الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا تبدأ العام العاشر من مأساتها الكبرى .. أبرز المحطات وأهم الإحصائيات

سوريا تبدأ العام العاشر من مأساتها الكبرى .. أبرز المحطات وأهم الإحصائيات

16.03.2020
رووداو



الاحد 15/3/2020
تفتح سوريا اليوم باب العام العاشر، من مأساتها الكبرى، ليكون دم السوريين، الخبر الذي يتصدر وسائل الإعلام، يومياً مدة 9 أعوام.
وبدأت الحرب السورية عامها العاشر الأحد 15 آذار 2020، مخلّفة مأساة إنسانية هائلة ودماراً واسعاً، فيما لم تفلح كل الجهود الدولية المبذولة في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع توقف معاناة المدنيين.
حين اندلعت الاحتجاجات السلمية منتصف آذار/مارس 2011، لم يتخيل المتظاهرون أن مطالبهم بالديموقراطية والحريات ستكون مقدمة لأكبر حروب القرن الواحد والعشرين، وأن حراكهم الذي سرعان ما واجهته قوات الأمن بالقوة والقمع سيتحول حرباً مدمرة تشارك فيها أطراف عدة خصوصاً مع صعود نفوذ الفصائل المسلحة.
وبعد مرور تسع سنوات، ما زال الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة. وباتت قواته، التي تدخّلت روسيا عسكرياً لصالحها عام 2015 وتتلقى دعماً إيرانياً، تسيطر على سبعين في المئة من مساحة البلاد، وتعمل على توسيع نطاق سيطرتها، وآخر ما حققته تقدم استراتيجي في محافظة إدلب (شمال غرب) حيث سُجلت أسوأ كارثة إنسانية منذ بدء النزاع.
ويتزامن دخول النزاع عامه العاشر مع بدء روسيا الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة، دوريات مشتركة لأول مرة في إدلب، تطبيقاً لوقف إطلاق نار توصلتا إليه دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي وأوقف هجوماً تسبب بفرار نحو مليون شخص، في أكبر موجة نزوح منذ اندلاع النزاع.
وأودت الحرب بحياة 384 ألف شخص على الأقل بينهم أكثر من 116 ألف مدني، وفق حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت، وخلّفت عدداً كبيراً من الجرحى والمعوقين عدا عن عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين.
وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد ومقتل ومصرع 384,000 شخصاً على الأراضي السورية، منذ انطلاقة الثورة السورية في الـ 15 من آذار / مارس من العام 2011، وحتى نهاية 14 من الشهر ذاته من العام 2020.
وبحسب الأمم المتحدة، نزح أكثر من ستة ملايين سوري داخل البلاد، يقيم عدد كبير منهم في مخيمات عشوائية بينما بات أكثر من 5,6 مليون سوري لاجئين في دول أخرى، لا سيما لبنان وتركيا والأردن.
وألحقت الحرب دماراً كبيراً بالمنازل والأبنية والبنى التحتية والمدارس والمستشفيات، واستنزفت الاقتصاد وقطاعاته على وقع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بشكل غير مسبوق وارتفاع قياسي في أسعار المواد الاستهلاكية.
وترزح الفئة الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، في وقت يحتاج ملايين الأشخاص إلى "الدعم لإعادة بناء حياتهم وموارد رزقهم (..) وخلق وظائف ومصادر دخل والحفاظ عليها".
ومع دخول الحرب عامها العاشر، تحوّلت سوريا ساحة تتبارز على جبهاتها جيوش دولية ضخمة، فيما ذهبت هتافات صدحت بها حناجر مئات الآلاف من أبنائها، أدراج الرياح.
وتنشط في سوريا اليوم خمسة جيوش نظامية على الأقل، غير المجموعات المحلية أو الخارجية الصغيرة الموالية لهذه الجهة أو تلك. ولكل قوة دولية أهدافها ومصالحها الخاصة. فينتشر إيرانيون من قوات "الحرس الثوري" ومقاتلون لبنانيون وعراقيون وقوات روسية بطائراتها وعسكرييها في مناطق سيطرة قوات الحكومة السورية.
وتنتشر في شمال شرق البلاد قوات أميركية في مناطق السيطرة الكوردية، الذين أنشأوا إدارة ذاتية باتت مهددة بشدة بعد شنّ تركيا ثالث هجوم عسكري على مناطقهم في تشرين الأول/أكتوبر.
ولا تكفّ الطائرات الحربية الإسرائيلية عن اختراق الأجواء واستهداف مواقع للجيش السوري أو للمقاتلين الإيرانيين وحزب الله، وهدفها المعلن منع الإيرانيين من ترسيخ وجودهم.
وتسيطر القوات التركية على منطقة حدودية واسعة في سوريا. وتنشر قواتها في إدلب، حيث من المقرر أن تبدأ الأحد تسيير دوريات مشتركة مع موسكو على طول طريق دولي يعرف بإسم "إم فور" يربط محافظة اللاذقية الساحلية بمدينة حلب.
ويأتي تسيير الدوريات تطبيقاً لوقف اطلاق نار بدأ سريانه في السادس من الشهر الحالي ووضع حداً لهجوم واسع شنّته قوات الحكومة بلغ ذروته مع مواجهات عسكرية بين الجيشين التركي والسوري.
ولطالما كررت دمشق عزمها استعادة السيطرة على كافة المناطق الخارجة عن سيطرتها بالقوة أو عن طريق المفاوضات، فيما فشلت جهود المجتمع الدولي في تسوية النزاع سياسياً.
أبرز محطات المأساة السورية
في 6 آذار/مارس 2011، وفي خضم "الربيع العربي"، أوقفت قوات الحكومة السورية 15 فتى، وتعرضوا للتعذيب بسبب كتابة شعارات على الجدران مناهضة الحكومة في درعا (جنوب) التي أصبحت بعدها بمثابة "مهد الثورة" في سوريا، وذلك بعد تأثرهم بأحداث ثورة مصر، وانتشار شعاراتها.
في 15 آذار/مارس، تظاهر العشرات في دمشق مطالبين بـ"الحرية"، وقمعت قوات الحكومة، بالقوة التظاهرات المعارضة التي امتدت إلى مدن سورية أخرى.
في تموز/يوليو، أعلن عقيد في الجيش السوري لجأ إلى تركيا، تأسيس "الجيش السوري الحر" المؤلف من مدنيين قرروا حمل السلاح ومن منشقّين عن الجيش السوري.
وسرعان ما تحوّلت الاحتجاجات إلى نزاع مسلح. ودعم الغرب ودول عربية المعارضة. وسيطر مقاتلو المعارضة على مناطق مهمة خصوصا في حمص (وسط) وحلب (شمال)، ثاني أكبر مدن البلاد.
في آذار/مارس 2012، سيطر الجيش على معقل المعارضة في حمص. وشهدت مناطق عدة عمليات عسكرية دامية خصوصاً في حماة (وسط) بعد تظاهرات حاشدة ضد الحكومة.
في تموز/يوليو من العام ذاته، أطلقت فصائل معارضة معركة دمشق. احتفظت الحكومة بالسيطرة على العاصمة، لكن مقاتلين سيطروا على مناطق واسعة في ضواحيها أبرزها الغوطة الشرقية.
واعتباراً من 2013، بدأت الطائرات والمروحيات بإلقاء الصواريخ والبراميل المتفجّرة على المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل تزامناً مع حصار بري خانق.
في نيسان/أبريل 2013، أعلن حزب الله اللبناني دخوله الحرب في سوريا دعماً لحليفه الأسد.
ودعمت إيران الحكومة السورية مادياً وعسكرياً عبر "مستشارين عسكريين" ومقاتلين شيعة من إيران وباكستان وأفغانستان والعراق.
في 21 آب/أغسطس 2013، تسبب هجوم بأسلحة كيميائية في ريف دمشق بمقتل أكثر من 1400 شخص، بحسب الولايات المتحدة، ووجهت أصابع الاتهام الى دمشق التي نفت تورطها.
وكان الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما قال إن استخدام الأسلحة الكيميائية هو خط أحمر، وهدد بتنفيذ ضربة عسكرية، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة بعد اتفاق مع موسكو تعهد بموجبه الجيش السوري، بتدمير ترسانته من الأسلحة الكيميائية.
في حزيران/يونيو 2014، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" إقامة "الخلافة" في مناطق واسعة سيطر عليها في سوريا وفي العراق المجاور. وبعد ثلاثة أشهر، بدأ تحالف دولي بقيادة واشنطن شنّ أولى ضرباته الجوية ضد التنظيم في سوريا، بعد العراق.
في تشرين الأول/أكتوبر 2017، تمكنت قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، من طرد التنظيم من الرقة التي كانت تعد أبرز معاقله في سوريا. ومُني التنظيم بعدها بخسائر متلاحقة على جبهات عدة وانكفأ مقاتلوه باتّجاه البادية وجيوب تم طرده منها تباعاً.
وقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي عام 2019 في عملية نفذتها فرقة من القوات الخاصة الأميركية في إدلب بشمال غرب سوريا.
في 30 أيلول/سبتمبر 2015، بدأت روسيا تنفيذ ضربات جوية في سوريا دعماً للأسد. وشكّل هذا التدخل منعطفاً في النزاع السوري، سمح بتعديل موازين القوى ميدانياً لصالح دمشق. ومُني مقاتلو المعارضة بعد ذلك بهزيمة تلو الأخرى، أبرزها خسارتهم مدينة حلب نهاية 2016، ثم الغوطة الشرقية في ريف دمشق عام 2018.
في نيسان/أبريل 2017 أدى هجوم بغاز السارين نسب الى قوات الحكومة الى مقتل أكثر من 80 مدنيا في خان شيخون بمحافظة إدلب.
ردا على ذلك، أمر الرئيس الاميركي دونالد ترامب بضربات على قاعدة الشعيرات الجوية بوسط سوريا.
في نيسان/أبريل 2018، شنت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضربات مشتركة على مواقع عسكرية للحكومة، رداً على هجوم كيميائي في دوما قرب دمشق.
في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019، أطلقت تركيا مع مقاتلين سوريين موالين لها هجوما جويا وبريا لإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن الحدود مع سوريا، وذلك بعد انسحاب القوات الأميركية من مناطق حدودية. وسيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها على شريط حدودي بطول 120 كيلومتراً وبعمق نحو 30 كلم يمتد بين مدينتي تل أبيض ورأس العين.
وكانت تركيا نفذت من قبل عمليتين عسكريتين في الشمال السوري منذ 2016.
تشن دمشق منذ كانون الأول/ديسمبر 2019 وبدعم من ضربات جوية روسية هجوما لاستعادة إدلب، آخر معاقل الفصائل المسلحة المعارضة والجهادية.
وتسببت العملية بأزمة إنسانية، إذ أرغمت نحو مليون شخص على الفرار من مدنهم وبلداتهم وقراهم نحو منطقة ضيقة قرب الحدود مع تركيا.
العديد من الأزمات العالمية، بدأت وأنتهت خلال الـ9 السنوات التي مضت من عمر الأزمة السورية، ولا تزال رحى الحرب تدور في سوريا تطحن، معها مستقبل أطفالها المجهول، ولا أحد يستطيع أن يخمن الآن وسط تضارب الأحداث وتفاقم الأزمة، ماذا سيكون المصير، ومتى ينتهي هذا المخاض.