الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا وحلم العودة

روسيا وحلم العودة

22.12.2016
سعد الحميدين


الرياض
الاربعاء 21/12/2016
ما تفعله روسيا في سورية من مجازر وهدم وتهجير في حلب وما جاورها وتصاريحها بكل ما تملك من وسائل عما تقوم به قواتها الجوية، وجنودها من حرق وقتل لأبناء البلاد بحجة محاربة الإرهاب، ما هو إلا استغلال للتراخي الدولي الذي قابل المواقف الرافضة للتسوية بممارسة حق النقض عند كل خطوة تكون في صالح الأمة السورية التي تعاني من القتل والذبح على الهوية، ودونها بما يؤكد أن روسيا في الوقت الحاضر ترى أن بإمكانها أن تعود إلى بعض دول العالم العربي كما كانت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، (= الاتحاد السوفيتي)، حيث كانت تهيمن على الكثير من دول الشرق الأوسط، منها مصر، سورية، العراق، الجزائر، ليبيا وغيرها من الدول الأفريقية، وكانت سمعة الدولة العظمى الثانية في العالم الممتد إلى أميركا الشمالية، وكوبا القريبة من الدولة العظمى الأخرى الولايات المتحدة الأميركية، فالاتحاد السوفيتي، والحرب الباردة واستعراض القوى بين الدولتين في الحروب الصغيرة والمتوسطة يكون حيث يكون تدخلهما علنا، ففي الحروب العربية الإسرائيلية تكون مواجهات السلاحين، وتكررت في مناطق أخرى، وبدخول حرب النجوم وما بذل من أموال كانت موهنة للمعسكر الشرقي مما نتج عنها انهيار الاتحاد السوفيتي، وخمود نار الشيوعية التي كان يتغنى بحريتها ونضالها من وقع تحت أيديولوجيتها، وما تشعبت حتى تفكك وتتفتت، وتراجعت لتفسح المجال للقوة الواحدة الأميركية وتسويقها لمشروعها الديموقراطي، وما لحقه من أعمال عسكرية في أفغانستان، والعراق، وما أدخل تحت إطار شرق أوسط جديد، وكان الخريف العربي الذي قلب الطاولة ليجعل ممن كان يعاني من اقتصاد وتدهور في العلاقات يجد له فرصة مناسبة للدخول مجدداً في بعض القضايا العربية، وخاصة سورية التي فتحت الباب عندما طرقه الروس الذين أفسدوا كل حل يكون في سبيل استقرار المنطقة، وكانت فرصة لإيران الطامعة في مد جناحيها على المنطقة إذ سارت في ركب روسيا بجنودها ومرتزقتها، وحفنة الأزلام في لبنان الخاضعة لإملاءات وتصرفات حزب الحاقدين والمرتزقة الذين حولوا لبنان درة الشرق إلى ميليشيات، مقموعة تقوم على جلد ذاتها عندما لم تستطع مواجهة الحزب الخاضع للسيادة الفارسية التي تمده بالمرتزقة والسلاح تحت مسميات تهدف إلى حماية مقدسات مزعومة، والهدف هو محاولة تشتيت العرب، وإشغالهم في مناوشات وعداوات تهد من قوتهم لتتقوى هي، وذلك عندما وجدت من يساندها من الخونة الذي يعملون ضد أوطانهم التي نبت فيها آباؤهم وأجدادهم على مر التاريخ يدافعون عنها بأرواحهم ضد كل دخيل أو متطاول، فتكون الشوكة ممن يفترض فيهم أن يتصدوا لكل ما يسيء إلى أوطانهم، فمن يخون الوطن ويعمل مع من يريد به السوء يمارس نذالة وخسة، وما هو إلا مطية لأداء الغرض ثم يكون مصيره الطرد والتسريح، وهذا مصير الخونة دائماً، حيث لا مكان لهم في أوطانهم، ولا قيمة لهم عند مستخدميهم ومستأجريهم الذين يعيشون بذلة تحت تصرفاتهم، ويسومونهم سوء العذاب إذا ما انتهوا منهم بالسحق والمحق ومسحهم من الوجود.
روسيا تحلم برجوع القوة العظمى، وهذا ما كان يخالج زعماءها منذ الثورة ومنذ قيام الشيوعية التي لم تدم حيث شاهد انهيارها بعض من عاصر قيامها، سواء من بارك، أو عارض وهاجر، هي خطوة تجسد حلم العودة في العالم العربي المضطرب، ولكن الجري والسعي إلى تحقيق الحلم لن يكون، فما لقيته روسيا في أفغانستان هو المصير القادم مهما ظهر من استئساد ومماطلات، ومحاولة ذر الرماد في العيون بدعوى حرب الإرهاب، المستفيد الأول إسرائيل، حماية الروس لها معروفة منذ غرسها في قلب العرب، فالمعترف الرسمي الأول روسيا.
ما تمارسه روسيا فسح المجال لإيران التي تستغل الفرصة، وتشرع وتعلن بصفاقة عن أماكن سيطرتها وما حققته بمساندة المرتزقة، والخونة والحاقدين، ولكن ما يلقاه الحوثيون، وجنود المتقلب الخائن صالح، من دروس قائمة على دحرهم في كل تحرك بما حققته القوات المتحالفة والمقاومة والجيش الشرعي من بسط النفوذ على المناطق الاستراتيجية، وإبعاد المرتزقة والمغرر بهم، واستسلام العديد منهم، هو الدليل على أن لا روسيا بقواتها، ولا إيران بادعاءاتها لديهما القدرة على المواصلة والصمود إلى وقت طويل، فبدايات التخاذل والتراجع تلوح في الأفق، وما كان سائدا ثم باد لن يتمكن من الحياة مجددا فالماضي لا يعود مهما كانت الأحلام.