الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا ليست لطرف واحد.. والصهاينة هم من ربحوا

سوريا ليست لطرف واحد.. والصهاينة هم من ربحوا

31.08.2017
ياسر الزعاترة


العرب
الاربعاء 30/8/2017
كل الاحتفالات التي يقيمها أتباع خامنئي هنا وهناك، لا تخفي حقيقة أن سوريا لن تعود بأي حال إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الثورة، وحيث كانت أشبه ما تكون بولاية إيرانية عبر حكم طائفي معروف، وهو ما يدفعنا إلى إقامة جردة حساب أولية بحصيلة ما جرى، من دون أن ننسى بدء العملية بالقول إن المجرمين فقط؛ هم من سيحيلون هذه الحصيلة إلى الشعب السوري الذي ثار، وليس إلى الطاغية الذي قمع وقتل وهجّر، ولا إلى من شجّعه على ذلك، أعني المرشد الإيراني. وهنا نعيد التذكير بأن الشعب السوري مكث شهوراً يبذل الدم في الشوارع دون رصاصة واحدة، ومن أخرج "الجهاديين" من السجون للدفع نحو المواجهة المسلحة هو النظام، وكلام فاروق الشرع في مقابلته مع صحيفة "الأخبار" التابعة لحزب الله ما زال موجوداً لمن أحب.
كل الكلام عن مسؤولية هذه الجهة أو تلك عن الثورة هو محض هراء، فهي ثورة نابعة من ضمير الشعب، وكانت جزءاً من أجواء الربيع العربي، بل إنها فاجأت الجميع بلا استثناء.
اليوم، وبعد 6 سنوات من الثورة، ورغم أن المعركة لا تزال طويلة، إلا أن بالإمكان طرح السؤال، وهو "سوريا لمَن بعد ما جرى؟ ومن كان الأكثر خسارة وربحاً في المعركة؟".
الشعب السوري هو الأكثر خسارة دون شك، بملايين من الشهداء والضحايا والمهجّرين، وبتدمير شامل للبلد. بعد ذلك تأتي إيران وحلفاؤها بعشرات المليارات من الخسائر، وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى، مع التحوّل إلى عدو راسخ في وعي غالبية الأمة.
ولكن هل أدت هذه الخسائر لإيران وحلفائها إلى الحفاظ على السيطرة على سوريا؟ كلا بكل تأكيد، وكان هذا واضحاً منذ اللحظة التي تم فيها استدعاء روسيا إلى سوريا، فبوتن، كأي قوة دولية تبحث عن القوة والنفوذ، لا يوزع وجبات مجانية، وهو جاء ليكون صاحب اليد العليا، وهنا خسرت إيران بكل تأكيد، لكن الأكثر إثارة هو أن إيران التي أشعلت كل هذه الحرب بشعار المقاومة والممانعة، لم تجلب إلى سوريا قوة معادية للكيان الصهيوني، بل قوة لها صلات حميمة معها، بخاصة في زمن بوتن، وهنا يبدأ فصل آخر من الملهاة، إذ سيكون على الأخير أن يضيف لأرباح الصهاينة، ممثلة في استنزاف جميع الأعداء (إيران وحلفاؤها، حزب الله، ربيع العرب وتدمير سوريا)، ربحاً آخر يتمثل في تقليم أظافر إيران في سوريا، وما قصة صفقة الجنوب سوى تأكيد على ذلك، حتى لو قيل إنها أفادت النظام، ذلك أن النظام الذي سيبقى هو نظام منهك يطلب ود الصهاينة، وقد تضاف إليه إيران التي لن تحتمل عقوبات جديدة بمناكفة أميركا والغرب، وبالتالي فالنظام سيكون متصالحاً مع العدو، ومرجعيته السابقة، وهي إيران، لا طاقة لها على أي تصعيد يعيد العقوبات، فضلاً عن مرجعيته الجديدة في موسكو. ولا ننسى السؤال الكبير: مَن سيدفع كلفة إعمار المدمّر؟!!
مع ذلك، ما زلنا أمام حرب طويلة، وحتى لو بسط النظام وآخرون مثل الأكراد والروس والأميركان سيطرتهم على كل الأرض بعد زمن ما، وهو أمر ليس مؤكداً، فإن حرب العصابات ستتواصل، وهناك ثارات كثيرة ستحفزها في زمن العنف الرخيص، لكن الذي لا يقل أهمية هو أن أميركا صارت هنا بجنود وقواعد عسكرية، ومعها الأكراد بطموحاتهم، وكل ذلك يعني أننا إزاء دولة مدمّرة وفاشلة ومتنازع عليها، ولا أفق لاستقرارها في المدى القريب أو المتوسط.
تلك هي حصيلة هذه الحرب التي أشعلها خامنئي، وكان بوسعه أن يدفع نحو تسوية تفيد الجميع، ولا تؤدي لما ذكر آنفاً، وقبل ذلك وبعده استنزافها له، عبر عداء مع أمة لا تعرف الاستسلام مهما خسرت من حروب، وسيرتها تؤكد ذلك.;