الرئيسة \  تقارير  \  سوريا: ما الذي يجري في السويداء؟

سوريا: ما الذي يجري في السويداء؟

30.07.2022
رأي القدس
رأي القدس


 رأي القدس
القدس العربي
الخميس 28/7/2022
شهدت محافظة السويداء، جنوب سوريا، والتي تسكنها أغلبية من الطائفة الدرزية، تصعيدا أمنيا خطيرا بين جماعات مسلّحة متعددة، يقف على رأسها ما تسمى بجماعة راجي فلحوط، التي كانت موضع هجوم مجمل الفصائل الأخرى، وعلى رأسها “حركة رجال الكرامة” التي عُرف رئيسها السابق، الشيخ وحيد البلعوس، بخصومته مع النظام ورفضه تجنيد أبناء الطائفة مما أدى لاغتياله باستهداف سيارته عام 2015.
أدت الاشتباكات إلى مقتل العديد من العناصر المشتبكة وأسر زعيم المجموعة، الذي تداول المهاجمون صورة لبطاقة له صادرة عن المخابرات العسكرية للنظام، كما أشارت أنباء إلى أن بعض العناصر هم من جنود النظام المفروزين للعمل في المجموعة المسلحة، وأن المجموعة هي عصابة أعمال إجرامية متخصصة بتجارة الكبتاغون والحشيش، وأنها تقوم بتلك الأعمال لصالح المخابرات العسكرية للنظام، وكان مثيرا للجدل أن المذكور كتب على وسائل التواصل الاجتماعي أن لديه مستندات وتسجيلات تؤكد حجم الأموال التي يقدمها لفرع الأمن العسكري!
تفاقم التوتر في المحافظة بعد قيام فلحوط بعمليات تصفية لتجار وموزعي أنواع أخرى من المخدرات (الشبو) التي تؤثر على تجارته، وقيامه بعمليات خطف لأشخاص من عائلات أخرى قوية في المنطقة، وبذلك اختلطت الخيوط في الشبكة المعقدة لتوازنات القوى الدينية والأمنية في المحافظة وخارجها.
أحد أشكال التعقيد المذكور هو تعمد النظام، بالتسليح والحماية المباشرة، أو بالتجاهل، لنشوء قوى مسلحة متنازعة تربطها روابط مباشرة بقوى أخرى للنظام، بما في ذلك جماعة ترتبط بـ”قوات سوريا الديمقراطية” والتي قتل زعيم فصيلها المسمى “مكافحة الإرهاب” سامر الحكيم، قبل شهرين، وقيل وقتها إن ميليشيات محلية صفّته، بعد تسليمه أحد عناصرها، الضالع في ترويج المخدرات، للقوات الأمريكية في قاعدة التنف!
كشفت الاشتباكات أحد العناصر المعقدة الأخرى التي يشتبك فيها الديني والسياسي، مع وجود دور علني للشيخ حكمت الهجري، (أحد شيوخ العقل الثلاثة في المحافظة إضافة إلى الشيخين حمود الحناوي ويوسف جربوع) الذي سجل مواقف متقدمة ضد مجموعة فلحوط، وهو ما فسرته مصادر محلّية، برد من الهجري على إهانات شديدة تلقاها من مسؤول أمني، وكذلك كطريقة لإسماع صوت مواطنيه للنظام، وتجاوز المسؤولين المرتبطين بالقصر الجمهوري الذين يحاولون التحكم بالمنطقة.
إضافة لحضور قوى خارجية في المحافظة، ومحاولة قوات “التحالف” الأمريكي الحضور أيضا، فمن الممكن أيضا أن يكون لحدث يتعلق بالتخلّص من أحد تجار الكبتاغون، ارتباط بالانزعاج الكبير الذي عبّر عنه الملك الأردني عبد الله الثاني، من الهجمات المسلحة على حدود بلاده، من قبل عصابات المخدرات التي تتلقى أوامرها من “الفرقة الرابعة” التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري.
النتيجة التي يمكن استخلاصها من أحداث السويداء هي أن جزءا كبيرا منها، على عكس ما يبدو، هو جزء من تصريف التوتّرات الداخلية والإقليمية، وكذلك خلق أشكال من الاحتراب الداخلي بين سكان المحافظة، ورغم أن بعض الشظايا لحقت بالنظام، فإنه من غير المتوقع أن يتطور التوتر ليتحول إلى عاصفة حقيقية ضد الأسد والقادة الكبار الذين يخططون للعمليات الإجرامية وتهريب المخدرات وترويع السكان بالجملة وليس بالمفرّق.