الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا والاستراتيجية الأمريكية

سوريا والاستراتيجية الأمريكية

03.05.2018
يونس السيد


الخليج
الاربعاء 2/5/2018
ما بين تصريحات ترامب بشأن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا في وقت قريب، والعدول عنها مؤقتاً، ثم العودة إليها مع المطالبة بدفع ثمن البقاء، علاوة على الجدل الدائر في أروقة السياسة الأمريكية حول الضربة العسكرية الثلاثية لسوريا ونتائجها، ثمة ما يشي بعدم وجود استراتيجية أمريكية جاهزة في سوريا لا على مستوى الحل السياسي ولا العسكري.
في الأصل، كانت الإدارة الأمريكية ترهن بقاء قواتها في سوريا بالقضاء على تنظيم "داعش"، وضمان حالة استقرار شمال شرقي سوريا، وعدم السماح للتنظيم الإرهابي بالعودة إلى تلك المناطق؛ لكن خطتها سرعان ما تحولت إلى التشاور مع الحلفاء والشركاء بشأن الخطوات المقبلة، ومن ضمن ذلك دعوة الأوروبيين وقوات إقليمية لملء الفراغ؛ بعد انسحاب القوات الأمريكية، قبل أن تعود لتتحدث عن البقاء حتى التوصل إلى اتفاق سلام.
وجاءت الضربة العسكرية الثلاثية بقيادة واشنطن لتضفي مزيداً من الغموض على السياسة الأمريكية المتبعة في سوريا. فقد استندت هذه الضربة إلى الوفاء بتغريدات ترامب وتهديداته وإظهار الهيبة والمصداقية والقوة الأمريكية أكثر مما حملت مضموناً عقابياً للنظام السوري بعد تحميله مسؤولية الهجوم الكيماوي في دوما، بدليل أنها لم تحدث أية نتائج سياسية أو تغير شيئاً في مسار الحرب السورية؛ بل على العكس، أحدثت جدلاً وربما نوعاً من الفوضى داخل الإدارة الأمريكية؛ إذ بعيداً عن المخاطرة بالصدام مع روسيا، وما قيل عن تحفظ وزير الدفاع جيم ماتيس على القيام بها، فإن القرار كان يقضي بتنفيذ الضربة على أن يتبعها فرض عقوبات ضخمة على النظام السوري وروسيا وإيران؛ لكن هذه العقوبات لم تفرض؛ ما تسبب بتضارب تصريحات بين السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي ومستشاري البيت الأبيض. واستطراداً، يميل خبراء في "البنتاجون"، بحسب صحيفة "نيويورك" الأسبوعية، إلى تصديق الرواية الروسية حول إسقاط الدفاعات السورية نحو 70 صاروخاً من أصل 105 صواريخ أطلقها التحالف الثلاثي على أهداف في سوريا. وهناك أيضاً ما يشير إلى أن الضربة الثلاثية لم تقتصر على تدمير المواقع الثلاثة، التي يشتبه بعلاقتها بالبرنامج الكيماوي السوري، كما في الرواية الرسمية، وإنما استهدفت ست مطارات عسكرية بحسب الرواية الروسية، وثمانية مواقع عسكرية بحسب المرصد السوري المعارض، والذي يشير أيضاً إلى إسقاط 65 صاروخاً للتحالف في هذه الضربة.
أياً تكن الرواية الصحيحة، فإن الأمر الجوهري يتعلق بمجمل السياسة الأمريكية في سوريا، وما إذا كانت واشنطن تمتلك استراتيجية واضحة في هذا البلد، خصوصاً مع عودة الحديث عن سحب القوات بالتزامن مع إقامة قواعد مستقرة شمال شرقي سوريا، واختفاء التهديدات التركية لمنبج وتطهير المنطقة من المقاتلين الأكراد وصولاً إلى الحدود العراقية، إلى جانب التصريحات الصادرة عن موسكو بعدم وجود نية أمريكية لسحب قواتها من سوريا.