الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سباق غربي روسي على الأكراد..لسحب ورقة من النظام

سباق غربي روسي على الأكراد..لسحب ورقة من النظام

09.05.2020
عقيل حسين



المدن
الخميس 7/5/2020
تفرض القوى الكردية في سوريا طوقاً من السرية على سير جهود المصالحة التي تبذلها دول غربية للتقريب بينها، بعد أن تحقق تقدم ملموس خلال الفترة الماضية، بينما دخلت روسيا على الخط وطرحت مبادرة من جانبها لتوحيد الصف الكردي من أجل الحوار مع النظام.
جهود أميركية-فرنسية
وأطلقت الولايات المتحدة محادثات بين أحزاب "المجلس الوطني الكوردي" من جهة و"حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردستاني" من جهة أخرى، حيث التقى ممثل الخارجية الأميركية السفير وليام روباك، ومساعدته إيميلي برانديت، أواخر نيسان/أبريل الماضي، في شمال شرقي سوريا، مع مجموعة من قادة الأحزاب السياسية، "سعياً إلى توحيد القوى السياسية الكردية".
وبدأت منذ أيام جولة مفاوضات جديدة مع وصول وفد فرنسي إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية (قسد) التي تديرها "الإدارة الذاتية”" في شمال شرقي سوريا، بحسب شبكة "رووداو" الإخبارية.
وبالتوازي مع الجهود الأميركية، اجتمع وفد فرنسي للمرة الاولى مع ممثلين عن "التحالف الوطني الكردستاني" المقرب من حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الأحد الماضي، قبل أن يجري الوفد محادثات مباشرة مع قيادة "حزب الاتحاد" الاثنين.
وبحسب تقرير الشبكة، فقد التقى ممثلو فرنسا في التحالف الدولي قبل أسبوعين بقيادات من "المجلس الوطني الكردي" المعارض، وأبدوا دعمهم وتأييدهم للجهود الرامية إلى تحقيق التقارب والتفاهم بين الأطراف الكردية.
محادثات سرية
جاء ذلك بعد الدعوة التي أطلقها قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، ل"توحيد الخطاب السياسي الكردي"، عقب العملية العسكرية "نبع السلام" التي شنتها تركيا على مناطق شمال شرقي سوريا، في 9 تشرين الأول/اوكتوبر 2019.
وتضمنت المبادرة إزالة العوائق أمام "المجلس الوطني الكردي"، الذي يحظى بتوافق مع أنقرة، في مناطق سيطرة "قسد"، "من أجل فتح مكاتبه التنظيمية والحزبية، ومزاولة نشاطه، وذلك في سبيل إزالة جميع العقبات أمام عملية إعادة بناء الثقة بين الفعاليات السياسية والإدارية، حسب نص المبادرة.
وبحسب موقع "المونيتور" الإخباري، عقد المجلس الوطني الكردستاني وحزب الاتحاد الديموقراطي، في أوائل نيسان، أولى جولات الحوار في هذا الاطار داخل قاعدة عسكرية أميركية على أطراف الحسكة، بحضور المستشار الأميركي الخاص لقوات التحالف الدولي في سوريا، وليام روباك، من دون الافصاح عن نتيجة اللقاء.
لكن مصادر كردية سورية أكدت ل"المدن"، أن تقدماً ملموساً تحقق حتى الآن بعد جولات من المحادثات، وأن الجميع متفائل بشكل عام، لكن هذه المصادر فضلت التحفظ على التفاصيل "ضماناً لحسن سير المباحثات".
وقال مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكردي كاميران حاجو ل"المدن": "اللقاءات الحالية بين القوى الكردية السورية تجري برعاية أميركية وبعيداً عن الإعلام باتفاق الطرفين، ولا أحد مخولاً باعطاء تصريحات حول هذا الموضوع، لكن بشكل عام هناك تقدم".
أجندة المحادثات
وحسب معلومات حصلت عليها "المدن" من مصادر خاصة، فإن النقطتين المركزيتين اللتين يجري التفاوض حولهما في هذه المرحلة، بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديموقراطي هي العلاقة بين الحزب وحزب "العمال الكردستاني"، وسبل تحقيق الشراكة الحقيقية في الحكم والإدارة.
ويطالب المجلس الوطني الكردي بانفصال الاتحاد الديموقراطي بشكل فعلي عن  العمال الكردستاني المصنف على قوائم الإرهاب، وهو مطلب واشنطن وقوى المعارضة السورية الأخرى أيضاً.
كما يصر المجلس على أن تكون مشاركته في الإدارة الذاتية مشاركة حقيقية في الملفات الأربعة الرئيسية، وهي الملفات "السياسية والعسكرية والأمنية والإدارية"، بينما يعرض الاتحاد الديموقراطي أن ينضم المجلس إلى "الإدارة الذاتية" وفق الأسس التي انضمت اليها القوى الأخرى، والتي ظل دورها شكلياً مع هيمنة "الحزب" على الإدارة.
من جانبه، أكد الصحافي شفان ابراهيم، أن درجة السرية المفروضة من قبل جميع الأطراف على المفاوضات التي تجري حالياً بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديموقراطي، والتي ستنضم إليها لاحقاً بقية القوى الكردية السورية، هي بهدف تعزيز فرص نجاح هذه المحادثات.
وأضاف ل"المدن"، أن "هذه ليست المرة الأولى التي تجري فيها مثل هذه المفاوضات، بل سبق وأن توصلت القوى الكردية السورية لاتفاقات سابقة لكنها لم تأخذ طريقها للتطبيق، كما حدث مع اتفاقات "أربيل واحد" و"أربيل اثنان" واتفاق "دهوك" و"ملحق اتفاق دهوك"، وفي هذه الاتفاقيات تم التفاهم على كل شيء تقريباً، بما في ذلك شكل نظام الحكم في سوريا بشكل عام، وفي المناطق الكردية بشكل خاص، وآلية تشكيل الجيش والقوى الأمنية، بالإضافة إلى إدارة الموارد الاقتصادية في هذه المناطق... لكن للأسف فإن هذه الاتفاقيات لم توضع موضع التنفيذ".
وقال إن "اليوم هناك نفس آخر مختلف لدى كل منهما، وخاصة بعد الخسارة الكبيرة التي مني بها حزب الاتحاد الديموقراطي كقائد للإدارة الذاتية، بعد العملية العسكرية التركية الأخيرة شمال شرق سوريا".
ويتحدث إبرهيم عن دوافع أخرى لدى مختلف الأطراف لانجاح هذه المفاوضات، فالمجلس الوطني الكوردي يرغب أن يكون له وجود فاعل على الأرض، وأن يساهم في إنقاذ الوضع، لكن الدافع العملي الأقوى هو وجود إرادة دولية قوية هذه المرة في جمع كلمة الأكراد السوريين سياسياً، وتحقيق مصالحة بين القوى الكردية قبل الدخول في العملية السياسية القادمة، وهو ما تقوم به كل من فرنسا وأميركا.
ويرى إبراهيم أن "الاتحاد الديموقراطي" يبحث اليوم عن مكان واضح في المعارضة السورية، لأن التجارب أثبتت أنه لا وجود لخط ثالث، فإما أن تكون مع المعارضة وإما أن تكون مع النظام، ومحاولات الحزب تحقيق مكاسب من الانفتاح على النظام سابقاً لم تؤدِ إلى شيء، وبالتالي لم يبقَ أمامه إلا أن يكون جزءاً من المعارضة، وهو ما يتفق والرغبة الأميركية منذ البداية.
مبادرة روسية
وفي الوقت ذاته، بدأت روسيا بالتحرك في هذا الملف، وقالت مصادر كردية سورية إن مسؤولين روس التقوا بممثلين عن القوى والاحزاب الكردية الرئيسية لاستطلاع رأي هذه القوى تمهيداً لإطلاق مبادرة خاصة بموسكو، من أجل توحيد الموقف الكردي قبل الانتقال إلى مفاوضات الحل الدبلوماسي.
ورداً على سؤال ل"المدن" حول الهدف من المبادرة الروسية، وما اذا كان إطلاقها يتم بالتنسيق مع المبادرة الأميركية-الفرنسية، أكد مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكردي كاميران حاجو أن "مبادرة موسكو منفصلة عن المبادرة الغربية، وأنها ربما تحمل أهدافاً مختلفة".
وحسب مصادر "المدن" فإن روسيا تخشى من أن تفقد التأثير في الملف الكردي السوري في حال نجحت واشنطن وباريس في توحيد موقف القوى الكردية وفق تصوراتهما التي تختلف عن تصورات موسكو لهذا الملف، وللحل الدبلوماسي في سوريا بشكل عام.
فما تريده القوى الكردية السورية هو الوصول إلى رؤية موحدة لمستقبل الأكراد السياسي في سوريا، والعمل على إقرار هذه الرؤية في الدستور القادم، الذي سيتم انجازه حتماً في إطار الحل السياسي العام، بينما تريد روسيا التقريب بين الموقف الكردي وموقف النظام في مفاوضات الحل النهائي مع قوى المعارضة المدعومة من تركيا والغرب.
رغم الحديث عن تقدم في المفاوضات بين القوى الكردية السورية، ورغم التفاؤل الذي تبديه هذه القوى تجاه سير المبادرة الغربية حتى الآن، إلا أن هذا التفاؤل يبقى حذراً بناء على التجارب السابقة التي انتهت دون ترجمة الاتفاقات التي تم التوصل إليها.