الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا.."فاكرينها"؟!.. هل توقف الشجب العربي؟!

سوريا.."فاكرينها"؟!.. هل توقف الشجب العربي؟!

04.08.2019
شريف قنديل


المدينة
السبت 3/8/2019
تتواصل الضربات الجوية على الأسواق الشعبية والأحياء السكنية على مدينة معرة النعمان السورية التي باتت الآن معرة للضمير العالمي كله وليس للعربي أو الأمريكي فقط!
عربياً وبفعل فاعل ترك الكثيرون سوريا للحرق والدمار والقتل وسط حراسة بل بمشاركة روسية فاعلة.. والحق أنهم تركوها إجباراً لا اختياراً، فقد شغلونا بحدودنا التي تكالبت عليها الأمم، فضلاً عن الاضطرابات السياسية والاقتصادية في أكثر من دولة عربية، ناهيك عما تفعله اسرائيل بفلسطين وتحديداً بالقدس المغتصبة والمسجد الأقصى الأسير! والحق أيضاً أن العرب لم ينجحوا في حماية القدس ولو بالحد الأدنى، ولا حماية سوريا بأي حد، وبات معظمهم يكتفون بالإدانة والاستنكار والشجب وكأنهم يتحدثون عن كشمير أو جزر المورو في الفلبين، أو الروهانجيا! أكثر من ذلك فقد توقف مجرد الشجب كرد فعل في أكثر من دولة عربية!.
توقفت كثيراً أمام لفظة "معرة"، التي تعني في بعض التعريفات المصيبة أو الشدة، والمَعَرَّةُ هي الأذى والمساءة والمكروهُ، ومَعَرَّة الجيْش : أَن ينزلوا بقوم فيأْكلوا من زرْعِهم وأَموالِهم بما لم يؤذنْ لهم فيه!، كل ذلك قابل الآن للتطابق بعد أن صرنا وصارت سوريا نهباً لجميع الأمم.. الروسية والتركية والإيرانية، وعلى سبيل المثال فإن مباحثات آستانة هذا الأسبوع التي ستناقش مأساة إدلب أو ما يسمونه التصعيد في إدلب سيحضرها فقط ممثلو تركيا وإيران وروسيا!
فإن قلنا أن الثلاثي المتكالب على القصعة السورية، منهمك في بحث الأنصبة، فماذا عن الولايات المتحدة؟!.
يجيب عن هذا السؤال بشفافية واقتدار السيد روبرت فورد الموظف السابق في الخارجية الأمريكية والذي كان مكلفاً منها -من الوزارة- بملف سوريا.. فتحت عنوان: هل تتدخل أمريكا لوقف فظائع إدلب؟، يجيب الرجل في مقاله الصريح بجريدة الشرق الأوسط في عدد الاثنين الماضي 29 يوليو 2019: حري بنا كأمريكيين أن نكون صادقين تماماً مع السوريين الآن، فالولايات المتحدة، لن تتدخل لوقف قصف إدلب. ومن العدل أن يتساءل السوريون: لماذا؟
ها أنا قد تقاعدت عن العمل لدى الحكومة، وأستطيع التحدث بصراحة.. يضيف روبرت فورد: أولاً، فيما يخص الشرعية الدولية، كي يتدخل بلد ما عسكرياً ضد دولة أخرى، عادة ما يحتاج ذلك البلد إما إلى الرد على هجوم مباشر أو إلى موافقة مجلس الأمن الدولي. لكن سوريا لم تهاجم الولايات المتحدة، وستستخدم روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار لمجلس الأمن يمنح الأميركيين الإذن باستخدام القوات الأميركية ضد قصف الطائرات السورية لإدلب. وحتى الغارات الجوية الأميركية بعد هجمات الحكومة السورية الكيماوية هي الأخرى تخضع لمسألة الشرعية (بالطبع، يجب عليّ أن أسأل أولئك الذين يطالبون بنظام دولي يعتمد فقط على القانون الدولي والشرعية هذا السؤال: هل الدول التي تقتل مواطنيها تستحق الاحترام الكامل لسيادتها؟).
ثانياً، اقتسمت واشنطن وموسكو المجال الجوي السوري، إذ يسيطر الروس على جميع أجواء غرب نهر الفرات، فيما يسيطر الأميركيون على جميع الأجواء شرق النهر. وحال شرعت القوات الجوية الأميركية في التحليق فوق إدلب، سيكون هناك احتمال حقيقي للقتال بين الطائرات الحربية الروسية والأميركية. والحقيقة هي أنه لا أحد في الولايات المتحدة على استعداد للمخاطرة بحرب عالمية ثالثة بسبب سوريا.
يضيف روبرت في مقاله الذي جاء أشبه بشهادة يقدمها الرجل للتاريخ وللضمير العالمي: الآن، يجب أن أعترف أنه عندما كنت أعمل بملف سوريا في وزارة الخارجية، قبل التدخل الروسي، لم أمارس ضغوطاً على منطقة حظر طيران أميركية فوق سوريا؛ كنا نعرف أن لدينا سؤالاً حول مسألة الشرعية.. لقد انتهينا من سحب آخر الجنود الأميركيين من العراق في ديسمبر (كانون الأول) 2011، ولم يرغب أي من كبار المسؤولين الأميركيين عن سوريا، بمن فيهم أنا، في بدء عملية عسكرية جديدة غير محدودة في سوريا.
ولذلك، يمكننا أن نتساءل ما إذا كان الأمريكيون يبالون حقاً بحياة المدنيين السوريين أم لا. عاطفياً، بالتأكيد يبالون، فقد عملوا مع الأمم المتحدة، وأنفقوا أكثر من 9 مليارات دولار لمساعدة النازحين واللاجئين السوريين خارج سوريا. وفي الوقت نفسه، لا يقدم الأميركيون أي مساعدة لتخفيف المعاناة الشديدة للنازحين بمخيم الركبان، بالقرب من قاعدة أميركية في منطقة "تنف"، في جنوب سوريا. فالأمريكيون موجودون لمنع إيران من إيجاد طريق هناك، بمعنى أنهم ليسوا هناك لمساعدة منطقة الركبان. ورغم احتلال الجيش الأميركي لمنطقة "التنف"، وبالتالي مسؤوليتها عن منطقة "الركبان"، وفقاً للقانون الدولي، فإن واشنطن تزعم أن "الركبان" تمثل مشكلة بالنسبة لدمشق وموسكو فقط.
أخيراً وبصراحة متناهية يقول المسؤول الأمريكي السابق: لقد منعت واشنطن معظم المواطنين السوريين من الحصول على تأشيرات أميركية. واقترحت إدارة ترمب مؤخراً على الكونغرس حظر دخول أي لاجئ جديد، بما في ذلك السوريون. لذلك إذا كنت مواطناً سورياً، أنصحك بأمانة بألا تتوقع الكثير، ولا تنتظر جديداً من الولايات المتحدة!!.
شكراً مستر روبرت.. لكن قل لي: إذا كنت عربياً وتحديداً أعمل صحافياً، فبماذا تنصحني إذا تابعت ما يجري الآن لفلسطين؟!.. نعم فهمت.. أن أسكت تماماً.. ها قد سكتت!!