الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا بعد إنتخابات الأسد: أسئلة إعادة الإعمار 

سوريا بعد إنتخابات الأسد: أسئلة إعادة الإعمار 

06.06.2021
بسام مقداد


المدن 
السبت 5/6/2021 
ليست إنتخابات الأسد بذاتها هي، التي تحتم العودة إليها مجدداً ، بل هو التساؤل عما إن كانت ستحمل تغييراً  ما في الوضع الراهن للصراع، أم أنها، وبشرعية مموهة بديموقراطية وهمية ، مجرد تثبيت لمواقع الأسد فيه. سيناريو الإنتخابات عينه ما كان يستحق الإلتفات إليه منذ الإعلان عن الإنتخابات، إذ أنه سيناريو لا يمت إلى الإنتخابات بصلة ولا إلى الديموقراطية، حيث كانت النتائج و"المنافسين" ونسب فوز الأسد فيها مرسومة سلفاً. والسؤال، بالطبع، ليس إذا كان الصراع سوف يتواصل فصولاً أم لا، فالتطور العسكري للصراع رسّخ لدى النظام قناعته بالخيار العسكري لحل جميع القضايا، لكن السؤال هو عن الثمن  الذي سيستمر السوريون في دفعه، وكيف سيستثمر الإيرانيون والروس وسواهم من الأطراف الخارجيين في "الإنتصار" الجديد للأسد .  
رئيس نقابة "التضامن الصحافي" الروسية إيغور ياكافنوكو نشر في موقع "kasparov" المعارض نصاً بعنوان "إتحاد البلدان غير الطبيعية. البلدان، التي أصيبت بعدوى الفاشية من روسيا بوتين، تصبح حليفة لها". قال ياكافنوكو أن نسبة الأصوات، التي أعلن الأسد حصوله عليها، تتطابق تماماً مع النسبة التي أعلنها هتلر في الإستفتاء، الذي نظمه على خروج ألمانيا من "عصبة الأمم" العام 1933. ورأى أن الإنتخابات جرت في ظل مذبحة الشعب السوري ، التي ارتكبها بوتين مع زميله السوري، وهجرت 7 ملايين إنسان ودمرت البنية التحتية وقضت على الإقتصاد السوري .  
في برقية التهنئة ، التي وجهها الرئيس الصيني جين بينغ للأسد، أعرب عن إستعداد الصين لتقديم الدعم لسوريا، وتطوير التعاون الصيني السوري لمستوى جديد. ورأى مدير معهد الشرق الأقصى في أكاديمية العلوم الروسية ألكسي ماسلوف في كلام جين بينغ، بأن الصين وعدت في الحقيقة بالمساهمة فقط في العمليات الإنسانية من عملية إعلدة بناء سوريا ، مثل إستقبال الطلاب السوريين في جامعاتها. وهي ولن تشارك في إعادة بناء البنية التحتية: الطرق، المدن، ولن تقدم القروض لهذا الغرض، بل معنية في الإستثمار في المشاريع النفطية وبناء مصافي البترول في المنطقة، ولن تستثمر في هذه المشاريع في سوريا إلا بعد أن تتأكد من سيادة الأمن فيها، حسب موقع الصحيفة الإلكترونية "gazeta.ru" الروسي . 
ويرى الخبير أن ثمة بعض التعاون بين الصين وروسيا في هذه المسألة، ويعتقد بأن الصين لن تدوس على المصالح الروسية في هذا المجال، لأن موسكو كانت تنوي سابقاً تقديم المساعدة الإنسانية لسوريا، من دون أن يوضح متى كانت تنوي ذلك ، قبل التدخل العسكري أم في أثنائه .  
وتقول المستشرقة يلينا سابونينا للصحيفة ، بأن روسيا معنية في أن تستثمر الصين في سوريا ، وهي التي تُعتبر أحد البلدان القليلة المتوفرة لديها أموال طائلة. وترى أنه ليس بوسع بلد بمفرده أن يعيد إحياء الإقتصاد السوري، ولذلك فإن رغبة الصين بالتعاون مع سوريا مفيدة،  ليس سياسياً فحسب، بل وإقتصادياً أيضاً. والأوروبيون الواقعون تحت ضغط الولايات المتحدة ليسوا مستعجلين لمساعدة سوريا ، ولذلك يمكن القول أن لدى دمشق الآن أملاً وحيداً في روسيا والصين وبلدان الخليج العربية ، التي تعيد إحياء علاقاتها بسوريا .  
البروفسور في معهد العلاقات الدولية في الخارجية الروسية سيرغي لوزيانين يقول للصحيفة ايضاً ، بأن علاقات التعاون الإقليمي بين الصين وروسيا في الشرق الأوسط وبلدان شمال إفريقيا قد تنشطت بعد العملية الروسية في سوريا. ورأى أن إهتمام الصين بسوريا عائد لخطر المنظمات الإسلامية الإرهابية المتطرفة في  منطقة الويغور، مما يدعوها لأن  تنشط الآن في سوريا أمنياً وإقتصادياً بالتعاون مع روسيا أو بمفردها. ولم يستبعد أن تظهر في سوريا شركات عسكرية صينية خاصة تعمل بموجب عقود . 
 ويرى لوزيانين أن إنتخاب الآسد سوف يجعل العلاقات الصينية السورية، التي "على مستوى لا بأس به" الآن، أفضل أيضاً. كما يرى أن هذا الإنتخاب سوف يؤدي إلى "تحسن معين" في إستقرار الوضع، مما سيؤدي إلى تنشيط السياسة الإقتصادية الصينية حيال سوريا .  
موقع "DW" الألماني الناطق بالروسية، نشر بعد يومين من إعلان نتائج الانتخابات  نصاً بعنوان "ما المنتظر من الأسد"، قال فيه بأن الأسد إنتصر مجدداً في الإنتخابات السورية ، وتساءل كيف سيؤثر هذا على الوضع، وماذا سيجري في سوريا لاحقاً ؟ ويشير إلى أن العملية الإنتخابية برمتها ــــــــ من إختيار المرشحين إلى فرز الأصوات ــــــ جرت بإشراف الأسد ، الذي يحاول شرعنة سلطته بواسطتها .  
ينقل الموقع عن خبير مؤسسة "العلم والسياسة" الألمانية غيدو شتاينبرغ قوله بأن ليس لدى الأسد حافز لإعتماد الحل السياسي، طالما أنه يسيطر على ما يسيطر عليه من سوريا بالخيار العسكري .  
وتقول كريستين هلبرغ الخبيرة بالشؤون السورية للموقع بأن الأسد مرتبط بروسيا وإيران، اللتين ساعدتاه في الإحتفاظ بالسلطة، وتنتظران الأن مكافأتهما. وهما تريان في سوريا "نوعاً من الغنيمة التي تتقاسمناها"،  وتتصارعان على النفوذ وسط الجيش السوري وأجهزة المخابرات والشرطة. سوريا لم تعد بلداً ذا سيادة. لقد إستثمرت فيها روسيا كثيراً ــــ سياسياً وعسكرياً، ويرى فيها بوتين نوعاً من "المدين المضطرب"، حيث من الواضح أن روسيا لن تستطيع بمفردها إستعادة الإستقرار إليها. الأمن في سوريا غير مستقر برأي الكثيرين، فالدولة الإسلامية "لم تغادر" سوريا، والآلاف من الإرهابيين لا يزالون يتخفون  في منطقة الحدود السورية العراقية ، والوجود الإيراني "حطر كبير" .  
وينقل الموقع عن الخبيرة توسعها في توصيف الوضع الإقتصادي المنهار و"المعيشي الرهيب" في سوريا، الذي يجبر روسيا على البحث عن حلفاء لإعادة إعمار سوريا. ويعتبر بوتين ، برأيها،  أن لجنة الدستور السوري يجب أن تحرك الغرب لإقامة علاقات مع دمشق، ويقترح على أوروبا إعادة المهجرين السوريين إلى وطنهم ، لكن الأسد لا يريد ذلك ، وانتزع منهم بيوتهم ، ويستمر في إخفاء منتقدي نظامه .  
وتشير هلبرغ إلى أن منظمات إنسانية كثيرة في أوروبا تريد مساعدة السوريين، لكنها يجب أن تحذر من أن تصل المساعدات إلى سوريا عبر الهيئات القريبة من النظام، مما سيعني دعم النظام وتعزيز المؤسسات، التي إنتفض ضدها السوريون. أوروبا تريد أن يعود المزيد من المهجرين السوريين إلى ديارهم ، لكن هذا لن يحصل طالما أن الأسد يحكم سوريا بهذه الطرق . وبدلاً من ذلك يجب أن تفرض عقوبات على مؤسسات وافراد محددين، والنقاش يجب أن يتم مع المجتمع المدني ، وتمويل إعادة إعمار سوريا لا ينبغي أن يكون إلا وفق شروط محددة .