الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "سايكو"... صهيوني

"سايكو"... صهيوني

30.07.2018
فاتنة الدجاني


الحياة
الاحد 29/7/2018
صدق أو لا تصدق. تل أبيب ستحتضن مؤتمر الصحة النفسية الدولي لعام ٢٠١٩، وفق الرابطة الدولية للتحليل النفسي العلائقي والعلاج النفسي!
هذا الخبر ليس نكتة، أو حتى كذبة نيسان، بل أقرب إلى أن يكون مشهداً من أحد أفلام الرعب النفسية الشهيرة التي أخرجها هيتشكوك. ربما "سايكو".
صحيح، "شر البلية ما يضحك". هل ضاقت بالمنظمين الدنيا، فلم يجدوا دولة تستضيف المؤتمر سوى إسرائيل، التي تعج بمشكلات نفسية مستعصية... وتستعمر شعباً آخر، وممارساتها ضد الفلسطينيين تشي بأنها مَرَضية، ليست لأفراد بعينهم بل لمجتمع برمته. إن شعباً يرضى بأن يكون قوة احتلالٍ وعدوانٍ، ويبني الجدار تلو الآخر هو شعب مريض، ويُسبب للشعب الرازح تحت سطوة الجلاد أمراضاً نفسية لا تُحصى.
هذا تحديداً ما نبهت إليه الطبيبة اليهودية أليس روتشيلد: "كيف يُعقد مؤتمر في مكان يحفل تاريخه بانتهاكات حقوق الإنسان والاحتلال والحصار... بلد لن يمنح تأشيرته لجميع الأطباء المشاركين، خصوصاً الفلسطينيين والأجانب الذين لهم سجل من النشاط التضامني مع الفلسطينيين"؟ روتشيلد، الناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية من خلال منظمة الصوت اليهودي في جامعة هارفارد الأميركية، لم تغفل القول أيضاً إن "عقد مؤتمر دولي في دولة ما، يؤشر إلى دعم ضمني لسياسة هذه الدولة أو القبول بها". بمعنى آخر، "إسرائيل توظف هذه المؤتمرات والعروض والحفلات الغنائية والموسيقية والزيارات الأكاديمية والتبادل الثقافي والعلمي للحصول على قبول عالمي بالوضع القائم".
هذا المسعى غير بعيد عن وعي الحكومة الإسرائيلية وخططها. لم ننسَ أن وزيرة الثقافة ميري ريغيف حاولت توظيف زيارة لاعب الكرة الشهير ليونيل ميسي للقدس، حيث كان يُفترض أن يلعب وفريقه مع فريق إسرائيلي مباراة "ودية"، لولا الضغوط الفلسطينية التي نجحت في إلغاء الزيارة بعد شرح أبعادها السياسية.
ولكن لنضع الاحتلال وأمراضه جانباً للحظة، ولنتذكر أن طبيعة المجتمع الإسرائيلي مولِّدة لأمراض نفسية، أساسها التمييز المعلن بين الأصول والأعراق اليهودية من المهاجرين. فالتفوّق العرقي ليهود أوروبا "الأشكناز" (اليهود الغربيين) وجهه الآخر اضطهاد نحو٤٠ عرقاً يهودياً آخر هاجر إلى إسرائيل من أنحاء العالم.
ولكي تكتمل فصول الرعب من الحال المرضية، تأتي فحوص الحمض النووي التي تتباهى بها إسرائيل لإثبات "يهودية" الأشكناز وتكذيب فكرة أنهم من الخزر وأنهم ليسوا من عرق سامي، وهي فحوص هاجمها علماء كثيرون وفضحوا عامل التزوير الواضح فيها.
وفي هذه الحال، لا يمكن مقاومة استحضار فيلم "أحدهم طار فوق عش الوقواق (أو المجانين)"، الذي تدور أحداثه في مستشفى للأمراض العقلية تديره ممرضة بقبضة حديد ترمز إلى الدولة، بينما المرضى هم المجتمع.
مع ذلك، للحال الإسرائيلية خصوصيتها. وفي حال انعقاد المؤتمر بمن يحضر من محللين نفسيين وأطباء، فإنهم سيبدون كنزلاء مصح نفسي كبير، تديره الدولة والشعب معاً.
عقد المؤتمر في تل أبيب، والإصرار على ذلك، ليسا سوى "سايكو"... صهيوني