الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا.. تغيير قواعد الاشتباك

سوريا.. تغيير قواعد الاشتباك

26.05.2018
يونس السيد


الخليج
الخميس 24/5/2018
في الحرب يتم التدقيق في كل شيء.. الأهداف والإحداثيات والأسلحة المستخدمة مع إمكانية الرد وطبيعته وما شابه..، ويأتي ذلك مصحوباً بتقدير موقف من جانب القيادات العليا يؤسس لاتخاذ القرار؛ ولكن كل ذلك يمكن أن يتغير أيضاً، إذا قرر طرف أو أطراف الصراع تغيير قواعد الاشتباك، كما حدث في الجنوب السوري مؤخراً.
قبل اندلاع الأحداث السورية في عام 2011، شهدت جبهة الجولان عقوداً طويلة من الاستقرار الأمني، وثبات وقف إطلاق النار، حتى قيل إن النظام السوري هو أفضل من يخدم مصلحة "إسرائيل" في الحفاظ على الهدوء؛ بعدما نجح في منع إطلاق أي رصاصة باتجاه القوات "الإسرائيلية" المحتلة؛ لكن الأمور تغيرت بعد عام 2011، خصوصاً عندما نجحت "إسرائيل" في استمالة بعض أجنحة المعارضة المتشددة والتحالف معها، أملاً في إسقاط النظام، ووصولها إلى السلطة؛ لكن هذا الخيار فشل، وبدلاً من ذلك تكون بديل مرعب، تمثل في قيام تحالف بين النظام وإيران وميليشيا "حزب الله"، ما دفع "إسرائيل" على الفور إلى تغيير قواعد الاشتباك السائدة آنذاك، والقيام بسلسلة طويلة من الضربات، استهدفت قواعد ومعسكرات وخطوط إمداد ومخازن أسلحة وصواريخ إلى جانب مركز أبحاث ومنظومات دفاع جوي، تابعة للنظام وحلفائه.
ملامح تغيير مضادة في قواعد الاشتباك بدأت تظهر على الجانب الآخر، وكانت البداية في فبراير/شباط الماضي؛ عندما أسقطت الدفاعات السورية مقاتلة "اف 16" خلال غارة "إسرائيلية" مكثفة على مطار "التيفور" وسط سوريا، قُتِلَ خلالها عدد من العناصر الإيرانيين؛ حيث هددت طهران بالرد، ما أثار قلقاً إقليمياً ودولياً من أن يؤدي ذلك إلى مواجهة إيرانية - "إسرائيلية" في سوريا، قد تتسع لتشمل المنطقة برمتها. وفي إبريل/نيسان جاءت الضربة الثلاثية؛ (الأمريكية- الفرنسية- البريطانية)، رداً على ما وصف بأنه هجوم كيماوي نفذه النظام في دوما، معتمدة في قصفها للأهداف السورية، على بنك المعلومات "الإسرائيلي"؛ لكن الضربة لم تؤد إلى تغيير قواعد الاشتباك أو تغيير معادلات داخلية، أو تلحق ضرراً جدياً بالنظام.
التغيير الجدي في قواعد الاشتباك؛ حدث في المواجهة الأخيرة، وهي الأوسع التي تشنها "إسرائيل" منذ عام 1982؛ حيث جرى قصف عشرات الأهداف التابعة للنظام وإيران و"حزب الله"؛ لكن هذا القصف تمت مواجهته برد صاروخي على أهداف "إسرائيلية" في الجولان، مصحوباً برسائل مفادها أن الرد المقبل سيطال "الجبهة الإسرائيلية الداخلية"، وهو أكثر ما تخشاه "إسرائيل" ولا تريد تحمله، ومن هنا بدأت ترتسم ملامح قواعد الاشتباك الجديدة.