الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا.. استهداف جديد بغطاء الهدنة

سوريا.. استهداف جديد بغطاء الهدنة

01.01.2017
د. ياسر محجوب الحسين


الشرق القطرية
السبت 31/12/2016
برز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس الماضي في ثياب امبراطور سوريا وروسيا ليعلن عبر التلفزيون اتفاقا لوقف إطلاق النار في سوريا بين حكومة دمشق وثوار المعارضة.. لا تسألوا عن غياب الأسد المستأسد على نساء وأطفال شعبه في حلب وما جاورها.. فالحاكم بأمر سوريا هو بوتين وهو من حقه الاضطلاع بمثل هذا الأمر الذي يدخل في صميم السيادة الوطنية.
ليس ذلك فحسب بل إن موسكو تحدد فترة بقاء الأسد رئيسا لسوريا؛ يقول أندريه كورتونوف، رئيس المجلس الروسي للشؤون الدولية: "لقد تم بحث عدد من أسماء المرشحين المحتملين لخلافة الأسد"، دون أن يذكر أسماءهم.. ورؤية موسكو أن يبقى الأسد في منصبه حتى انتهاء فترة ولايته وإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة، ليتولى بعدها منصب الرئيس السوري مرشح آخر. مع ضمان أمن الأسد وعائلته.
شكليا يظهر الاتفاق الذي رعته روسيا بجانب إيران وتركيا، أن الحكومة الروسية تفاوضت باعتبارها جهة ضامنة للنظام السوري، بينما تفاوضت تركيا بصفتها طرفا ضامنا للمعارضة. بيد أن الأمر الخطير وجود خطط شريرة لإنشاء مناطق نفوذ غير معلن عنها في سوريا. ومن شأن الذي يجري في الخفاء خلق مناطق ذات حكم ذاتي في إطار كيان فيدرالي يرأسه الرئيس الأسد. ويأتي ذلك رغم من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي يؤكد على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سوريا.
في ذات الوقت الذي توقفت فيه الآلة العسكرية الروسية الضخمة - ربما لحين – أٌفسح المجال لقوات النظام وحلفاءها من الميليشيات الشيعية التابعة لإيران وحزب الله، لتعمل بتكتيك القتل المستهدف، وهي عمليات تستهدف القضاء على القادة الميدانيين للمعارضة السورية وذلك عوضا عن العمليات الحربية الواسعة. وبالفعل هاجم مجهولون الأحد الماضي موقعا لـجيش سوريا الحر وقتلوا اثنين من قادة الميدان هما أحمد الخطيب ويونس الزريق.
وظلت روسيا طيلة الأزمة السورية تكذب وتتحرى الكذب، فلا تعويل على إعلان وزير الدفاع الروسي عن استعداد موسكو لتقليص عدد القوات الروسية في سوريا. ويذكر الناس أنه في 14 مارس 2016 أعلن بوتين سحب من قواته في سوريا وخلال مظاهر احتفالية واستعراضية أستقبل بوتين الطيارين الروس في الكرملين لكن في ذات الوقت كانت هناك قوامها قوات 4300. وفي 30 سبتمبر 2015 باغتت روسيا المجتمع الدولي بإرسال طائراتها الحربية لقصف مواقع المعارضة السورية، بعد أيام من الكشف عن إرسالها مقاتلات وعتادا متطورا إلى سوريا.
وجاء التدخل الروسي بعد أن حققت قوات المعارضة السورية تقدما كبيرا، ونتج عن ذلك تدهورا غير مسبوق في صفوف جيش نظام الأسد وخسارته ثلاثة أرباع الجغرافيا السورية فالثوار كانوا يتقدمون على أكثر من محور باتجاه معقل الأسد والقاعدة البحرية الروسية الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط. وإيران أيضا يهمها دعم نظام الأسد، وأشارت وكالة رويترز في تقرير لها أنه بعد عشرة أيام من الاتفاق النووي بين طهران والغرب في 14 يوليو الماضي زار قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني موسكو زيارة سرية حيث وضع "اللمسات الأخيرة" على خطة التدخل الروسي الذي انطلق رسميًا نهاية سبتمبر الماضي. ونجح سليماني في إقناع القيادة السياسية والعسكرية الروسية بخطته، وبالقدرة على التصدي لخطط المعارضة الرامية إلى إسقاط الأسد.
عموما الشكوك حول إمكانية صمود هذه الهدنة تتصاعد، فالحديث لا يدور عن "هدنة شاملة" في سوريا بالمعنى الحقيقي للكلمة، لأنها ستشمل المعارضة "المعتدلة" فقط. وحتى المعارضة المعتدلة منها ما عبر عن تحفظه على بنود اتفاق الهدنة؛ فقد أعلن تنظيم "أحرار الشام" أنه لم يوقع على اتفاق الهدنة. وقال المتحدث الرسمي باسم التنظيم: "لدى أحرار الشام عدد من التحفظات حول الاتفاقية المطروحة والعملية التفاوضية المرتبطة بها، ولذا لم نوقع عليها وسنبين تحفظاتنا على الاتفاقية لاحقا".