرى توطين عشرات الآلاف منالمهجرين الجدد في منازل المدنيين والمزارع المملوكة للمواطنين الكرد الذين فروا من الانتهاكات التركية وانتهاكات الفصائل الموالية لها.
وفيما يخص اللاجئين السوريين استغل النظام أزمة العالقين من اللاجئين السوريين على الحدود السورية اللبنانية إبان احتجاز المئات منهم منذ 23 مارس/ آذار 2020 إثر إغلاق الحدود بين البلدين، وبدء انتشار جائحة كورونا، ورغبتهم في العودة لبلادهم بعد فقدانهم لمصدر رزقهم بلبنان، حيث عمد النظام إلى إصدار قرار “رقم 46، 8/7/2020 يمنع أي مواطن سوري مغترب من الدخول إلى سوريا، إلا بعد دفع مبلغ 100 دولار أمريكي، أو ما يعادلها من العملات الأجنبية، ما أدى لتسجيل حالة وفاة لفتاة سورية ضمن العالقين.
وعلى صعيد آخر أصرت روسيا ودول صديقة للنظام السوري على عقد مؤتمر دولي لعودة اللاجئين السوريين في تشرين الثاني تغيبت عنه الولايات المتحدة الأمريكية وقاطعه الاتحاد الأوروبي الذي يستقبل أعضاؤه مئات آلاف السوريين، في حين حضرته الأمم المتحدة بصفة مراقب، وقد أخفق المؤتمر في إيجاد حل ناجع لمشكلة اللاجئين، لاسيما مع استمرار القتال والنزوح وإعادة التوزيع الديمغرافي، علاوة على انخفاض حجم المساهمات بسبب مقاطعة المانحين الرئيسيين في عمليات إعادة الإعمار، والتي تتكلف بحسب التقديرات الأولية هي 400 مئة مليار دولار.
ارتفاع حالات الانتحار وتصاعد وتيرة ضحايا العنف والانفلات الأمني
على خلفية الأوضاع الكارثية التي يعيشها السوريون كشف المرصد وقوع 51 حالة انتحار في سورية منذ بداية عام 2020، ومن ضمن حالات الانتحار 13 دون سن الـ18عامًا، و8 نساء، وقد سجلت محافظة حلب أعلى نسبة، حيث تزداد أعداد من يفقدون حقهم في الحياة يومًا بعد يوم في مناطق النفوذ المختلفة في سوريا جراء أعمال العنف واستمرار الصراعات.
وقف المساعدات الإغاثية وعرقلة وصولها للمواطنين مما يهدد حياتهم
أدى انتشار الفوضى والانفلات الأمني وغياب دور الجهات الحكومية عن القيام بمسؤولياتها تجاه المدنيين، بالإضافة لعجز المنظمات الإنسانية العاملة في كثير من المناطق عن تقديم المساعدات اللازمة للمواطنين، إلى جانب الفساد وعمليات السرقة التي تتعرض لها مخصصات الإغاثة فلا تصل لمستحقيها من الأسر السورية، إلى والتهديد بوقف المواد الإغاثة التي تأتي من المنظمات الدولية للضغط عليهم لتحقيق أهداف سياسية بعينها، مما هدد حياتهم بالمجاعة، فعلى سبيل المثال: أوقفت المساعدات الإنسانية الحيوية في مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل بسبب “تسييس” عملية نقلها عبر الحدود إلى ملايين السوريين غداة فشل مجلس الأمن في تجديد آلية إدخالها 10/7/2020 جراء استخدام فيتو روسي صيني، حيث أصرت موسكو من خلاله على حصر نقاط إدخال المساعدات بمعبر باب الهوى (إدلب) بحجة أنه يشهد مرور 85% من المساعدات، وإزالة نقطة العبور الأخرى؛ وهي “باب السلامة” في منطقة “أعزاز حلب”.
تراجع مستوى الرعاية الصحية وانعدامها
أدى الصراع والاقتتال في سوريا إلى النقص الحاد في الأدوية والأجهزة الطبية.. وغيرها مما يلزم لعلاج المرضى والمصابين، وقلة الكوادر الطبية نتيجة هجرة عدد كبير من الأطباء والعاملين في قطاع الصحة خارج البلاد وانتشار الأمراض والأوبئة، وارتفاع معدلات الوفيات بين المواطنين، إضافة إلى انتشار سوء التغذية بسبب تلوث الغذاء والمياه وندرتهم في بعض المناطق، وتوجيه معظم موارد المجتمع السوري إلى التسلح، خاصة وأن 70% من المرافق الصحية والمستشفيات خارج الخدمة أساساً بسبب العمليات العسكرية، مما يعرقل الرعاية الصحية، علاوة على نقص الأمصال والتطعيمات الخاصة بالأمراض المعدية والوبائية.
وقد نقل المرصد مؤخرًا تحذير وقلق منظمة الصحة العالمية من التفشي السريع لفيروس كورونا المستجد، لاسيما في المخيمات، وفي إطار تطورات تفشي الجائحة واكب المرصد في أواخر العام عدد حالات الإصابة المؤكدة ضمن مناطق الإدارة الذاتية نحو 45 ألف إصابة و1600 حالة وفاة، وارتفاع إجمالي الإصابات في مناطق نفوذ الأتراك والفصائل الموالية 27 ألف إصابة وأكثر من 350 وفاة، كذا أفاد المرصد عبر مصادره الطبية بأن الإصابات المؤكدة في مناطق النظام بلغت نحو 130 ألف إصابة و8200 وفاة وسط تكتم وكذب اعتيادي من قبل السلطات.
تراجع العملية التعليمية وأدلجتها وازدياد أعداد المتسربين من التعليم
يعد التعليم القطاع الأكثر تضررًا من عمليات القصف والنزوح، ويشكل الأطفال الشريحة الأكبر من النازحين والمتضررين من تراجع العملية التعليمية التي باتت تعاني من دمار البنى التحتية وقلة الموارد المالية، ومحدودية الكوادر التعليمية، وهشاشة المناهج، علاوة على ازدياد عدد المتسربين من التعليم وارتفاع نسبة الأمية، وكجزء من تدهور التعليم أدلجة قوى النفوذ للتعليم وهو ما لجأت إليه الإدارة الذاتية من عمليات تسييس وأدلجة المناهج التعليمية في مناطق نفوذها، مما أدى لرفض عدد من الأهالي إلحاق أطفالهم بالمدارس في هذه المناطق، إضافة إلى سيطرة القوات العسكرية على بعض هذه المدارس، علاوة على عدم الاعتراف بالإجازات العلمية الممنوحة من قبل المؤسسات التعليمية في بعض مناطق السيطرة كمناطق نفوذ “قسد” خارج نطاق سيطرة قوات “قسد” والإدارة الذاتية سواءً على المستوى المحلي أو الدولي.
تقييد حرية الصحافة واستهداف الصحفيين والنشطاء الإعلاميين
تابع المرصد السوري تقييد القوى بمناطق النفوذ المختلفة بالأراضي السورية لحرية الصحافة والرأي، كنتيجة للانتهاكات التي ترتكب في حق الشعب السوري من قبل هذه القوى، واتباعها لسياسة تكميم الأفواه وإسكات الأصوات المعارضة من خلال تعقب الصحفيين السوريين والعرب والأجانب، وتهديدهم، واعتقالهم وإخفائهم قسريًا، الأمر الذي يصل في كثير من الأحيان إلى إنهاء حياتهم، فقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 748 صحفيًا سوريًا منذ انطلاق الثورة السورية 15 /3/ 2011 وحتى 16 /11/ 2020، وذكرت مصادر المرصد أن 13 صحفيًا قضوا على يد الفصائل المقاتلة والإسلامية، كذلك قتل تنظيم الدولة الإسلامية 69 صحفيًا سوريًا بينهم صحفي يعمل كناشط في المرصد السوري بالإضافة لقتل التنظيم لـ 5 صحفيين أجانب، بينما قتلت هيئة تحرير الشام 18 صحفيًا، واختطف واختفى قسريًا نحو 38 صحفيًا في مناطق سيطرة الفصائل وهيئة تحرير الشام، كذلك كشف المرصد انتهاك تركي صريح في حق الصحفيين، حيث قتل صحفيين ضمن قافلة في مدينة رأس العين أثناء العملية العسكرية التركية المعروفة باسم “نبع السلام”.
أما ضمن مناطق نفوذ النظام السوري، فقد رصدت مصادر المرصد قيام نظام الأسد بالتضييق على الصحفيين واعتقالهم، سواءً سوريين أو من جنسيات أخرى، ممن يقومون بانتقاد النظام أو فضح جرائمه أـو فتح ملفات فساده، حيث قتلت قوات النظام والمليشيات الموالية لها 541 صحفيًا سوريًا بينهم 7 صحفيات ومن ضمنهم 5 من نشطاء المرصد 1 في ريف اللاذقية و1 حلب و1 دير الزور و1 دمشق وريف دمشق كذلك قتل 8 صحفيين أجانب، كما تم اختفى قسريًا واعتقل نحو 552 صحفيُا في معتقلات قوات النظام، كذلك قتلت الطائرات الروسية 29 صحفيًا سوريًا، فيما قضى 56 صحفي تحت التعذيب داخل سجون قوات النظام ومعتقلاته الأمنية.
ولم تخل مناطق نفوذ “قسد” من الانتهاكات والتضييق الذي يمارس بحق الصحفيين والنشطاء الإعلاميين، فقد أكد المرصد قتل 6 نشطاء على يد قوات سوريا الديمقراطية، كما اختفى 5 صحفيين في مناطق قوات سوريا الديمقراطية ولم يعلم مصيرهم حتى الآن، كما قتلت طائرات التحالف الدولي 3 صحفيين سوريين بينهم صحفي يعمل كناشط في المرصد السوري لحقوق الإنسان في مدينة الرقة.
انفراد “قسد” بصفقات نفط أمريكية ضمن مناطق نفوذها في ظل إدانة النظام.. وتصعيد غير مسبوق في عين عيسى أواخر العام
أدى ارتباط “قسد” بتعاقدات في مجال النفط شرق الفرات مع الولايات المتحدة من خلال توقيع الاتفاق مع شركة النفط الأمريكية “ديلتا كريسنت إنيرجي” في أواخر شهر يوليو/تموز 2020 والذي ينص على صيانة وتطوير وتحديث الحقول النفطية الواقعة ضمن مناطق سيطرة “قسد”، ويقضي بتأسيس مصفاتي نفط متنقلتين شرق الفرات، بحيث تنتجان حوالي 20 ألف برميل يومياً، وذلك سعيًا من واشنطن للسيطرة على نفط الأراضي السورية الذي تنتشر معظم حقوله في محافظتي دير الزور والحسكة في شمال وشرق سوريا، وسط رفض النظام السوري لتلك الصفقات وكذلك انتقاد كل من روسيا وتركيا وإيران، واعتراض أهالي “دير الزور” ذات الأغلبية العربية، وفي هذا الإطار أكد المرصد اندلاع التوترات الأمنية في دير الزور وسقوط الخسائر البشرية، لاسيما من العاملين في المجال النفطي، علاوة على عمليات استهداف وجهاء العشائر في “دير الزور”، حيث وثق المرصد عددًا من حوادث الاغتيالات التي تعرض لها وجهاء وشيوخ العشائر في المنطقة، ففي 31/7/2020 أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” مسؤوليته عن مقتل “علي سليمان الحمادة” المتحدث الرسمي لقبيلة “العكيدات” ببلدة البصيرة شرق “دير الزور”، وهي قبيلة يبلغ عدد المنتمين إليها أكثر من نصف مليون نسمة وتسيطر على الفرات الأدنى، وفي 1/8/2020، استهدف مجهولون بالأسلحة الرشاشة سيارة يستقلها وجهاء من عشيرة “العكيدات”، وهم: الشيخ “إبراهيم الهفل” والشيخ “مطشر الهفل” خال شيخ عشيرة “العكيدات”، وهو أحد ملاك الأراضي التي يوجد بها حقل العمر النفطية، في بلدة ذبيان بريف دير الزور الشرقي، ما أسفر عن إصابة الأول بجراح بليغة وقتل الأخير وسائق السيارة، كما استهدف شيخ قرية الدحلة بريف دير الزور “علي السلمان البكاري” أحد وجهاء عشيرة “البكارة”، وهي أيضًا من كبرى العشائر العربية هناك، كما حملت قبيلة “العكيدات” قوات “قسد” مسؤولية سلسلة الاغتيالات التي تعرض لها وجهاء وشيوخ العشائر، نتيجة عدم اتخاذها أي إجراء اتجاه عمليات الاغتيال المتوالية التي تمت في مناطق نفوذها، مما تسبب في تزايد الاحتقان الشعبي وتصاعد الاحتجاجات في بلدتي الشيحل وذيبان وقرية الحوايج.
كما خضعت منطقة نفوذ “قسد” بين الحين والآخر إلى عمليات وهجمات عسكرية، من جانب القوات التركية والفصائل الموالية لها، ما عكر صفو الاستقرار في المنطقة وزاد من الاضطرابات واستنفز مزيدًا من الموارد وأجج السخط العام، حيث تشهد عين عيسى الاستراتيجية تصعيد تركي غير مسبوق منذ العاشر من تشرين الثاني سواء عبر القصف أو الهجمات في محاولة لقطع طريق الحسكة – حلب، وقد شهد 24/11/2020 ارتفاع غير مسبوق أيضاً في حصيلة القتلى من الفصائل الذين خلفهم كمين “عين عيسى” في محافظة الرقة ضمن مناطق نفوذ “قسد” على خلفية قيامها بنصب كمين لهم في قرية “معلق” بمحيط عين عيسى، وزرع ألغام فيه واستدراج عناصر الفصائل للكمين بإقدامهم على عملية تسلل إلى المنطقة، ومن ثم انسحاب “قسد” من القرية، حيث أودى الكمين بحياة 31 عنصرًا من الفصائل.
خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” نشاط متصاعد.. ومصير المختطفين لا يزال مجهولاً
يثبت التنظيم تواجده القوي بتزايد الهجمات التي يشنها على قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية كلٌ في مناطق نفوذه، بالرغم من العمليات العسكرية المضادة التي شنتها قوات سوريا الديمقراطية بالتعاون مع التحالف الدولي من جهة، والعمليات الأمنية التي شنتها قوات النظام بالتعاون مع القوات الروسية من جهة أخرى، حيث واصلت خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” نشاطها المتصاعد في مناطق متفرقة من البادية السورية مستهدفةً قوات النظام والمليشيات الموالية لها من خلال نصب الكمائن والهجمات الخاطفة والتفجيرات، موقعةً في كل مرة خسائر بشرية ومادية، ويأتي ذلك على الرغم من المشاركة المكثفة للطائرات الروسية وطائرات النظام الحربية باستهداف مناطق انتشار التنظيم، وقد شهدت الآونة الأخيرة تصاعدًاً متواصلاً في المعارك والاستهدافات، ضمن مثلث حلب – حماة – الرقة بالإضافة لباديتي حمص ودير الزور، إذ تشهد تلك المنطقة عمليات عسكرية بشكل يومي، في إطار محاولات النظام السوري والروس للحد من نشاط التنظيم.
ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري، تمكن التنظيم خلال العام 2020 من قتل 819 عنصر من قوات النظام والمليشيات الموالية لها عبر كمائن واستهدافات وقصف واشتباكات ضمن البادية السورية، من ضمنهم 108 من المليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية، كما خسر التنظيم 507 من مقاتليه في العمليات ذاتها وبالقصف الجوي من قبل طيران النظام والروس.
أما في مناطق “قسد” فإن خلايا التنظيم ترتع دون رقيب أو حسيب، على الرغم من حملاتها المشتركة مع التحالف، ففي أواخر عام 2020 أحصى المرصد السوري أكثر من 480 عملية لخلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” ضمن مناطق “قسد” في دير الزور والحسكة والرقة ومنطقة منبج، توزعت تلك العمليات بين تفجيرات وكمائن واستهدافات وهجمات، وتسببت بمقتل واستشهاد 208 شخصًا، هم 86 مدنياً بينهم 10 أطفال و6 مواطنات، و122 من عناصر قوات سوريا الديمقراطية، وأحصى المرصد السوري على مدار العام 2020 مشاركة التحالف الدولي في عشرات العمليات الأمنية إلى جانب قسد، وتمثلت المشاركة بمداهمات وإنزال جوي شرقي الفرات غالبيتهم في دير الزور، وأسفرت العمليات تلك عن اعتقال 113 شخص بتهم “الانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية” بينهم قيادات من التنظيم، كما تمكنت “قسد” والتحالف من قتل 8 من خلايا التنظيم بينهم قادة سابقين، واعتقال العشرات بدعم من التحالف بحجة تعقب التنظيم، ولم تعيق تلك الحملات الأمنية نشاط خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”، حيث رصد المرصد السوري عمليات متفرقة للتنظيم من قتل واستهدافات وتفجيرات وهجمات، فضلاً عن مطالبة تلك الخلايا للمواطنين بدفع “زكاة” عبر رسائل تصل لهم على تطبيق “واتس آب” وتهديد المواطنين.
كما طالب “المرصد السوري” قادة التحالف الدولي وقوات “قسد”، بإعلان نتائج التحقيقات مع معتقلي التنظيم والكشف عن مصير آلاف المختطفين الذي بات مجهولاً، وتتواصل المخاوف على حياتهم ومنهم الأب باولو داولوليو والمطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، وعبدالله الخليل وصحفي بريطاني وصحفي سكاي نيوز وصحفيين آخرين، إضافة لمئات المختطفين من أبناء منطقة عين العرب (كوباني) وعفرين، وأبناء دير الزور.
الدور التركي في سورية: انتهاكات متصاعدة في عفرين، وعلاقات خفية بكتائب تابعة لـ “تنظيم الدولة” إلى جانب الانسحابات من مناطق النظام
عملت تركيا خلال العام على الاستمرار في التوسع ضمن حساب الأراضي السورية فقد رصد المرصد بتاريخ 25/2/2020 توسيع الحدود التركية المتاخمة لمقاطعة عفرين، وقضم المزيد من الأراضي السورية لتنفيذ عدة مشاريع، أبرزها توسيع الحدود التركية من طرف قرية باليا التابعة لناحية بلبلة بمسافة تزيد على 315 مترا، وإنشاء الجدار الفاصل في عفرين، وفي 7/6/2020 كشف المرصد عن وجود كتيبة تضم 40 مقاتل من الجنسية العراقية يتبعون تنظيم “الدولة الإسلامية”، منضوين في صفوف فصيل “تجمع أحرار الشرقية” العامل في الشمال السوري، ويعملون لصالح فصيل الشرقية والاستخبارات التركية، بتنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات وتفخيخ، ويذكر أن هناك نحو 300 شخصًا من المدنيين والعسكريين وعناصر التنظيم، قتلوا على يد الكتيبة، وجرى دفنهم في المقبرة الجماعية الواقعة بأطراف قرية سوسنباط على طريق الباب – الراعي بريف حلب الشمالي الشرقي.
وفيما يخص الانسحابات التركية من نقاط المراقبة التابعة لها والتي باتت مؤخراً ضمن مناطق نفوذ النظام السوري سلط المرصد السوري الضوء على النقاط التركية الرئيسية والبالغ عددها 12، حيث انسحبت القوات التركية بشكل كامل من 5 منها وهي مورك وشير مغار بريف حماة، وعندان والراشدين بريف حلب، والصرمان بريف إدلب، كما واصلت انسحابها من 3 نقاط رئيسية وهي: العيس والشيخ عقيل بريف حلب، والطوقان بريف إدلب، واستمرت عمليات التفكيك وحزم الأمتعة ومن المرتقب أن يتم إفراغها بشكل كامل، في حين تبقت 4 نقاط تركية رئيسية وهي في الأصل لم تحاصر من قبل قوات النظام، وتتمثل بـ نقطة اشتبرق غربي جسر الشغور والزيتونة بجبل التركمان وصلوة بريف إدلب الشمالي وقلعة سمعان بريف حلب الغربي، أما ما يتعلق بالنقاط التركية المستحدثة، فرصد المرصد السوري انسحاب القوات التركية من 4 نقاط بشكل كامل، وهي معر حطاط والصناعة شرق سراقب ضمن الريف الإدلبي، ومعمل الكوراني بالزربة وقبتان الجبل بريف حلب، كما تواصل تفكيك معداتها تمهيد للانسحاب من نقطة الدوير شمال سراقب، فيما لاتزال عدة نقاط تركية مستحدثة محاصرة ضمن مناطق النظام السوري ومنها مركز الحبوب جنوب سراقب ومعمل السيرومات شمال سراقب وترنبة غرب سراقب، ونقطة بريف حلب بالقرب من كفر حلب.
الاستحواذ على أملاك المواطنين وتحصيل الإتاوات وسرقة التاريخ ودور العبادة ضمن مناطق الفصائل الموالية لأنقرة
تواصلت الانتهاكات بحق الأهالي في مناطق “نبع السلام وغصن الزيتون” بشكل متصاعد في العام 2020، حيث عمدت الفصائل الموالية لتركيا منذ السيطرة على مناطق “نبع السلام” في تشرين الأول عام 2019، إلى التفنن بممارسة الانتهاكات وسرقة ونهب ممتلكات المواطنين، وأبرزها الاستحواذ على أراضيهم وتجريدهم من مزارعهم ومعداتهم الزراعية، فقد منعوا الفلاحين من حراثة أراضيهم وزراعتها في القُرى الواقعة على خطوط الاشتباك بينها وبين قوات سوريا الديمقراطية، في قُرى المحمودية وعنيق الهوى والقاسمية والريحانية قرب منطقة “تل تمر” في ريف الحسكة الشمالي، وسرقوا معداتهم الزراعية، كذلك استولت فرقة ” الحمزات” على أراضي زراعية تعود ملكيتها لأكثر من 100 عائلة بمساحة تقدر بـ”300 هكتار في ريف رأس العين ضمن مناطق “نبع السلام” بريف الحسكة، وتشمل قرى: ” قطينة و الحردانة و الدويرى و قرى مساجد و “تل البرم”، كما تلجأ إلى زراعة أراضي المدنيين وسرقة إنتاجها، على صعيد متصل تتصاعد شكاوى الأهالي واستغاثاتهم من جراء التحصيل المستمر للإتاوات الباهظة التي تفرضها الفصائل عليهم دون وجه حق، حيث شكى أهالي ريف رأس العين الجنوبي من فرض الفصائل الموالية لتركيا لإتاوات بمبالغ غير محددة على المارين من حواجز أم الدبس وكوع شلاح والمشيرفة، وفي مناطق “بوتين- أردوغان” عينت “الهيئة العامة للزكاة” التابعة لـ”حكومة الإنقاذ”، موظفاً تابعاً لها في كل معصرة زيتون ضمن مناطق نفوذها، وذلك لتحصيل “زكاة الزيت” للعام الثاني على التوالي، حيث يأخذ الموظف نسبة بمقدار 5 % كرهاً من الأهالي، على اختلاف كمية الزيت المستخرج، ويهدد الرافضين بالمحاسبة من قبل القوى الأمنية التابع لـ”هيئة تحرير الشام”، وتتبعهم جهة رقابية من الهيئة تشرف على جمع الزكاة، وتفرض عقوبة كبيرة على المتساهلين، بالرغم من تراجع الإنتاج من محصول الزيتون عام 2020، وفي مناطق “غصن الزيتون” قامت فصائل “صقور الشمال” و”المنتصر بالله” و” “سليمان شاه”، المعروف بـ “أبو عمشة” ، و“الجبهة الشامية” بفرض إتاوات على الأهالي في موسم الزيتون ومصادرة إنتاجهم، ويذكر أن المرصد سجل 250 عملية استيلاء من قبل الفصائل على منازل ومحال أهالي عفرين خلال العام 2020.
وعلى الجانب الآخر، لم تسلم دور العبادة من التخريب وأعمال السلب والنهب، حيث تابع المرصد في أواخر العام بمناطق “نبع السلام” قيام عناصر من الفصائل الموالية لتركيا لسرقة مقتنيات كنيسة “مار توما” للسريان الأرثوذكس في حي الكنائس برأس العين ضمن مناطق “نبع السلام” في ريف الحسكة، فيما اقتحمت عناصر من الفرقة الخامسة التابعة لقوات النظام أحد مساجد حي البقعة غرب منطقة اللجاة في ريف درعا الشرقي بمحافظة درعا، وكسروا أثاثه وعبثوا بمقتنياته، وانتهكوا حرمته، ومنعوا الأهالي من دخوله، ليتم استخدام مرافقه من قبل عناصر قوات النظام.
ولم تقف الانتهاكات إلى حد الإضرار بالبشر، وإنما امتدت إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث تم تدمير الهوية والذاكرة الثقافية والحضارية لأبناء الشعب السوري، فقد قامت الفصائل الموالية لها أمام مرأى القوات التركية، بتخريب أكثر من 25 موقعاً أثرياً بشكل كامل، أثناء البحث عن الآثار فيها، وذلك لاعتمادهم على أشخاص يفتقرون للخبرة واستخدامهم أدوات لا تتناسب مع هذه الأعمال الدقيقة، علاوة على عمليات تهريب الآثار السورية نحو تركيا وبيعها هناك، ومنها ما كشفه المرصد في منتصف نيسان من قيام مسلحين من فصيل السلطان سليمان شاه “العمشات” بعمليات حفر عشوائية بهدف التنقيب عن الآثار في تل “أرندة الأثري” الواقع في ناحية “الشيخ حديد”، مما أدى لدمار التل، كما شهد مزار “شيخ حميد” في قرية قسطل جندو التابعة لناحية شران في ريف عفرين أعمال حفر وتخريب، ويعتبر المزار مكانًا مقدسًا للكرد الإيزيديين، كما يرتاده مسلمو المنطقة، ويعد من المعالم التاريخية لمنطقة عفرين، وقد اتهم الأهالي عناصر الفصائل بالقيام بأعمال الحفر التخريبية بتسهيل من المخابرات التركية، كذلك عمدت الفصائل الموالية لتركيا بتشجيع من القوات التركية إلى قطع الغابات الحراجية والأشجار في قرية روطانلي التابعة لناحية معبطلي، بعد أخذ موافقة من فصيل سمرقند الموالي لتركيا، وقد أفاد المرصد السوري في منتصف مارس/آذار 2020، قيام عناصر من الفصائل الموالية لتركيا بقطع عدد كبير من الأشجار من حي المحمودية في مركز مدينة عفرين تزامنًا مع استمرار عناصر الفصائل بقطع الأشجار في مناطق متفرقة من الريف.
وفي منطقة “خفض التصعيد” أنعشت هيئة تحرير الشام والفصائل الجهادية عمليات التنقيب والتجارة الخاصة بالآثار في إدلب وضواحيها، حيث تشهد المحافظة انتشاراً كبيراً لتجارة الآثار، التي تزايدت مع تسهيلات الضباط الأتراك في تصريف تلك اللقى الأثرية، وتهريبها إلى تركيا.
توطيد النفوذ الروسي في سوريا عبر دعم متواصل لنظام الأسد والاتفاقات مع تركيا ومحاولة إقصاء إيران عن المشهد
سعت روسيا لتوطيد أقدامها في سوريا وتعظيم مكاسبها من خلال دعم قوات النظام في معاركها بحلب وإدلب ضد الفصائل الجهادية، وكذلك دعمه في البادية السورية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، ففي الأولى مكنت النظام من استعادة السيطرة على 300 منطقة مطلع العام وبالتالي السيطرة الكاملة على طريق دمشق – حلب الدولي، وبعد ذلك توصل الروس إلى تفاهمات مع الجانب التركي بتوقيع اتفاق بين الطرفين 5/3/2020، في موسكو، وهو ما عرف بـ “اتفاق منطقة خفض التصعيد”، والذي يقضي بالوقف المؤقت لإطلاق النار وإقامة ممر أمني وتسيير دوريات مشتركة تركية–روسية على طريق اللاذقية – حلب الدولي، وهو ما ترتب عليه من تسيير 26 دورية مشتركة خلال عام 2020، رغبة من روسيا في الحفاظ على مصالحها وتواجدها في الطرق الدولية السورية.
بالإضافة لتسيير دوريات مع الأتراك شمال شرق سورية، وتواجدها على طريق الحسكة – حلب الدولي، وذلك لترسيخ نفوذها في مناطق النفط السوري، ومناطق العناصر الموالية للولايات المتحدة، والتأثير على ميزان القوى في سوريا لصالحها، إلى جانب حرص موسكو على انتهاج سياسة “الهيمنة المرحلية” بالسيطرة على معاقل النفوذ الإيراني في ريف حلب الجنوبي ومباركتها الضربات الإسرائيلية على المعاقل الإيرانية في سورية بهدف تقليم أظافر طهران في منطقة غربي الفرات والبادية لتحجيم النفوذ الإيراني، والحيلولة دون التموضع العسكري لطهران في سورية، وإعادة الانتشار الروسي في محيط منطقة إدلب، إلى جانب قصفها المكثف للمناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل، بحجة التصدي لـ “التنظيمات الإرهابية”، وتغيير معادلة النفوذ في عموم سورية ولاسيما محافظتي السويداء ودرعا من خلال “الفيلق الخامس” التابع لها، وقد قدر المرصد عدد الخسائر البشرية الناتجة عن القصف الروسي في عام 2020 على الأراضي السورية بـ 1236 شخصًا، هم: 235 مدنيًا بينهم 58 طفلاً و41 مواطنة، و394 عنصرًا من تنظيم الدولة الإسلامية، و607 مقاتلاً من الفصائل المقاتلة والإسلامية وهيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية.كما سجل المرصد في العاشر من ديسمبر افتتاح القوات الروسية أول مقر لها في مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي على الحدود مع العراق، وأن الفيلق الخامس المدعوم من موسكو، بدأ بالانتشار ضمن عدة نقاط واقعة على الحدود السورية – العراقية قرب مدينة البوكمال، حيث تسلمت قواته بعض النقاط من الميليشيات الموالية لإيران كـ“حركة النجباء وحزب الله العراقي والأبدال”، وذلك بعد اتفاق روسي – إيراني، في إشارة لانتهاء الحرب الباردة الروسية – الإيرانية.
إصرار إيراني على استئناف عمليات التجنيد والتشيع وتعزيز التعاون العسكري مع النظام
على الرغم من الاستياء الشعبي والدولي من التواجد الإيراني في سورية ومحاولة واشنطن وموسكو وتل أبيب إخراج إيران من سوريا بشتى الوسائل، إلا أن الأخيرة تواصل ترسيخ وجودها على الأراضي السورية، عبر توثيق علاقتها بالنظام السوري ودعمه، وقد برز ذلك من خلال إبرام اتفاقيَّة تعزيز التعاون العسكريّ والأمنيّ بين طهران ودمشق 8/7/2020، والتي زودت إيران بموجبها سورية بأحدث أسلحتها وخصوصاً دفاعاتها الجوية، وفي مقدّمتها المنظومة الصاروخية “خرداد 3”، إضافة إلى حملات التشيع والتجنيد الإيراني التي لا تتوقف سواءً السري أو العلني في كل من الجنوب السوري والضفاف الغربية لنهر الفرات، مقابل العطايا والمغريات المادية واللعب المتواصل على وتر الانتماء الديني والمذهبي، ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري فقد ارتفع تعداد المتطوعين في صفوف الإيرانيين والمليشيات الموالية لها في الجنوب السوري إلى أكثر من 8600، كما ارتفع إلى نحو 7450 عدد الشبان والرجال السوريين من أعمار مختلفة ممن جرى تجنيدهم في صفوف القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها مؤخراً غربي الفرات بعد عمليات “التشيُّع”، إذ تعمد المليشيات الإيرانية لتكثيف هذه العمليات مستغلة انشغال الروس في الاتفاقات مع “الضامن” التركي شمال شرق وشمال غرب سورية.
ففي درعا تتم عمليات التجنيد والتشييع عبر عرابين تابعين لإيران وحزب الله، كسرايا العرين التابع للواء 313 الواقع في شمال درعا بالإضافة لمراكز في صيدا وداعل وازرع، ويخضع المجندون الجدد لدورات تدريبية في منطقة اللجاة شرق درعا، وعلى مقربة من الحدود مع الجولان السوري المحتل، كما يعمد حزب الله اللبناني إلى ترسيخ نفوذه في القنيطرة عبر استقطاب الشبان الهاربين من ملاحقة أجهزة النظام الأمنية بشأن الخدمة الإلزامية والاحتياطية، ونظراً لتردي الأحوال المعيشية مع انعدام فرص العمل، تركزت عمليات التجنيد والتشييع في كل من مدينة البعث وخان أرنبة، أما في غرب الفرات، فإن عمليات التجنيد تواصلت بشكل كبير ضمن المنطقة الممتدة من الميادين حتى البوكمال بريف دير الزور الشرقي، والتي باتت تحت سيطرة النفوذ الإيراني بشكل كامل.
2020.. عام “تصاعد التصعيد” الإسرائيلي على الأراضي السورية
لا تزال الغارات الإسرائيلية تخترق أجواء الأراضي السورية متذرعةً بدعوى أن التواجد الإيراني في سورية ودعم حزب الله يهدد أمنها مستغلة الفوضى الأمنية كما جرت العادة وسط احتفاظ النظام السوري بحق الرد، وأحصى المرصد السوري خلال عام 2020 قيام إسرائيل باستهداف الأراضي السورية 39 مرة، وهو التصعيد الأكبر، توزعت تلك المرات على الشكل التالي: 13 ضربة استهدفت دير الزور، 10 منها على منطقة البوكمال وريفها والبقية على بادية الميادين، وتم استهداف دمشق وريفها 10 مرات، بينما استهدفت درعا والقنيطرة 6 مرات، وحمص 5 مرات، وحماه 3 مرات، وحلب استهدفت مرتين، وقد قتل خلال تلك الضربات 213 شخصًا، هم 42 من الجنسية السورية، والبقية أي 171 من جنسيات غير سورية، موزعون كالتالي 12 من قوات النظام، و30 من جنسيات سورية، و 3 من حزب الله، و53 من الحشد الشعبي، و94 مسلحين موالين لإيران من جنسيات غير سورية، و21 من الحرس الثوري.
وبالتالي فإنه بانقضاء عام 2020 نكون بصدد تدوين فصل جديد في ملف انتهاكات حقوق الإنسان بأشكالها وألوانها المختلفة، التي خطت بدم المواطن السوري وحفرت في ذاكرته وأتت على الأخضر واليابس في بلاده منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، وبإمعان النظر في المشهد السوري نجد أن آثار الكوارث الإنسانية، والأزمات السورية لم ولن تقتصر على سوريا فحسب وإنما سيصل صداها وتبعاتها للعالم بأسره، وهو ما حذر منه المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ بدء الصراع في سوريا، وناشد ومازال يناشد على إثره المجتمع الدولي بضرورة التدخل لوقف نزيف الدم السوري، وإنقاذ العالم من تداعياته التي باتت شبحًا يهدد الأمن والسلم الدوليين، جراء تبلورها في أزمات ضاغطة على الأمن والاقتصاد العالمي كأزمة اللاجئين وسيولة الحدود واختراقها وأزمة التنظيمات الراديكالية وعناصرها التخريبية ..وغيرها من الأزمات القادرة على جعل مستقبل العالم جله على المحك، لذا كان من الجدير بدول العالم ومنظماته الاستجابة لدعوات المرصد بالضغط على أطراف الصراع في سوريا لإنهاء الاقتتال والعنف وعمليات إحراق الأرض وتشريد المدنيين وقتلهم، والعودة لمائدة التفاوض، والاحتكام لصوت العقل، والانصياع للقرارات والقوانين الدولية، والمبادرة بإنقاذ سوريا والعالم بأسره من أجيال تجرعت مرارة الحرب وويلاتها على مرآى ومسمع من العالم دون أن يحرك ساكنًا.
===========================
ا ف ب :6800 قتيل في سوريا خلال 2020 في أدنى حصيلة سنوية منذ اندلاع النزاع
ا ف ب / أحمد الأطرش
قتل أكثر من 6800 شخص في سوريا خلال العام 2020، في أدنى حصيلة سنوية منذ اندلاع النزاع السوري قبل نحو عشر سنوات، وفق ما أحصى المرصد السوري لحقوق الانسان الخميس.
وتسبّب النزاع خلال العام الماضي بمقتل أكثر من عشرة آلاف شخص، فيما سجّل العام 2014 مقتل سبعين ألف شخص، في أعلى حصيلة منذ اندلاع النزاع منتصف آذار/مارس 2011.
وأحصى المرصد مقتل 6817 شخصاً خلال العام الحالي عشية انتهائه، 1528 منهم مدنيون ضمنهم 231 طفلاً، في "أقل حصيلة سنوية للخسائر البشرية".
وبحسب المرصد، قضى خلال العام الحالي 1503 عناصر من قوات النظام وأكثر من ألف مقاتل من مجموعات موالية وداعمة من سوريين وغير سوريين.
كذلك، أحصى المرصد مصرع 1500 مقاتل من تنظيم الدولة الاسلامية وفصائل جهادية متشددة، في مقابل 172 من قوات سوريا الديموقراطية. وقتل قرابة ألف من مقاتلي الفصائل المعارضة والاسلامية.
ويعود انخفاض حصيلة القتلى الإجمالية خلال هذا العام الى تراجع حدّة المعارك في مناطق عدة، خصوصاً في مناطق في إدلب ومحيطها في شمال غرب البلاد، حيث يسري وقف لاطلاق النار منذ آذار/مارس أعقب هجوماً واسعاً لقوات النظام بدعم روسي استمر ثلاثة أشهر.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبّب منذ اندلاعه بمقتل 387 ألف شخص، بينهم 117 ألف مدني، بحسب المرصد. ولا يشمل هذا العدد نحو 88 ألفاً قضوا بحسب المرصد تحت التعذيب في سجون النظام ومعتقلاته، ولا الآلاف من المفقودين.
===========================
أهم الأحداث الأمنية والعسكرية في سوريا في عام 2020
30 - ديسمبر - 2020
أنطاكيا – «القدس العربي»: شهد العام 2020 عشرات الهجمات الإسرائيلية الجوية والصاروخية على مواقع تابعة لقوات النظام والحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له، كما شهد هذا العام مقتل أكثر من 1200 شخص بعمليات اغتيال، تم توثيق 880 عملية منها بشكل منهجي في مناطق مختلفة من سوريا.
ووفقاً لإحصائيات نشرتها منظمات سورية، فإنّ تنظيم «الدولة» تمكن خلال العام 2020 من قتل 780 عنصراً من قوات النظام والميليشيات الموالية له، عبر كمائن واستهدافات وقصف واشتباكات ضمن البادية السورية، من ضمنهم 108 من الميليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية، كما خسر التنظيم 507 من مقاتليه في العمليات ذاتها وبالقصف الجوي من قبل طيران النظام والروس، وتاليا بعض المحطات البارزة خلال العام المنصرم والتي وقعت بالذات بمنطقة ادلب ومحيطها وهي البقعة التي تشهد تحضيرا لاستعادتها من قبل النظام السوري:
28.01.2020
استعادت قوات النظام مدينة معرة النعمان ثاني أكبر مدن محافظة ادلب.
8.02.2020
استعاد النظام السوري السيطرة على مدينة سراقب الاستراتيجية الواقعة على طريقي دمشق حلب، واللاذقية حلب.
16.02.2020
إعلان النظام السوري عن وقوع مناطق تحت سيطرته في ريف حلب من الليرمون شمالاً إلى بلدة بيانون القريبة من بلدتي نبل والزهراء بما مهد لها السيطرة على أوتوستراد غازي عينتاب الممتد من الليرمون إلى منطقة تل رفعت.
28.02.2020
مقتل 33 جندياً تركياً في غارة جوية في إدلب حسب مسؤول تركي رفيع تعهد بالرد على الغارة.
07.03.2020
لأول مرة فتح طريق حلب دمشق الدولي (M5) أمام حركة المدنيين والتجارة.
28.04.2020
انفجار صهريج مفخخ في مدينة عفرين شمال سوريا الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، وتركيا تعلن عن مقتل 40 مدنياً وإصابة 47.
02.08.2020
اغتيال أبرز شيوخ العكيدات في ريف دير الزور، الشيخ مطشر حمود الهفل وتحميل قوات «قسد» المسؤولية.
20.10.2020
ابتداء من هذا اليوم بدأت القوات التركية سحب نقاط المراقبة المحاصرة من قبل قوات النظام التي كانت تفصل بين قوات النظام والفصائل لتطبيق اتفاق خفض التصعيد، حيث أخلى الجيش التركي كبرى نقاط المراقبة المحيطة بإدلب، والواقعة في بلدة مورك في الريف الشمالي لحماة.
23.10.2020
قصف جوي روسي، استهدف سوقاً للمحروقات قرب مدينة جرابلس في ريف حلب الشرقي، والتي تقع ضمن منطقة «درع الفرات» الحليفة لتركيا.
17.12.2020
بدأ الجيش التركي الانسحاب من آخر نقطتين وهما نقطة تل الطوكان في ريف إدلب الجنوبي الشرقي التي حاصرتها قوات الجيش السوري في الخامس من شباط هذا العام، إضافة إلى نقطة العيس الواقعة في ريف حلب الجنوبي.
29.12.2020
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن 3 عسكريين روس أصيبوا بجروح جراء استهداف مسلحين لناقلتهم بجنوب شرق منطقة إدلب لوقف التصعيد.
29.12.2020
تركيا تنشئ نقطتي مراقبة على خطوط التماس مع قوات النظام، الأولى على خطوط التماس مع قوات النظام من الطرف الجنوبي الغربي لبلدة آفس شرق إدلب، وتطل بشكل مباشر على مدينة «سراقب» عند تقاطع الطرق الدولية «M4، M5». والنقطة الثانية داخل بلدة كدورة المطلة على بلدتي كفر بطيخ، وخان السبل التي سيطرت عليها القوات السورية بداية العام الحالي والواقعتين على أوتوستراد«M5» جنوب إدلب، وذلك بعد استطلاع وفد عسكري من ضباط الجيش التركي للبلدة قبل أيام.
===========================
الشرق الاوسط :إسرائيل تقر بشن 50 غارة على سوريا في 2020
الخميس - 17 جمادى الأولى 1442 هـ - 31 ديسمبر 2020 مـ
تل أبيب: «الشرق الأوسط أونلاين»
أقر سلاح الجو الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، بأنه شن 50 غارة على سوريا خلال عام 2020، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وجاء الكشف عن هذا الرقم ضمن ملخص سنوي صدر اليوم عن الجيش الإسرائيلي، وجاء في الملخص، أنه تم رصد العديد من المحاولات التي قامت بها خلايا تابعة لـ«حزب الله» للتسلل عبر الحدود الشمالية.
كما جاء فيه، أن مسلحين فلسطينيين أطلقوا 176 صاروخاً باتجاه أراضي إسرائيل، سقط 90 منها في حقول مفتوحة، في حين اعترضت منظومة القبة الحديدية للدفاع الصاروخي قصير المدى 80 صاروخاً.
ونادراً ما تعترف إسرائيل بشن غارات على سوريا وتستهدف معظم الهجمات الميليشيات المرتبطة بإيران. وتؤكد دوماً أنها لن تسمح لإيران بالتموضع على حدودها في لبنان وسوريا.
===========================
الحرة :سوريا تسجل أدنى حصيلة سنوية للخسائر البشرية منذ بدء الأزمة
الحرة - دبي
31 ديسمبر 2020
وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 6817 شخصا خلال العام 2020، ومنهم 1528 مدني بينهم 231 طفلا و83 شخصا قضوا بسبب التعذيب في سجون قوات النظام، مشيرا إلى أن هذه الحصيلة هي أقل حصيلة سنوية للخسائر البشرية منذ بدء الأزمة عام 2011.
وأوضح المرصد في بيان أن الضحايا قتلوا نتيجة قصف الطائرات المروحية والطائرات الحربية الروسية والسورية والإسرائيلية وإعدامات وهجمات تنظيم داعش وباقي الفصائل والحركات والمليشيات السورية والإيرانية والروسية وقوات سوريا الديمقراطية والقوات التركية.
وقال المرصد إن 134 شخصا قضوا في ظروف مجهولة، و13 بقصف قوات التحالف الدولي، و165 بانفجار ألغام ومخلفات الحرب، و50 بانفجار عبوات ناسفة، و148 بانفجار سيارات وعربات مفخخة، و273 باغتيالات متفرقة.
وأضاف أن 918 قتلوا من الفصائل والحركات والتنظيمات السورية، و1503 قتلوا من قوات النظام وعناصر اللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني و833 من المسلحين الموالين للنظام، و22 من حزب الله اللبناني، و227 من الموالين لإيران، و963 من الجهاديين و537 من عناصر داعش و94 من الجنود الأتراك.
ودعا المرصد الأطراف الدولية للعمل الجاد والمستمر بأقصى طاقاتها، من أجل "وقف نزيف الدم في سوريا التي تواجه الاستبداد والظلم في سبيل الوصول إلى دولة الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة".
كما دعا المرصد "للعمل من أجل وقف استمرار ارتكاب الجرائم والانتهاكات والفظائع بحق أبناء الشعب السوري، وإحالة مرتكبيها إلى المحاكم الدولية الخاصة، كي لا يفلتوا من عقابهم".
===========================
الرؤية :سوريا 2020.. تقدم ميداني للأسد وتردٍّ اقتصادي واستغلال تركي
محمود علي
30 ديسمبر 2020
13:30 م
أحداث كثيرة جرت على الأراضي السورية خلال 2020، أدت لتغيرات عديدة على الصعيد العسكري والإنساني الناجم بعد 9 سنوات من الحرب، وفيما يوشك العام على الانتهاء لا تلوح في الأفق بوادر لتغيير الوضع في المدى القريب.
وما بين صراع القوى المتحاربة للسيطرة على مساحات جديدة على الأرض، ووضع سياسي مضطرب عبر تدخلات دولية، تبرز معاناة المواطن السوري اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً كأبرز حدث قديم جديد خلال عام 2020.
الأوضاع الميدانية..
مع مطلع 2020 استمرت العمليات العسكرية للجيش السوري مدعوماً بشكل كبير من روسيا على مناطق سيطرة الفصائل المسلحة شمال غرب سوريا، وخلال العمليات العسكرية سيطر الجيش السوري على عدة مدن، كانت تعتبر من أهم معاقل المعارضة، ففي 28 يناير تمت السيطرة على مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، وفي 7 فبراير تمت السيطرة على مدينة سراقب ما شكل سيطرة كاملة على ريف إدلب الشرقي، وكذلك السيطرة على مدينة كفرنبل في 25 فبراير ما ثبت السيطرة على القسم الأكبر من ريف إدلب الجنوبي. ونتج عن العمليات استعادة السيطرة على كامل ريف حماه الشمالي، والمنطقة الواقعة شرق الطريق الدولي (m5) وتضم ريف إدلب الشرقي وريف حلب الغربي. وتبع ذلك معارك عنيفة شهدت تدخلاً مباشراً من الجيش التركي الذي خسر خلال عام 2020 ما يقارب 53 جندياً في إدلب، وما تبع ذلك من إسقاط 4 طائرات حربية للجيش السوري، إلا أنها لم تغير واقع السيطرة قبل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، الذي عقد في 5 مارس بين الرئيسين الروسي والتركي.
===========================
المدن :سوريا 2020... في كوارثها هي العالم
علي سفر|الإثنين28/12/2020شارك المقال :0
رغم أن القضية السورية كانت تتراجع، ولسنوات خلت، عن الواجهة في سياق الأحداث، إلا أن تحولها إلى قضية شبه ثانوية بات مبرماً، مع غرق الكوكب كله في أزمة وباء كورونا. هنا، لا يمكن تجاهل مشاعر السوريين، وهم يرون دول العالم الذي أهمل قضيتهم، وتجاهل وجود نظام قاتل يفتك بهم، تعاني أزمة خانقة كهذه. ففكرة العدالة التي طمح لها السوريون، وثار حولها الجدل قبل أيام هل هي انتقالية أم تصالحية، باتت أعمق من مجرد جُملة مسطّرة في نص قانوني. إنها شعور المنكوبين والضحايا بالتساوي مع الآخرين، في اعتبارهم أصحاب حق، وتساوي العقاب الذي يفترض أن يقع على المجرمين والقتلة. لهذا كان المرء يلمح المشاعر المختلطة بين الفجائعية والشماتة، وتعميم الأذى.
فالوباء وجد أشباهه، في الأسد ونظامه، وكل من يقومون بأفعال مثل أفعاله، كما أن سوريا وبشكل فعلي، بمآسيها وتناقضاتها، وحضور الجميع في صراعاتها، باتت كناية عن العالم كله، في استعادة غريبة لعنوان رواية هاني الراهب "بلد واحد هو العالم"!
وبأي حال من الأحوال، لا يمكن التعامل مع نهاية العام 2020 في الحالة السورية بشكل إفرادي، كما كان يتم ذلك، في الرصد الذي يجري عادة في مثل هذه الأوقات على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية. نهاية 2020 تعني بالنسبة للسوريين نهاية العقد الأول من مأساة كبرى لم يشهدوا مثلها، لا هم ولا آباؤهم ولا حتى أجدادهم. والمفارقة أن الأقلام، قبل سنتين أو ثلاث، كانت تمضي لتقارن بين المشهد السوري آنذاك وبين سنوات الحرب الكبرى بين العامين 1914 و1918، وذلك لجهة كارثة الجوع تحت حصار النظام، وقتامة الحرب بما تضمنته من كوارث على المستوى الإنساني. وبالتأكيد كلُ مقارنة تحتوي في ثناياها سعياً من صاحبها لافتراض وقوع نهاية الحدث الراهن، كما انتهى الحدث المقارن به، الذي جرى في الماضي، لكن ذلك الإحساس المأمول به لم يحدث، وبات على المرء أن يُجر بحبال الوقت الذي يكبله، إلى تداعي الوقائع التي لم تنته، ولا يبدو أنها ستنتهي ضمن الأفق المنظور!
فسوريا الراهنة وفي العام 2020 باتت عنواناً لأبشع حياة يمكن أن يعيشها قومٌ على وجه البسيطة، ففي فصل الانقسام؛ لم يحدث أن انشطر شعب كان يعيش لعقود في إطار يجمعه مثلما انقسم السوريون، في نواحي الصراعات القائمة، التي باتت طبقاتٍ متراكمة. تبدأ بالانقسام بين تأييد نظام الاستبداد وبين معارضته، وتمر بالانقسامات الطائفية التي تندرج ضمن تفاصيل الصراع، وتلك التعارضات القومية، وأيضاً الطبقية التي باتت أوضح من أن يتم تجاهلها، مع تسيد طبقة أمراء الحرب في المشهدين المتقابلين أي مشهد النظام ومشهد المعارضة!
أيضاً، لا يمكن تجاهل الانقسام بين السوريين الذين انتهى بهم الحال ليعيشوا خارج مناطق سيطرة النظام، وصولاً إلى المنافي، وبين أولئك الذين يعيشون في الداخل!
وبالضرورة، فقد أفضت سلسلة المآسي غير المنتهية إلى انقسام ثقافي واضح، عابر للمتاريس والتخندقات، بين فئتين من السوريين:
الأولى، وهي التي مازالت مصابة بمرض الإنكار، لم تر في ما حدث خلال العقد الماضي سوى الأفكار الأولى التي خلفتها صدمة الثورة/المؤامرة، وفي ميكانيزمات تفكير هذه الفئة، يقوم الصراع في سوريا بين مجموعتين تتميزان بكونهما كتلتين من صَمَم، مجبولتين بالإسمنت، لا تحتويان تفاصيل تجعل أفراد هذه الفئة يتوقفون عندها، فمن ثاروا ضد الأسد هم إرهابيون وبيئاتهم حاضنة للإرهاب، وسكان المخيمات هم جزء من هؤلاء!  كما أن السوريين المنفيين هم جزء من هذا المجموع، وكل نتاج مثقفيهم هو تكرار لأغنية الشيطان ذاتها، وكل سياقات النشر والنشاط الإبداعي إنما يتم صنعه بتمويل أطراف المؤامرة أنفسهم. وفي الجهة، ثمة سوريون معارضون، يميلون وبشكل صريح في تفكيرهم وكتاباتهم، إلى اعتبار أن من بقي في مناطق سيطرة النظام هم شياطين خرس، سكتوا عن الحق، وبالتالي بات عليهم أن يدفعوا ثمن مواقفهم، من دون أن يستحقوا التعاطف من قبل الآخرين، لا بل أن تتم إدانة أي ملمح من ملامح التعاطف معهم!
أما الفئة الثانية، فهي ذات صوت منخفض، حاولت وما انفكت تحاول، خلال العقد الماضي، أن تبحث في التفاصيل، من دون أن يجرها الصراع والدم إلى الانغماس في التخندق، الذي يصل إلى حد إلغاء الآخر، وإنكار وجوده. ولعل المشكلة التي اختصت بها هذه الفئة العابرة أيضاً للجماعات والمتاريس، أنها لم تستطع أن تكرس لأفرادها منصات حوارية، تجعلهم يختبرون الأفكار، التي يمكن لها أن توحدهم كتيار، يمتلك قدرة على العمل، في سبيل إنهاء التأزم الحاصل نتيجة الحدث.
وبينما كان أفراد الفئة الأولى يتحاورون اشتباكاً في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، كان مثقفو الفئة الثانية يتغربون أكثر فأكثر في مواقفهم، فيغيب الحوار والتقبل بين جبهتي الداخل والخارج، وسط ابتلاء هذه الفئة بمجموعات وضعت نفسها في عتبات فجة، تلبس لبوس الراديكالية، ولكنها فعلياً تتصرف كنهج عدمي، يدين الجميع، ولا يعلن عما يناسبه من حلول
ضمن هذا المشهد كان صوت الفئة الثالثة، التي يمكن لها أن تقارب بين مواقف السوريين، الذي يتفقون على رفض الاستبداد، بوصفه أساس المشكلة، ويرفضون أيضاً إعادة إنتاجه في مقلب المعارضة، وتفريخه لأشكال محلية دينية وطائفية، وقومجية، وقبلية، يغيب ويضمحل، حتى ليبدو وكأن سوريا كلها لم تعد سوى فئتين متصارعتين، وبما يوجب انقسامها بين سوريتين وعلى إيقاع هذا الاستنتاج، كان هدوء الجبهات العسكرية، غير المعتاد، يؤشر إلى أن هناك معملاً يصيغ شكل الانقسام الراهن السوري، بين سوريا النظام، وسوريا جبهة تحرير الشام، وسوريا قسد، وبما يتناسب مع رؤية النظام، الصانع الأكبر لمشاكله، والمستفيد الأهم من تشظيه وتبعثره، والقوى الداعمة له كروسيا وإيران، ويتوافق مع الاسترخاء التعميمي الذي تشتغل وفقه القوى الإقليمية والدولية!
ترجمة ما سبق على مستوى الإنتاج الثقافي ممكنة، لا سيما مع استمرار عمل مؤسسات النظام الثقافية، في تكرار رؤيته للثورة ولحربه ضدها، وإنكار وجود الآخر الذي يرفض جوهر الاستبداد وكينونته، وتصديرها لأعمال بين السينما والمسرح، وبعض منشورات وزارة الثقافة، تعاني من الضحالة في رؤيتها للحدث، والانسجام الكامل بينها وبين لغة الحرب، وقعقعة السلاح، وصورة البسطار العسكري.
وفي المقابل ظهرت أعمال سردية وشعرية كثيرة تروي حكاية الثورة ووقائعها، لكن قلة منها نجت من فخاخ الغرق في أسر الشعار السياسي، الذي يؤدي إلى إنتاج مقولات تعميمية، ويقسم الواقع بين مؤيدين للحق وأعداء له، بينما ركزت أعمال أخرى على إعادة انتاج سردية الثورة في سنتها الأول بوصفها ثورة السوريين الباحثين عن مستقبل يقوم على وجود الدولة المدنية الديموقراطية.
كما أن قلة من الأعمال التي ظهرت هذا العام، قامت بالاشتغال على فنية وشعرية النوع الإبداعي، ما أدى في المحصلة إلى غياب التميز الذي يكشف عن وجود التراكم الإبداعي المفترض، والذي يحدث عادة، بالتوازي مع الأحدث الكبرى المؤدية لانعطافات كبرى في حيوات الشعوب. لا بل إن ملمحاً غير حميد بات يظهر في كتابات كثيرين من الجيل، الذي ظهرت أعمالهم في العقد الماضي، هو الترهل في الخطاب الإبداعي، وانتحال موقع الحكمة في القول، رغم ضعف التجربة العمرية والحياتية، فغابت حيوية الشباب، واللغة المتمردة، وانتفت الصياغات المختلفة! ما جعل النص المنتج في المشهد غير متمايزٍ، فلا يعرف القارئ أياً من المبدعين الشباب قد كتبه، بسبب التشابهات بينهم، واشتغالهم على ثيمات معدودة، يربط بينها أنها صالحة للتداول في أسواق النشر الأوروبية. فصار السعي لإنتاج النص القابل للترجمة، والذي يرضي القارئ الأجنبي الافتراضي، هاجساً يلهث خلفه هؤلاء.
انهيار فعالية مؤسسات الدولة في الواقع، وفشلها أدى إلى التصدر المركز لدولة موازية قوامها الفساد كل شيء في الداخل السوري، أبرز فعلياً الاحتفالية الاستعادية التي اُشتغل عليها في مؤسسات عديدة، للمملكة السورية، التي ولدت العام 1918، ودمرت بعد سنتين على يد الجيش الفرنسي الذي فرض الانتداب على سوريا.
ولعل أهمية ما تم تداوله والحديث عنه في هذه التظاهرة تأتي من الأسئلة التي طرحت حول أسباب انهيار التجربة في ذلك التاريخ العاصف، ودور القوى المحلية في السياق، ومواجهة الإرادات الدولية، والتي عملت على تدمير الديموقراطية السورية الوليدة! وقبل ذلك تبسط مسألة المقارنة بين واقعي الحال بين الماضي والحاضر، تفكيراً معمقاً، في البنى المتحكمة والراسخة في سيطرتها على فئات المجتمع وأدواته المنتجة.
===========================
العربية نت :3 هزّات أرقت بشار الأسد بـ 2020.. إحداها لوّحت برحيله
العربية.نت – عهد فاضل
آخر تحديث: 28 ديسمبر ,2020: 07:04 ص GST
يتميّز العام الجاري 2020، والداخل في ساعاته الأخيرة، على رئيس النظام السوري بشار الأسد، بثلاث محطات رئيسية، طبعت أداءه السياسي، وتركت أثرها عليه في شكل واضح، واتخذ قرارات على إثرها، وبعضها الآخر "نغّص" عليه عيشه.
وسيطر خلاف الأسد، مع ابن خاله رامي مخلوف، على غالبية التغطيات التي تناولت نشاط الأسد، في المناطق التي يسيطر عليها. وخرج إلى العلن، خلاف الأسد - مخلوف، مع نهاية شهر أبريل الماضي، عندما ظهر رجل الأعمال في فيديوهات مصوّرة، مخاطباً الأسد، شاكياً متظلماً، ثم ظهوره، في تدوينات، وهو يهدّد ويتوعد، حينا، ثم يتراجع، ويتوسل، ثم يهدد، أحياناً.
أرهقت قصة مخلوف، الأسد، وكشفته أمام أنصاره العاجزين عن تأمين لقمة العيش، فيما أموال مخلوف، ابن خاله، تتكدس في الداخل والخارج، مع معرفة الجميع، بأنها ما كانت لتصبح ثروة، إلا بصفتها جزءا من أموال آل الأسد أنفسهم والذين كانوا سلموا قيادة تشغيل تلك الثروة، إلى محمد مخلوف، والد رامي، والذي أعلنت وفاته منذ أسابيع.
رامي مخلوف وبشار الأسد
"قيصر" ينزل كالصاعقة
في موضوع متّصل، نزل دخول قانون "قيصر" الأميركي حيّز التنفيذ، كالصاعقة على رئيس النظام السوري وزوجته، أسماء الأخرس. فإضافة إلى ما كشفه صراع بشار-رامي، من أموال طائلة لآل الأسد، منتشرة في شركات اتصالات وحديد وعقارات وأموال، وغيرها، فقد أشير بالاسم والصفة والاتهام، إلى الأسد وزوجته التي أصبحت، عالمياً، من المتربحات بشكل غير شرعي، من الفساد، إثر تسميتها، عالمياً، بتلك الصفة.
ودخل "قيصر" الأميركي حيز التنفيذ، في شهر حزيران، يونيو الماضي، وتوالت العقوبات على أساسه، تنهمر على رأس النظام، فعوقب بشار، بالاسم، وابنه حافظ، وشقيقه اللواء ماهر، وشقيقته بشرى، ثم زوجته في شكل خاص، تلاها، وفي آخر دفعة أعلنتها الخزانة الأميركية، عائلة أسماء الأخرس: الأب والأم والشقيق والقريب، والشركات المرتبطة بكل هؤلاء.
ابن خال الأسد يدلي بدلوه فساداً
التراشق بالفساد، ميز هذه الفترة العصيبة على الأسد، هذه السنة. فرامي مخلوف يتهم حكومة الأسد بحماية أثرياء الحرب، وبدعم أمني، كما قال مرات عديدة. فيما رامي مخلوف نفسه، معاقب أميركيا، ثم أوروبيا، على فساده، منذ عام 2008. وجاءت العقوبات الأميركية الأخيرة، الثلاثاء الماضي، لتكشف الأسد أكثر فأكثر، فتم إيقاع العقوبات على مجمل عائلة زوجته، بحسب نص العقوبات الذي سمّاهم بالاسم.
وعلى هذا، قال مراقب لـ"العربية.نت" إن عام 2020، هو عام إشهار فساد الأسد، العام الذي حوصر فيه، بتلك التهمة، من ابن خاله رامي "الفاسد أصلاً"، إلى نصوص العقوبات الأميركية المتوالية. وقال محدّث "العربية.نت" إن الأسد سيرشح نفسه لانتخابات الرئاسة، وهو وجميع أفراد أسرته وزوجته ونظامه، خاضعون للعقوبات، و"مفضوحون" أمام الجميع، وعلى هذا، يقول: "إن الفساد هو الذي سيفوز بانتخابات الرئاسة السورية عام 2020".
رامي مخلوف، وعقوبات قيصر، لم يكونا السمتين البارزتين اللتين طبعتا عهد الأسد، في السنة الجارية، بل كان التوجه الروسي، لإحداث تغيير جذري، في سلوك النظام، تماشيا من موسكو، مع التوجهات الدولية التي تشدد على تطبيق القرار 2254، كمدخل لحل الأزمة السورية، السمة التي قضّت مضجع الأسد، في أيام متتالية، بدأت مع شهر أبريل الماضي.
تسريبات روسية قضّت مضجع الأسد
وأحدثت التسريبات الروسية، هزة غير مسبوقة بنظام الأسد، فقد تحدثت تلك التسريبات عن "عجز" الرجل وفساد نظامه، هو الآخر، كما أشارت بعض تلك التسريبات التي بدأت بالظهور، مع شهر أبريل الماضي، وجاءته الضربة من المكان غير المتوقع.
تحليلات كانت قالت إن هذه التسريبات، لا تعبر عن موقف الإدارة الروسية، بحسب ما ركز إعلام النظام، في ردود أفعاله الأولى على التسريبات التي هزّت كيانه بحسب مراقبين. إلا أن استمرار تلك التسريبات بالتسرّب، أخرجت الأسد من صمته ولا مبالاته المصطنعة، فأوعز لأحد نوابه في البرلمان، ويدعى خالد العبود، بتهديد الرئيس الروسي بوتين، والقوات الروسية المنتشرة في اللاذقية، بقاعدة حميميم الجوية، منذ عام 2015 وكانت تعمل أصلا على منع نظام الأسد من السقوط الوشيك.
الأسد يهدّد روسيا على لسان عضو برلمانه
وتوجه العبود المذكور، في شهر مايو الماضي، بتهديد فيسبوكي صريح للقوات الروسية، خاصة في "جبال اللاذقية" وهددها بحريق يطالها، في تلك المنطقة، متوعدا بما سمّاه "إشعال جبال اللاذقية ضد المحتل الروسي" كفرضية منه، ردا على "فرضيات" روسية تناولت مصير الأسد، وإمكانية رحيله، كبوابة لحل واسع وفوري، في سوريا.
وسبق وقال مصدر لـ"العربية.نت" إن الأسد نفسه، هو الذي أوعز لعضو برلمانه، بتهديد القوات الروسية، بهذه اللغة التي تنطوي على تهديد أمني خطير "ما كان يملك الجرأة على التفوه بجزء منه، لولا أن جهات أمنية أساسية بالنظام، أمَرته بذلك".
إلى ذلك، يكون الأسد في عام 2020، موصوفا بالفساد، هو وعائلته وزوجته وعائلتها، في خليط من المواقف غير المباشرة التي صدرت من أرض حليفه الروسي وهدّدت نظامه في الصميم عندما تحدثت عن مصيره، ثم من العقوبات الأميركية المتوالية بحسب قانون "قيصر"، وكذلك من تهديدات وتلميحات ابن خال الأسد نفسه، رامي مخلوف المعاقب على فساده هو الآخر، والذي لا يزال يتوجه للنظام، بالقول إن "أثرياء الحرب" في سوريا، يتلقون مختلف أشكال الدعم من النظام، على حسابه، كما قال ويقول.
===========================
سكاي نيوز :سوريا في 2020.. حرب ووباء واقتصاد منهار
l 28 ديسمبر 2020 - 18:03 بتوقيت أبوظبي
رستم محمود - أربيل - سكاي نيوز عربية
دخلت سوريا العام الجديد على وقع حرب مُستعرة كانت تشنها قوات النظام السوري وبتغطية عسكرية وسياسية روسية على فصائل المعارضة السورية.
الحملة العسكرية وقتئذ كانت تُذكر بالسنوات الأقسى من الحرب السورية، حيث أن قُرابة نصف مليون نازح هُجروا من بلداهم وقراهم، في المناطق الشرقية من محافظة إدلب، وتمتنع تركيا عن استقبالهم، ليعيشوا في العراء خلال فصل الشتاء.
مراقبو المشهد السوري كانوا يقولون إن هدف العملية العسكرية تلك هو سيطرة قوات النظام السوري على طريقي M5 وM4 الدوليين، حيث يربط الأول مدن دمشق وحُمص بمدينة حلب الاستراتيجية، وبقي مُغلقاً لسنوات كثيرة، بسبب سيطرة فصائل المعارضة السورية على بلدة سراقب شرق محافظة إدلب، بينما يربط الثاني مدينة حلب بمناطق الساحل السوري، عبر محافظة إدلب.
نجح النظام السوري في تحقيق هدفه الأولى، مما اُعتبر مكسباً استراتيجياً له على حِساب معارضيه. بينما تدخلت تركيا سياسياً وعسكرياً بزخم استثنائي لمنع تحقق الهدف الثاني، الذي كان تحقيقه سيعني خروج تركيا من الملف السوري تماماً.
بعد جولات من المباحثات المكوكية بين الرئيسين التركي والروسي، وإدخال تركيا لقرابة عشرين ألفاً من قواتها المسلحة إلى داخل محافظة إدلب، وحدوث أكثر من مواجهة عسكرية بين جيش النظام السوري ونظيره التركي، توصلت الأطراف إلى اتفاق سياسي/عسكري سُمي "منطقة أردوغان-بوتن"، توقفت الحرب بموجبه، لكن مع احتفاظ النظام السوري بكامل المنطقة التي احتلها خلال الأسابيع الثلاثة من الحرب، والتي قُدرت بثُلث مساحة محافظة إدلب. كذلك فإن الاتفاق نص على أن يكون طريق M4 الدولي مفتوحاً لجميع الأطراف، وأن تُشرف عليه دوريات مشتركة من الجيشين التركي والروسي.
التحليلات اللاحقة لتلك الحرب، قالت إنها كانت تنفيذاً لـ"صفقة مسبقة" عقدتها كل من تركيا وروسيا قبل شهور قليلة. بحيث استجابت روسيا للمتطلبات التركية لاحتلال الشريط الحدودي بين بلدتي رأس العين وتل أبيض السوريتين، خلال الحرب التي خاضتها ضد قوات سوريا الديمقراطية في شهر أكتوبر من العام السابق، والسيطرة الأمنية المشتركة للطرفين على باقي الشريط الحدودي، مقابل السماح لروسيا وقوات النظام السوري باجتياح المناطق الشرقية والجنوبية من محافظة إدلب، وهو ما حدث.
بُعيد انتهاء تلك الحرب، التي غطت كامل الشهور الثلاثة الأولى من العام، هدأت الجبهات السورية عموماً، ولم تُخاض حروباً وتتغير حدود النفوذ بين القوى المهيمنة على المناطق الجُغرافية السورية لأكثر من 8 أشهر كاملة، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الحرب السورية نوعاً من الهدنة الطويلة غير المُعلنة، التي تخللتها بعض المناوشات وعمليات القصف المتبادلة، سواء بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة في منطقة إدلب، أو بين الفصائل الموالية لتركيا وقوات سوريا الديمقراطية في منطقة شرق الفرات.
في أواخر شهر مارس من هذا العام، أعلنت السلطات السورية الرسمية تسجيل أو حالة للإصابة بفيروس كورونا قادمة من لبنان. ما لبثت الحالات أن تراكمت وتضاعفت، حتى صارت مختلف المناطق السورية حالة وبائية شاملة، دون أن تتمكن السلطات والمؤسسات الصحية السورية من وضع أي تدابير واستراتيجيات للتصدي لانتشار الوباء، بحيث قُدرت أعداد الضحايا بالآلاف، دون أن تُعلن السلطات السورية عن أعدادهم الحقيقية. حتى صارت سوريا تُعتبر من أسوء بؤر انتشار الوباء على مستوى العالم، لانهيار شبكات الخدمات والمؤسسات الصحية على مستوى البلاد، بسبب الحرب الدائرة في البلاد.
في أواسط العام، تحديداً في 17 يونيو، دخل "قانون قيصر" للعقوبات الأميركية على النظام السوري حيز التنفيذ، مما أنذر بتفاقم تدهور الأحوال العام في البلاد، اقتصادياً بالذات.
القانون الذي تضمن حزمة كُبرى من العقوبات على أفراد ومؤسسات النظام السوري الاقتصادية، وما قد يناظرها من شركات وأفراد مرتبطين به أو متعاملين معه أو داعمين له، أراد هز البنية المركزية لعصب النظام السوري، عبر وضع قيود على حركة الأموال والأعمال الاقتصادية التي ييسرها أو يتبادلها النظام السوري لتأمين حاجاته الاقتصادية خلال الحرب.
القانون الذي جاء على "الاسم الحركي" للمنشق العسكري السوري، الذي سرب صوراً لجثث عشرات الآلاف من ضحايا النظام السوري، الذين تم تصفيتهم تحت التعذيب في سجون ومعتقلات النظام السوري، وقدم صوره وشهادته أمام الكونغرس الأميركي، (القانون) حقق ثلاثة فاعليات حديثة، شهدتها الأحوال السورية طوال الشهور الستة اللاحقة لدخول القرار حيز التنفيذ.
فقد خسرت العملة المحلية السورية مزيداً من قيمتها مقابل العملات العالمية، حتى صار الدولار الواحد يساوي تقريباً 3000 ليرة سوريا في أواسط شهر أكتوبر من العام الحالي، بعدما كانت قيمته ضعف ذلك أوائل العام. هذا التراجع في قيمة العملة السورية انعكس على حالة المعيشة في مناطق سيطرة النظام السوري. إذ فُقدت الكثير من المواد الأولية، وصارت طوابير الانتظار الطويلة أمام الأفران ومحطات الوقود معبراً عن الأحوال المعيشية في مناطق النفوذ السوري، التي قالت الإحصائيات بأن أكثر من 60 في المئة من المواطنين فيها يعيشون تحت خط الفقر.
كذلك انعكس الأمر على قدرات النظام السوري على تأمين السيولة الكافية لأجهزة الأمنية والعسكرية والحكومية، وكان ذلك واضحاً من خلال أشكال الاحتجاج التي ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي، لأفراد من المؤسسات العسكرية أو من ذوي ضحايا النظام السوري من العسكريين، حيث ظهرت علامات النقمة واضحة على موالي النظام من العسكريين، جراء ما يُقدم لهم.
الميزانية العمومية التي قدمتها حكومة النظام السوري كانت تعبيراً عن الضائقة المالية الشديدة التي يعانيها، حيث قاربت فقط ثلاثة مليارات دولار، وهي أضعف ميزانية عمومية نسبية في تاريخ البلاد.
سياسياً، كان "قانون قيصر" تأكيداً من قِبل الإدارة الأميركية بأن استراتيجيتها تجاه الملف السوري لن تقبل بإعادة تعويم النظام السوري، بالذات من خلال بوابة إعادة الإعمار، التي طرحتها روسيا وباقي القوى الإقليمية المساندة للنظام السوري لأن تكون أثناء عملية المفاوضات السورية، وليس بعد إنجاز الملف السياسي في البلاد.  فالقانون كان إشارة أميركية واضحة بأن تحولاً نوعياً واضحاً في سلوك وبنية النظام السوري، سيكون وحده مفتاحاً لإعادة التعامل معه والسماح بتلقيه لحزم من المساعدات الدولية التي ستعيد تشييد البنية التحتية التي دمرتها الحرب السورية.
خلال هذا العام أيضا، جرت الجولتان الثالثة والرابعة من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية في مدينة جنيف السويسرية، في الـ 24 من شهر أغسطس والـ 30 من شهر نوفمبر على التوالي.
اللجنة الدستورية التي انبثقت عن مخرجات مؤتمر سوتشي للحوار السوري عام 2018، الذي كانت ترعاه روسيا وتريد له أن يكون بديلاً عن القرار الأممي 2254، لاقى زخماً روسياً خاصاً في أواسط العام، عقب انتهاء الحملة العسكرية المشتركة على منطقة إدلب. مما دفع المراقبين لاعتقاد بأنها قد تؤشر لنهاية الصراع المسلح حسب الرؤية الروسية، وانزياح روسيا لتكريس حلٍ سياسي في البلاد.
لكن طوال النصف الثاني من هذا العام، حيث عُقدت جولتان من المفاوضات بشأن اللجنة الدستورية، وتخللتها جولات مكوكية إقليمية ودولية للوسيط الأممي "غيير بيدرسون" بين المتفاوضين والقوى المؤثرة في الملف السوري، أظهرت ما هو عكس ذلك تماماً.
فطوال هذه المدة، نجح النظام السوري في إغراق المفاوضات بفيض من التفاصيل الشكلية، مثل مواعيد عقد الاجتماعات وأماكنها وجدول أعمالها وقائمة الحاضرين. ذلك لعدم الدخول في أي من المواضيع الجدية الخاصة بمهام اللجنة، ولكسب أكبر قدر ممكن من الوقت، بغية الوصول إلى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية السورية، في شهر يونيو من العام القادم، وتنفيذها حسب الدستور الحالي، الذي أُقر عام 2012، ويمنع أي مراقبة دولية على العملية الانتخابية في البلاد.
جولتا المفاوضات بشأن العملية الدستورية أثبتت أيضاً إصراراً تاماً من قِبل النظام السوري على القبول بأي حلٍ سياسي لقضية البلاد، أياً كان مستوى الضغوط التي تُمارس عليه، وأياً كان مستوى تدهور الأحوال المعيشية والحياتية للمواطنين السوريين جراء الحرب.
مراقبون ومتابعون للملف السوري أكدوا أن الاستراتيجية الرئيسية للنظام السوري خلال هذا العام تمثلت بقبول واستمراء أقصى الضغوط من الإدارة الأميركية الحالية، والرهان على تغيرها، بحيث تكون الإدارة الجديدة أكثر تساهلاً مع النظام الإيراني، الأمر الذي قد يفتح مجالاً أمام إمكانية اعترافها بالنظام السوري من جديد، والدخول في مساومات معه، دون أن تدفعه لتقديم أية تنازلات سياسية واضحة في الداخل.
لا تظهر حتى الآن الملامح الأولية التي يمكن أن تسير عليه الإدارة الأميركية المنتخبة حديثاً تجاه الملف السوري، لكن المؤشرات الأولية من قِبل فريق السياسيات الخارجية، بالذات من وزير الخارجية المُعين أنطوني بلينكن، تُظهر بأنه لا أفق للنظام السوري في العام القادم. 
===========================