الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا: الكارثة الإنسانية تتفاقم والتصعيد مستمر في إدلب

سوريا: الكارثة الإنسانية تتفاقم والتصعيد مستمر في إدلب

06.01.2020
منهل باريش



القدس العربي
الاحد 5/1/2020
تجنب قائد هيئة “تحرير الشام” أبو محمد الجولاني، في حديث مصور، نهاية العام، الحديث عن أي مفاوضات متعلقة بتطبيق اتفاق سوتشي وتحديداً البند الثامن منه، والذي ينص على “استعادة حركة الترانزيت عبر الطريقين إم 4 (حلب-اللاذقية) وإم 5 (حلب-حماة)” والذي يفترض أن يطبق “بحلول نهاية عام 2018”. وهذا حسب ما نص الاتفاق المعلن والذي جرى التوقيع عليه في 17 أيلول (سبتمبر) 2018 واقترحه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، طبقاً لتصريح الرئيس فلاديمير بوتين في إجابته على أسئلة الصحافيين خلال المؤتمر المشترك للرئيسين عقب إعلان الاتفاق.
وحصلت “القدس العربي” على معلومات من مصدر مقرب من المفاوضات غير المباشرة بين أنقرة و”تحرير الشام ” تشير إلى “رفض قيادة تحرير الشام تطبيق اتفاق سوتشي وتحديدا إقامة المنطقة منزوعة السلاح الثقيل وفتح الطرق الدولية”. وأضاف المصدر: “تتمسك تحرير الشام بفتح الطرق الدولية بدون تسيير أي دوريات روسية في المنطقة منزوعة السلاح أو على الطرق على حد سواء”.
والجدير بالذكر أن الجولاني خرج في كلمة مصورة قبل أيام، يحث فيها المقاتلين على الثبات، واعدا أهل الشام بالفرج، من دون التطرق إلى عملية المفاوضات أو الشروط التي اقترحتها تركيا لتجنيب محافظة إدلب عملية القضم الجديدة، التي تشمل مناطق شرق إدلب وجنوبي حلب مع كامل طريق حلب-حماة (إم 5).
واشتدت المعارك، مرة جديدة، الأسبوع الأخير، بعد هدوء وتوقف القصف الجوي الروسي، وتزامن ذلك مع المفاوضات الجارية بين الوفدين الروسي والتركي في العاصمة موسكو. وانسحبت قوات النظام من عدة مناطق تقدمت إليها في جنوب محافظة إدلب وشرقي مدينة معرة النعمان.
على الصعيد العسكري، نفى قيادي عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير، طلب عدم ذكر اسمه، دخول شحنات صواريخ مضادة للدروع ووصف ما يجري بالطبيعي، ولم يتم تزويد سرايا الـ م/د (المضادة للدروع) بكميات غير معتادة. وأكد “توفر المقدرة البشرية، وأن قواعد الصواريخ المضادة للدروع كافية لصد التقدم البري، وعزى خسارة المناطق إلى القصف الجوي الروسي، الذي أربك صفوف المقاتلين على الجبهات بعد اتباع العدو سياسة الأرض المحروقة”.
80 ألف نازح
وتتفاقم الكارثة الإنسانية مع تركيز القاذفات الجوية الروسية القصف على مدينة معرة النعمان (ثاني أكبر مدن محافظة إدلب). وقال مكتب تنسيق الدعم الإنساني في الأمم المتحدة “أوتشا” العامل في مدينة غازي عنتاب التركية، الجمعة الماضي، إن أعداد النازحين بسبب العمليات العسكرية في شمال غرب البلاد بلغ 235 ألفاً.
وفي السياق، أشار رئيس منظمة منسقو الاستجابة، محمد الحلاج، إلى أن نسبة الإخلاء في مدينة معرة النعمان وريفها تجاوز نسبة 95 في المئة، ووصف استجابة المنظمات الإنسانية بالضعيفة جدا، وحدد نسبتها بـ5 في المئة. كما قدر أعداد النازحين في الأيام القليلة الأخيرة بنحو 80 ألف نازح.
وعلق على أعداد النازحين حسب تقرير الأمم المتحدة: “بكل تأكيد، الأعداد أكبر من الرقم المذكور، كونه يركز على منطقة معرة النعمان ولا يشمل منطقة سراقب وريف حلب الجنوبي”. ولفت إلى أن “معوقات التمويل للمنظمات في آخر العام تعد أحد أسباب ضعف الاستجابة الانسانية”. وأضاف، في مكالمة مع “القدس العربي”، أن أعداد النازحين التي وصلت إلى منطقتي عفرين ودرع الفرات تقدر بنحو 2500 عائلة في إحصائية أولية”.
في سياق متصل، أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” بيانا، وثقت فيه هجوم النظام في الفترة الممتدة بين 15 كانون الأول (ديسمبر) إلى 27 من الشهر نفسه. وأحصى البيان “ما لا يقل عن 47 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد قوات الحلف السوري الروسي في مناطق شمال غرب سوريا، في المدة التي يغطيها، كان من بينها 9 حوادث اعتداء على مدارس، و2 على منشآت طبية، و13 على أماكن عبادة، و6 على أسواق، وتوزعت إلى 38 حادثة اعتداء على يد قوات النظام السوري، و9 على يد القوات الروسية”. ووفقاً للتقرير فقد “ألقى طيران النظام السوري المروحي وثابت الجناح منذ 15 حتى 26 كانون الأول (ديسمبر) 2019 ما لا يقل عن 248 برميلاً متفجراً على مناطق شمال غرب سوريا”.
وصرح مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، لـ”القدس العربي” أن القوات الروسية “لم تعد تتعامل كجيش وإنما أقرب لسلوك الميليشيات فالقوات الروسية قصفت طرق النازحين وقصفت مخيمات. وقصفت عدة مناطق بعد إعلان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الأعمال الإنسانية الخارجية عن هدنة لضمان سلامة النازحين”.
مقتل سليماني
من جانب آخر، استنفرت الميليشيات الإيرانية بعد مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني على يد القوات الأمريكية قرب مطار بغداد، صباح الجمعة، وأعادت انتشارها في منطقتي الميادين والبوكمال شرق سوريا، وهي المناطق المقابلة للتواجد الأمريكي على الضفة الأخرى من نهر الفرات. وعلمت “القدس العربي” من مصادر محلية متقاطعة أن الميليشيات انتشرت على مداخل ومخارج القرى والبلدات في شرق سوريا، وترافق الانتشار مع حالة هلع وغضب شديد لدى المقاتلين. وامتد الاستنفار العسكري والأمني ليصل إلى ريف حلب الجنوبي، في منطقة جبل عزان التي تعتبر مقر العمليات الإيرانية في المنطقة الشمالية والتي زارها سليماني عشرات المرات وانتشرت صوره هناك، وهي المنطقة ذاتها التي قتل فيها الجنرال حسين همذاني مسؤول الحرس الثوي في سوريا سابقاً عام 2015.
في سياق متصل، رحبت المعارضة السورية بمقتل سليماني وقال الائتلاف الوطني إن مقتله “يمثل نهاية لواحد من أبرز مجرمي الحرب المسؤولين عن ملف الجرائم في سوريا، وفي المنطقة بشكل عام”. ولفت الائتلاف الوطني، في بيان له، إلى أن سليماني “كان قائداً لميليشيا في الحرس الثوري الإيراني الإرهابي، قاد وشارك في ارتكاب المجازر وتهجير ملايين السوريين، كما أنه لعب دوراً محورياً فيما وصلت إليه الأوضاع في سوريا.”
وبارك الناطق الرسمي في الجيش الوطني المعارض، الرائد يوسف حمود، مقتل سليماني، ووصف عملية الاغتيال بـ”هلاك رؤوس الإجرام” الذين “أوغلوا بدم شعوب المنطقة” على حد تعبيره. وأكد قيام الميليشيات الإيرانية بإعادة الانتشار وحشدها قوات في ريف حلب الجنوبي.
إن مقتل قاسم سليماني سيدفع طهران لعملية رد بكل تأكيد على القواعد الأمريكية سواء في العراق أو سوريا، ومن غير المتوقع أن يكون الرد واسعا، وسيبقى محدودا، ليحفظ ماء وجهها في المنطقة. فتوسيع دائرة الحرب سيعرض الكثير من المكاسب الإيرانية في سوريا ولبنان والعراق واليمن إلى الخطر، وخسارة أجزاء منها بكل تأكيد.