الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 8/11/2017

سوريا في الصحافة العالمية 8/11/2017

09.11.2017
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة الامريكية :  
الصحافة البريطانية :  
الصحافة التركية والعبرية :  
الصحافة الفرنسية والروسية :  
الصحافة الامريكية :
معهد واشنطن :حزب الله …. أحلام التمدد
http://www.washingtoninstitute.org/ar/fikraforum/view/hezbollah-dreams-of-expansion
ماجد عاطف
متاح أيضاً في English
2 تشرين الثاني/نوفمبر 2017
في منتصف أغسطس الماضي نقلت لنا شاشات التلفزة لقطات تبدو شاذة للناظرين، مقاتلي تنظيم "داعش" ينتقلون برفقة أسرهم في حافلات يحميها الجيش اللبناني وحزب الله والجيش السوري. فأعداء الأمس، أي الجيش اللبناني وحزب الله والجيش السوري، صاروا اليوم حريصين على نقل عناصر التنظيم بأمان من الحدود اللبنانية إلى الحدود السورية العراقية، منهين بذلك أحد فصول رواية لحرب داخلية طويلة بالوكالة.
تأتي معركة عرسال بعد دخول حسن نصرالله  الحرب في سورية والتي بالطبع كان للتكليف الإيراني له بدخولها دورا بارزا، لكنها أيضا كانت  نقلة في مسار حزب الله الذي يسعى جاهدا للتحول من حركة مقاومة في بلد صغير مثل لبنان إلى قوة إقليمية لها ثقل في المنطقة ، وهذا ما أكده بالفعل خلال معركته الأخيرة في جرود عرسال التي أعلن فيها انتهاء وجود "داعش" على الحدود اللبنانية والسورية وإحكام سيطرته على الداخل اللبناني بشكل كبير ومحاولة حزب الله إشراك الجيش اللبناني معه في كل شيء بهدف تكرار النموذج الإيراني (الحرس الثوري والجيش النظامي).
ومع قيام الثورة السورية في 2011 وما أعقبها من انقسامات وتطاحن بين القوى المختلفة، نزح عدد غير قليل من سكان مدينة القلمون السورية (اغلبهم من السنة) وعبروا الحدود اللبنانية واستقروا ببلدة "عرسال" اللبنانية، التي تقع على الحدود السورية اللبنانية. وربما بسبب وجودها على مرتفعات جبلية اكتسبت عرسال التي لا يتجاوز عدد سكانها 35,000 نسمة اسمها والذي يعني باللغة الآرامية القديمة "عرش الرب" البلدة الصغيرة التي باتت مسرحا جديدا لصراعات إقليمية.
ونظرا لان البلدة الصغيرة لا تستوعب الأعداد النازحة، تم إنشاء مخيمات للاجئين. وبمرور الوقت أحكم تنظيم "جبهة النصرة" قبضته بدرجة كبيرة على مخيم عرسال، وبدأت الاحتكاكات بين المسلحين بعضهم البعض تزداد، وكثيرا ما كان الجيش اللبناني نفسه يتعرض لإصابات أو لاختطاف جنوده، حين كان يحاول السيطرة على الموقف، وفي الوقت ذاته كان حسن نصر الله يعلن بوضوح أن حزب الله يحارب إلى جانب بشار فيما أسماه بالحرب المقدسة، وهم ما جعل المسلحين يبدأون بتوجيه ضربات للداخل اللبناني.
وفي منتصف أبريل عام   2013، تحدث بشار الأسد عن عرسال واصفا إياها بانها باتت معسكر لمن اسماهم بالمسلحين والتي يجب قصفها. وبالفعل زادت حدة الغارات والاختراقات من جانب الجيش السوري للأجواء اللبنانية لتوجيه ضربات لهذا المعسكر.
لكن التحول الدراماتيكي الأكبر في المشهد حدث في أغسطس 2014 مع واقعة اختطاف 16 جندي لبناني على يد جبهة النصرة، وهنا بدأت أصوات التذمر تعلو داخل الشارع اللبناني من حسن نصر الله وتنظيم حزب الله، الذي اعتبر اللبنانيون أن تدخله في الحرب السورية دعما لبشار هو الذي جلب الدواعش إلى بلادهم.
وباءت كل محاولات إنقاذ هؤلاء الجنود بالفشل، إلا أن تدخلت قطر ونجحت في إقناع "جبهة النصرة" بإطلاق سراح الجنود المختطفين في مقابل إطلاق سراح 26 سجينا لهم في السجون اللبنانية (من ضمنهم سجى الدليمي طليقة أبو بكر البغدادي). ومع ذلك، فإن نفوذ جبهة النصرة (داعش) لم ينتهي أو يقل بالعكس، زاد نفوذهم ليصل إجمالي المساحة التي تحت سيطرتها داخل البلدين لما يقرب من 300 كم² واستمر اقتناص الجنود والمناوشات، وبدأت النصرة توجه عملياتها للداخل اللبناني عقابا لحزب الله على مشاركته بالحرب السورية.
وفي ذكرى احتفالات نصر تموز، أعلن نصر الله انه حان الوقت لاستعادة عرسال، لم يكتف نصر الله بإعلان الحرب هذا بل أعلن تقسيم الأدوار قائلا: بفضل القرار السياسي الحكيم مع الرئيس ميشال عون سيخوض المعركة من ناحية حدود لبنان الجيش اللبناني ونحن والجيش السوري سنقود المعركة من القلمون بسورية وخلال أيام سنعلن النصر".
وبالفعل تحرك الجيش اللبناني ليحرر ١٢٠كم من أصل ١٤٠كم كانت تحت سيطرة تنظيم "داعش" على الحدود اللبنانية وفي المقابل على الحدود السورية كانت داعش تسيطر على ٣١٠كم استعاد منها حزب الله والجيش السوري ٢٧٠كم على عدة مراحل ثم تمت المفاوضات.
قرار نصر الله دخول الحرب الأن رغم أنّ حزب الله كان قادرا منذ العام 2015 على إنهاء وجود المسلحين القادم معظمهم من القلمون التي سيطر عليها الحزب، يشي بوضوح عن نوايا نصر الله الذي من جانب رآها فرصة لاستعادة شعبيته المفقودة نسبيا في لبنان، ليظهر من جديد كالبطل الذي حررهم من الإسرائيليين في تموز وها هو يحررهم من الدواعش اليوم مستفيدا من التوافق الدولي على حتمية الخلاص من الكابوس الداعشي، ومن جانب أخر يعزز مكانته الإقليمية، وأخيرا يساعد حليفة الأول إيران على بسط نفوذها بالإقليم.
لكن نصر الله فاجئ الجميع بقبوله التفاوض مع الدواعش منفردا، لينهي المشهد باتفاق يضمن خروج النصرة (670 فرد)  من لبنان متجهين إلي البوكمال بشرق سوريا في مقابل أن يرشدهم على مكان جثث شهداء حزب الله والجنود اللبنانيين إضافة إلى جثة الجندي الإيراني محسن حججي (اللي أعدمته داعش أمام الكاميرات) - ليعلن بعدها نصر الله انتهاء الحرب مهنئا الشعب اللبناني بالنصر، وهو ما ازعج الحكومة العراقية بشده، إذ فجأة وجدوا الدواعش مرة أخرى على حدودهم، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قائلا "نقل أعداد كبيرة من داعش إلى المناطق الحدودية مع العراق أمر غير مقبول".
ما يعتبره الإيرانيون خطوة للأمام لبسط النفوذ، يراه السعوديين خطر محدق بهم. وقد التزمت السعودية رسميا الصمت خلال المعركة، لكن نظرة على عناوين المقالات الصادرة في جريدة الشرق الأوسط المملوكة للأمير تركي بن سلمان والتي تعتبر لسان البلاط الملكي، تدرك أنها تبنت خط واحد وهو الحديث عن الأطماع الإيرانية في لبنان، مشيرة إلى أن قرار الحرب اتخذ في طهران .
لم تكن الرياض فقط هي من تراقب ما يحدث في عرسال، إسرائيل أيضا يقلقها التواجد الإيراني في محيطها. وفي مكالمة هاتفية مع أحد كبار المسئولين الإسرائيليين السابقين عبر الرجل لي عن المخاوف الإسرائيلية مما يحدث في عرسال قائلا:
"لنكن واضحين أن حسن نصر الله الأن هو لبنان ولبنان هي حسن نصر الله، لكن ما يهمنا هنا هو التغول الإيراني بواسطة حزب الله في سورية، لن نسمح لإيران أو حزب الله بإنشاء أي قواعد في سوريا، ويمجرد اقترابهم من مرتفعات الجولان سنضرب بقوه دون تردد، ولعل الغارة الأخيرة التي استهدفت مصنعاً لإنتاج الصواريخ والأسلحة الكيماوية في حماه -سورية جعل واضحا لهم إننا لن نتردد في استخدام القوة حال تجاوزهم الخطوط الحمراء ".
دير الزور هي ثاني أكبر المحافظات السورية وترجع أهميتها إلى عدة أسباب، فهي   المعبر الجغرافي الأهم بين سوريا والعراق، نظرا لملامستها محافظتي (نينوى والأنبار) العراقيتين، واحتوائها على حقول غاز ونفط كثيرة.  ولأهمية دور الزور الاستراتيجية واللوجستية حرص تنظيم " داعش" على إحكام السيطرة عليها منذ 2014.
وبالقطع ترى واشنطن وموسكو أن دير الزور من اهم النقاط الذي يجب القضاء على داعش بها، وكلاهما ينظر إلى ما بعد الحرب ومن سيبسط نفوذه بها، وقد لقى الجنرال فاليري اسابوف (كبير المستشارين العسكريين الروس في سوريا) مصرعه في تلك المعركة، ولعل اشتراك قائد عسكري بحجم اسابوف في المعركة، يعكس مدى الاهتمام الذي توليه موسكو لتلك البقعة الاستراتيجية.
التحالفات في تلك المعركة عكست ما يمكن أن نسميه الحرب بالوكالة، فمن جانب تحالفت قوات سوريا الديمقراطية (المدعومة من أمريكا) والأكراد، ومن جانب آخر تحالف الجيش السوري وإيران وحزب الله (المدعوم من روسيا) - للخلاص من عناصر داعش بالمحافظة.
من جانبه وجد نصر الله في معركة دير الزور فرصة مناسبة للإعلان عن قوته الإقليمية أو إرهاصاتها، وهو ما يفسر لماذا (ولأول مرة) يرفع الحزب السرية عن قيادة عسكرية ميدانية له، فقد كشف «حزب الله» عن القائد الميداني لقواته بدير الزور والملقب باسم الحاج أبو مصطفى من خلال لقاء تلفزيوني له ظهر فيه شارحا دور حزب الله في المعركة موجها الشكر لحلفائهم الروس وبشار مهنئا الشعب السوري بهذا النصر.
ظهور الحاج أبو مصطفى عبر شاشات التلفزة لم يكن عشوائيا أو صدفه، بل كان مقصود تماما فيما يعتبر نقلة نوعية في سياسة حزب الله الإعلامية، يمكن القول أن التنظيم قرر أخيرا الظهور من تحت الأرض، مصدرا بيانا حربيا شبه رسمي هنأ فيه الشعب السوري بانتصاره مؤكدا "أن سوريا الواحدة الموحدة ستبقى عصية على المؤامرة الكبرى".
لكن دور حزب الله الذي يحلم بالتمدد لا يقف عند سورية، ففي العراق أيضا يلعب جنود الله دورا بارزا وان كان مختلفا نسبيا، ففي الوقت الذي يقاتل حزب الله في سوريا بنفسه، فان دوره في العراق يقتصر على التدريب حيث يشرف حزب الله على تدريب لواء فاطميون الإيراني أشراف كامل في العراق ووفقا لروايات بعض المقاتلين فان أحيانا ترسل بعض العناصر إلى مخيمات الحزب في جنوب لبنان لتلقى تدريب نوعي على حرب الشوارع.
لا يمكن الجزم ما الخطوة القادمة لنصر الله، وهل سينجح في خلق نموذج جديد من الحرس الثوري الإيراني؟ أو هل يمكن وقفه؟
=========================
معهد واشنطن :رئيس الحكومة اللبناني يستقيل، فماذا بعد؟
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/lebanons-prime-minister-resigns-whats-next
حنين غدار
متاح أيضاً في English
6 تشرين الثاني/نوفمبر 2017
في 4 تشرين الثاني/نوفمبر، استقال رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري بشكل غير متوقع، بإلقائه خطاب تلفزيوني من العاصمة السعودية، الرياض. وخلال الخطاب، ذكر مخطط اغتيال يحاك ضده واتهم إيران ووكلاءها بزعزعة استقرار بلاده والمنطقة الأوسع. وكان توقيت هذه الادعاءات مذهلاً بشكل خاص نظراً لأن الحريري كان قد استضاف للتو مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي قبل يوم واحد، وأصدرا بعد الاجتماع بياناً مشتركاً سلّط الضوء على "مصالح لبنان".
فضلاً عن ذلك، إن واقع حدوث الاستقالة في الرياض يحمل بعداً إقليمياً قد يجعل لبنان مفتوحاً أمام كل من الصراع الإيراني-السعودي والجهود الأمريكية الرامية إلى احتواء طموحات طهران في الشرق الأوسط - وقد تصاعدت حدة الصراع الإيراني-السعودي خلال نهاية الأسبوع بعد أن اعترض السعوديون صاروخاً أُطلق من اليمن باتجاه الرياض ووصفوه بأنه عمل حربي من قبل إيران. ولا يزال السبب الذي دفع بالحريري إلى إعلان استقالته في الرياض غير مؤكد. فربما يكون السعوديون قد ضغطوا عليه للقيام بذلك رداً على زيارة ولايتي، أو أنّ الاستقالة تأتي في إطار خطة أوسع نطاقاً لمواجهة «حزب الله» في لبنان. وفي السادس من تشرين الثاني/نوفمبر، تحدث وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى شبكة "سي إن إن" بلهجة منذرة بسوء العاقبة، قائلاً إن الاعتداء على الرياض شمل "صاروخاً إيرانياً أطلقه «حزب الله» من أرض يحتلها الحوثيون في اليمن". وبصرف النظر عن الحقيقة الكامنة وراء الاستقالة وحادثة الصاروخ، أصبح «حزب الله» أكثر تعرضاً الآن، من دون وجود حكومة ائتلافية تضفي طابع الشرعية على أنشطته المحلية والإقليمية، ومن دون شريك سني مهم ليحل محل الحريري.
وبدوره، انتقد زعيم «حزب الله» السيد حسن نصرالله هذه الاستقالة يوم الأحد، متهماً السعودية بإرغام الحريري على التنحي وإبقائه قيد الإقامة الجبرية. ولكن ما هو مهم أن خطابه جاء أكثر هدوءاً من المعتاد - فقد دعا عموماً إلى التروي وضبط النفس. ويبدو أن الاستقالة أخذت قادة «حزب الله» على حين غرة لأن الحريري لم يحاول تحدي سلطتهم منذ استلامه منصب رئاسة الوزراء مجدداً في العام الماضي. وعوضاً عن ذلك، تشير خطواته السابقة - مثل ترشيح حليف «حزب الله» ميشال عون لرئاسة الجهورية - وخطابه الأخير إلى أن خطته كانت تهدف إلى مواصلة التسوية مع الحزب.
أما بالنسبة لما سيحصل في المرحلة القادمة، فقد يتبلور واحد من عدّة سيناريوهات. فبموجب الدستور، من المفترض أن يدعو الرئيس عون إلى إجراء مشاورات نيابية لاختيار رئيس الوزراء المقبل. غير أنه وفقاً لتصريحاته الأخيرة، لن يقبل الاستقالة إلى حين حضور الحريري شخصياً إلى لبنان وشرح أسبابها، وهو ما طالب به السيد حسن نصرالله أيضاً. وإذا رفض الحريري ذلك، فقد يتعين على عون المضي قدماً لتسيير شؤون البلاد. وعلى أية حال، يواجه لبنان فراغاً خطيراً في مؤسساته. ونظراً إلى الوضع السياسي والأمني والاقتصادي الدقيق أساساً في البلاد، فإن المزيد من عدم الاستقرار قد يدفع بلبنان نحو مشاكل خطيرة.
وإذا لم يناسب الفراغ قادة «حزب الله» - الذين يدركون أنهم بحاجة إلى غطاء الحكومة لمواجهة عقوبات دولية جديدة محتملة - فقد يحاولون دفع الرئيس عون إلى استبدال الحريري برئيس وزراء آخر، علماً أن الدستور ينص على ضرورة أن يكون رئيس الوزراء من الطائفة السنية. غير أن هذا المسار سيكون زاخراً بالتحديات لسببين. أولاً، في الوقت الذي من المقرر فيه إجراء الانتخابات النيابية في أيار/مايو 2018 وتصاعد الضغوط الدولية على «حزب الله»، فإن أي زعيم سنّي سيواجه صعوبات سياسية للانضمام إلى حكومة يهيمن عليها «حزب الله». ثانياً، لا يملك الحزب النصاب اللازم في البرلمان الحالي لاختيار رئيس وزراء جديد - وفي الواقع، لا يملك أي فريق سياسي ما يكفي من المقاعد لتأمين هذا النصاب. ويخشى البعض من أن يلجأ «حزب الله» إلى تكتيك الاغتيالات لضمان النصاب القانوني. وبصرف النظر عمّا سيجري، ستكون الفترة الفاصلة شائكة.
أما بالنسبة للانتخابات نفسها، فقد كان الحصول على جميع الأطراف للاتفاق على التفاصيل كابوساً في الأساس، لذا فإن وضعهم الآن ضبابياً. فالفراغ الراهن يعزّز أكثر فأكثر ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، لكن استقالة الحريري - مع نبرة المواجهة التي اتسمت بها - قد تؤدي إلى تأجيلها أو ربما إلى ضغوط داخلية وخارجية لتغيير قانون الانتخاب النسبي الجديد. وكان الحريري قد وافق على هذا القانون لأنه ادّعى أن استقرار لبنان والعملية الديمقراطية لهما أهمية قصوى، على الرغم من الواقع بأن التغييرات الانتخابية من شأنها أن تضمن على الأرجح فوز «حزب الله» في أيار/مايو القادم من خلال منح حلفائه المزيد من المقاعد. والآن بعد أن تبدلت أولويات الحريري على ما يبدو، فإن القانون الجديد والجدول الزمني للانتخابات لم يعُدا مؤكدين.
وقد تؤثّر استقالته أيضاً على عدد كبير من البنود التي مررتها الحكومة، بما فيها مراسيم النفط والغاز للتنقيب بحراً عن هذه الموارد والميزانية الوطنية الجديدة، التي تعد الأولى من نوعها فى لبنان منذ اثني عشر عاماً. وقد تؤدي الاضطرابات الناتجة إلى إبعاد الشركات الأجنبية التي تحتاج إلى الثقة في البيئة السياسية من أجل الاستثمار في الأعمال التجارية - وهو احتمال قاتم نظراً إلى أن لبنان لا يزال يعاني من تداعيات الحرب السورية التي قطعت طرقاً تجارية رئيسية وأسفرت عن تدفق أكثر من مليون لاجئ إلى لبنان.
وتعني هذه المشاكل، إلى جانب احتمال تدخل السعودية وإيران بشكل أقوى، أن شبح الأزمة السياسية والاقتصادية يقترب بوتيرة أسرع حتى من لبنان. وبناء على ذلك، يجب أن يستجيب المجتمع الدولي لهذه الاستقالة من خلال وضع خطة منسقة ترمي إلى تحقيق هدفين هما: ضمان استقرار البلاد، ومواجهة «حزب الله» للحرص على عدم استغلاله هذا الفراغ.
وسواء اختار «حزب الله» قبول الفراغ إلى حين إجراء الانتخابات أم لا، فسيبذل قصارى جهده لمواصلة السيطرة على لبنان وسط التحديات الإقليمية والمحلية المتنامية، الأمر الذي يمنح خصومه المحليين والخارجيين فرصة التصدي له، ولا سيما على خلفية الانتخابات المقبلة. وقد يكون دعم المرشحين المناهضين لـ«حزب الله» أو السعي إلى تغيير القانون الانتخابي خطوتين مفيدتين في هذا الشأن. لكن من غير المحتمل إجراء الانتخابات في موعدها ما لم يساعد المجتمع الدولي لبنان على عدم الانجرار إلى الفوضى ويضمن عدم تصعيد الحرب الإيرانية-السعودية وتحويلها إلى اشتباكات مسلحة داخل لبنان. إن الفراغ السياسي والفوضى لم يساهما سوى في تقوية «حزب الله» وإضعاف الدولة منذ عام 2005، ولذلك لا يمكن التعويل عليهما بالفعل لمواجهة الحزب اليوم.
=======================
بلومبيرغ :إيران و«القاعدة» أفضل نموذج للصداقة اللدودة
https://aawsat.com/home/article/1077176/إيلي-ليك/إيران-و«القاعدة»-أفضل-نموذج-للصداقة-اللدودة
الأربعاء - 19 صفر 1439 هـ - 08 نوفمبر 2017 مـ رقم العدد [14225]
إيلي ليك
أثار خطاب الرئيس دونالد ترمب بشأن السياسة الأميركية تجاه إيران خلال الشهر الماضي بعض الجلبة بمناقشته لعلاقة النظام الإيراني بتنظيم القاعدة. وقال إن «عملاء إيران» قد وفروا التدريب لعناصر تابعة لتنظيم القاعدة شاركت في تفجير السفارة الأميركية في كينيا وفي تنزانيا عام 1998. كذلك قال إن إيران قد وفرت المأوى لعناصر قيادية في تنظيم القاعدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) كان منهم أحد أبناء أسامة بن لادن.
وسرعان ما ظهر منتقدو ترمب على الساحة، حيث كتب فيليب غوردون، منسق سياسات الشرق الأوسط السابق في إدارة أوباما، أن الرئيس «بالغ في توسيع نطاق الأدلة» بحيث تصور إيران كشريك لتنظيم القاعدة. ورفض بول بيلار، محلل الاستخبارات البارز السابق، الذي وافق على الاستنتاجات الأميركية بامتلاك العراق برنامج أسلحة دمار شامل، مزاعم ترمب مشيراً إلى أنها تستند إلى وجود بعض عناصر القاعدة رهن الإقامة الجبرية في إيران.
مع ذلك تبين أن ترمب كان أقرب من منتقديه ومهاجميه إلى الحقيقة، حيث نشرت الاستخبارات المركزية الأميركية يوم الأربعاء مئات الآلاف من الوثائق، التي تم الحصول عليها خلال الهجوم الذي أسفر عن مقتل بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة، عام 2011. وقد أخبرني رايان تراباني، متحدث باسم الاستخبارات المركزية، يوم الخميس قائلا: «تشير الوثائق التي تم جمعها خلال عملية الهجوم على بن لادن، والتي تم الإفراج عنها، إلى وجود اتفاق بين إيران وتنظيم القاعدة يقضي بعدم استهداف بعضهما البعض. تشير الوثائق إلى وصف بن لادن لإيران بأنها (الشريان الرئيسي) لعمليات نقل الأموال، والأشخاص، والاتصالات الخاصة بتنظيم القاعدة». بعض هذه الأمور كان معروفاً من قبل، فقد فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على أعضاء في تنظيم القاعدة في إيران أثناء فترة حكم أوباما. مع ذلك من المفهوم أيضاً سبب رفض المراقبين لفكرة وجود صلة بين إيران والقاعدة. ركّز ما تم نشره في السابق من ملفات بن لادن خلال فترة حكم إدارة أوباما على وجود خصومة وعداء بين إيران والقاعدة، في حين ظلت الوثائق التي تثبت التعاون بين الاثنين سرية.
على سبيل المثال، شهد عام 2012 المرة الأولى التي تكشف فيها دائرة الاستخبارات عن ملفات تم الحصول عليها خلال هجوم عام 2011 على محل إقامة بن لادن في مدينة أبوت آباد، بباكستان. أوضحت تلك الوثائق حدوث مفاوضات مكثفة بين القاعدة وإيران لإعادة أفراد من أسرة بن لادن، بعد خطف تنظيم القاعدة لدبلوماسي إيراني كرهينة.
على الجانب الآخر يخبرنا ما تم نشره مؤخراً بقصة أكثر تفصيلا، فقد حصل كل من توماس جوسلين، وبيل روجو، مؤسسي ومحرري موقع «لونغ وار جورنال» الإلكتروني الإخباري، على أحدث ملفات بن لادن في وقت سابق خلال الأسبوع الحالي، وذكرا أن المعلومات الحديثة توضح رغبة الخصمين في التعاون ضد أميركا. ويركزان على وثيقة مكونة من 19 صفحة تنسب إلى عنصر بارز في تنظيم القاعدة تروي تاريخ العلاقة بين الطرفين التي بدأت كعلاقة ودودة في نهاية التسعينات. كذلك ذكرا أن كاتب الوثيقة، الذي لم يتم ذكر اسمه، لكن يبدو أنه مصدر مقرب، يوضح أن «إيران قد عرضت على بعض عناصر تنظيم القاعدة كل ما يحتاجونه بما في ذلك المال، والسلاح، والتدريب في معسكرات حزب الله في لبنان، مقابل استهداف المصالح الأميركية في المملكة العربية السعودية والخليج. كذلك يسرت أجهزة الاستخبارات الإيرانية سفر بعض عناصر القاعدة من خلال منحهم تأشيرات، وإيواء البعض الآخر».
مثل أكثر الصفقات، التي يتم إبرامها بين المجرمين، كانت العلاقة تشهد تراجعاً أحياناً، فعلى سبيل المثال أرسل عناصر في تنظيم القاعدة خطاباً إلى علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، يطلبون فيه الإفراج عن بعض من ذويهم. كذلك نظر الإيرانيون عام 2003 في أمر اتفاق محتمل مع الولايات المتحدة الأميركية يقضي بتسليم بعض من عناصر القاعدة مقابل إطلاق سراح بعض عناصر منظمة «مجاهدين خلق»، المناهضة لإيران، والتي كانت تحظى بدعم صدام حسين، الحاكم المستبد العراقي الذي لم يكن قد تم خلعه بعد. مع ذلك لم يخرج الاتفاق إلى النور.
وتشير تلك الوثيقة إلى تفاوض عنصر من تنظيم القاعد يدعى أبو حفص الموريتاني على ترتيب لتوفير ملجأ آمن لبعض عناصر تنظيم القاعدة في إيران بعد سقوط حركة طالبان عام 2011 في أفغانستان عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وهربت أكثر قيادات تنظيم القاعدة إلى باكستان، لكن توجهت زوجات وأبناء كل من بن لادن ونائبه، مع آخرين، إلى إيران.
كانت الصفقة تلزم في البداية ضيوف إيران من تنظيم القاعدة بالاختفاء، لكنهم لم يلتزموا بالجزء الخاص بهم من الصفقة، بحسب ما جاء في الوثيقة. ويقول كاتب تلك الوثيقة إن عناصر تنظيم القاعدة قد بدأوا في استخدام الهواتف الجوالة، رغم منعهم من استخدامها من جانب النظام الإيراني تجنباً لاكتشاف الولايات المتحدة الأميركية أمرهم، وذلك بحسب ترجمة غير دقيقة للوثيقة أطلعني عليها جوسلين. كذلك جاء في الوثيقة: «لقد بدأوا يشترون سيارات، ويتحركون كما يحلو لهم، ويلتقون بالناس، ويقيمون علاقات مع بعض السنة في المدينة وأماكن أخرى».
على الجانب الآخر أخبرني جوسلين خلال مؤخراً أن موقعه، التابع لمؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات»، سوف ينقب في آلاف الوثائق الجديدة ويترجمها. وقال إنه سوف يبحث عن المزيد من المعلومات بشأن العلاقة بين إيران وتنظيم القاعدة، فضلا عن المزيد من التفاصيل الخاصة بعلاقة القاعدة بباكستان، والدور الذي اضطلع به بن لادن في العمليات اليومية، وتاريخ تنظيمه الإرهابي.
ويمثل إفراج الاستخبارات المركزية عن الملفات حتى هذه اللحظة في حد ذاته نصراً بالنسبة لأي شخص شعر بالإحباط بسبب تباطؤ إدارة أوباما في الإفراج عن الوثائق؛ ومن هؤلاء مايكل فلين، مدير وكالة استخبارات الدفاع في إدارة أوباما، الذي أصبح أول مستشار أمن قومي لترمب. وقد ذكر وثائق بن لادن في كتابه، وأشار إلى وجود الكثير من الأدلة على تعاون القاعدة مع إيران ضد الولايات المتحدة الأميركية. كذلك طالب ديفين نونز، عضو مجلس النواب الجمهوري، ورئيس لجنة الاستخبارات في المجلس، الحكومة بالإفراج عن الوثائق، بل وتمادى إلى أبعد من ذلك حين طالب بالإفراج عن الوثائق في مشروعات القوانين التي تصرح بالإنفاق الخاص بأجهزة الاستخبارات.
وأخبرني مسؤولون حاليون وسابقون في إدارة ترمب أن الإفراج عن الوثائق كان يمثل أولوية بالنسبة إلى فريق الرئيس الجديد. كذلك حثّ إيزرا كوهين واتنيك، المدير السابق البارز للاستخبارات في مجلس الأمن القومي، الاستخبارات المركزية، ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية، على الإفراج عن وثائق بن لادن. وقوبل بمقاومة بالقول إن الترجمة، والتحقق من الوثائق، وتقديم تحليل رسمي سوف تؤدي إلى استنزاف موارد خاصة بأمور لها أولوية أكبر بحسب هؤلاء المسؤولين الحاليين والسابقين. في النهاية نشرت الاستخبارات المركزية الوثائق يوم الأربعاء دون ترجمة، أو تحليل في صيغة ملفات مضغوطة من الصعب تنزيلها.
مع ذلك سوف يتمكن محللون وخبراء من الخارج خلال الأيام والأسابيع المقبلة من اكتشاف مدى تعاون إيران مع تنظيم القاعدة بأنفسهم، وإن كان ما تم اكتشافه بالفعل يشير إلى وجود علاقة مركبة، أكثر من آيديولوجيات يهتم أي من الطرفين بالاعتراف بها.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
=======================
الصحافة البريطانية :
"ذي إيكونوميست": النظام السوري يسرق الأرض من خصومه ليكافئ بها الموالين له
http://www.eda2a.com/news.php?menu_id=6&news_id=165577
نشرت صحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية تقريرا يكشف عن لجوء النظام السوري لسرقة الأراضي من خصومه، ومكافأته بها الموالين له.
وذكر التقرير، أن يوسوف عكاشة، المقاتل من المعارضة، مندهشا لمعرفة أن نظام بشار الأسد في سوريا كان يخطط للاستيلاء على ممتلكات زوجته، لأنها متوفاه، إذ قتلت قبل ثلاث سنوات عندما قصفت طائرة حربية شقتها السكنية.
ذكرت الصحيفة، أن هذا هو تعسف محكمة مكافحة الإرهاب التابعة للنظام، التي وصفت عشرات الآلاف من معارضي الأسد بـ"أعداء الدولة" وأرسلتهم إلى السجون، مستطردة: والمحظوظ فيهم هرب من الاعتقال وحكم عليه غيابيا، وكعقوبة، تصادر المحكمة بشكل روتيني ممتلكاتهم.
وأضافت الصحيفة: أجبرت الحرب الأهلية في سوريا أكثر من 12 مليون شخص على مغادرة منازلهم، مما أسهم في أكبر أزمة للاجئين في التاريخ الحديث.
وتابعت: و لكن بطريقته المروعة، استكشف الأسد فرصة في ظل المأساة، وقال في أغسطس الماضي عن حرب قتل فيها أكثر من 400 ألف من مواطنيه: "لقد فقدنا أفضل شبابنا لكننا في المقابل حصلنا على مجتمع أكثر صحة واتساقا".
وأوضحت الصحيفة أن الأسد مصمم على إبقائه بهذه الطريقة، من خلال جعل الأمر صعبا للغاية على أولئك الذين غادروا ويريدون العودة إلى ديارهم، إذ تم القصف عمدا لسجلات الملكية، وتمت مصادرة سندات الملكية في نقاط التفتيش العسكرية، وتم سن قوانين جديدة لتسهيل استيلاء النظام على الأراضي والشركات والمنازل، وفي بعض أنحاء البلاد، يكافئ النظام الموالين بالممتلكات المصادرة من خصومه.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في أجزاء أخرى، جرفت اللوادر ببساطة الأحياء التي تدعم المعارضة، كما أن مساحات كبيرة من الأراضي العامة في المدن تتسرب بهدوء إلى أيدي المسئولين ورجال الأعمال المتصلين، مضيفة : و في بعض المناطق الأكثر فقرا في سوريا، حيث اندلعت العديد من الاحتجاجات الأولى المناهضة للنظام في عام 2011، وحدث معظم الدمار، سيتم إعادة بنائها دون سكانها.
ولفتت "إيكونوميست"،  إلى أن النظام يأمل المضي قدما في المشاريع التي لم تحظى بشعبية كبيرة قبل الحرب، ورفع ناطحات السحاب والفنادق والمطاعم من تحت الأنقاض، وبسبب عدم وجود ما يكفي من النقد الخاص بها، أصدرت قوانين لتشجيع المستثمرين من القطاع الخاص على دفع تكاليف إعادة الإعمار، ولكن عدد قليل من المستثمرين سيبنون مساكن إذا كان هناك أشخاص سيعيشون فيها.
وأشارت إلى أن نصف سكان سوريا باتوا متناثرين، حيث سعى كثيرون بالفعل إلى منازل جديدة في الخارج، بعيدا عن حاكم يلجأ إلى قصف تجويع وتعذيب شعبه، مؤكدة أنه حتى لو عاد النازحون إلى أحياءهم، فإن قلة منهم ستتمكن من تحمل تكاليف مساكن النظام، ما يزيد من حدة عدم المساواة التي ازدادت سوءا خلال النزاع.
وتابعت: الخبراء يتوقعون، رفع 2 مليون دعوى قضائية بعد الحرب من قبل الأشخاص الذين يسعون لاسترداد الممتلكات التالفة أو المسروقة.
========================
 
ذا إيكونوميست: الطغاة يدفعون العالم العربي ليصبح أكثر علمانية لكنهم يعززون قوتهم عبر ذلك
http://idraksy.net/they-are-consolidating-their-own-power-process-despots-are-pushing/
كان المصلون خلال صلاة الجمعة مع محمد يوسف، الواعظ الشاب في بلدة المنصورة المصرية، يملؤون الأزقة المحيطة بالمسجد يوماً، أما الآن فسيكون الشيخ محمد ممتناً إذا امتلأ نصف المكان.
في القاهرة، على بعد 110 كيلومترات (68 ميلاً) جنوباً، تجلس النساء دون حجاب في مقاهي الشوارع وهن يدخن النارجيلة في المقاهي التي كانت مخصصة تقليدياً للذكور، وبعض المحلات تبيع الكحول الذي يحظره الإسلام. يقول الشيخ محمد: “نحن في تراجع ديني”، ويشاطره الكثير من رجال الدين اليأس نفسه في مناطق كثيرة من العالم العربي.
ووفقاً لاستطلاع قام به المؤشر العربي فإن المنطقة تعرف تراجعاً في النمو الديني. وقد شعر الناخبون الذين دعموا الإسلاميين، بعد اندلاع الربيع العربي في عام 2011، بخيبة أمل إزاء أداء الإسلاميين وغيروا آراءهم. ففي مصر انخفض دعم فرض الشريعة الإسلامية من 84٪ في عام 2011 إلى 34٪ في عام 2016. كما أصبح عدد المصلين المصريين محدوداً (انظر الرسم البياني). أما في أماكن مثل لبنان والمغرب فإن المسلمين الذين یستمعون إلی تلاوة القرآن الآن بلغ النصف مقارنة بعام 2011. وقد أصبحت المساواة بین الجنسین في التعلیم ومکان العمل، التي عرقلتها التقالید الإسلامیة منذ زمن طویل، مقبولة علی نطاق واسع. يقول مايكل روبنز، الأمريكي الذي يرأس المؤشر العربي: “إن المجتمع يقود التغيير”.
لكنها أيضاً محصلة جديدة للقادة العرب، خاصة الذين عدلوا سياساتهم بما يتماشى مع روح العصر. حيث يتصرفون بمنأى عن المصلحة السياسية الضيقة. حتى أصحاب السلطة في المنطقة الذين حاولوا التعاون مع الإسلاميين في وقت سابق، أصبحوا يعتبرونهم اليوم أكبر تهديد لحكمهم. إن كبح نفوذ رجال الدين يعني إضعاف توازنات القوة الخاصة بالحكام، ومع ذلك يبدو أن العديد من القادة العرب مهتمون حقاً بصياغة مجتمعات أكثر علمانية وتسامحاً، حتى لو لم تكن إصلاحاتهم تمتد إلى المجال السياسي.
قادت دولة الإمارات العربية المتحدة الطريق نحو تخفيف القيود الدينية والاجتماعية، وبينما قاد محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي وقائد الإمارات العربية المتحدة، حملة إقليمية ضد الحركات الإسلامية، فقد مول بناء فروع الجامعات الغربية والمعارض الفنية. وشجع الشابات على الخروج من العزلة المحلية والمشاركة في الخدمة العسكرية، وشمل ذلك ابنته، وكثيراً ما تمشي الجنديات في الشوارع بزي عسكري رسمي. في تناقض واضح مع القادة القوميين في المنطقة بعد الاستقلال، الذين طردوا الأرمن واليونانيين والإيطاليين واليهود من مجتمعاتهم، تبنى محمد بن زايد مبدأ التنوع، على الرغم من القيود الصارمة التي لا تزال مفروضة على المواطنة.
في مصر، لم يحظر الرئيس عبد الفتاح السيسي فقط جماعة الإخوان المسلمين، وهي الحركة الإسلامية البارزة في المنطقة، لكنه ندد بـ”تعصب” الأزهر أقدم مقر لتعلم الدين في العالم الإسلامي، كما أغلق الآلاف من المساجد، وقال إن المسلمين يجب ألَّا يذبحوا الأغنام في منازلهم خلال الأعياد دون ترخيص، وحظر اللباس الإسلامي للسباحة “البوركيني” في بعض الشواطئ، وحضر السيسي، في مبادرة لم يقم بها سابقوه، عيد الميلاد في الكاتدرائية القبطية في القاهرة ثلاث سنوات متتالية (على الرغم من أنه لا يبقى طويلاً). وفي هذا الصدد قال مسؤول مصري: “لقد أصبحنا أكثر أوروبية”.
التحول الأكثر وضوحاً، وإن كان ناشئاً، في المملكة العربية السعودية الشديدة المحافظة، حيث قام محمد بن سلمان ولي العهد الشاب بوقف الشرطة الدينية، وأقال الآلاف من الأئمة، وأطلق مركزاً جديداً للرقابة من أجل مراقبة “النصوص المزيفة والمتطرفة”، وسيسمح للنساء قريباً بقيادة السيارات والدخول إلى الملاعب الرياضية. كما يتم تشجيعهن بالفعل على العمل. ويريد الأمير محمد الآن إنشاء مدينة جديدة، نيوم، تبدو على غرار دبي، تظهر في أشرطة الفيديو الترويجية لها نساء دون حجاب مع الرجال. وقال ولي العهد أمام المستثمرين الأجانب في تشرين الأول/أكتوبر: “إننا نعود فقط إلى ما كنا عليه؛ إلى الإسلام المعتدل، وننفتح على كل العالم وعلى كل الأديان”.
الخطوات نحو الاعتدال محدودة الانتشار، ففي البلدان ذات الحكومات الأقل ديناميكية، مثل الجزائر والأردن وفلسطين، تظهر استطلاعات الرأي أن دعم الشريعة والتعاطف مع الحركات الإسلامية مرتفع ومتنامٍ. لكن يمكن العثور على العلمانيين حتى في أكثر المناطق تحفظاً. يتجمع الكثيرون حول المقاهي في مدينة الموصل في العراق، أحد أهم معاقل الدولة الإسلامية، كما يوجد بالمدينة العديد من الأساتذة الملحدين الذين أعادوا فتح قسم الفنون الجميلة بعد أن أغلقته الدولة الإسلامية قبل ثلاث سنوات، رغم تراجع قدرته الاستيعابية للطلبة.
إن الصعوبات الاقتصادية، التي ينظر إليها منذ وقت طويل على أنها تغذي حركات المعارضة الإسلامية، قد تؤدي أيضاً إلى تآكل الآراء التقليدية بشأن دور المرأة في المجتمع. وفي ظل ارتفاع التضخم وتخفيض الدعم في العديد من البلدان نادراً ما يكون المرتب كافياً لدعم الأسرة؛ ولذلك يشجع الأزواج زوجاتهم على العمل. وتترك البنات منازلهن في المناطق الريفية للدراسة أو العمل في المدن. ويقول العاملون في مجال الصحة إن العلاقات غير الشرعية قبل الزواج تصبح أكثر شيوعاً، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن سن الزواج آخذ في الارتفاع (تكاليف المعيشة مرتفعة).
اعتدال دون تمثيل
يعد التغيير جيداً لليبراليي المنطقة الذين يريدون المزيد من الانفتاح السياسي، لكن الزعماء العرب يتصرفون مثل كمال أتاتورك، الديكتاتور التركي في أوائل القرن العشرين، الذي ألغى الخلافة والشريعة وحظر الزي التقليدي، وقام بذلك كله مع تعزيز سلطته.
وفي تنفيذ لأجندة تحديثية خفض الأمير محمد تحالف عائلته البالغ من العمر 250 عاماً مع رجال الدين الوهابيين، الذين فرضوا نسخة متشددة من الإسلام، ويبدو أن حكم المملكة الآن يقتصر على آل سعود. واعتُقل رجال الدين الذين أبدوا معارضة ضد المراسيم، كما تم اعتقال عشرات من الشخصيات العامة (بما في ذلك الليبراليون) الذين كانوا ينتقدون سياسات الأمير، في سبتمبر/أيلول.
وبينما شجع السيسي بالمثل انتقاد الحركات الدينية، فقد فرض رقابة غير مباشرة على انتقاد حكمه. وقد حظر مئات الصحف والمواقع الإلكترونية، وقام بتكميم أفواه الفنانين والموسيقيين الذين قد يثيرون المعارضة.
ومع ذلك يبدو أن العديد من العرب على استعداد للتخلي عن الحقوق السياسية مقابل الحريات الشخصية. وقد سمى استطلاع للرأي هذا العام الإمارات العربية المتحدة كأكثر دولة يرغب العرب العيش فيها، على الرغم من غياب الحقوق الديمقراطية. لكن العلمانية قد تستمر فقط لأن الطغاة يدفعون بالخطة نحو الأمام، بل إنها قد لا تصل للقدر الذي يحلم به النشطاء. فازت النساء السعوديات بالحق في القيادة فأخذ بعضهن دراجاتهن إلى الطرقات لاختبار حدود التسامح الرسمي.
المصدر: ذا إيكونوميست
========================
"ديلي تلغراف" :"سوريا واتفاقية المناخ"
http://www.bbc.com/arabic/inthepress-41910221
نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" مقالاً لجوسي فريزر بعنوان "سوريا تعتزم الانضمام إلى اتفاقية باريس حول المناخ تاركة الولايات المتحدة وحيدة خارجها".
وقالت كاتبة المقال إن " الحكومة السورية التي أرهقتها الحرب الأهلية التي دامت ست سنوات، أضحت آخر دولة تعلن انضمامها لاتفاقية باريس".
ونقلت الكاتبة عن وضاح كتماوي، نائب وزير البيئة السوري قوله إني " أؤكد رغبة الحكومة السورية بالإنصمام لاتفاقية باريس حول المناخ".
وكانت الولايات المتحدة صادقت على الاتفاق الذي اعتمد عام 2015، إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن هذا العام أن "بلاده ستنسحب بسبب عدم تلبيته لمصالحها".
ووصفت المتحدثة باسمالخارجية الأمريكية هيذر نويرت الخبر بأنه "مثير للسخرية".
========================
الصحافة التركية والعبرية :
صباح :الضربة الأمريكية التالية ستكون في سوريا
http://www.turkpress.co/node/41532
نشر بتاريخ 07 نوفمبر 2017
مقالات
هاشمت بابا أوغلو – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
أعلم، لا بد أن عقولكم مشغولة بما قاله ستيف بانون...
قبل أيام قال بانون "تركيا أخطر بالنسبة لنا من إيران"...
أنتم على حق.
هناك أمر يتوجب التأكيد عليه أولًا.. خطأ كبير أن نعتبر كلام بانون عن فراغ، لأنه استقال من منصبه في البيت الأبيض.
الإعلام الأمريكي على ثقة من أنه على رأس عمله. ويجب التعامل بدقة مع ما يقوله بانون ومتى ولماذا في هذا الوقت، وهو رجل عسكري وقانوني واقتصادي، ويمتلك علاقات قوية مع الدولة العميقة.
لكن بصراحة، ما يشغل بالي تصريح آخر.
قبل أيام قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون "لا نريد الأسد في مستقبل سوريا".
صدرو تصريح عن الولايات المتحدة بخصوص مستقبل سوريا أمر مهم، بعد تركيزها مدة طويلة على العراق وشمال سوريا.
التأكيد بهذا القدر على أنها لا تريد الأسد يؤدي بنا إلى رسالة مفادها "سنحارب في سوريا عندما يحين الوقت".
في مقالتي السابقة تساءلت "هل توجه أمريكا أسلحتها باتجاه إيران لتضرب مكانًا آخر؟".
فأين هو هذا المكان؟
لنتقدم خطوة خطوة...
كشفت البنتاغون على نحو سريع عن رغبتها بعدم معاداة قطر وفقدانها. والشرطي السيئ بالنسبة لبلدان الخليج يلعب اليوم دور الشرطي الطيب تجاه قطر.
بالعودة إلى التجاذبات الأمريكية التركية، إذا تركنا عبارات بانون التي تصدرت مانشيتات الصحف جانبًا، ونظرنا إلى التصريحات بأكملها سنجد مشهدًا غريبًا.. يقول بانون "لا يمكننا قراءة ما يحدث تمامًا في تركيا. سوف أتابع الأمر من الآن فصاعدًا عن كثب".
والخلاصة هي التالية: تدرك الولايات المتحدة الجديدة أنها لم تدرس تركيا بما فيه الكفاية.
بمعنى أنها تختبر وتقيس وتضع الخطط وتغيرها.
أعتقد أن العقدة الأساسية سوف تكون في سوريا مجددًا.
نتحدث باستمرار عن وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي، لكن أصبح هناك الآن جيش كبير للولايات المتحدة يمتلك عشر قواعد ومطارين عسكريين. علينا أن ننظر للأمر من هذه الزاوية.
ومهما قال القائلون، فإن هذا الجيش على طول الحدود يشكل تهديدًا لتركيا، وهذا أمر مفروغ منه.
كما أنه يضع من الشمال تحت مراقبته نظام دمشق والمصالح الروسية في سوريا.
تدرك البنتاغون أن بدءها القتال في سوريا سيُعتبر أمرًا مشروعًا من جانب المجتمع الدولي، وإن جاء ذلك على مضض.
النقطة المهمة بالنسبة لنا هي إدلب
فنحن هناك الآن.
علينا أن لا نتراخى لأن داعش انتهى، وأن نكون على حذر شديد في هذه الأوقات.
========================
نظرة عليا : في ظل المواجهة السعودية ـ الإيرانية...لبنان بعد استقالة الحريري يدخل في فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي
http://www.alquds.co.uk/?p=822468
الداد شفيت ويوئيل جوجنسكي
Nov 08, 2017
أعلن رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري على نحو مفاجئ في أثناء زيارته إلى السعودية استقالته من منصبه. وفي تعليله للاستقالة هاجم الحريري بشدة حزب الله وإيران واتهمهما بالتخطيط لاغتياله. يبدو أن الخطوة نتيجة قرار سعودي، اتخذ في إطار صراع القوى بينها وبين إيران، التي تتعاظم في أعقاب الإنجازات الإيرانية في سورية وفي العراق، والتي جسدت بأن يدها الآن هي العليا في عدد من الساحات في الشرق الأوسط. ليس واضحا كم هي هذه الخطوة جزء من استراتيجية مرتبة بلورتها القيادة السعودية، تتضمن أيضا فهم الخطوات الإضافية التي ستكون مطلوبة من أجل صد توسع النفوذ الإيراني في المنطقة. وحتى لو كانت خطوة الاستقالة تدخل لبنان إلى فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي، فمن ناحية حزب الله وإيران على الأقل، المصلحة ستكون عدم الانجرار إلى المواجهات، على أمل أن يكون ممكنا استقرار الساحة السياسية في الدولة. حاليا، لا يبدو أن الخطوة ستؤدي إلى تغيير في نهج حزب الله الحذر تجاه إسرائيل والانطباع هو أن المنظمة لا تزال معنية بمنع التدهور بينها وبين إسرائيل.
رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري، أعلن على نحو مفاجئ في 4 تشرين الثاني، في أثناء زيارة له إلى السعودية بأنه يستقيل من منصبه. وفي تعليله للخطوة هاجم الحريري بحدة إيران وحزب الله وقضى بأن طهران تحاول أن تثبت في لبنان الحقائق بالقوة. فقد قال إن «إيران تتجاوز الحكم اللبناني في محاولة لفرض واقع على الأرض. وأينما توجد إيران توجد حروب أهلية وخراب… أيديها في المنطقة ستقطع». ولم يوفر الحريري سوطه عن حزب الله أيضا. فعلى حد قوله «نجحت المنظمة في أن تفرض واقعا بقوة السلاح»: «نحن نرفض وجود سلاح ليس في أيدي سلطات الحكم الشرعي في لبنان»، أضاف قائلا. واتهم الحريري حزب الله بالمحاولة لاغتياله، مثلما اغتيل أبوه (شباط 2005).
يتولى الحريري مهام منصبه منذ كانون الأول 2016، بعد أن انتخب في إطار «صفقة» اتفق فيها بعد فترة طويلة من الطريق المسدود، الطرفان السياسيان الخصمان في لبنان «قوى 14 آذار» المدعومين من السعودية والغرب من جهة و»معسكر المقاومة 8 آذار»، الذي يقوده حزب الله من جهة أخرى، على تعيين ميشيل عون (الماروني) رئيسا، ورئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، الذي أخذ مكان أبيه زعيم الطائفة السنّية في لبنان، رئيسا للوزراء. وكان سلوك الحريري حتى موعد استقالته يشهد بالذات على محاولة من جانبه لإيجاد القاسم المشترك بين المعسكرين، وإن كان واضحا أنه يعمل تحت ضغوط من جانب حزب الله وإيران ولاسيما على خلفية التطورات في سورية ـ هزيمة الدولة الإسلامية وتعزز سيطرة النظام السوري وإيران، وكذا ضغوط متصاعدة من جانب الولايات المتحدة على حزب الله.
من عموم ردود الفعل حتى الآن يبدو أن الاستقالة أخذت بالمفاجأة الشديدة عموم محافل القوى العاملة في لبنان، باستثناء السعودية. في أعقاب ذلك يتعزز الانطباع بأن التوقيت نسق مسبقا مع أسياد الحريري السعوديين. وذلك بعد أن التقى ولي العهد محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين آخرين قبل بيانه. وتأكيد أن استقالته نسقت على الأقل مع كبار رجالات المملكة، إن لم تكن فرضت عليه عمليا، يمكن أن نجده في أقوال تامر السبهان، وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج والناقد الحاد لإيران وحزب الله، الذي التقى الحريري هو الآخر. وكان السبهان دعا قبل بضعة أيام من استقالة الحريري إلى إسقاط حزب الله ودعا إلى معاقبة المتعاونين مع المنظمة.
يشار إلى أنه في أواخر 2016 تحسنت قليلا العلاقات بين لبنان والسعودية، بعد أن منحت المملكة مباركتها للصفقة السياسية المتحققة. يحتمل أن يكون السعوديون أملوا في التأثير على الرئيس المنتخب عون ليهجر حلفاءه السياسيين الحاليين. وفي إطار هذا ظهرت حتى تقارير حول زيارة مخطط لها من الملك سلمان إلى لبنان وعين سفير سعودي جديد في لبنان، بعد أن مرت سنة من دون أن يكون للمملكة سفير في الدولة. فضلا عن ذلك، فإن التحسن في العلاقات بين الدولتين أدى أيضا إلى تصاعد حاد في السياحة السعودية إلى لبنان: فعدد السياح السعوديين إلى لبنان تضاعف منذ بداية 2017، موازنة بالسنة السابقة.
ترى السعودية حزب الله فرعا إيرانيا بكل معنى الكلمة، هدفه زيادة النفوذ الإيراني في المنطقة وضعضعة استقرار الدول العربية، وليس منظمة مقاومة لبنانية. على هذه الخلفية، حتى لو كان التفسير الرسمي لاستقالة الحريري لا يزال محاطًا بالغموض، يبدو أنها نتيجة تقدير سعودي بأن الخطوة السياسية التي كانوا شركاء فيها في لبنان في 2016 لا تجدي من حيث تقييد قوة حزب الله وأن الحريري رئيس وزراء جُرّ عمليًا خلف جدول أعمال المنظمة، لا ينجح في تقليص نفوذها ونفوذ إيران في الدولة، وأن هذا النفوذ يتعاظم فقط. يحتمل أن تكون قيادة السعودية تفترض بأن الاستقالة ستقضم من الشرعية التي حصل عليها حزب الله بفعل مشاركته في الحكومة اللبنانية. في آذار 2016 كان مجلس التعاون الخليجي قرر بدوله الست إدراج حزب الله في قائمة منظمات الإرهاب، وألغت السعودية التمويل للجيش ولقوات الأمن اللبنانية بحجم 4 مليارات دولار، وذلك على ما يبدو بسبب الخوف من أن يجد السلاح طريقه إلى حزب الله. وذلك برغم أن جزءا من السلاح، من انتاج فرنسا، وصل إلى لبنان.
ليس واضحا كم هي خطوة استقالة الحريري جزء من استراتيجية مرتبة، أعدتها القيادة السعودية ضد إيران وهل تتضمن أيضا خطوات أخرى ستكون لازمة من أجل تقليص نفوذ حزب الله وإيران في لبنان. ومع ذلك معقول أن الخطوة اتخذت في إطار صراع القوى المتعاظم بين السعودية وإيران ولا سيما في ضوء إنجازات إيران في سورية وفي العراق، التي جسدت أن يدها هي العليا في عدة ساحات في الشرق الأوسط، وتطلّع سعودي لوقف هذا الميل. بل يحتمل أن تكون الخطوة جزءا من الاستراتيجية الأمريكية، مثلما عبر عنها الرئيس ترامب، وغايتها زيادة الضغوط على إيران وحزب الله. في هذا الإطار اتخذ الكونغرس قانونا لتشديد العقوبات على حزب الله. ويشار إلى أنه حسب التقارير في وسائل الإعلام، قام صهر الرئيس جارد كوشنير مؤخرا بزيارة السعودية، وفي إطارها التقى ولي العهد محمد بن سلمان.
إن استقالة الحريري تصعد التوتر السياسي القائم على أي حال في لبنان. والانتقاد الحاد الذي ينطلق من جانب إيران وحزب الله على خطوة الحريري وتوجيه الاتهام إلى السعودية بصفتها المسؤولة المباشرة عن ضعضعة النظام في لبنان تشهد على أن التسوية السياسية التي تمت في 2016 خدمت أهدافهم وأن الفوضى السياسية المتوقع أن تنشأ الآن في لبنان هي ذات إمكانية كامنة لتفرض المصاعب عليهم في الطريق إلى تحقيق أهدافهم. حتى لو كانت خطوة الاستقالة تدخل لبنان في فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي، فعلى الأقل من ناحية حزب الله وإيران فإن المصلحة ستكون الامتناع عن الانجرار إلى المواجهات، على أمل أن يكون ممكنا استقرار الساحة. إلى جانب ذلك، معقول أن تكون الضغوط التي ستمارس على المنظمة لن تحملها على التراجع عن الأهداف التي وضعتها لنفسها حتى الآن مع التشيد على تعزيز وتطوير مستوى قوتها العسكرية. مشكوك أن يكون الرهان السعودي في أن توجه التهمة عن الاستقالة إلى حزب الله فتضعف مكانته في الساحة اللبنانية، سيتحقق بالفعل. العكس هو الصحيح: يحتمل أن يستغل حزب الله الوضع، بمساعدة الرئيس عون، كي يعزز مكانته. بل يمكن أن تكون النتيجة المباشرة لخطوة الاستقالة بالذات تقليص النفوذ السعودي ـ الذي كان محدودا على أي حال ـ على حكومة لبنان، وعمليا تترك الفراغ لإيران. في كل الأحوال، حاليا، لا يبدو أن الخطوة ستحدث تغييرا في النهج الحذر لحزب الله تجاه إسرائيل حاليا؛ والانطباع هو أن المنظمة لا تزال معنية بمنع التدهور بينها وبين إسرائيل.
نظرة عليا ـ 7/11/2017
========================
يديعوت أحرونوت :الفرصة الأخيرة لانقاذ لبنان
http://www.alghad.com/articles/1925802-الفرصة-الأخيرة-لانقاذ-لبنان
غيورا آيلاند
استقالة رئيس وزراء لبنان سعد الحريري والاقوال الفظة التي وجهها لإيران تخلق فرصة لمحاولة تغيير الواقع لدى جارتنا من الشمال. ولا اقصد التدخل العسكري من النوع الذي جربته إسرائيل في 1982، بل خلق ائتلاف دولي يخلق ضغطا على الرئيس اللبناني لتغيير الوضع في الدولة.
بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري، أبو رئيس الوزراء المستقيل، في 2005، نشأ ائتلاف دولي طالب السوريين باخراج قواتهم من لبنان (في النقاش الذي أجراه رئيس الوزراء في حينه اريئيل شارون، اعتقد المشاركون بان المبادرة الدولية تتطابق مع المصلحة الإسرائيلية. ولكن بصفتي رئيس قيادة الأمن القومي قدرت بان خروج السوريين من لبنان سيعزز بالذات النفوذ الإيراني الأكثر خطورة). في نهاية المطاف تشكل ائتلاف برئاسة السعودية، فرنسا والولايات المتحدة – تلك الدول التي لها اليوم مصلحة وقدرة تأثير في لبنان، ومن خلال الضغط المنسق، الذي حظي بدعم الأمم المتحدة، سارعت سورية إلى اخراج الفرق العسكرية من لبنان.
الضغط هذه المرة يجب أن يوجه نحو الرئيس المسيحي للبنان، ميشيل عون: فهو الذي يساعد إيران في السيطرة على بلاده وهو من أعلن بان حزب الله هو قوة حماية للبنان. وبقوله هذا فإنه أخذ في واقع الأمر المسؤولية عن كل افعال حزب الله واعترف ضمنا بان للمنظمة القوة لاملاء جدول الأعمال الأمني في الدولة.
بدلا من محاولة اقناع بريطانيا تأييد تغيير الاتفاق النووي مع إيران، مثلما فعل رئيس الوزراء نتنياهو في زيارته الاخيرة إلى لندن (إذ ان هذا هو جهد عابث لن ينجح)، كان من الأفضل توجيه الاضواء إلى النشاط الإيراني في سورية والآن في لبنان. يجب توجيه الجهود السياسية بحيث تطلب الاسرة الدولية من رئيس لبنان، من البرلمان اللبناني ومن الشعب اللبناني أن يقرر: فهل هم معنيون بان يعتبروا كدولة سيادية أم انهم يسلمون بسيطرة إيران عليهم، من خلال حزب الله.
إذا كان الخيار الأول بالفعل هو الجواب، فيجب أن يترجم هذا، على الاقل في المرحلة الأولى، إلى الحصول على ثلاثة تعهدات منهم. الأول، طلب سحب القوات الإيرانية، بما فيها الحرس الثوري، من نطاق الدولة. ثانيا، الطلب من حزب الله التعهد بالعمل فقط وفقا لتعليمات الحكومة القانونية للبنان. ثالثا، اعلان يقول ان حكومة لبنان مسؤولة عن حفظ الهدوء في الحدود الإسرائيلية.
ظاهرا تعد هذه كلمات فقط، اما عمليا فالوضع مختلف: للبنان فرصة، ربما الفرصة الاخيرة، للتحرر من العناق الإيراني. والسبيل إلى تحرره يستوجب اتخاذ قرارات شجاعة وصحيحة: اذا رفض رئيس لبنان، ففي هذا اعتراف بأن الانبطاح أمام إيران وحزب الله سيستمر حتى سيطرتهما التامة على لبنان.
مركب آخر هنا هو الناتو: الطلب من لبنان لا يمكن ان يأتي دون تعهد دول الحلف مساعدته بشكل عسكري في حالة معارضة حزب الله. الغرب تردد في العراق وفي سورية – ولهذا فإنهما في واقع الأمر "سقطا" في يد إيران. إذا كانوا يريدون منع استكمال التطويق الإيراني في المنطقة، فيجب أن يمنعوا سقوط لبنان.
هل الرئيس ترامب يعرف، خلافا سلفه، كيف يتعهد وكيف يستخدم القوة؟ يحتمل أن تكون هذه لحظة اختبار. لا يمكن أن نتوقع فعلا لبنانيا شجاعا دون دعم الغرب ولا يمكن ان نتوقع مبادرة أميركية دون طلب يأتي من الحكم القانوني في لبنان. وحده دمج الامور كفيل بان يؤدي إلى النجاح.
وماذا عن إسرائيل؟ هي لا يمكنها أن تتدخل مباشرة. عندما حاولنا هذا في 1982، جررنا بلا حاجة إلى الوحل اللبناني. ولكن إسرائيل يمكنها أن تفعل أمرين. بداية: محاولة اقناع دول الغرب لان تكون نشطة في لبنان وفقا للمسار الذي عرض هنا. ثانيا، العودة والأيضاح بانه طالما كان الرئيس، الحكومة والجيش اللبناني يفضلون خدمة إيران، فسيكون لهذا تأثير دراماتيكي على "حرب لبنان الثالثة"، إذ انه اذا ما وعندما تندلع، فإن إسرائيل لن تقاتل ضد حزب الله – بل ضد دولة لبنان التي تعطيه الرعاية.
========================
الصحافة الفرنسية والروسية :
معهد (كوليج) :هنري لورنس : حلقات من تاريخ سياسي وعسكري ظرفي أفضى إلى «وعد» بلفور
http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/25234340/حلقات-من-تاريخ-سياسي-وعسكري-ظرفي-أفضى-إلى-«وعد»-بلفور
النسخة: الورقية - دولي الأربعاء، ٨ نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)
يندرج إعلان أو بيان بلفور في تسلسل حوادث حمل المسؤولين الفرنسيين والبريطانيين على احتساب عامل يهودي في توجيه هذه الحوادث، وفي تغيير موازين القوى، والوجه الأول والأبرز من هذا التسلسل هو غلبة أفكار معادية للسامية تعظم دور قطبين متناقضين هما كتلة اليهود الأميركيين (ونسبتهم إلى الرأسمالية و»طغمتها») وكتلة اليهود الروس (ونسبتها إلى الحركة الثورية المدمرة). ويضاف إلى القطبين اعتبار الصهيونية، في الأوساط الديبلوماسية الفرنسية والبريطانية، رافداً من روافد القومية الجرمانية (الألمانية)، وملاحظة قوة النازع التوراتي في البروتستانتية الأنغلو- ساكسونية وحملها تحقق النبوءات على محمل الجد. وفي 1917-1918، ساهمت الويلسونية الأميركية، ودعوتها إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها، في الوعد بـ «ربيع شعوب شرقي» يجمع العرب والأرمن واليهود والكرد في إطار مشترك يشيد على أنقاض السلطنة العثمانية، ويقر بمصالح القوة البريطانية.
وفي 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 1914، عشية إعلان السلطنة العثمانية دخولها الحرب، ألقى رئيس الوزراء البريطاني، لورد آسكويث، خطبة حمل فيها السلطنة المسؤولية عن أفولها ونهايتها في أوروبا وآسيا. وبناء على هذا الموقف طالب زعيمان من زعماء الحركة الصهيونية، رانغويل ووايزمان، بإنشاء فلسطين بريطانية مشرعة الأبواب في وجه الهجرة اليهودية، من غير أن تلقى المطالبة صدى في دوائر القرار البريطانية. وتلقف نداءَ الزعيمين سياسي بريطاني، ليبرالي ويهودي، هيربرت صمويل، هو أول يهودي بريطاني يتولى حقيبة وزارية من غير أن يعتنق المسيحية. ونوّه مع زميليه في الحكومة، لويد جورج وغراي، بالمنفعة التي يعود بها على بريطانيا إنشاء دولة يهودية في فلسطين.
وصاغت مذكرة عنوانها «مستقبل فلسطين» في أوائل 1915، ما انتهت إليه هذه المداولات من خلاصات، وتولى صمويل نقلها إلى الحكومة. وجاء فيها أن عودة 12 مليون يهودي إلى أرضهم التاريخية من شأنها أن ترسخ السيطرة البريطانية على موقع جغرافي واستراتيجي بارز من غير أن يلحق إجحافاً بحقوق الغالبية العربية. فإنشاء الدولة الجديدة يقتضي زمناً مديداً قد يمتد قروناً. والخطوة الأولى على الطريق هذه هي ضم بريطانيا فلسطين إلى ممتلكاتها، وفتح بابي الهجرة والاستيطان اليهوديين تمهيداً لبلورة غالبية يهودية تتمتع تدريجاً بحكم ذاتي. وتخلص المذكرة إلى رفض تدويل فلسطين، وإبطال دسائس ومؤامرات لا تحصى وتحاك في سبيل التدويل. وتبطل، في الوقت نفسه، محاولة فرنسا الاستيلاء على الأراضي المقدسة.
وأغفلت الحكومة البريطانية طوال 1915، غداة خروج صمويل منها، مسألة العامل اليهودي. وشغل السياسيين أمر السياسة الروسية. وتحالفت منظمتان يهوديتان، واحدة بريطانية والأخرى فرنسية، على التنديد بالسياسة الروسية المعادية لليهود والسعي في رعاية اليهود الروس. وسعى حلف المنظمتين في التنسيق بين السياستين الفرنسية والبريطانية، وفي استمالة «السوريين»، وهم مسيحيون مشرقيون، إلى إنشاء سورية الكبرى في رعاية فرنسية. وفي بعض المراحل أبدى إدمون دي روتشيلد تأييده الفكرة وعزمه على تمويلها. ونفى المسؤولون الروس تهمتهم باضطهاد اليهود، وردّوا بتهمة يهود روسيا بخدمة ألمانيا والتجسس لحسابها.
وبلغت المسؤولين البريطانيين والفرنسيين أنباء مقلقة عن ميل اليهود الأميركيين إلى المحور الألماني نكاية بالسياسة الروسية، فقررت الديبلوماسية الفرنسية مقارعة هذه الميول في الولايات المتحدة نفسها. وأوفدت نعوم سلوش، الكاتب الفرنسي المختصّ في شؤون اليهود السفارديم، إلى الولايات المتحدة. وكتب في تقرير عن بعثته أن الميول الألمانية في أوساط اليهود الأميركيين ملموسة وظاهرة. وعرض مطلبين يتصدران مطالب هذه الأوساط: إقرار روسيا بالمساواة بين اليهود فيها وفي رومانيا والشرق، وإقرارها بحقوق اليهود التاريخية في فلسطين. ولاحظ أن المطلب الأخير لم يبق وقفاً على المنخرطين في الحركة الصهيونية وشاع في صفوف معظم يهود أميركا. وتوقع نعوم سلوش أن يرجع الاشتراكيون الأمميون ورجال المال المعارضون طلب الإقرار بحقوق تاريخية، عن معارضتهم تلافياً لخسارة الناخبين اليهود. ورأى الموفد الفرنسي أن تعيين لويس برانديس (برانديز)، القاضي الأميركي اليهودي، في المحكمة العليا بواشنطن قرينة أخرى على تعاظم نفوذ الجمهور اليهودي في السياسة الأميركية.
وارتدت السياسة الروسية، واضطهادها اليهود في روسيا وممتلكاتها في شرق أوروبا وآسيا الوسطى، نفوراً من حلفائها في غرب أوروبا وتعاطفاً مع أعدائهم، وفي مقدمهم ألمانيا. وتولى برانديس، ومعه مصرفي نافذ هو جاكوب شيفن، مفاوضة الموفد الفرنسي، فاقترحا على فرنسا وبريطانيا تبني قضية اليهود في فلسطين، وضمان حرية معتقدهم وتدريسهم بلغتهم ومزاولتهم عاداتهم، وحمل روسيا على كبح اضطهادها رعاياها اليهود، لقاء مساندة يهود أميركا الحلفاء والكفاح في سبيل خوض الولايات المتحدة الحرب الأوروبية في صف فرنسا وبريطانيا. وحين اقترح صحافي بريطاني يهودي وغير صهيوني، لوسيان وولف، على فرنسا وبريطانيا، في مذكرة كتبها في آذار (مارس) 1916، التعهد بتيسير الاستيطان اليهودي في فلسطين والهجرة إليها «في حدود معقولة»، ردّت فرنسا الاقتراح الذي بلغها من طريق وزير الخارجية البريطاني، غراي. وكان هذا دمج في المذكرة بنوداً صهيونية مثل رفض تدويل الإشراف على الأماكن المقدسة.
وأوفدت بريطانيا وفرنسا إلى روسيا ديبلوماسيين ندبتهما الدولتان إلى مفاوضة الحليف «الشرقي» على المسألة اليهودية، هما مارك سايكس وجورج بيكو، «صاحبا» الاتفاق الذائع الصيت. واقترح سايكس على المفاوضين الروس الموافقة على إنشاء هيئة تتولى رعاية الإعمار/ الاستعمار اليهودي في فلسطين، ولقاء هذه الهيئة تتعهد الحركة الصهيونية بذل وسعها في سبيل انتصار الحلفاء. ويجر هذا تهدئة المطالب اليهودية في روسيا. وإذا كان الرد بالرفض توقع سايكس مناهضة «الكتلة اليهودية الكبيرة» وعداءها. وفاوض جورج بيكو المسؤولين الروس على خطته المشتركة مع صنوه البريطاني، فبارك المسؤولون الروس الاتفاق وأقروه. واشترطوا على المفاوض الفرنسي الاعتراف للمؤسسات والهيئات الأرثوذكسية العاملة في الأراضي المقدسة بإقامة شعائرها من غير قيد، والمحافظة على حقوقها المكتسبة. وتعهدوا ألا يتحفظوا عن دخول المعمرين الإسرائيليين البلاد الفلسطينية.
واضطلع حاييم وايزمان- عضو قيادة المنظمة الصهيونية البارز، وعالم الكيمياء الذي صنّع 9.6 في المئة من مادة الأسيتون المتفجرة، والمهاجر في شرق أوروبا إلى لندن، وصاحب «الصهيونية المركبة»- بدور راجح، منذ 1914، في إعلان بلفور. فسعى منذ أوائل الحرب في خدمة البرنامج الصهيوني الاحتياجات البريطانية خدمة تامة ولا تردد فيها. وأيده في مسعاه هذا «أستاذه» أحاد هعام وسوكولوف، الوجه الصهيوني البارز. وحصل، في كانون الأول (ديسمبر) 1914، على مقابلة رئيس الوزراء المحافظ السابق، بلفور، والوزير في حكومة الحرب التي يترأسها أسكويث، وكان بلفور صديقاً لكوزيما فاغنر، أرملة الموسيقي الألماني الكبير وداعية العداء «الثقافي» للسامية اليهودية. فاحتج وايزمان لدور اليهود الألمان في إعلاء مكانة ألمانيا واستماتتهم في خدمتها. ولخص «مأساتهم» بإنكار الجمهور اليهودي يهوديتهم وإنكار الجمهور الألماني يهوديتهم. وخلص من هذا إلى أن نشوء أمة يهودية في فلسطين، بموارد يهودية وعلى سنن يهودية، حريّ به أن يقر اليهود «قانون أحوال» خاص بهم، ويساويهم بالأمم الأخرى.
وأبلغ وايزمان إدمون دي روتشيلد بمحادثته بلفور. فحذره روتشيلد من معارضة الكاثوليك توطين اليهود في فلسطين، وقوّى اقتناعه بالتعويل على بريطانيا. وتبنى سايكس حين عودته من روسيا المعتقد الصهيوني. وانقطعت الاتصالات بين الفرنسيين والبريطانيين. وانقسمت الحركة الصهيونية في بريطانيا بين وايزمان، داعية قومية يهودية مستقلة، وبين وولف، المتخوف من مترتبات هذه القومية على اليهود المندمجين في دول أوروبية والحائزين في هذه الحال، إذا بلغ المشروع الصهيوني غايته، على جنسيتين مختلفتين. ورأى وولف أنه من غير الجائز أن يتمتع اليهود المقهورون في أوروبا على مكانة امتياز ترفعهم فوق سكان فلسطين العرب.
وطوال سنة 1916، نظّم فريق من اليهود وغير اليهود في مانشستر حملة دعت الرأي العام إلى تأييد ضم فلسطين إلى الممتلكات البريطانية، وإنشاء دولة يهودية ترعاها بريطانيا. واضطلعت صحيفة «مانشستر غارديان» النافذة بدور لسان الحملة، وصاحب الصحيفة، سكوت، هو صديق لويد جورج. وخلص لويد جورج من معركتي فردان والسوم على الأرض الفرنسية إلى استحالة انتزاع نصر عسكري على الجبهة الغربية، على خلاف الحال على جبهة الشرق، وفي فلسطين على الخصوص. لكن العمل على بلوغ هذه الغاية عبث في عبث إذا كان مصير فلسطين التدويل في إطار شرق أدنى تسيطر عليه فرنسا، على ما انتهى إليه اتفاق المفاوضين سايكس وبيكو. فعلى هذا ينبغي التملص من بنود الاتفاق وضم فلسطين إلى الإمبراطورية، ومقايضتها بالتنازل عن سورية إلى فرنسا.
ونسفت سياسة ويلسون ومبادئه هذه السياسة الديبلوماسية السرية. واتفق هذا مع سعي الديبلوماسية البريطانية في تعديل بنود اتفاق سايكس وبيكو. فأطلق اسما المفاوضين القانونين عليه، وحلا محل اسمي الوزيرين: كامبون (الفرنسي) وغراي (البريطاني). وأبلغ بلفور، وهو خلف غراي على وزارة الخارجية، ويلسون بمضمون الاتفاق في آذار (مارس) 1917. وفي أواخر 1916، وجواباً عن سؤال الخارجية البريطانية عمّن يمثل مصالح اليهود، وايزمان أم وولف، صاغ فريق الأول رسالة نصت على رغبتهم في الاعتراف لهم بوطن (حرفياً: «بؤرة وطنية») يهودي في فلسطين يتمتعون فيه بكامل الحقوق الوطنية والسياسية والمدنية، على أن تمنح شركة يهودية الحق الحصري في تولي تنمية فلسطين، ويقر بالعبرية لغة رسمية في الولاية اليهودية.
وتدور المناقشة التاريخية على هوية صاحب المبادرة إلى (صوغ) إعلان بلفور: هل هو وايزمان أم حاجة البريطانيين، مطلع 1917، إلى محاور صهيوني يتذرعون به إلى ضم فلسطين، وإبطال بنود سايكس وبيكو التي تفضي إلى التدويل وغلبة فرنسا؟ والحادثة الحاسمة هي ترؤس لويد جورج الوزارة، وقراره الاستيلاء على فلسطين. وحين التقى سايكس وايزمان أول مرة، بهَر مندوب المؤتمر الصهيوني الديبلوماسي. وفي اللقاء الموسّع التالي، وهو جمع قادة الصف الأول الصهيوني إلى سايكس، ندّد القادة بخطة تقاسم فرنسا وبريطانيا السيطرة على فلسطين. وكانوا يجهلون مضمون الاتفاق الثنائي (ما عدا صمويل الذي حال توزيره، وواجب التحفظ، دون إفشائه ما يعلم).
وأقلق سايكس تبنّي فريق مانشستر مشروع فلسطين كبرى تمتد إلى صيدا شمالاً وتشمل منطقة دمشق وحوران وضفة الأردن الشرقية إلى ما وراء سكة حديد الحجاز. فهو كان يرجح إنشاء حركة كبيرة ركنها التعاون بين اليهود والعرب والأرمن على أنقاض السلطنة العثمانية، وترجح كفة الامبراطورية البريطانية وتراعي مصالح فرنسا. وطلب سايكس إلى سوكولوف التوفيق بين البرنامج اليهودي وبين مصالح الجماعات السياسية والدينية المحلية. فقلص فريق مانشستر طموحه الإقليمي إلى ثلث المساحة التي كان يتطلع إلى السيطرة عليها. وأقر المندوب الصهيوني، سوكولوف، والمفوض البريطاني، سايكس، صيغة اتفاق أخيرة: ينبغي أن تتولى السلطة على فلسطين دولة كبرى، وترعى أقصى حد من استقلال السكان اليهود الذاتي، وتشرّع أبواب الهجرة والاستيطان من غير قيد. وفي 4 حزيران (يونيو) 1917، أبلغ وزير الخارجية الفرنسي بول كامبون الموفد سوكولوف خطياً تعهد دولته المساهمة في «انبعاث... (هوية) قومية يهودية على تلك الأرض التي طُرد منها شعب إسرائيل قبل قرون كثيرة». وتعهد سوكولوف، لقاء الالتزام الفرنسي السبّاق (سبق التزام بريطانيا)، مساهمة يهود روسيا في إبقاء روسيا في الحرب. وكانت الولايات المتحدة أعلنت في أواخر نيسان (أبريل) 1917، دخولها الحرب على ألمانيا «شريكة» للحلفاء وليس «حليفة». فرجح ثقل يهودها، ورجح الدور العسكري البريطاني في طرد العثمانيين. وفي 2 تشرين الثاني (نوفمبر)، أذاع بلفور بيانه.
* أستاذ كرسي تاريخ الشرق الأوسط العربي في معهد (كوليج) فرنسا عن «مسألة فلسطين»، ج1 1799-1922، مكتبة فايار 1999، إعداد منال نحاس
========================
«إكسبرت» الروسية غيفورغ ميرزايان : أبعاد إسرائيلية وتركية في زيارة بوتين إيران
http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/25234338/أبعاد-إسرائيلية-وتركية-في-زيارة-بوتين-إيران
النسخة: الورقية - دولي الأربعاء، ٨ نوفمبر/ تشرين الثاني ٢٠١٧ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)
في زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخاطفة طهران، أثار الإيرانيون المسألة الأميركية، ليس في سياق محاولة واشنطن عرقلة الاتفاق النووي فحسب (لا تباين بين الموقفين الايراني والروسي في الملف النووي بل ان موقف موسكو من الاتفاق النووي مشابه لموقف الإيرانيين والأوروبيين). وما تريده طهران هو حمل موسكو على خوض مواجهة مشتركة ضد واشنطن. وقال المرشد الاعلى الإيراني، علي خامنئي: «إننا قادرون على جبه العقوبات الأميركية وعزل الولايات المتحدة من طريق التخلي عن الدولار واستبداله بالعملات الوطنية في التعاملات الثنائية والمتعددة الأطراف». والاقتراح هذا مثير للاهتمام، ولكن موسكو ليس لديها دوافع أو حوافز لقبوله لعدد من الأسباب. أولاً، فالصراع الأيديولوجي الروسي- الأميركي يختلف بعض الشيء عن نظيره بين إيران وأميركا. ثانياً، بذل الكرملين الكثير ليكون على أهبة الاستعداد الدائم للتطبيع مع واشنطن واستئناف علاقات الشراكة معها. وثالثاً، لا تريد موسكو، وهذا ما أعلنه بوتين مراراً، أن تُصنف على أنها جزء من «المحور الشيعي»، الذي يواجه كلاً من الغرب والعالم السنّي.
الابتعاد من الجولان
ويبدو أن الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، اقترح على الإيرانيين مناقشة ملف إسرائيل. وكما تعلمون، تسامحت تل أبيب مع انتصار بشار الأسد في سورية، لكنها قلقة من عواقب نجاته المحتملة، وقبل كل شيء، تشعر بالقلق من مرابطة إيران في الأراضي السورية. وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، «أنّ إيران تحاول تعزيز مواقعها العسكرية في سورية، وأبلغتُ الوزير الروسي أن على إيران إدراك أنّ إسرائيل لن تسمح بذلك». وفي الواقع، ليس موقف تل أبيب متشدداً مثل تشدد ليبرمان. وعلى رغم ان اسرائيل، طبعاً، لا تريد دوراً إيرانياً في سورية، ولكنها تقيّم الأمور تقييماً واقعياً. فطهران أكبر مستثمر في انتصار النظام السوري وحرمانها من الأرباح والمكاسب - دور سياسي واقتصادي واسع النطاق في سورية - متعذر إلا من طريق شن حرب طويلة ومكلفة. وإسرائيل لا ترغب في مثل هذه الحرب. لذا، فإنّ العاصمة الإسرائيلية مستعدة لقبول بديل يقضي بعدم اقتراب إيران من مرتفعات الجولان.
وهذا، فعلاً، موقف تفاوضي، ويرى بعض الخبراء، أن في وسع الكرملين أن يؤدي (وهو يقوم فعلاً بهذا الدور) دور الوسيط بين تل أبيب وطهران. وقد يرفض الإيرانيون الوساطة الروسية. ولكن، لا يخفى أن الإسرائيليين درجوا على حل مشاكلهم بواسطة الصواريخ والقنابل. ولا يمكن وقف «هذه الحلول» إلا من طريق حرب كبيرة على إسرائيل- وهذا ما لا تريده إيران ولا بشار الأسد الذي يحاول انتشال بلاده من المستنقع. وعليه، المفاوضات متواصلة ومستمرة.
البعد التركي
وإلى إسرائيل، تناولت القمة الإيرانية- الروسية البعد التركي من طريق غير مباشرة. ولكن، جلي أن القمة رمت، إلى ما رمت إليه، إلى النزول على رغبة موسكو في إقصاء أنقرة. والى اليوم، فالعلاقات الروسية- التركية تدور على مستوى عال. ويتعاون الطرفان في سورية، ويعقدان اتفاقات مهمة وعقوداً في مجال الطاقة النووية، ويلومان الغرب معاً. غير أن التعاون المتبادل لا يعني أن أنقرة تحترم المصالح الروسية كلها، بما فيها المصالح الوثيقة بالأمن القومي الروسي. والمسألة لا تقتصر على القرم والدعم التركي المستمر لمنظمة «مجلس» الإرهابية. ويرى مدير مركز الدراسات الشرقية والعلاقات الدولية والديبلوماسية العامة، فلاديمير أفاتكوف، أن تركيا تسعى سعياً حثيثاً في الترويج للقومية التركية في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، وفي عدد من المناطق الروسية (ولا سيما في منطقة الفولغا). وترمي أنقرة إلى تعزيز مشاعر القومية التركية في وسط السكان الذين ينتمون إلى العالم والتاريخ التركي، وتروِّج لأفكار قومية تركية بدءاً من الذئب الرمادي (من عناصر أسطورة الخلق عند الشعب التركي) وصولاً إلى أردوغان العظيم.
ولا شك في أن هذه المساعي التركية تقوض «العالم الروسي». وإقناع أنقرة بالتخلي عن الترويج لفكرة القومية التركية بين الروس لا ينجح، ولا يتوقع أن يكلل بالنجاح. فالمسألة في حسابات أردوغان ليست نزوة شخصية فحسب، بل هي كذلك ضرورة سياسية داخلية لاستمالة دعم القوميين المحليين. وعليه، يرد الكرملين على جبهات أخرى، منها على وجه التحديد، جبهة إيران وأذربيجان، حيث تقوّي موسكو يد طهران، غريمة تركيا، وتوفر فرصاً بديلة لأذربيجان عن الاستتباع التركي – وشطر من النخبة الآذرية في اذربيجان لا يريد التبعية لأنقرة، بل تنويع علاقات باكو الخارجية مع الحفاظ على التحالف الوثيق بين أذربيجان وتركيا.
ولا نقول إن الكرملين سلك مسار تأزيم العلاقات مع تركيا. فموســـكو تسعى إلى بناء نظام من الضوابط والتوازنات الطبيعية في العلاقات الدولية، وفيه لا صداقات بين الدول بل التقاء مؤقتاً فحســـب، ومدة هذا الالتقاء والتقاطع وثيقة الصلة بمدى تشابك المصالح وعمقها. وعلى رغم أن تـــشابك أو تقاطع المصالح الروسية - التركية في ذروته، ليست العلاقات هذه طويلة الأمد، بل هو تقاطع مصالح على الامد المتوسط ومداره على صراع أردوغان مع الغرب، ورغبة أنقرة في الحد من الأضرار الناجمة عن مغامرة الشرق الأوسط والخروج من المستنقع السوري. لذا، تمس حاجة موسكو منذ اليوم الى صــوغ الأدوات اللازمة لبلوغ التوازن مع تركيا قبل نفاد مدة تقاطع المصالح، سواء على المستوى الثنائي أو على المستوى المتعدد الأطراف.
* محلل سياسي، عن مجلة «إكسبرت» الروسية، 2/11/2017، إعداد علي شرف الدين
========================