الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 5/8/2017

سوريا في الصحافة العالمية 5/8/2017

06.08.2017
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة الامريكية : http://idraksy.net/trumps-ceasefire-may-hand-russia-the-keys-to-southwestern-syria/ http://alyaumtv.net/?p=6860
نيويورك تايمز: المعارضة المسلّحة التي دربتها “سي آي ايه” كانت جوفاء
http://www.raialyoum.com/?p=720879" http://www.all4syria.info/Archive/431627 http://arabi21.com/story/1025175/فورين-أفيرز-ما-دلالات-توقف-أمريكا-عن-دعم-المعارضة-السورية#tag_49219
الصحافة البريطانية والروسية : http://www.albayan.ae/opinions/articles/2017-08-05-1.3017796 http://www.all4syria.info/Archive/431668
الصحافة التركية : http://www.turkpress.co/node/37744 http://www.turkpress.co/node/37743
 
الصحافة الامريكية :
ذا أتلانتيك: اتفاقية ترامب الخطيرة في سوريا وتكاليف التعاون مع موسكو
http://idraksy.net/trumps-ceasefire-may-hand-russia-the-keys-to-southwestern-syria/
يعد الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا حول وقف إطلاق النار في جنوبي غربي سوريا، والذي أشاد به الرئيس ترامب كأحد الإنجازات الرئيسية للاجتماع الثنائي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هامبورغ، بمثابة اختبارٍ مبكرٍ لاستعداد روسيا للعمل مع إدارة ترامب في سوريا. ولسوء الحظ فإن الاتفاق يطرح العديد من الأسئلة حول التنفيذ، وبالحكم على تجارب سابقة فمن المرجح أن يساء استخدامه من قبل روسيا لمساعدة نظام الأسد على توطيد سُلطته. وهو مجرد مؤشرٍ إضافيٍ على الطريقة التي التهم بها بوتين حصة ترامب في قمة مجموعة العشرين، مثله مثل الاتفاق على وحدة الأمن السيبراني التعاونية.
رسمياً فإن اتفاق وقف إطلاق النار هو بين روسيا والولايات المتحدة والأردن، وينطبق على جزءٍ من جنوبي غربي سوريا بالقرب من الحدود الأردنية والإسرائيلية. وتفيد التقارير بأن مناطق “آمنة” مفصولة جغرافياً عن المليشيات غير السورية (التي يفترض أنها تعني حزب الله وقوة القدس الإيرانية، على الرغم من أنه من غير الواضح إن كانت هذه الجماعات قد ذُكرت بالاسم)، وكذلك تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى. والمشكلة في الاتفاق تتعلق بتنفيذ هذه “المناطق الآمنة”؛ فمن يحدد ما المجموعات التي ستدخل أو تخرج منها؟ وإذا اندلع العنف من الذي سيفرض العودة إلى وقف إطلاق النار؟ فاثنان من أكبر المفسدين المحتملين، وهما إيران وحزب الله، ليسا طرفين في الصفقة، ومع ذلك فهما أقرب حلفاء روسيا في إسناد نظام الأسد، وقد شنّوا حملةً دمويةً ضد المعارضة السورية على مدى سنوات بالتنسيق مع الأسد. والنتيجة هي صفقة يمكن أن تترك (الثعلب) روسيا في هذه الحالة يحرس (بيت الدجاج) كما يقول المثل.
وقد صرح وزير الخارجية الروسي لافروف بأن روسيا والولايات المتحدة والأردن ستشارك في تطبيق الاتفاق. مع ذلك يركز البنتاغون على العمليات في الموصل و الرقة على بعد مئات الأميال، وبالتأكيد سيرى القادة على الأرض أن وجود القوات الأمريكية في جنوبي غربي سوريا تحولٌ مكلفٌ وغير ضروريٍ للقوى الفاعلة في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ونظراً لمحدودية المساعدات الذكية في المراقبة والاستطلاع في المنطقة، فمن غير المرجح أن تُسر القيادة المركزية الأمريكية بتحويل منصات طائرات الاستطلاع لمراقبة وقف إطلاق النار. وحتى إذا ما حلقت طائرات الاستطلاع الأمريكية أو الأردنية، فهل سيكون بمقدورها التمييز بين حزب الله أو المليشيات الشيعية التي تتنكر على هيئة مجموعات أخرى؟ كل هذا بالإضافة إلى أن إحجام الأردن عن الذهاب إلى ما وراء الحدود يعني على الأرجح أن اتفاق وقف إطلاق النار بين ترامب وبوتين سيسلم روسيا مفاتيح جنوبي غربي سوريا.
========================
واشنطن بوست: إدلب ستشهد الأسوأ
http://alyaumtv.net/?p=6860
 “لم يأت الأسوأ بعد في سوريا, فما شهدته حمص وحلب وغيرهما قد لا يُقارن بما ستشهده محافظة إدلب”، هذا ما عنونت عليه صحيفة واشنطن بوست في أحد تقاريرها بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” على محافظة إدلب، وازدياد أعداد القادة والكتائب والفصائل الذين انشقوا عن “حركة أحرار الشام” وانضموا إلى “الهيئة”، وكان آخرها “لواء العاديات و المدرعات”؛ اللذان كانا يُعدّان من أكبر ألوية الأحرار، وجاء في الصحيفة “إن المحافظة ستشهد المعركة الأكثر دموية إذا مضت قوات النظام في مخططاتها للسيطرة عليها”.
واعتبر ميشيل كيلو أن “بسط الهيئة سيطرتها على إدلب ما هو إلا آلية استباقية للدفاع عن النفس مصيرها الفشل، وأن هيئة تحرير الشام تعتقد بوجود خطر زاحف عليها، وهو تأسيس مناطق “خفض التوتر”، بتوافقٍ دولي جزء من الساحل ملحق بالمحافظة، وجزء من شمال حمص”.
وأكد كيلو أن هذا الحدث سيقود إلى عدة فصول، جميعها تنتهي إلى إبعاد “تحرير الشام” عن إدلب، وقال: “من الممكن أن تستغل روسيا هذا التطور، مع العلم أن موسكو هي التي منعت النظام وإيران من التقدم نحو إدلب بعد حلب، غيرَ أن المصالح اليوم تبدو أكثر تعقيدًا، هناك ما تريده روسيا وهناك مصالح لتركيا أيضًا، وإذا لم تنسحب من إدلب فسنشهد فصلًا عنيفًا من الحرب ضدها”.
وحول آخر التطورات في إدلب بشأن انسحاب عناصر “جبهة النصرة” مع أسلحتهم الفردية وعائلاتهم من جرود عرسال تطبيقاً للاتفاق الذي تم مع “حزب الله اللبناني” إلى محافظة إدلب، رأى محللون سياسيون أنه قد دق أول مسمار في نعش “هيئة تحرير الشام”، وذلك من خلال تجميعها من كافة المناطق وحصر تواجدها في إدلب.
من جانبها، أرسلت الأمم المتحدة 26 شاحنة محملة بالمساعدات إلى مدينة إدلب الخاضعة كاملة لسيطرة “جبهة النصرة”، حيث دخلت المساعدات الأراضي السورية عبر معبر “باب الهوى” قادمةً من تركيا.
كما، عادت تركيا لتفتح المعبر المذكور أمام “التبادل التجاري” مع “إمارة إدلب”، حيث دخلت اليوم شاحنات محملة بمواد البناء، وذلك بعد أيام من قرار والي أنطاكيا منع بموجبه “دخول مواد البناء إلى إدلب من خلال المعبر”.
وأفادت مصادر مطلعة أن السلطات التركية لم يصدر عنها شيء رسمي يفيد بتراجُعها عن قرار منع مرور موادّ البناء “الحديد والأسمنت”، والشاحنات التي دخلت كانت حاصلة على موافقة للدخول قبل صدور القرار التركي، وعلقت على الحدود قبل أن يسمح لها بالعبور، ويزيد عددها عن 40 شاحنة.
ومن جانب آخر قُتل عنصران من “هيئة تحرير الشام” إثر انفجار سيارة مفخخة استهدفت مقراً لها في ريف المهندسين بالقرب من بلدة أورم الكبرى بريف حلب الغربي، ولم تتبنَّ أي جهة مسؤوليتها لحد الآن عن التفجير.
وكانت وكالات مقرّبة من المتطرفين قد نشرت تقريراً تفيد بأن “مجهولين يستقلون دراجة نارية، أطلقوا النار على “حمود الرحال” الملقّب بـ أبو مالك القيادي السابق في أحرار الشام، والمبايع حديثاً لـ “هيئة تحرير الشام”، أمام منزله في بلدة معرشمارين بريف إدلب الشرقي، ما أدّى إلى مقتله، ولاذ المجرمون بعدها بالفرار.
========================
نيويورك تايمز: المعارضة المسلّحة التي دربتها “سي آي ايه” كانت جوفاء
http://www.raialyoum.com/?p=720879
بعد قرار إنهاء برنامج تدريب المعارضة السورية المسلحة من قبل الـ”سي آي إيه”، صحيفة “نيويورك تايمز تعرض لأسباب القرار التي تتركز في برنامج مكلف وغير فعال، وقوة قتالية جوفاء، ووصول الأسلحة الأميركية إلى الجماعات الإرهابية.
نهاية أحد أكثر البرامج تكلفة في تاريخ الـ”سي آي ايه” أتت سريعاً.
في تقريره إلى البيت الأبيض الشهر الماضي أوصى مدير “سي آي إيه” مايك بومبيو الرئيس ترامب بإنهاء برنامج تسليح وتدريب المتمردين السوريين. سريعاً أنهى الرئيس البرنامج.
بحلول ذلك كان المتمردون عبارة عن قوة جوفاء بفعل عام من القصف الذي نفذته الطائرات الروسية، فيما يقتصر وجودهم على مناطق متقلصة لم تتمكن القوات السورية الحكومة من استعادتها.
لسنوات اشتكى منتقدو البرنامج من تكاليفه التي تخطت المليار دولار، فيما قضت التقارير بأن بعض الأسلحة التي زوّدت “سي آي ايه” بها المسلحين انتهت بأيدي جماعة مرتبطة بالقاعدة، على الدعم السياسي للبرنامج.
في حين يقول منتقدو ترامب إنه أنهى البرنامج لمصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هناك في الواقع التقاء نادر لوجهات النظر بين إدارتي أوباما وترامب بشأن سياسة الأمن القومي.
إن إنهاء برنامج الـ”سي آي ايه” الأكثر تكلفة في تاريخ الوكالة منذ برنامج تسليح المجاهدين في أفغانستان خلال الثمانينيات، أجبر على إجراء تقييم لجوانب نجاحه وفشله. المعارضون له يقولون إنه متهوّر ومكلف وغير فعّال أما الداعمون فيقولون إنه كان حذراً أكثر من الضرورة وأن إنجازاته كانت لافتة نظراً لكون إدارة أوباما وضعت قيوداً على البرنامج منذ بدايته أدّت إلى فشله على حدّ قولهم.
شهد البرنامج فترات من النجاح بما في ذلك في عام 2015 حين أخرجت صواريخ الدبابات المدمرة التي زوّدت “سي آي ايه” والسعودية بها المسلحين، القوات الحكومية من شمال سوريا. لكن في أواخر العام نفسه كان تركيز الهجوم العسكري الروسي في سوريا منصبّاً على المقاتلين المدعومين من الـ”سي آي ايه” الذين يقاتلون القوات الحكومية السورية. الكثير من هؤلاء قتلوا وانقلب الحظ على المتمردين.
المتخصص في الشأن السوري في معهد الشرق الأوسط شارل ليستر قال إنه لم يتفاجأ بإنهاء إدارة ترامب للبرنامج الذي سلّح ودرّب الآلاف من المتمردين السوريين (بالمقارنة أنتج برنامج تابع للبنتاغون بلغت تكلفته 500 مليون دولار بهدف تدريب وتجهيز 15 ألف متمرد سوري بضع عشرات لدى إلغائه في 2015.
وأضاف ليستر “لأسباب عديدة أحمّل المسؤولية لإدارة أوباما التي لم تعط يوماً البرنامج الموارد أو المساحة الضرورية لتحديد ديناميات الميدان. كانوا يقومون بتغذية جماعات المعارضة بالقطارة من أجل البقاء ولكن ليس بالقدر الذي يجعلها لاعبة مهيمنة”.
انتقد ترامب على نحو علني البرنامج مرتين منذ إنهائه. بعد كشف “واشنطن بوست” عن قراره غرّد ترامب أنه ينهي “دفعات ضخمة وخطيرة من الأموال المهدورة لمصلحة المتمردين السوريين الذين يقاتلون الأسد”. وخلال مقابلته مع صحيفة “وول ستريت جورنال” الشهر الماضي قال الرئيس إن الكثير من أسلحة الـ”سي آي ايه” وصلت إلى أيدي القاعدة، في إشارة إلى فرع القاعدة “جبهة النصرة” التي كثيراً ما قاتلت إلى جانب المتمردين المدعومين من الـ”سي آي ايه”.
وقال مسؤول الـ”سي آي ايه” السابق مايكل هايدن إن تعليقات الرئيس “قد تمنح الوكالة سبباً للتفكير بدعمها له في أي عمليات سرية في المستقبل”.
قائد العمليات الخاصة الأميركية الجنرال رايموند توماس قال في مؤتمر صحفي الشهر الماضي أن “قرار إنهاء برنامج الـ”سي آي ايه” كان قاسياً للغاية”، مضيفاً “من خلال ما أعرفه عن البرنامج وقرار إنهائه لم يكن على الإطلاق رشوة للروس، بل كان مبنياً على تقييم طبيعة البرنامج، وما كنا نحاول إنجازه وجدوى استمراره”. لكن المتحدث باسم “سي آي ايه” رفض التعليق.
الرئيس الأميركي باراك أوباما وافق على البرنامج في 2013 بعد تردد في وقت كانت الإدارة تصارع من أجل تخفيف زخم القوات الحكومية الموالية للرئيس بشار الأسد. لكنه سرعان ما وقع ضحية التحول في التحالفات في الحرب الأهلية المستمرة منذ ست سنوات والرؤية المحدودة لدى المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الأميركيين لما كان يجري على الأرض.
بمجرد عبور المقاتلين الذين دربتهم الـ”سي آي ايه” إلى سوريا كان يجد ضباط الاستخبارات صعوبة في السيطرة عليهم. وحقيقة أن بعض أسلحة الـ”سي آي ايه” انتهت بأيدي مقاتلي “جبهة النصرة” وانضمام بعض المتمردين إلى هذا التنظيم، كل ذلك أكد المخاوف التي عبّر عنها كثيرون في إدارة أوباما إزاء البرنامج منذ بدايته. بالرغم من أن “النصرة” كانت تعتبر على نطاق واسع قوة قتالية فعالة ضدّ قوات الأسد إلا أن انتماءها للقاعدة جعل من المستحيل على إدارة أوباما تقديم الدعم المباشر للمجموعة.
ويقدر مسؤولو الاستخبارات الأميركية عدد مقاتلي النصرة في وسريا بعشرين ألفاً بما يجعلها أكبر فروع القاعدة. لكن بخلاف الفروع الأخرى مثل تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، لطالما ركّزت “جبهة النصرة” في معاركها على الحكومة السورية أكثر من التخطيط لهجمات إرهابية ضدّ الولايات المتحدة وأوروبا.
المسؤولون الأميركيون تحدثوا شرط عدم الكشف عن أسمائهم لتناولهم برنامجاً مصنّفاً سرياً.
في صيف 2012 كان ديفيد بترايوس مدير الاستخبارات السابق أول من اقترح برنامجاً سرياً لتسليح وتدريب المتمردين الذين كانت تقصفهم القوات الحكومية السورية.
الاقتراح فرض نقاشاً داخل الإدارة الأميركية فيما رأى كبار مساعدي أوباما أن الفوضى التي تعمّ الميدان السوري ستجعل من شبه المستحيل ضمان عدم وصول أسلحة الـ”سي آي ايه” إلى الجماعات المسلحة مثل النصرة، فكان أن رفض الرئيس أوباما الخطة. لكنه بدّل رأيه في العام التالي موقّعاً على أمر رئاسي يسمح للاستخبارات بتسليح وتدريب جماعات صغيرة من المتمردين سراً في قواعد في الأردن. انقلاب موقف الرئيس جاء في جزء منه بسبب الضغط الشديد من قبل زعماء أجانب بمن فيهم ملك الأردن عبدالله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اللذين قالا إن على الولايات المتحدة أن تلعب دوراً أكثر نشاطاً في محاولة إنهاء الصراع.
تحت تسمية مشفّرة “تيمبر سيكامور” بدأ العمل بالبرنامج السري ببطء لكن بحلول 2015 حقق المتمردون المدعومون من الـ”سي آي ايه” تقدّماً لافتاً ضدّ القوات السورية وتقدموا نحو مناطق في البلاد لطالما اعتبرت معاقل للحكومة. الهجوم اكتسب زخماً بعد تزويد الـ”سي آي ايه” والسعودية الجماعات المتمردة بدبابات مدمرة.
لقد كانت نجاحات النصرة الحجة التي استخدمها بوتين لتبرير الهجوم العسكري الروسي في سوريا الذي بدأ في 2015. وقد ضربت الحملة الروسية المقاتلين المدعومين من الـ”سي آي ايه” ومسلحي “النصرة” وأجبرتهم على التراجع.
البرنامج تعرض لنكسات أخرى. إذ إن عملية تسليح وتدريب المتمردين كانت تحصل في الأردن وتركيا وفي مرحلة ما سرق ضباط الاستخبارات الأردنية مخزون الأسلحة التي كانت شحنتها “سي آي ايه” من أجل المتمردين وقاموا ببيعها في السوق السوداء. في تشرين الثاني/ نوفمبر قام عنصر في الجيش الأردني بإطلاق النار وقتل ثلاثة جنود أميركيين كانوا يقومون بتدريب المتمردين السوريين كجزء من برنامج الـ”سي آي ايه”. كما أن مسؤولي البيت الأبيض كانوا يتلقون تقارير دورية بشأن قيام المتمردين الذين خضعوا للتدريب بإعدام سجناء وارتكابهم انتهاكات أخرى لقواعد النزاع المسلّح. وفي بعض الأحيان أدت تقارير إلى وقف الـ”سي آي ايه” تعاونها مع مجموعات اتهمت بإساءة التصرف.
مدير الاستخبارات السابق في عهد أوباما، جون برينان بقي المدافع الأقوى عن البرنامج بمعزل من الخلافات داخل الوكالة بشأن فعالية الجهود المبذولة. لكن بحلول العام الأخير من ولاية أوباما كان البرنامج قد خسر الكثير من داعميه في البيت الأبيض خصوصاً بعد أن باتت أولى أولويات الإدارة الأميركية محاربة داعش أكثر منها السعي لإنهاء حكومة الأسد.
خلال اجتماع في البيت الأبيض في نهاية عهد أوباما وفيما كان المتمردون المدعومون من الـ”سي آي ايه” يواصلون خسارة المزيد من الأراضي في مقابل القصف الجوي الروسي ضغط برينان من أجل استمرار الولايات المتحدة بدعم جهود الإطاحة ببشار الأسد وفق أحد المشاركين في هذا الاجتماع.
لكن مستشارة الأمن القومي آنذاك سوزان رايس ردّت عليه قائلة “دعونا لا نخطئ. إن أولوية الرئيس في سوريا هي محاربة داعش”.
بدعم من الطائرات الروسية، بدأت القوات الحكومية السورية تدريجياً باستعادة المناطق قرب الحدود التركية التي كانت لفترة طويلة معاقل المتمردين، ودفعت في النهاية بالعديد من المسلحين إلى التراجع نحو مدينة حلب المحاصرة التي سقطت بأيدي القوات الحكومية في كانون الأول/ ديسمبر. (الميادين)
========================
بازفيد نيوز: ما خبايا المهمة التي تقودها إيران بهدف السيطرة على الشرق الأوسط؟
http://www.all4syria.info/Archive/431627
كلنا شركاء: بازفيد نيوز- ترجمة نون بوست
ضمّت إيران عشرات الآلاف من الشباب الشيعة إلى شبكة مسلحة تتحدى من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. وقد كانت إيران تهدف إلى أن تحولهم إلى آلة حرب تتفوق على الولايات المتحدة في ساحات المعارك، نظرا لأن سلطة طهران تفوق البيت الأبيض ذكاء ودهاء.
في الواقع، تتمثل مهمة هذه المليشيات في الدفاع عن نظام الأسد في سوريا، والسيطرة على الأراضي التي تقبع تحت رحمة تنظيم الدولة في العراق، فضلا عن السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء. وفي الوقت الراهن، تعتبر هذه الميليشيات الشيعية العابرة للحدود، التي لا تحمل اسما رسميا، القوة المهيمنة في المنطقة، علما وأنها ستمكن إيران من الاستفادة من غياب إستراتيجية متماسكة وواضحة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشرق الأوسط.
على مدى ستة أشهر، أجرى موقع “بازفيد نيوز” الأمريكي حوارات مع باحثين ومسؤولين ومليشيات، أكدوا صحة المعطيات بشأن البرنامج الإيراني الذي تُشرف عليه إحدى وحدات الحرس الثوري الإيراني، فيلق القدس، الذي يعمل تحت قيادة قاسم سليماني. وغالبا ما يظهر سليماني على جبهات القتال الأمامية في العراق وسوريا. وفي الأثناء، تطابقت جميع شهادات المقاتلين المنتمين لهذه الجماعات المسلحة مع المعلومات التي جمعها مسؤولون عسكريون فضلا عن المخابرات الأمريكية على الرغم من أنه قد تم جمعها بشكل مستقل.
وفي هذا الإطار، يستذكر أحد هؤلاء الجنود، الذي يُدعى مصطفى الفريداوي، باعتزاز أيامه الأولى على اعتباره عضوا في الميليشيات الإيرانية. وقد أكد الفريداوي أن تلك التجربة كانت مغامرة جديدة بالنسبة له وكان سعيدا بها. وأثناء جلوسه في مطعم صاخب، يقع شمال بغداد، في وقت سابق من هذه السنة، تحدث الفريداوي عن حيثيات تجنيده، حتى يكون جزءًا من قوة قتالية تهدف إلى تعزيز نفوذ إيران في الشرق الأوسط.
نشأ الفريداوي، في حي أور، الذي يقع في شمال بغداد، قبل أن يسير على خطى والده ويصبح سائق حافلة، إلا أن آفاق هذه المهنة لا تتسع لشاب كان يبحث عن معنى حقيقي لحياته. وخلال شهر حزيران/يونيو من سنة 2013، انضمّ الفريداوي إلى مليشيات شيعية يُطلق عليها اسم “عصائب أهل الحق”، التي تعرف بسمعتها السيئة على خلفية الهجمات التي شنتها ضد القوات الأمريكية، إلى جانب انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها في حق العديد من السكان السنّة في العراق.
وفي الأثناء، تلقى الفريداوي تدريباتٍ لمدة 10 أيام في قاعدةٍ عسكريةٍ عراقيةٍ تقع في بلدة أبو غريب، في غرب العاصمة بغداد، قبل أن يتم إرساله لمحاربة “المتمردين” السنة في العراق. ومن بين المهمات الأولى التي كُلّف بها، طلب من الفريداوي الانضمام إلى فريق يبحث عن ثلاثة جنود عراقيين مفقودين في بلدة الكرمة التي تقع شرق الفلوجة
وفي خضم عملية البحث، اضطر الفريداوي ورفاقه للدخول في مواجهة نارية مروعة. وفي هذا السياق، أقر الفريداوي بأنه كان خائفا جدا، نظرا لأن الطرف المقابل كان يطلق عليهم النار بشكل جنوني. وأضاف الفريداوي، قائلا: “اعتقدوا أننا جُرحنا إلا أننا لم نصب بأي مكروه”.
على مدى الأشهر القليلة التالية، أظهر الفريداوي شجاعة جعلت قيادة المليشيات تستبشر به خيرا. ففي الحقيقة، كان المقاتل الذي خرج من منزله على اعتباره متطوعا يريد القيام بأمر جيد لصالح بلده المنهار(العراق)، يتطور بسرعة ليصبح فيما بعد مسلحا محترفا. ونظرا للمواهب القتالية التي يمتلكها الفريداوي في ساحة المعركة، أوصى به قادته ليحصل على برنامج تدريب عسكري وإيديولوجي لمدة 45 يوما في إيران. في الواقع، كانت هذه الخطوة بمثابة منعرج حاسم في مسيرة شاب يقاتل في سبيل القضية الشيعية.
خلال شهر كانون الثاني/يناير سنة 2014، وجد الفريداوي نفسه على متن حافلة مليئة بالمقاتلين الشيعة، الذين كانوا يتمتعون بروح معنوية عالية. سلكت هذه الحافلة الطرق السريعة ومن ثم الطرق الريفية التي تؤدي إلى خارج بغداد وتوجهت نحو الحدود الطويلة مع إيران. وأثناء تلك الرحلة، كان الشباب يغنون أغاني تنسب لزينب، شقيقة الإمام الشهيد، الإمام الحسين.
للمرة الأولى، يغادر هؤلاء الرجال العراق، مع العلم أن مئات الآلاف من العراقيين يزورون كل سنة جارتهم الأكثر ثراءً وهدوءًا بغية الحج إلى بقاعها المقدسة أو للحصول على الرعاية الصحية. وبدلا من الحصول على جوازات سفرهم مختومة عند عبورهم الحدود من خلال منفذ شلامجة، سلّم الرجال أوراق هويتهم الخاصة إلى السلطات الإيرانية وهواتفهم الخلوية. وبالتالي، لن يكون لهم أي أثر رسمي يثبت وجودهم في البلاد، على الرغم من أنهم دخلوا فعليا الأراضي الإيرانية.
في أعقاب ذلك، تم نقل هؤلاء العراقيون إلى مطار مدينة الأهواز، التي يبلغ عدد سكانها مليون شخص، والتي تقع في أقصى جنوب غرب إيران، حيث قاموا باستقلال طائرة، لا تحمل أي علامات تدل على من يمتلكها. وكان الفريداوي، الذي كان  يبلغ من العمر 23 سنة آنذاك، متحمسا، نظرا لأنه لم يسبق أن ركب طائرة. وأثناء الرحلة، اتخذ الفريداوي مقعدا بجانب النافذة ما مكّنه من رؤية الجبال الثلجية من مسافة قريبة، وربما مشارف العاصمة الإيرانية، طهران. وتجدر الإشارة إلى أنه وإلى الآن، شدد الفريداوي على أنه ليس متأكدا تماما من المكان الذي أُخذ إليه، فقد حذرّه بعض الرجال من طرح العديد من الأسئلة.
وفور وصولهم، شرع هؤلاء الرجال في التدريبات العسكرية. وفي هذا السياق، صرح الفريداوي أنهم كانوا لا ينامون في حين كانوا مطالبين بالركض لمدة ساعتين كل يوم. وأضاف الفريداوي قائلا: “علمونا أن نكون قوي الشكيمة وصبورين للغاية… حيث لم نكن نَتناول سوى القليل من الغذاء والماء. كما منعونا من تدخين السجائر، وإجراء مكالمات هاتفية مع أصدقائنا وأقاربنا في الوطن”. ومع انتهاء الدورة التدريبية، كان الفريداوي مستعدًا لخوض غمار الخطوة التالية في مغامرته التي تتمثل في القتال من أجل الأسد في سوريا.
منذ سنة 1979، دخلت إيران في خلاف مع الغرب، أي منذ إطاحة الإسلاميين بالشاه الموالي للولايات المتحدة، محمد رضا بهلوى، وأقاموا دولة ثيوقراطية. وعلى مدى العقد الماضي، أثار البرنامج النووي الإيراني حالة من الذعر في واشنطن، حيث كافحت الإدارات الأمريكية المتعاقبة من أجل إرساء سياسة مناسبة مع إيران. وقد تُوجت هذه المساعي بالاتفاق النووي المثير للجدل الذي أبرمه باراك أوباما، سنة 2015، والذي لا يزال مفعوله ساريا في ظل إدارة ترامب الحالية.
وفي الوقت الذي كانت فيه المخاوف تجتاح واشنطن بشأن البرنامج النووي الإيراني، كان مسؤولي طهران يبذلون جهودا حثيثة من أجل بسط نفوذهم في الشرق الأوسط. ومنذ بداية الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، نصبت إيران نفسها مدافعا عن جيرانها الشيعة خوفا من أن تقوم الولايات المتحدة بالاستيلاء على السلطة والتجارة والجيش. ولم تكن هذه الخطوة سوى جزءا من هدف إيران الأكبر؛ الذي يتمثل في بلوغ هيمنة إقليمية تمتد من خليج عدن إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
في الحقيقة، ينظر أعداء إيران إلى المليشيات الشيعية على أنهم مجرد مرتزقة. في المقابل، يؤمن كل من الفريداوي ورفاقه بقضيتهم الشيعية، فمن وجهة نظرهم، يشكل “المتطرفون” السنة في المنطقة، فضلا عن الولايات المتحدة وحلفائها، تهديدا حقيقيا. ولذلك، فهم يعتقدون بضرورة حمل السلاح للدفاع عن دولهم ومعتقداتهم.
في صيف سنة 2011، تجمّع المئات من الشباب السوريين واللبنانيين في الوقت الذي كانت فيه انتفاضات الربيع العربي تهز أنظمة الشرق الأوسط، في جبال البقاع في لبنان، من أجل تلقي تدريبات عسكرية على يد عسكريين وقادة ينتمون لحزب الله. وفي هذا السياق، سرد الصحفي اللبناني، فداء عيتاني، تفاصيل ما شاهده هناك، وتحدث عن طموح حزب الله وإيران في المنطقة.
في ذلك الحين، كان فداء عيتاني من مؤيدي حزب الله، حتى أنه تلقى تدريبات عسكرية من قبل هذا التنظيم، لكنه الآن بات من مناهضيه. وقد وافق عيتاني على التحدث عن تجربته وذكر رأيه فيما يتعلق ببرنامج التدريب. في ذلك اليوم من سنة 2011، وبعد أن شاهد بنفسه تلك التدريبات التي تُجرى في وادي البقاع، سأل عيتاني أحد  الأشخاص في وحدة المخابرات التابعة لحزب الله: لماذا يتم تدريب عدد كبير من الرجال بكل هذا الحزم وهل أنهم يستعدون لحربٍ أخرى ضد إسرائيل؟ قيل لعيتاني، إن “حزب الله يقوم بإخضاع المقاتلين لتدريبات قاسية من أجل تعليمهم الدفاع عن أنفسهم، ودينهم، فضلا عن كيفية توظيف والتعاطي مع البنية التحتية للدولة، من كهرباء، ومياه، ودفاع مدني”.
وفي السياق ذاته، قال عيتاني: “فوجئت بمدى طموح حزب الله ومشروعه التوسعي الذي بدأ إبان الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. فقد عمدت إيران، خلال تلك الحرب، إلى جمع الشباب من الشارع من أجل التصدي لقوة إسرائيل”. وأضاف أن عيتاني “حزب الله أصبح، على مدى العقد الماضي، أداة تتمتع بقوة كبيرة في يد السياسة الخارجية الإيرانية في الشرق الأوسط وأوروبا، وحتى أمريكا اللاتينية”.
وفي الوقت الراهن، يتم توجيه هؤلاء الشبان للقتال في سوريا، في حين يكافح السنة من أجل الإطاحة بنظام بشار الأسد المدعوم من إيران. وفي الإطار ذاته، أكد عيتاني أنه “في حال غادر الأسد، ستظفر مليشيات كل من حزب الله وإيران بجزء صغير من سوريا. أما إذا فاز الأسد، فستسيطر تلك الميليشيات حينها على كل سوريا”.
منذ بداية الربيع العربي، تمكنت إيران من استقطاب عشرات الآلاف من المقاتلين العراقيين واللبنانيين والأفغان للقتال في سوريا. وفي هذا الصدد، أوضح الباحث الإسرائيلي، إيلي كارمون، من المركز المتعدد  المجالات في هرتسيليا، إسرائيل، أنّ هناك ما يتراوح بين 5 آلاف و7 آلاف مقاتل من ميليشيات حزب الله في سوريا. فضلا عن ذلك، تتكون “كتائب الفاطميون”، وهي وحدة من الحرس الثوري الإيراني من مقاتلين أفغان، يصل عددهم إلى 17 ألف مقاتل.
وفقا لتقديرات خبير أمني عراقي، يُدعى هشام الهاشمي، تلقى قرابة 65 ألف مقاتل من الميليشيات العراقية إما تدريبًا أو أسلحة أو تمويلًا من قبل إيران. من جانب آخر، أعرب مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون عن قلقهم الشديد إزاء الجسر البري الذي تنشئه مليشيات موالية لطهران، والذي يمتد من جبال زاغروس الإيرانية إلى حدود إسرائيل، ولكنّهم عاجزون عن وقف ذلك.
وفي الأثناء، يبدو أن إيران تستخدم هؤلاء الرجال بطرق أكثر إبداعا، في خضم الحرب الطائفية والجيوسياسية المستمرة التي تخوضها في المنطقة، والتي تحشد لها الدول والمنظمات الشيعية المؤيدة لها لمواجهة المعسكر السني الذي يحظى بدعم الولايات المتحدة.
من المحتمل أن يكون لعملية بناء شبكة متعددة الجنسيات من المقاتلين المدربين تدريبًا عاليًا وذوي خبرة عواقب طويلة الأمد على المنطقة التي تشهد بالفعل سباق تسلحٍ مستعر، فضلا عن التطرف والصراعات المتداخلة. وفي هذا السياق، تساءل إيلي كارمون عن مصير كل هؤلاء العراقيين والأفغان والباكستانيين الذين يقاتلون في سوريا عندما يعودون إلى ديارهم. وأضاف كارمون أن “500 أو 1000 مقاتل يعتبر عدد كافٍ لتنظيم شبكة إرهابية، التي ستتحول إثر ذلك إلى تهديد مستقبلي”.
وفقا لما ورد في تصريحات الكثير من المقاتلين، فقد تسارعت وتيرة التدريب الإيراني للميليشيات، نظرا لارتفاع عدد المجندين الجدد وبعثات التدريب إلى إيران هذه السنة. علاوة على ذلك، أشار بعض المجندين الجدد إلى أنهم تلقوا تدريبا حول كيفية استخدام عبوات ناسفة يمكنها  اختراق دروع المركبات العسكرية، مع العلم أنها استُخدمت على نطاق واسع ضد القوات الأمريكية خلال غزو العراق قبل عقد من الزمان.
في واقع الأمر، يمتدّ الانتشار الإيراني إلى ما وراء سوريا وجاراتها. ويشتبه مسؤولون أمريكيون وغيرهم في أن التدريب الإيراني للمقاتلين في اليمن، حيث يسيطر حلفاء طهران من الحوثيين على العاصمة صنعاء، يقف وراء الهجمات الأخيرة التي تم شنّها على السفن قبالة سواحل اليمن. وقد أثار ذلك مخاوف البعض بشأن تعطل حركة الممرات البحرية المهمة.
علاوة على ذلك، تمثل محاربة مختلف الجماعات المسلحة المُنظمة، التي تتكون من رجال بإمكانهم التغلغل بسهولة بين السكان المحليين، تحديا كبيرا بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، وهو وضع لا يمكن أن تفي فيه الآليات التقليدية للحرب بالغرض. وفي هذا الصدد، أفاد العميد المتقاعد، الجنرال يوسي كوبرواسر، والمستشار السابق في وزارة الشؤون الإستراتيجية والرئيس السابق لقسم الأبحاث في فرع المخابرات العسكرية التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي، أن “الأمر يعد بمثابة تهديد كبير”. وأضاف كوبرواسر أن “امتلاكنا لطائرات مقاتلة من نوع أف-16 وأف-35 لا علاقة له بهذه المشكلة”.
وتجدر الإشارة إلى أن النخبة الحاكمة في إيران دائما ما يكتسيها الغموض. فضلا عن ذلك، نادرا ما تكشف الشخصيات من داخل جهاز الأمن في طهران عن أي تفاصيل بشأن برنامج التدريب الإيراني في حين لا يعلم أحد من خارج دائرة قادة الأمن الإيرانيين باسم هذا البرنامج. وفي هذا الصدد، صرّح أحد المطلعين على الأمن القومي الإيراني لموقع “بازفيد نيوز” أن البرنامج لم يُطلق عليه اسم رسمي.
أما في وسائل الإعلام، يصف المسؤولون الإيرانيون المقاتلين “بالمدافعين عن الأضرحة المقدسة”، في إشارة إلى دورهم في حماية المواقع الدينية الشيعية. وفي المناسبات النادرة التي يتحدث فيها المسؤولون الإيرانيون عن هذا البرنامج، يتم وصفه بعبارات مهيبة في حين يتم ربط أهدافه برغبة طهران في إقامة نظام عالمي عادل سيتشكل بالتزامن مع عودة المهدي المنتظر. وبعد المهدي المختفي الإمام الثاني عشر في أصول الدين عند الشيعة، الذي ستبشر عودته بقيام عصر جديد. من ناحية أخرى، ترى طهران في هذه المعركة أيضا طريقة لمواجهة النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط بشكل مباشر.
خلال كلمة ألقاها في مطلع هذه السنة للإشادة بدور “لواء فاطميون”، وهي مليشيا أفغانية تقاتل لخدمة أهداف إيرانية في سوريا، قال نائب قائد قوات فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، إن “الأمريكيين أنفقوا ثلاثة تريليونات من الدولارات في حربهم في أفغانستان تحت ذريعة مكافحة تنظيم القاعدة إلا أنهم لا يزالون يتجولون في المنطقة. لا بد أن يضع الأمريكيون والإسرائيليون في الحسبان نموّ نفوذ “لواء فاطميون” وانتشار المقاومة في جميع أنحاء العالم. هذه ليست إلا البداية ويجب على أمريكا أن تأخذ حذرها”.
من جهته، طلب موقع “بازفيد نيوز” من عدة مسؤولين في وزارتي الخارجية والأمن الإيرانيتين التعليق على هذا الموضوع إلا أن جميع المسؤولين رفضوا الإدلاء بأي تصريح. وفي هذا الإطار، علّق علي عميدي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أصفهان بإيران، قائلا إن الأهداف الرئيسية لبرنامج المليشيات الإيرانية تتمحور حول الحفاظ على أمن إيران من خلال إضعاف الجماعات السنية المتطرفة أو القضاء عليها.
علاوة على ذلك، تتمثل الأهداف الأخرى في تعزيز أهداف إيران الإستراتيجية عبر توسيع قدرات حلفائها والحفاظ على توازن القوى في المنطقة بشكل يصب في مصلحة إيران في الشرق الأوسط، فضلا عن مواجهة منافسيها على غرار الولايات المتحدة وإسرائيل. في المقابل، شدد عميدي على أن الغموض لا يزال يكتنف هذا البرنامج، حيث أوضح أن “هذه المسائل تُصنّف على اعتبارها سرية، ولا توجد أية معلومات مُثبتة أو موثوقة بشأنها”.
عموما، تثير عظمة الرؤية الإيرانية دهشة منتقدي إيران، خاصة في ظل المزيج من القوة السياسية والعسكرية الذي تحظى به في كل من العراق واليمن ولبنان وسوريا، وبلدان أخرى من بينها البحرين والسعودية وحتى نيجيريا، حيث ينشط فرع غير مسلح لحزب الله. أما المسؤولون الأمريكيون، الذين يكافحون لتعزيز قدرات الحلفاء انطلاقا من البحر الأحمر وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط، فيعترفون على مضض بالتفوق الإيراني في هذا النمط الخاص من الحرب.
وفي هذا السياق، أفاد مسؤول أمريكي سابق، في حين يغلب عليه الإحباط، أن “المقاتلين في العراق وأفغانستان واليمن، وفي أي مكان قمنا فيه بإجراء تدريبات، لا يمكنهم إطلاق النار بشكل مستقيم. وحين يقوم الإيرانيون بتدريب هؤلاء الرجال، يصبحون على الفور مقاتلين جيدين”.

تتألف الجماعات المسلحة الإيرانية من رجال أمثال، مصطفى الفريداوي، الذي تم تجنيده من الأحياء الفقيرة المتدينة في الشرق الأوسط. وفي جميع أنحاء المنطقة، تم تطوير أساليب العمل في إطار عمليات تجنيد هؤلاء الرجال على مرّ عقود من الزمن. في البداية، قامت خلايا صغيرة تابعة لحزب الله باستكشاف المناطق التي تقع فيها المظالم بغية استغلالها والبحث عن مجنّدين. وفي هذا الصدد، بين فداء عيتاني، وهو مؤيد سابق لحزب الله، أن “هذه الخلايا ترسل في وقت لاحق مستشارين خاصين للتواصل مع المواطنين، ودفع مال الإيجار أو شراء منازل لهم إن أمكن ذلك. فيما بعد، يقع إرسال رجال سياسة ودين لمحاولة إقناع هؤلاء الأشخاص ومن ثم تنطلق التدريبات حتى يصبحوا مقاتلين”. 
من ناحية أخرى، تطرق مصطفى الفريداوي وستة آخرون، من بينهم مقاتلان من حزب الله في لبنان، إلى عملية التقدّم والفحص الشاقة لكل فرد يلتحق بصفوف المليشيات التي تدعمها إيران. في الواقع، يحرص المُجنِّدون على معرفة أبسط التفاصيل التيس تتعلق برجل المليشيا المحتمل على غرار معلومات عن عائلته وأصدقائه وعلاقاته البعيدة وآراءه السياسية وعاداته الدينية. فضلا عن ذلك، يبحث القادة عن نوع محدد من المُجنَّدين، أي شباب الأحياء الذين لا يمانعون اتباع التعليمات الدينية الشيعية واستخدام الأسلحة الروسية الصغيرة على حد سواء.
وفقا لتقرير صدر سنة 2008، عن مركز مكافحة الإرهاب، الذي تضمن شهادات أخذت في إطار مقابلات أجراها الجيش الأمريكي مع رجال من المليشيات الشيعية العراقية الذين وقع أسرهم، يبحث المُجنِّدون عن صفات تشمل “الانفتاح”، والجلادة الجسدية، والنضج، بالإضافة إلى المهارات التنظيمية “والمسؤولية”، في صفوف الأفراد المُنصاعين نسبيا والذين لا يطرحون الكثير من الأسئلة.
من جانب آخر، يقوم المُجنَّدون بدورهم في استدراج أفراد آخرين ضمن دائرتهم. فعلى سبيل المثال، كان تأثير قرار الفريداوي في الالتحاق بالمليشيات كبيرا لدرجة أنه دفع آخرين في حيه إلى الانضمام أيضا. وقد قدّم الفريداوي أحد هؤلاء على أنه صديقه المقرب، الذي يُدعى محمد جبار كاظم، والذي وقع على عقد الانضمام بعد مرور سنة على موالاة الفريداوي لهذه الميليشيات.
كان الرجلان يتبادلان أطراف الحديث خلال اجتماع صباحي في المطعم المزدحم الذي يعتبر مكان التقائهما المعتاد. وقد أفاد كاظم أنه كان عامل بناء في شمال بغداد، إلا أنه كان عاطلا عن العمل معظم الوقت، لذلك قرر أن يتبع مسار الفريداوي. وبعد قضائه عدة أشهر مع المليشيات كمتطوع، انظم كاظم رسميا إلى المجموعة في أيار/مايو سنة 2014، وقد حصل على 150 دولارا علاوة مقابل توقيعه العقد. في البداية، كان هذا المبلغ يقدّم بين الفينة والأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، أكد الرجلان أنهما شعرا بمدى الاهتمام الذي توليه المجموعة بهما، حيث أورد الرجلان:  “كُنّا نُسأل، ‘هل تحتاج إلى راتب؟ هل لديك أطفال أو هل تُعيل أحدا ما؟'”. بعد تلقيه تدريبا لمدة 10 أيام في مدينة أبو غريب العراقية، سرعان ما وجد كاظم نفسه على جبهة المعركة، حيث قاتل جنبا إلى جنب مع رجال المليشيات الأخرى ضد المتمردين بالقرب من مدينة كركوك. وفيما بعد، تم تكليفه بمهمة أخرى في محافظة ديالى حيث قتل ثلاثة من رفاقه في عملية انتحارية.
في الأثناء، أثار كاظم إعجاب قادته، لذلك أُوصي به للالتحاق بدورة هندسية لمدة خمسة أيام في قاعدة “ليج سبرينغ” التي تقع على بعد 30 ميلا جنوب بغداد، والتي استخدمها صدام حسين قبل عقود لإعداد الفلسطينيين لمحاربة إسرائيل. وفي هذه القاعدة، تعلم كاظم كيفية زرع القنابل على جانب الطريق وإزالتها واستخدام الحيل ذاتها التي يستخدمها تنظيم الدولة بما في ذلك الثلاجات المخففة والأسلحة المُعلّقة على أسلاك التعثّر المتفجرة ضد الجهاديين. كما أشار كاظم إلى أنه تعلم كيفية صنع العبوات الناسفة الخارقة للدروع.
في الواقع، لم يكن المُدربون يتحدثون اللغة العربية بطلاقة، بالتالي اشتبه كاظم في أنهم إيرانيون، إلا أنه لم يكن متأكدا من ذلك. وفي هذا الإطار، قال كاظم: “لم نسأل بشأن هذا الأمر مطلقا ظنّا منا أن ذلك قد يخلق بعض المشاكل بالنسبة لنا”. مقابل ولائهم، يتلقى المقاتلون رواتب تعتبر سخية وفقا للمعايير المحلية. وفي هذا الصدد، أورد الفريداوي أنه يتلقى حوالي خمسة ملايين دينار عراقي (أي ما يعادل 4100 دولار) سنويا، إلا أنه يأمل أن يتضاعف هذا المبلغ نظرا للقواعد الجديدة التي تضم المليشيات رسميا تحت سلطة الدولة العراقية.
من جانبهم، يتلقّى مقاتلو حزب الله اللبنانيون تعليما خاصا وذو جودة عالية نسبيا ضمن شبكة المدارس التابعة للتنظيم والممولة من قبل إيران. وبمجرد تجنيدهم في صلب المليشيات التي تدعمها إيران، ينبغي على الرجال الالتزام بمجموعة صارمة من القواعد في حين يتم إخضاعهم لمراقبة مستمرة. وفي هذا الإطار، أكد مقاتلون عراقيون ولبنانيون أنهم مُنعوا من السفر إلى أي بلد خارج إيران أو سوريا أو العراق أو لبنان دون الحصول على إذن من قادتهم.
في واقع الأمر، كان ثمن عصيان هذه الأوامر باهظا. ففي حال عدم تنفيذها يتم إقصاء المنتسب إلى الأبد ليمضي بقية حياته متوجسا مخافة تلقّي رصاصة قاتل. فعلى سبيل المثال، يعيش فداء عيتاني، في الوقت الراهن، في منزل مستأجر على قمة جبل في مكان قاحل على بعد 40 ميلا خارج بيروت. وفي الأثناء، تتكفل كلاب الحراسة وكاميرات تلفزيونية ذات دائرة مغلقة قام بتركيبها حول محيط إقامته بحمايته، حيث يخشى أن يقتله مقاتلو حزب الله الذين ظنهم ذات مرة يشاركونه الأفكار والتوجهات ذاتها.
على العموم، لا يتوجّه المجنَّدون إلى إيران إلا حين يُوصى بهم للخضوع إلى تدريبات متقدمة. وإثر وصولهم إلى مركز التدريب بالقرب من طهران، تم تعيين الفريداوي ورفاقه لتجهيز الأسرة في صالات النوم المشتركة. والجدير بالذكر أن المرافق كانت نظيفة إلا أنها كانت أكثر برودة مقارنة بالأماكن التي أقاموا فيها سابقا، حيث كانت الثلوج تغطي الوادي المحيط بالقاعدة.
أظهر المدربون الإيرانيون للمقاتلين كيفية استخدام الرشاشات والأسلحة متحدة المحور من عيار 14.5 ملم و23 ملم. أما الدورات فسُميّت تيمنا بأبطال يُطلقون عليهم اسم “محور المقاومة” ضد إسرائيل والغرب. ومن بين هذه الأسماء؛ مصطفى تشمران، مقاتل العصابات الإيراني الذي ساعد على تدريب المقاتلين الشيعة في لبنان وتوفي أثناء قيادته لمعركة ضد القوات العراقية، وعماد مغنية، قائد حزب الله سيء السمعة الذي تم اغتياله في دمشق. بالإضافة إلى فتحي الشقاقي، مؤسس حركة الجهاد الإسلامي وهي الجماعة الفلسطينية المسلحة.
عموما، ركّز القائمون على المعسكر على تدريب المشاة وقوات الكوماندوز وعمليات الاستجابة السريعة. وخلال إحدى الدورات التدريبية، تم إرسال المقاتلين إلى البرية، حيث يتوجب عليهم البقاء على قيد الحياة لعدة أسابيع. وتشمل التدريبات الخاصة إطلاق صواريخ متوسطة المدى واختبار المركبات العسكرية. وفي هذا السياق، أوضح أحد مقاتلي حزب الله أن طياري حزب الله المدربين من قبل الإيرانيين كانوا يستخدمون الطائرات في سوريا. ووصف مقاتل آخر التدريبات على كيفية استخدام صواريخ “بركان” وصواريخ “زلزال” الإيرانية التي استخدمها مقاتلو حزب الله في كثير من الأحيان ضد إسرائيل.
من جهتهم، صرّح قدامى برنامج التدريب أنهم هم أو زملائهم قد تدربوا جنبا إلى جنب مع الباكستانيين والأفغان واليمنيين. وعلى الرغم من النظام العسكري الصارم والقواعد القاسية، قال الفريداوي إنه كان مُعجبا بما أبداه المضيفون الإيرانيون تجاههم من حسن معاملة، حيث “كانوا يعاملوننا بشكل جيد”. وأضاف الفريداوي قائلا: “تخيل أنهم كانوا ينظفون ملابسنا وجواربنا يدويا، كما كانوا يطلقون علينا “المجاهدين” وأنهم على استعداد لتقبيل أحذيتنا”.
في سبيل التغلب على حاجز اللغة، كان المقاتلون اللبنانيون المحنّكين يعملون أحيانا على اعتبارهم مدربين. كان “حيدر” على دراية بحيثيات العملية الكاملة للتجنيد والتدريب ونشر المقاتلين الموالين لإيران. ويعد “حيدر” أحد قادة حزب الله الذي قبل إجراء مقابلة مع موقع “بازفيد نيوز”، في مطلع هذه السنة جنوب بيروت. وقد طلب عدم الكشف عن هويته كاملة وتفاصيل خاصة أخرى خوفا من القصاص.
في أوائل التسعينات، انضم “حيدر” إلى حزب الله وقد حارب مرارا وتكرار ضد إسرائيل بما في ذلك حرب صيف 2006 التي مثلت آخر صراع رئيسي بين الطرفين. وقدّر “حيدر” أنه قد تم نشر حوالي 2000 من رفاقه في العراق لتدريب رجال المليشيات وقال أن مدربي حزب الله قد تم إرسالهم إلى اليمن لإعداد المقاتلين الحوثيين المتحالفين مع إيران قبيل استيلائهم على العاصمة صنعاء سنة 2015. وقد ساعد “حيدر” بنفسه في إعداد المقاتلين في سوريا والعراق.
في هذا الإطار، أفاد “حيدر” “قمنا بتدريبهم على استخدام جميع أنواع أسلحة الشوارع. أولا وقبل كل شيء، نقوم بإعطائهم درسا جيدا في حرب العصابات، حيث نأخذهم إلى الميدان كما نعطيهم دروسا في قاعات الدرس. علاوة على ذلك، نتطرق إلى الخسائر السابقة ونناقش الأخطاء التي ارتكبوها”. وبالنسبة للذين يتمتعون باللياقة البدينة فقد يتم تعيينهم في المراكز القتالية، فيما يتم تكليف الرجال الأكبر سنا أو الأضعف بوظائف تتعلق بالاتصالات أو يتم تعليمهم الإسعافات الأولية أو لغة ما بما في دلك العبرية أو الفارسية.
على مر العقود، تم تبسيط النظام بأكمله ليتحول إلى آلة للإنتاج المتزايد للمقاتلين المدربين بشكل جيد والمُندفعين المخلصين لإيران. وفي تعليقه على برنامج التدريب، أورد “حيدر” “أشعر بالسعادة لتواجد دولة مسلمة شقيقة التي تسمح لنا بالقيام بهذا التدريب. في الواقع، طبّقنا ما تعلّمناه على أرض المعركة [في جنوب لبنان] ضد الإسرائيليين سنة 2006 وفي حلب سنة 2015 ونأمل تطبيقه قريبا في منطقة الجليل يوما ما”، في إشارة إلى الجزء الشمالي من إسرائيل ودون ذكر أي معلومة بشأن الهدف الأسمى وراء هذه المساعي.
في إحدى أيام شهر كانون الثاني/ يناير، رافق مدربون أمريكيون يركبون مركبات “هامفي” مجموعة من الجنود العراقيين في تمارين تدريبية حتى بلغوا نقطة تفتيش منتصبة في مدخل جبل حمرين شمال بغداد. كان من المتوقع أن يمروا مرور الكرام ولكن استوقفهم مقاتلو حركة نجباء حزب الله، المتمركزة في المكان. فأجبرت القوات الأمريكية والعراقية على الانسحاب والعودة إلى مخيمها، وفق ما ذكره مسئولين أمريكيين وبعض الصحف المحلية.
في رواية غير دقيقة وردت في الإعلام النظام العراقي والإيراني فإن قوات متطوعة عراقية أغلقت الطريق في وجه القوات الأمريكية المارة إلى جبل صلاح الدين وطردتهم من المنطقة مرة أخرى. وقد تكرر مثل هذا الحادث عديد المرات يثبت الدعم الذي تقدمه إيران للميليشيات الشيعية التي تستعرض عضلاتها في المنطقة وتمنع الولايات المتحدة الأمريكية من تحقيق أهدافها.
في العراق وفي حربه ضد تنظيم الدولة تحولت القوات شبه العسكرية إلى قوة عسكرية وسياسية لا يستهان بها وبلغ عدد جنودها قرابة 172 ألف جندي. فالميليشيات الشيعية الآن لديها محطاتها التلفزيونية وشركات البناء خاصة بها، بل وحتى نوادي كرة قدم تحت رعايتها. كما يسيطرون على شبكات المحسوبية، التي يمسك بزمامها شباب عراقي أهلكه الفقر، وتتلقى الدعم من القيادات السياسية في بغداد.
خلال السنة المنصرمة، أعلن رئيس وزرائهم العراقي حيدر العبادي مخططا للاعتراف بالمجموعات شبه العسكرية والتي تعرف رسميا باسم “وحدات التعبئة الشعبية”، وخضوعا عند تنامي قوتها، كجزء من القوات المسلحة. وقد سيطرت ميليشيا “أصحاب الحق” المدعومة من إيران على المواقع المتاخمة لمدينة تلعفر، ما زاد في تعقيد مخطط الولايات المتحدة الأمريكية وحكومة العبادي الهادف للتقليل من استخدام القوات العراقية المثيرة للجدل في مهمة استرجاع المدينة من قبضة تنظيم الدولة.
من جانبه، صرح حيدر العبادي يوم السبت الماضي أن الميليشيات العراقية التي تحتوي على مجموعات قبلية سنية ومقاتلين شيعة تستعد لخوض معركة استرجاع تلعفر، وهو ما يثير مخاوف نشوب صراع طائفي جديد. أما في اليمن، فيسيطر المقاتلون الحوثيون الذين تدعمهم إيران على العاصمة صنعاء وطردوا القوات الموالية للأمم المتحدة الداعمة للحكومة.
وقد صُدم المسؤولون الأمريكيون عند اكتشافهم أن الحوثيون بدؤوا باستخدام قوارب تحكم عن بعد تطلق صورايخ أرض جو على المراكب في مضيق باب المندب، وهو نقطة رئيسية في مسار تزود العالم بالطاقة. وقد استخدمت هذه الصواريخ من قَبل من قِبل حزب الله للتصدي للقوارب الإسرائيلية في حرب 2006 على لبنان.
وقد قال مايكل كونل، وهو مسئول سابق في الجيش الأمريكي ويرأس البرنامج الإيراني في مركز التحاليل البحري، وهي مؤسسة فكرية ممولة اتحاديا: “للحوثيين قوارب تحمل صواريخ مضادة للسفن، وهم على درجة عالية من التدريب”، وأضاف: “هذه المعدات ليست سهلة الاستخدام، أو يمكن استخدامها بمجرد أن تقرأ دليل الاستخدام. يجب أن يكون المستخدم مدربا جيدا. وقد يستغرق هذا أشهرا من التدريب”.
ما يثير القلق لدى البعض هو توظيف تلك الميليشيا للقوة من أجل أغراض سياسية طويلة الأمد. للذكر لا للحصر فإن التدخل الإيراني ساعد في تحول الحوثيين في اليمن من حراك قبلي ثائر في وجه الحكومة في صنعاء إلى حركة طائفية تتبنى شعارات طهران وحزب الله المعادية لإسرائيل والغرب. وقد قال إلي كارمون: “ما يثير القلق حول الحوثيون ليس تلقيهم للدعم العسكري الإيراني، ولكن أنهم أصبحوا جزءا من المحور الإيديولوجي”.
يشعر حلفاء إيران في كامل المنطقة أنهم في خطر، فقد وقف أخيرا دونالد ترامب إلى جانب رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وطلب منه محاربة حزب الله، لكن على ما يبدو أنه غير مدرك الأخير يدير حكومة بها قيادات منتمية للحزب. وقد قال حودر القيادي في حزب الله: “نحن الفائزون، انظر من يدير لبنان، انظر إلى من يتحكم في صنعاء وبغداد”.
في سوريا تزخر الروايات عن عائلات شيعية جاءت من العراق ولبنان واستوطنت في المناطق السنية التي هرب منها أهلها جراء الحرب. كما بدا واضحا رغبة حلفاء إيران في تأسيس مواقع انتقال مفصلية قريبة من الحدود العراقية وبالقرب من الحدود الإسرائيلية ومرتفعات هضبة الجولان.
كما بدأ الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وخلفاء إيران داخل سوريا. وفق تصريح صادر عن البنتاغون تابع مسئولون أمريكيون في 18 أيار/ مايو بشغف مجموعة من المغاوير الأمريكية وهم بالقرب من قاعدة معزولة في جنوب سوريا يترصدون قافلة مؤلفة من 20 سيارة تسير نحوهم، 13 سيارة منها توغلت بعمق داخل منطقة حظر نشوب النزاعات.
أرسلت الولايات المتحدة طائرتين “كاستعراض قوة” بهدف منع تقدم ما تبين لاحقا أنه قافلة لميليشيات تدعمها إيران. إلا أن القافلة لم تتوقف، فغارت عليها الطائرات الأمريكية فدمرت على الأقل سيارتين في الموكب.
وقد تحدث المسئولون الأمريكيون عن تنامي وكلاء إيران في المنطقة، وهم يعملون على وضع إستراتيجية لمجابهتهم. وقد قال وزير الدفاع الأمريكي جايمس ماتيس في زيارة له للسعودية في نيسان/ أبريل: “نراقب تأثير إيران في المنطقة من خلال الميليشيات التي تدعمها”. وأضاف: “لدى إيران جيشها الخاص في سوريا ويواصل مساندة بقاء الأسد في السلطة. أينما نظرت وحيثما كانت هناك اضطرابات تجد إيران موجودة”.
وجنّد حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة مواردهم لمراقبة الميليشيات الإيرانية، وهم يستخدمون في هذه المهمة كلا من أدوات المراقبة الإلكترونية وشبكة المخابرات المنتشرة في المنطقة. وقد قال كوبرواسر، الجنرال العميد المتقاعد ورئيس سابق في وحدة البحث: “تعلم إسرائيل ما تبنيه إيران، ومع من تعمل، ونوعية التدريبات ومكانها. ونحن نبحث عن طريقة للتخفيض من عددها فعندما تبدأ الحرب الكبيرة سيكونون الأقل قدرة”.
بينما يرى خبراء آخرون ضرورة إتباع مقاربة مختلفة أكثر تدرجا في مواجهة الفيلق الإيراني الأجنبي، وتتضمن العمل وفق البعد الإيديولوجي والعسكري. لأن أية جهود مثمرة في مواجهة إيران لا بد أن يسبقها إعداد أصوات سياسية معارضة لتحركات طهران.
ففي الدول العربية ودول آسيا الجنوبية حيث يزدهر استقطاب الميليشيات الشيعية، يثير المشروع الإيراني جدلا واسعا. فقد أغلقت باكستان منظمة خيرية يشتبه في استقطابها للشباب الشيعي للقتال مع لواء زينبيون في سوريا. في الأثناء حذّر المسئولون الأفغان من عودة قرابة 18 ألف مقاتل من سوريا، وما قد يسببونه من فوضى وفساد.
ويختلف الشعب الإيراني حول دعم الحكومة لتلك الميليشيات. فوفق استطلاع للرأي أجراه “إيران بول” والمركز الدولي للدراسات الأمنية في ماريلاند يوم 28 تموز/ يوليو، فإن 39 بالمائة من الإيرانيين مستعدين لبتر دعم النظام لحزب الله ونظام الأسد بشرط تخفيف العقوبات الأمريكية، بينما يعارض هذا المسار 58 بالمائة. هناك داخل إيران نواة شعبية غير مسبوقة معارضة لمشروعها التوسعي.
في نيسان/ أبريل من هذا العام شن طالب إيراني في مدينة تبريز هجوما ضد الدعم الإيراني للمجموعات المسلحة في المنطقة. وقد قال في فيديو مسجل مخاطبا حسان عباسي الذي يترأس مركز الدراسات التابع للحرس الثوري الإيراني : “نظريتك نظرية رعب وإرهاب، وتصدير للأسلحة والحرب. تتمثل نظريتك في دعم الدكتاتور والسفاح بشار الأسد”.
بعد أسبوع تحدث عمدة طهران السابق غلام حسين كرباشي في منتدى عام متسائلا عن سبب بعث إيران لمقاتلين في المختلف الدول في المنطقة فقال: “نريد سلاما في سوريا، ولبنان، واليمن، وندعم المضطهدين ونساند الشيعة، ولكن لن يتحقق هذا بمجرد تقديم المال وبيع الأسلحة والقتل والصراع”.
بدأ إطلاق النار في وقت مبكر هذه الصباح، وتواصل حتى غروب الشمس. ثم استهدفت قذائف الهاون والصواريخ هضاب دمشق حيث يقبع فريداوي والمقاتلين الذين معه الذين انتدبوا في وقت مبكر من سنة 2014 لدرأ تقدم المعارضة السورية. كانت المعارك مرعبة وقاسية، تعجز كل التدريبات في العالم عن إعدادك لمثلها.
قال فريداوي “تم نقلنا إلى إحدى المواقع وأمرنا بمنع العدو من الدخول. فنشبت معارك شوارع. وقد كانت الأيام الخمسة الأولى الأصعب، خسرنا الكثير من الرجال، وجرح الكثيرون”. وكانت هناك رحمة مؤجلة لهم. فبعد أن منعوا من التدخين ومن استعمال الهواتف الجوالة في تلك الأسابيع التي قضوها في إيران، أصبح فريداوي قادرا على التدخين والاتصال بأهله مرة أخرى. وقد كان كبار المقاتلين معجبين بشجاعة فريداوي حتى لقبوه “شبل الأسد”.بعد مرور ثلاثة أسابيع من المعارك ارتاحت النفوس بقدوم مقاتلين من حزب الله لدعمهم في شن هجوم مضاد. ارتفعت المعنويات لأنهم أصبحوا قادرين على مواجهة الثوار مرة أخرى. ومع ذوبان ثلج شباط/ فبراير خفت حدة المعارك بالتحاق مقاتلين من الجوار السوري مدربين في إيران. ومثّل المقاتلون المدربون في إيران قيمة ثمينة في سوريا والعراق واليمن في دعم حلفاء دولة ولاية الفقيه. وقد مثلّت سوريا مدرسة تخرج منها عتاة المقاتلين، إذ أصبحت مكانا يصقل فيه المقاتلون مهاراتهم في معارك حقيقية، ربما في حرب هي الأعقد والأكثر تطرفا عاشها جيل الآن.
وقد قال مقاتل عراقي شارك بشكل متكرر في معارك في الضاحية الغربية لدمشق، تخللها خوضه لدورات تدريبية أسبوعية مطولة في إيران: “لم يمر يوم في سوريا من دون أن تستهدفني رصاصة قنّاص. في العراق نحرر 50 كيلومترا في يوم واحد، أما في سوريا فنقاتل 15 يوما من أجل تحرير 50 مترا”.
وفي صيف سنة 2015 انتدب كاظم صديق فريداوي للقتال في جنوب حلب. استقل الطائرة من منطقة الأحواز في إيران نحو دمشق ثم نقل عبر الحافلة للمساعدة في كسر حصار الفوعة وكفريا، وهما مدينتين شيعيتين يحاصرهما مقاتلو المعارضة. فعيّن في نقطة عبور وأمر بحمايتها. ومن ثم تحول ذلك الصيف إلى جحيم. كانت المعارك ضارية وكان لدى المعارضة قذائف كورنيت وصواريخ كاتيوشا. وقد قال واصفا المشهد: “لم تكن المعارك كما في العراق”، التي شارك فيها في معارك عدة ضد تنظيم الدولة وأنصاره.
خلال إحدى المعارك جذبهم العدو إلى وادي أعد فيه كمين لهم، وكانوا قليلي العدد والعدة، فركضوا ببطء نحو الأنفاق حيث تم قنصهم وقتلهم. وقد قال كاظم وهو يتذكر ما حصل: “قدمنا 40 شهيدا. ولكن كان الإيرانيون مساندين لنا، وكانوا يقودوننا وكانوا بحاجة لنا لنحمي أظهرهم”. وفي الوقت الذي يتشكك فيه بعض مقاتلي حزب الله أو “أصحاب الحق” من دور تلك الميليشيات، فإن غالبيتهم تعتبر أنها تقوم بعمل ذو قيمة. فهم أبطال في مجتمعاتهم، خاطروا بحياتهم لحماية شعبهم.
وقد قال كونل، من مركز التحاليل البحرية: “هناك التزام إيديولوجي، فليس المصلحة الشخصية وحدها من يجذب الناس للقتال، بل هو الإيمان بما يقومون به”. وخلال حوارات مطولة تحدث فيرداوي عن سلام أبو طيبة القيادي الشهير في فيلق “أصحاب الحق” والذي تدرب معه في إيران، وقاتل معه في سوريا والعراق قبل أن يقتل في إحدى المعارك ضد تنظيم الدولة السنة الماضية. والآن يرتدي فيرداوي سترة واقية من الرصاص تعود لسلام أبو طيبة.
وقد قال: “لم نتلقى الرواتب في الأيام الأولى، قاتلنا من أجل ما نؤمن به، من أجل الشيعة”. وفي كانون الثاني/ يناير عندما التقى هو وصديقه كاظم “بباز فيد” كان فيرداوي يستعد للعودة لإيران من أجل المشاركة في دورتين تدريبيتين مدة الواحدة منها 45 يوما. فقال إنه متشوق لخوض هذه التجربة على الرغم من أنه يعلم أنه سيمنع من تدخين الشيشة واستخدام الهاتف الجوال لفترة طويلة. ولكنه قال: “أشعر كأن إيران أمي”.
========================
فورين أفيرز: ما دلالات توقف أمريكا عن دعم المعارضة السورية؟
http://arabi21.com/story/1025175/فورين-أفيرز-ما-دلالات-توقف-أمريكا-عن-دعم-المعارضة-السورية#tag_49219
نشرت مجلة "فورين أفيرز" مقالا للباحث الفرنسي المتخصص في الشأن السوري في معهد واشنطن، فابريس بالونش، يقول فيه إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف برنامج المخابرات الأمريكية "سي آي إيه" دعم المعارضة السورية، هو صورة عن تخلي واشنطن عن الساحة السورية لروسيا.
ويقول بالونش إن "ما أوردته صحيفة (واشنطن بوست) في 19 تموز/ يوليو، بشأن وقف برنامج وكالة الاستخبارات الأمريكية لدعم المقاتلين السوريين، الذين يريدون الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، يكشف أن إدارة ترامب لم تعد ترى أولوية في تغيير النظام في دمشق، وهو المطلب الذي تمسكت به الإدارة السابقة، مع أنها لم تقم بعمل الكثير لدعم فصائل المعارضة السورية التي ينظر إليها على أنها معتدلة، وكان برنامج دعم فصائل الجيش السوري الحر قبل 4 أعوام، واستفاد منه حوالي 20 ألف مقاتل، بينهم فرق مثل الفرقة 13 من كتيبة حمزة في شمال غرب سوريا، وأسود الشرق في جنوب البلاد".
ويستدرك الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه "رغم كلفة البرنامج التي وصلت مئات الملايين في العام، إلا أن أثره على قدرة المقاتلين على قتال الحكومة والإطاحة بها ظل محدودا، ومن هنا فإن وقف البرنامج يعكس موقفا براغماتيا من الواقع في سوريا، وقرارا من الولايات المتحدة التخلي عن الساحة السورية للروس، وما هو مهم في هذا السياق هو فقدان الولايات المتحدة مصداقيتها بين الجماعات الوكيلة عنها في الشرق الأوسط".
ويشير بالونش إلى أن "برنامج (سي آي إيه) بدأ في حزيران/ يونيو 2013، مع أن الولايات المتحدة تقدم الدعم للمقاتلين السوريين سرا منذ عام 2012، وكان الهدف من البرنامج هو تعزيز قوة مقاتلي الجيش السوري الحر ضد الجماعات الجهادية والمتشددة، مثل جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا، التي غيرت اسمها إلى هيئة تحرير الشام، وقررت إدارة باراك أوباما وقادة في الكونغرس دعم المعارضة بعد تقارير عدة أظهرت استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي، وبناء على شروط البرنامج تقدم الولايات المتحدة السلاح الخفيف والتدريب والرواتب، وأحيانا صواريخ (تي دبليو أو) المضادة للدبابات، لكنها رفضت تقديم السلاح الثقيل لهم، مثل الصواريخ المضادة للطائرات؛ خشية أن تقع في يد هيئة تحرير الشام، خاصة أن الجيش السوري الحر لم يتردد في المشاركة في القتال مع هيئة تحرير الشام وأحرار الشام والجماعات الإسلامية، التي عادة ما حازت على السلاح الأمريكي أو اشترته".
ويلفت الكاتب إلى أن "(سي آي إيه) قدمت في البداية الدعم للمقاتلين الذين يقاتلون على الجبهة الشمالية، بما فيها محافظات اللاذقية وحلب وإدلب وحماة، وجبهات الوسط، محافظة حمص، والجنوب في محافظات القنيطرة ودمشق والسويداء ودرعا، إلا أن التطورات في السنوات الماضية، خاصة الانشقاقات التي حدثت داخل صفوف المعارضة للنظام إلى تركيا والأردن، جعلتها غير فاعلة ومعزولة".
ويذكر بالونش أنه "في الجبهة الجنوبية، التي تعد المسرح الرئيسي للدعم الأمريكي؛ بسبب ضعف وجود الجهاديين، فشلت المعارضة في محاولة السيطرة على دمشق، بالإضافة إلى محاولات السيطرة على درعا والسويداء، حيث تجمد القتال على هذه الجبهة منذ التدخل الروسي في أيلول/ سبتمبر 2015، حيث اتفقت روسيا والأردن وحكومة النظام على وقف إطلاق النار في محافظة درعا، وأغلق الأردن حدوده مع سوريا أمام نقل التعزيزات للمقاتلين، وطلب منهم التوقف عن مواجهة قوات النظام، وكان على المقاتلين الاستجابة للاستمرار في تلقي رواتبهم والحماية من المقاتلين الإسلاميين، وكان وزير الخارجية الأمريكي في حينه جون كيري، راضيا عن التعاون الروسي الأردني، لكن لم يكن أمامه أي خيار، فالملك عبدالله الثاني كان راغبا بوقف القصف السجادي لمناطق المعارضة في محافظة درعا، بشكل سيتسبب بتدفق اللاجئين إلى بلاده، وخشيت عمان من انتشار الفوضى في الجنوب السوري، بشكل يؤدي إلى تقوية المعارضة المتشددة، ويعرض الأردن للمخاطر، ووجدت المعارضة في الجنوب نفسها أمام خيار الدفاع عن نفسها ضد تنظيم الدولة فقط وليس قتال النظام".
وينوه الكاتب إلى أن "تغيرا حدث في الموقف التركي، حيث كانت أنقرة من الداعمين لتغيير النظام، إلا أن تقاربها مع موسكو في عام 2016 جعلها تغير استراتيجيتها، من تغيير النظام إلى منع القوات التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي من السيطرة على مناطق تمتد من عفرين في شمال شرق البلاد حتى نهر الفرات، التي تمتد على 500 ميل من الحدود السورية مع تركيا، وسمح الروس للأخيرة بالتدخل في منطقة الباب، بحيث منعت تقدم مقاتلي قوات حماية الشعب الكردية، وفي نهاية عام 2016 سحبت تركيا دعمها للمقاتلين في حلب الشرقية، بشكل عجل من هزيمتهم على يد القوات التابعة للنظام، وتدعم تركيا اليوم اتفاقيات تجميد القتال التي رعتها مع روسيا وإيران، أو ما يطلق عليها (عملية أستانة)، وشجعت تركيا مقاتلي أحرار الشام الذين تدعمهم على قتال هيئة أحرار الشام في محافظة إدلب، ولم تعد تقاتل النظام، حيث وجدت الحكومة التركية أنها بحاجة إلى حكومة سورية مستقرة؛ لمنع تقدم المقاتلين الأكراد على حدودها الجنوبية".
ويقول بالونش: "لم يبق للمقاتلين المدعومين من الولايات المتحدة إلا جبهة التنف في جنوب شرق سوريا، وتعرف المجموعة باسم (أسود الشرق) وجيش القيادة الثورية، الذي كان يعرف بالجيش السوري الجديد، الذي أصبح في موقع يهدد دمشق وسلسلة جبال القلمون على الحدود السورية اللبنانية، واستغل فرصة انسحاب مقاتلي تنظيم الدولة من المنطقة الصحراوية الواقعة بين الأردن وتدمر، وسيطر على مناطق واسعة بين التنف وجبال القلمون، إلا أن الهجوم المضاد، الذي قام به النظام والجماعات الشيعية الموالية له، حدد المقاتلين في التنف، حيث يحظون بحماية من القوات الأمريكية الخاصة، ولا يشكلون في هذه الحالة تهديدا للنظام".
ويرى الكاتب أن "برنامج (سي آي إيه) لم يعد ذا أثر كبير؛ بسبب ضعف التعاون التركي والأردني معه، وكانت أخر محاولة للهجوم على دمشق في عام 2013، أي قبل أربعة أعوام، ومنذ ذلك الوقت تسيطر الجماعات ذات الأيديولوجية الإسلامية، وتحظى بدعم محلي في المنطقة، وهمشت الجماعات التي توصف بالمعتدلة".
ويفيد بالونش بأنه "في الشمال، سحقت هيئة تحرير الشام وتنظيم الدولة الجماعات المدعومة من الولايات المتحدة، أما في الجنوب فلم تشارك المعارضة المعتدلة في العملية الأخيرة التي شنتها هيئة تحرير الشام للسيطرة على درعا، وبناء على الظروف الحالية فإن دعم واشنطن للقوات المعارضة للنظام يعد أمرا عبثيا، فإن التمويل لن يؤدي إلى حرف ميزان المعركة الحالي، لكنه سيساعد على إضعاف معنويات المقاتلين، مع أن الحرب ذات الوتيرة المنخفضة ضد النظام قد تم التخلي عنها".
ويقول الكاتب: "يمكن للنظام أن يحرف انتباهه الآن للجماعات التي لا تزال تمثل خطرا كبيرا عليه في غرب البلاد، مثل هيئة تحرير الشام وجيش الإسلام المدعوم من السعودية، وهذا ما يحدث في الغوطة الشرقية ودرعا، اللتين اعتبرتا ضمن اتفاقيات أستانة مناطق تجميد النزاع، ويجب على النظام والمعارضة احترامها، ومن الناحية العملية لا يهتم النظام، فهو يستغل أي فرصة ويستفيد منها، خاصة بعد الأثر الكارثي الذي تركه قرار الولايات المتحدة على معنويات المعارضة، ويشعر المقاتلون بالضعف وأنهم تعرضوا للخيانة، وبالتأكيد فأثر الإعلان الأخير يشبه أثر سقوط حلب العام الماضي، الذي دفع عددا من الجماعات المقاتلة للبحث عن صفقة مع النظام، وقرر البعض الانتقال إلى إدلب، وبقي الآخرون في مناطقهم مستفيدين من قرار العفو، وقررت نسبة قليلة منهم الانضمام إلى هيئة أحرار الشام، مع أنهم لا يشتركون معها في الأيديولوجية".
ويلاحظ بالونش أن "إعلان ترامب عن وقف الدعم للمعارضة المعتدلة جاء بعد لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين في مدينة هامبورغ الألمانية، وفسر داخل الولايات المتحدة على أنه تنازل للروس، حيث تعتمد الولايات المتحدة على روسيا لوقف التأثير الإيراني في سوريا؛ لأنها لم تعد قادرة على القيام بهذا الأمر بطريقة مباشرة، فمن منظور أمريكي فإن وجود قوات روسية في الجنوب أفضل من وجود مقاتلي حزب الله والحرس الثوري الإيراني، وهو موقف إسرائيل أيضا، وبالنسبة لهما فإن نشر قوات روسية في هذه المنطقة للإشراف على وقف إطلاق النار هو أهون الشرين".
ويجد الكاتب أن "دعم المعارضة، وإن لم يعد ذا معنى من الناحية الاستراتيجية، إلا أن التخلي عنها يعيد ذكريات الانسحاب الأمريكي من العراق، ويقدم سابقة ثانية حول تعامل الولايات المتحدة مع حلفائها في المنطقة، ويستطيع النظام الآن الهجوم واستعادة محافظة دير الزور، دون خوف من تعرضه لهجمات في مناطق أخرى في البلاد، ومن خلال تخلي الولايات المتحدة عن دورها فإنها تسمح لإيران بأن تحقق حلمها في بناء طريق يمتد من حدودها إلى البحر المتوسط، ولا تستطيع القوات السنية الموالية لأمريكا منع حدوث هذا بسبب ضعفها، أما قوات سوريا الديمقراطية فلا رغبة لها بقتال النظام أبعد من مناطقها التي يعيش فيها الأكراد".
ويبين بالونش أن "قادة سوريا الديمقراطية يعلمون أن الدعم الأمريكي ليس مضمونا، وأن العدو هو تركيا، وهم يتساءلون عما سيحدث بعد سقوط الرقة، ومن المحتمل أن الدعم الأمريكي لها سيتوقف، حيث ستنتهي فائدتها، وستتحول إلى مصدر للنزاع مع تركيا، التي تحتاج الولايات المتحدة لدعمها لتوقف التوسع الإيراني في المنطقة، وقد تجد قوات سوريا الديمقراطية نفسها مدفوعة لطلب الحماية من روسيا، التي أثبتت أنها قادرة على حماية حلفائها".
ويذهب الكاتب إلى أن الولايات المتحدة تمنح النصر للنظام السوري وحلفائه، ويقول عن خطط المستقبل إن "هذا العام، أو ما تبقى منه سيكرسه الجيش السوري للعودة إلى الشرق، أما عام 2018 فسيحاول فيه النظام تدمير ما تبقى من جيوب للمقاومة، حتى في مناطق تجميد النزاع، وستجد قوات سوريا الديمقراطية نفسها أمام خيار التخلي عن مدينة الرقة للنظام مقابل قبولها في منطقة حكم ذاتي".
ويقول بالونش: "يبدو بوتين المنتصر الكبير في الحرب السورية، حيث استعاد موقع روسيا في الخارج، وبثمن قليل وخسائر بشرية أقل، وجعل من بلاده مرة أخرى لاعبا مهما في الشرق الأوسط".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الولايات المتحدة تأمل وسط هذا كله أن يحدث خلاف داخل التحالف الروسي الإيراني في سوريا، وقد تنتظر وقتا طويلا، فعلى خلاف إيران، فإن روسيا لا تريد تخريب علاقاتها مع إسرائيل، لكنها تشترك مع إيران في موقفها المعادي للمصالح السعودية، ويريد بوتين ترويض الرياض، التي تعد أكبر منظم لأسعار النفط في العالم، والممول للجماعات الإسلامية التي أثرت في قوة روسيا في الشيشان، أما إيران، فستكون ذكية بما فيه الكفاية للتحلي بالصبر، خاصة أنها حققت تميزا في الشرق الأوسط في لعبة الشطرنج الطويلة، وسيكون الرابحون هم الذين لديهم استراتيجية طويلة الأمد، واستطاعوا بناء علاقات مع وكلائهم المحليين، وفي هذا الإطار فقد تراجعت الولايات المتحدة خطوة للوراء".
========================
الصحافة البريطانية والروسية :
اندبندنت :التعامل مع قوى الأمر الواقع في حلب
http://www.albayan.ae/opinions/articles/2017-08-05-1.3017796
المصدر:روبرت فيسك *
قبل أربع سنوات من اليوم، مثُل السوري المدعو أبو الزين من بلدة القطبية بمحافظة حلب أمام المحكمة العامة للشرطة الثورية في بلدة دير حافر لخيانة أبناء عمه.
واتهم ابنا عمه سعيد وإبراهيم عبد الغفور بشتم «الجيش السوري الحر»، لا سيما وحدة متمردي المعارضة التي يتزعمها أبو الزين نفسه.
وجاء في الشهادة التي أدلى بها أمام المحكمة قوله: «تقدمت بشكوى للمحكمة للتحقيق فيها، وفوجئت بإطلاق سراحهما في اليوم التالي، علماً بأنهما يشتمان على الدوام الجيش الحر، لذا أهيب بمحكمتكم التحقيق معهما وإخضاعهما للمحاسبة وتحميلهما مسؤولية كل ما تفوها به».
وكان ما يدعى بالجيش السوري الحر، وهو عبارة عن مجموعة من المليشيا تضم منشقين من الجيش السوري النظامي، قد أحكم السيطرة في منتصف صيف 2012، بدعم وتسليح من دول الغرب على أجزاء واسعة من محافظة حلب. وأرسى نظاماً خاصاً به من المحاكم وأجهزة الشرطة، إلا أنه وفي غضون بضعة أشهر سيطر مقاتلو «داعش» على مساحات كبيرة من سوريا، بما في ذلك دير حافر.
وامتد حكم داعش الذي فرضوه حتى عاصمتهم المزعومة في الرقة، وسرعان ما شملت حيزاً من مدينة حلب الشرقية، إلا أن الشهر الفائت شهد دحر قوات «داعش»، أخيراً، من محافظة حلب على يد قوات الجيش السوري وبمؤازرة قصف الطيران الروسي،
لكن كيف نجا المواطنون السوريون القاطنون في تلك المناطق الواسعة في ظل قيادتهم الثورية الجديدة؟ هل قاوموا؟ هل تعاونوا؟ أم أنهم ساعدوا في دفع عجلة الأمور؟ ذلك أنه في اللحظة التي تتقبل فيها القوانين والمحاكم القضائية لأي سلطة جديدة فإنك تمنحها الشرعية.
ولم تتورط إلا حفنة قليلة من أبناء دير حافر في أعمال التجسس لصالح الحكومة السورية وقد دفعوا الثمن. وشهدت في يوم «تحرير» البلدة بأم العين أعمدة الصلب الحديدية تنتصب خارج جدران المحكمة الإسلامية المطلية بالسواد.
وتحدثت إلى شخص قتل شقيقه برصاصة في الرأس لمجرد أنه كان يرفع العلم السوري على سطح منزله، غير أني وجدت على أرض دار المحكمة مئات الملفات المصورة والمكتوبة بخط اليد، وتضمن أحدها اتهاماً لرجل اعتدى على مقاتل داعشي وحكم عليه بالموت على الأرجح بتهمة «خرق شريعة الله».
لم تكن معظم الملفات التي تمكنت من حشرها داخل حقيبة الكاميرا خاصتي مكتملة، وخلت معظمها من التاريخ، إلا أن مضمونها يرسم بوضوح صورة حية عن حالة الفقر والإحباط والاقتتال العائلي، وعن السرقات البسيطة وأعمال العنف، التي سادت في ظل الحكم الداعشي والعلماني خلال فترة الحرب الأهلية السورية.
ومن اللافت الإشارة إلى أنه حتى في ظل وقوع دير حافر تحت سيطرة «الجيش السوري الحر»، الممول والمسلح من الولايات المتحدة والغرب، كانت المحاكم الإسلامية موجودة، فحين دخلت البلدة مع القوات السورية هذا العام، كانت ملفات الجيش السوري الحر من ضمن تلك التي تعود لـ«داعش»، كما عثرت على أكوام من المجلات الإسلامية داخل مستشفى ميداني للتنظيم تحت معبر الطريق السريع، حيث يبدو أن «الجيش الحر» والمليشيات كانوا يتعاونون بحرية في بعض الأحيان.
واتسم عدد من الحالات المقدمة للمحكمة بأنه كان مثيراً للشفقة، وكشف إحداها عن قصة امرأة وصفت بأنها الزوجة الأولى لمحمود علوش، البالغ من العمر 32 عاماً من قرية المعزة قالت فيها: «منذ عامين وأنا وزوجي لا نتوقف عن المشاجرة، حيث يقوم بضربي على الدوام، وقد تزوج من امرأة ثانية وهجرني وأذلني، وتعاركنا وأخبرته أنني لا أستطيع أن أتحمل العيش تحت سقف واحد مع زوجته الثانية».
وتضمنت بعض القضايا الأخرى. ووصف صاحب متجر يدعى موسى الحسون كيف سرق راغب العلي مجموعة من الموازين الإلكترونية من متجره وكيف طارده على دراجته النارية.
وأوقف العلي وتعرض للضرب على يد عدد من الجيران. وفتح دعوى بالموضوع حيث عرضته المحكمة القضية على مجموعة من القضاة لأنه «تجاوز الخطوط الحمراء المقدسة»، في حكم يجمع بين الشريعة والكليشيه الأميركي الأشهر في جملة واحدة!
ويظهر ذلك وجود تعاون وتنسيق بين أبناء قرى حلب مع أسيادهم المتشددين في محيط منطقة دير حافر، فهل تعتبر هذه جريمة؟ أم كانت بدافع الضرورة؟ ومن كان يسعهم اللجوء إليه لتحقيق «العدالة» في ظل غياب محاكم النظام؟ وشهد يوم إعادة سيطرة قوات النظام السورية على البلدة في نهاية مارس الماضي، قيام مواطني 27 قرية في منطقة دير حافر بإرسال عريضة للجيش يطالبون فيها بحصول «مصالحة». وبالفعل أرسل الجيش الطلب لحكومة دمشق، لكن الردّ لم يعرف بعد.
========================
كومرسانت: لا مهرب من اللاجئين السوريين
http://www.all4syria.info/Archive/431668
كلنا شركاء: كومرسانت- ترجمة سمير رمان- جيرون
مقدِّمة
تركيا تغيِّر سياستها تجاه اللاجئين السوريين، وترفض استقبال لاجئين جدد من جارتها سورية التي تجتاحها الحرب الأهلية. ويجبر نقص الأمكنة، في مخيمات اللاجئين في تركيا التي يتواجد فيها مئات آلاف السوريين، أنقرةَ على إعادة النظر في استراتيجيتها في سورية. وكبديلٍ تقترح تركيا نقل اللاجئين إلى سورية نفسها وتوزيعهم على مناطق خفض التوتر التي أُقيمت بالتنسيق مع روسيا وإيران. تبحث صحيفة (كومرسانت) في حياة اللاجئين السوريين في تركيا، وفي الدور الذي يلعبه هؤلاء اللاجئين في السياسة التركية.
مسموح للمولودين في تركيا – ممنوعٌ على الوافدين
نحن سنوقف كلَّ أنواع خرق القانون التي تحدث في العراق وسورية. وعلى مساحة ألفي كم مربع أقمنا مناطق آمنة، وقضينا على العناصر الإرهابية هناك، ليتمكّن إخوتنا السوريون من العيش بسلامٍ وأمنٍ”، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطابه الأسبوع الماضي في مدينة حرَّان التركية (ولاية شانلي أورفا) الملاصقة للحدود السورية. وأوضح أردوغان جوهرَ سياسة أنقرة الجديدة تجاه اللاجئين السوريين: “المسافة التي تفصل مدينة حرّان التركية عن مدينة الرقَّة السورية، التي أعلنها تنظيم (الدولة الإسلامية) عاصمةً لخلافته المزعومة لا تزيد عن 100 كيلو متر”.
كان خطاب الرئيس التركي موجَّهًا للمواطنين الأتراك الذين أبدوا دعمًا كبيرًا لعملية توسيع صلاحياته الرئاسية في الاستفتاء العام الذي أُجري في 16 نيسان، واستهدف الخطاب أيضًا اللاجئين السوريين الذين أظهرت الإحصاءات الحكومية أنَّ عددهم في محافظة “شانلي أورفا” وحدها يناهز 450 ألفًا. “أوجدنا شروطًا آمنة في جرابلس، دابق وفي مدينة الباب. واستطاع أكثر من 100 ألفٍ من إخوتنا السوريين العودة إلى منازلهم، ويتزايد عددهم من يومٍ إلى آخر”، صرَّح الرئيس أردوغان.
يؤكِّد المواطنون الأتراك الذين تحدَّثت إليهم الصحيفة أنَّ أنقرة تفضِّل حاليًّا تأمين ظروفٍ مناسبة لإقامة السوريين الذين يعانون من النزاع داخل بلادهم، وليس خارج حدودها. يقول رئيس قسم الأحوال الطارئة التركية AFAD محمد خالص بيلدين: “يفضِّل الكثيرون من السوريين البقاء في بلادهم، ولهذا عملت تركيا على إقامة مناطق آمنة ليتمكَّن السكَّان من مناطق الأعمال القتالية من الانتقال إليها، وليس اللجوء إلى دولٍ أُخرى”.
يُفسَّر التحوّل في سياسة أنقرة ببساطة: لم تعد المخيمات الـ 23 التي أقيمت في تركيا تستطيع استقبال لاجئين جُدد. ولم يتبقَّ فيها أماكن. والآن، يعيش فيها 274 ألف شخص؛ إلا أنَّ العدد الإجمالي للاجئين من سورية والعراق أكبر من هذا الرقم بعشرة أضعاف. تقدِّر السلطات في أنقرة عدد اللاجئين على الأراضي التركية بحوالي 3.5 مليون شخص، في حين تقول المنظمات الدولية إنَّ العدد بحدود 2.5 مليون.
على كلِّ حال، سيكون على تركيا توسيع المخيمات القائمة، أو العمل على بناء مخيماتٍ جديدة، على الأقلّ، بسبب ارتفاع معدلات الولادة بين اللاجئين، تعترف مدير AFAD: “على سبيل المثال، منذ افتتاحه، بلغ عدد المواليد الجدد في مخيم كهرمان مرعش 2000 طفل”.
أناسٌ في “منازل” بيضاء
تتألَّف مخيمات اللاجئين في تركيا من منازل/ “حاوياتٍ بيضاء متشابهة”، مؤلَّفة من طابقين. وعلى الرغم من ضيق المساحة، تحتوي هذه المنازل على غسَّالة ثياب، موقد للطبخ (فرن)، دش للاستحمام ومرحاض، مروحة وجهاز تلفاز. أمَّا أماكن النوم فهي عبارةٌ عن فراشٍ من الإسفنج يوضع على الأرض مباشرة. لا يمنع اللاجئون من مغادرة المخيَّم، الأمر الذي يستغلُّه ساكنو المخيَّم بفعالية؛ فمن الممكن إيجاد عملٍ في الأعمال الزراعية المنتشرة في المنطقة.
في مخيَّم كهرمان مرعش الذي يقطنه نحو 24 ألف لاجئ، يغادر منهم يوميًا، وبصورةٍ منتظمة، قرابة 6 آلاف شخصٍ. وكما يؤكد محمد خالص بيلدن، تتمُّ الرقابة عند مدخل المخيّم بغرض حماية اللاجئين من “التهديدات الخارجية”. وفقا لمدير آفاد AFAD.
الإعانات المخصصة لكلَّ لاجئ هي 100 ليرة تركية شهريًا. 50 ليرة من كلٍّ من منظمة آفاد ومن الهلال الأحمر التركي. هذا المبلغ يمنح لكل فردٍ في المخيَّم، بغضِّ النظر عن العمر؛ ممَّا يعني الحصول على 400- 500 ليرة للعائلة وسطيًا. ولا تترتَّب على قاطني المخيَّم أيّ نفقة لقاء الماء والكهرباء، إلا أنَّه لا يمكن القول إنَّ أسعار المواد في المتجر المحليّ، وهو من سلسلة سوبر ماركت BIM المنتشر في كافة أرجاء تركيا، هي أسعارٌ رمزية يتلقَّى بعض اللاجئين من سكان المخيّم 100 ليرة أُخرى بموجب بطاقةٍ خاصة. وبالإضافة إلى ذلك، يتلقى اللاجئون علاجًا مجانيًا (بما في ذلك في المستوصفات الخاصَة)، وكذلك يحصلون على التعليم من دون مقابل. وبحسب آفاد يستفيد 99 في المئة من اللاجئين من التعليم الأولي، إلا أنَّ نسبة من يُنهون التعليم الثانوي أقلُّ بكثير.
يعيش في إسطنبول 500 ألف من اللاجئين السوريين، ويمكن أن يُشاهدوا في كلِّ أحياء المدينة. وأصبح حيُّ يوسف باشا مكانًا يزدحم باللاجئين من أصول فلسطينية، يمنية، عراقية وغيرهما من الدول العربية. وفي شارع تورغوت أوزال قلَّما تجد يافطة تركية، فمعظمها مكتوب باللغة العربية تقريبًا. يقول اللاجئ السوري حسّان الذي أتيح لنا الحديث معه: إنه يعيش بشكلٍ ليس بالسيئ، بفضل تعلمّه أصبح لديه مكانٌ للسكن وعملٌ. ولكنّنه يعترف بأن وضع رفاقه الذين يعيشون في المخيمات أسوأ بكثير.
بالنسبة لإمكانية عودته إلى سورية، حدَّد حسَّان أنَّ الشرط الرئيس لعودته هو استقالة الرئيس بشار الأسد، وقال: “أقول بصدقٍ: سبق لي أن خدمت في صفوف القوات الحكومية، في القوات الجوية. وقد سنحت لي الفرصة للاحتكاك بالخبراء الروس، وقد نفّذت عدَّة طلعاتٍ معهم على طائرات سوخوي- 24 وسوخوي -22 والمقاتلة ميغ- 25. وكان الخبراء يقدمون الخبرة لنا. هربت من الجيش قبل ثلاث سنوات، لأنّ الوضع في الجيش السوري كان صعبا للغاية، والرواتب منخفضة، وظروف العمل غير طبيعية”. هرب حسّان وبقي أقاربه في دمشق.  “بإمكاني تحويل المال لهم، على الرغم من أنَّ النظام المصرفي في سورية لا يعمل، ونحصل على هذه الخدمة في السوق السوداء”، يقول حسَّان.
اللاجئون والسياسة الكبرى
أصبح موضوع اللاجئين السوريين واحدًا من العوامل الرئيسية في الجيو- سياسة. “لم يُحسن رجب طيِّب أردوغان اللعب على ورقة اللاجئين بشكلٍ ناجح مع الدول الأوربية، قال لصحيفة (كومرسانت) النائبُ في البرلمان عن حزب الشعوب الديمقراطية المعارض غارو بايلان. وقال: “تشكِّل مسألة اللاجئين أداةَ تأثيرٍ حقيقية؛ ولأنَّها كذلك، يغضُّ الغرب الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، بما في ذلك الضغوطات التي تُمارس على حزبنا”. ونذكِّر بأنَّ العديد من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطية يُتَّهمون بعلاقتهم بحزب العمل الكردستاني، الذي تعتبره تركيا منظمةٌ إرهابية.
وعلى الرغم من أنَّ تركيا تنفق الكثير من الموارد لاستضافة اللاجئين، فإنَّ السيد بايلان يعتبر أنَّ موقف حزب العدالة والتنمية الحاكم من اللاجئين قد عزِّز مواقعه. “إذا قارنَّا الأموال المنفقة بالمكاسب السياسية التي حققها حزب العدالة والتنمية؛ رأينا أنَّ الحزب قد استفاد فعلًا”، يرى النائب المعارض. حجم المبالغ التي أُنفقتها تركيا على اللاجئين فعلًا، هو موضوعٌ معقَّد: تقول منظمة (آفاد) إن المبلغ وصل إلى 25 مليار دولار، بينما قال الرئيس أردوغان في خطابه في مدينة شانلي أورفا، إنّ النفقات الفعلية قد تخطت النفقات التي خصصتها الحكومة التركية على اللاجئين لتبلغ قرابة 30 مليار دولار. أمَّا النائب بايليان فيعتبر أنَّ المبالغ لا تتخطَّى 20 مليار.
تختلف مقاربة تركيا لموضوع اللاجئين بشكلٍ جذري عنها في لبنان، الأردن أو العراق. في تلك البلدان، ليس هناك حديثٌ حول إمكانية اندماج اللاجئين، يوضِّح المحلل السياسي من مركز الدراسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط(ORSAM)  في أنقرة، خبير نادي “فالداي” أويتون أورهان. في تركيا، الأمر مختلف، هنا يوجد إدراكٌ بأنَّ بعض اللاجئين لن يعودوا إلى بلادهم بعد انتهاء الحرب. البعض منهم تمكّن من الاندماج في المجتمع وضمن الاقتصاد التركي”. ويضيف الخبير: “تعلن الأحزاب المعارضة أنَّ الرئيس أردوغان يعطي السوريين الجنسية التركية، وأنَّهم يدعمون حزبه وسيصبحون ناخبين موالين لحزبه؛ ولكنّ الحكومة في حقيقة الأمر، تنظر إلى اللاجئين السوريين باعتبارهم جسرًا سيمتدّ بين تركيا وسورية القادمة، مما سيعطي تركيا المزيد من النقاط في المجال السياسي والاقتصادي”.
الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية في أنقرة، تيمور أخماتوف، يلفت الانتباه إلى المشكلة التي قد تواجه حزب العدالة والتنمية، في حال منح عددٍ كبير من جوازات السفر التركية للاجئين السوريين والعراقيين. “المسألة القومية في تركيا على درجةٍ عالية من السخونة، عندما تتنامى المشاعر القومية، قد يخيب ظنُّ القوميين الأتراك بحزب العدالة والتنمية بسبب المحاباة المبالغ بها للاجئين السوريين، برأيهم”. يقول الخبير الروسي.
على كلِّ حال، هذا الموضوع لا يقلق القوميين الأتراك؛ فالعدد الإجمالي للحاصلين على الجنسية التركية لم يتجاوز 12 ألف سوري، منذ عام 2012 وحتى الآن.
========================
الصحافة التركية :
أكشام :نفاق وازدواجية معايير وآلاعيب أمريكية ضد تركيا بسوريا
http://www.turkpress.co/node/37744
كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
هناك تنظيمان في سوريا.
أولهما حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب، والآخر جبهة النصرة.
القصة الرسمية لحزب الاتحاد الديمقراطي معروفة على نطاق ضيق جدًّا. الحزب تأسس عام 2004 على يد حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، ليكون ذراعه في سوريا. أما وحدات حماية الشعب فهي الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي.
أما القصة غير الرسمية فتقول إن "الاتحاد الديمقراطي" وذراعه "وحدات حماية الشعب" تأسسا بناء على طلب الولايات المتحدة. وبهدف التخلص من ضغوط تركيا وإضفاء المشروعية في الساحة الدولية على التنظيم طلبت منه تغيير اسمه. وبليلة واحدة أصبحت وحدات حماية الشعب "قوات سوريا الديمقراطية".
وبعدها، أرسلت الولايات المتحدة إلى التنظيم حتى اليوم 909 شاحنات محملة بالأسلحة والذخيرة. تمتلك الولايات المتحدة ثماني نقاط عسكرية بينها قاعدتان جويتان في شمال سوريا. وتوفر الدعم العسكري الاحترافي لمسلحي هذا التنظيم الإرهابي، وتعمل على تشكيل جيش منهم.
يشكل حزب الاتحاد الديمقراطي جزءًا من منظومة المجتمع الكردستاني، المنظمة الأم لحزب العمال الكردستاني، ومن أجل طمس هذه الحقيقة، أصبح يُذكر الآن باسم "قوات سوريا الديمقراطية".
ننتقل إلى جبهة النصرة، التي بدأت تجذب أنظار الولايات المتحدة في الآونة الأحيرة بسوريا. بدأ ساعد التنظيم يشتد في إدلب المتاخمة للحدود التركية. وهو مدرج على قائمة التنظيمات الإرهابية في كل من الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وأوروبا والأمم المتحدة. وفي الواقع، لا يوجد حاليًّا تنظيم يُدعى النصرة.
فالتنظيم غير اسمه إلى "جبهة فتح الشام" عام 2016 من أجل قطع ارتباطه بالقاعدة وإخفاء آثاره. وأسس "هيئة تحرير الشام" الشبيهة عمليًّا بـ "قوات سوريا الديمقراطية".
لكن تغيير الاسم "لم ينطلِ" على الولايات المتحدة، التي تعتبر أن "جبهة فتح الشام" هي "النصرة" المرتبطة بالقاعدة، وأدرجتها على قائمة التنظيمات الغرهابية.
تزايدت قوة جبهة فتح الشام مع مرور الوقت في إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، وقبل يومين نشر المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا مايكل ريتني بيانًا بشأنها. وقال ريتني إن بلاده تعتبر جميع المقاتلين المرتبطين بجبهة النصر في إدلب جزءًا من تنظيم القاعدة، وبالتالي سيكونون مستهدفين من جانب الولايات المتحدة، رغم تغيير أسمائهم.
يأتي هذا في وقت جعل تغيير الاسم من وحدات حماية الشعب حليفًا للولايات المتحدة، ووفر لها 909 شاحنات من الأسلحة والذخائر، أما تغيير النصرة اسمها فكان بلا طائل. والمبعوث الأمريكي قال: "رغم تغيير اسمها ستبقى النصرة هدفًا للولايات المتحدة".
أي أن تلاعبًا بسيطًا بالمسميات يجعل من تنظيم إرهابي صديقًا للوايات المتحدة، عندما تسير الأمور لصالحها. لكن حين لا تصب الأمور في مصلحتها فلا يمكنك خداع واشنطن ولو غيرت اسمك مئة مرة، وستبقى هدفًا لها.
تصريحات ريتني بخصوص النصرة تكشف بكل وضوح عن نفاق الولايات المتحدة، وازدواجية معاييرها تجاه تركيا، بل عن نواياها السيئة التي تستهدف بلدنا.
========================
صباح التركية :"تهديدات القاعدة" وسياسة واشنطن "الخرقاء" في سوريا
http://www.turkpress.co/node/37743
برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
تتجه الأنظار مجددًا إلى سوريا بعد استعادة مدينة الموصل من تنظيم داعش. وبينما تستمر عملية الرقة، توصلت روسيا والولايات المتحدة بالاشتراك مع الأردن إلى اتفاق وقف إطلاق النار جنوبي سوريا، وهذا ما أعاد الوضع في شمالها إلى الواجهة.
قضيتان ساخنتان تشغلان الأجندة حاليًّا، الأولى هي انتقال السيطرة على إدلب من فصائل المعارضة إلى تنظيم القاعدة في سوريا (هيئة تحرير الشام)، والثانية الاستعدادت التركية لعملية ضد عفرين.
تدور الأحاديث عن عملية مشتركة تخوضها تركيا وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا ضد هيئة تحرير الشام، التي تجمع تحت لواءها الفصائل المتشتتة من داعش.
وفي هذه الأجواء يأتي بريت ماكغورك، المبعوث الأمريكي إلى التحالف الدولي لمكافحة داعش، ليتحدث عن "تهديد القاعدة" في شمال سوريا بقوله: "أصبحت إدلب أكبر مأوى لتنظيم القاعدة منذ هجمات 11 سبتمبر. نركز تركيزًا تامًّا على وجود القاعدة في إدلب".
ولا ينتهي تحذير ماكغورك حول شمال سوريا بهذه العبارات. ففي كلمة له بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، اتهم ماكغورك تركيا بدعم تنظيم القاعدة في إدلب بشكل غير مباشر. وألمح إلى أن أنقرة تغض الطرف عن شحنات الأسلحة إلى التنظيم.
اتهام شبيه بآخر سخيف سبقه حول "دعم أنقرة لداعش"، وفوق ذلك يأتي بعد حديث قائد القوات الأمريكية الخاصة توماس عن توصيتهم وحدات حماية الشعب بتغيير اسمها.
ويتزامن ذلك مع بلوغ شحنات الأسلحة الأمريكية إلى وحدات حماية الشعب 809 شاحنة، ومع إعلان هذه الأخيرة روزنامة انتخابات محلية في "الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا"..
تحدثنا حتى اليوم عن الدمار الذي أدت إليه سياسة إدارة أوباما في سوريا بكل أبعاده، كظهور تنظيم داعش نتيجة عدم دعم المعارضة، والمكتسبات التي حققها محور روسيا- الأسد- إيران. لم تتمكن إدارة ترامب من وضع استراتيجية دائمة في سوريا بسب تغييرات المناصب المستمرة والصراع الداخلي فيها. ولهذا فهي تواصل انتهاج سياسة إدارة أوباما الخاطئة.
ورغم أن إدارة أوباما كانت متزنة فيما يتعلق بجهودها لدمج إيران في النظام الدولي، إلا أن ترامب يؤكد عزمه محاصرة طهران بدعوى دعمها الإرهاب، غير أنه يعزز وضع إيران وروسيا في سوريا من جهة أخرى، بوقفه برنامج "سي آي إيه" لتسليح المعارضة. ويجمع المتابعون على أن "ترامب يغض الطرف عن تغلغل روسيا وإيران من أجل تحقيق الاستقرار". خطأ آخر يميز سياسة واشنطن "الخرقاء" في سوريا، وهو تهميش تركيا باستمرار من خلال تسليح وحدات حماية الشعب ودعمها عسكريًّا.
وكأن كل ذلك لم يكن كافيًا، فخرج ماكغورك واتهم تركيا من جديد بغض الطرف عن القاعدة، على مبدأ "ضربني وبكى وسبقني واشتكى".. واشنطن تدعم الإرهاب من جهة، وتتهم حليفتها تركيا بدعم الإرهاب لإحراجها.
وحقيقة، فقد مللنا وقاحة مسؤولي الولايات المتحدة، التي جرّت الشرق الأوسط إلى الفوضى الحالية باحتلالها أفغانستان والعراق. أليست واشنطن مسؤولة بشكل مباشر عن ظهور القاعدة، وغير مباشر عن ولادة داعش بسبب سياستها الخاطئة في العراق؟
واليوم يعمل أمثال ماكغورك على توسيع المجال أمام وحدات حماية الشعب، ذراع حزب العمال الكردستاني، بذريعة تحقيق أهداف استراتيجية. بمعنى أنهم مشغولون بتحضير نزاعات جديدة من أجل مستقبل المنطقة. وبعد ذلك يصدرون كتبًا عن تجاربهم حول "أخطاء الولايات المتحدة في سوريا"، بينما نواصل نحن الصراع مع التنظيمات الإرهابية الأمريكية الجديدة.
========================