الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا والقصف الإسرائيلي المباح

روسيا والقصف الإسرائيلي المباح

02.05.2017
منار الرشواني


الغد الاردنية
الاثنين 1/5/2017
مع إعلان موسكو، الأربعاء الماضي، نشرها منظومة جوية تسمح لها بالتحكم بكامل الأجوال السورية، كان أحد الأسئلة الأبرز التي أثيرت هو ما إذا كان ذلك يعني نهاية التنسيق العسكري الروسي- الإسرائيلي الذي منح تل أبيب حرية تنفيذ غارات في سورية. وقد تعزز إلحاح طرح هذا السؤال بتحليلات إسرائيلية عن إمكانية تأثر التنسيق الروسي-الإسرائيلي سلبياً بالضربة العسكرية الأميركية ضد مطار الشعيرات قرب حمص.
خلال أقل من أربع وعشرين ساعة، تم تقديم الإجابة عن السؤال السابق بشكل صريح، عبر عدة غارات إسرائيلية على مستودع أسلحة تابع لحزب الله قرب مطار دمشق. وهو الأمر الذي ربما أثار حيرة البعض، كما استدعى سخرية آخرين من القول بتحكم موسكو بكامل الأجواء السورية.
والحقيقة أنه لا يمكن، بأي حال من الأحوال، الاعتقاد بأن الغارات الإسرائيلية الأخيرة قد نفذت من دون تنسيق مع روسيا. ذلك أن غياب التنسيق سيعني مخاطر آنية على الطائرات الإسرائيلية خلال العملية ذاتها، كما مخاطر بعيدة المدى باحتمالية إنهاء الإذن الروسي لتل أبيب بمواصلة هكذا غارات في المستقبل. وتتعزز حقيقة التنسيق بالصمت الروسي على الغارات، على الرغم من أنها تبدو –للوهلة الأولى- سبباً لإحراج موسكو التي تهدد أميركا ذاتها لعدم معاودة قصف أهداف تابعة لنظام بشار الأسد كما حصل في الشعيرات.
هكذا، يكون واضحاً تماماً أن الموقف الروسي في سورية، بكل تفاصيله، يرتبط أساساً وكما يُفترض أن يكون معروفاً تماماً، بالصراع مع الولايات المتحدة ضمن منظور أوسع بكثير من سورية ولربما الشرق الأوسط ككل. بعبارة أخرى، وكما أثبتت الغارات الإسرائيلية المتواصلة على سورية، مضافاً إليها التنسيق مع تركيا في الشمال السوري، فإن روسيا ليست مستعدة أبداً لخسارة الجميع، ولربما ليست مستعدة لخسارة أحد في المنطقة، لأجل الأسد وإيران. لكنها في المقابل، ليست مستعدة بالدرجة ذاتها لتقديم أي تنازلات جوهرية، في سورية وحتى بشأن كوريا الشمالية، تنعكس على سعيها الحثيث إلى استعادة ما تراه مكانتها المستحقة على مستوى العالم، ونداً للولايات المتحدة.
تبعاً لذلك، يغدو مفهوماً تقبل روسيا لكل تدخل إقليمي ودولي لا يؤثر على إمساكها بـ"الورقة السورية"، كما لا يؤثر حتماً على مصالحها الاستراتيجية هناك من قبيل الوجود على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، فيما يثور الغضب والحنق الروسيان لمجرد ضربة عسكرية أميركية رمزية ضد الأسد.
على الرغم من كل ذلك، يظل من غير الممكن تقديم إجابة نهائية عما تريده موسكو فعلياً، في سورية والمنطقة والعالم، مقابل إنهاء المذبحة بحق السوريين. كما إن التحالف الروسي-الإيراني على الأرض السورية بالتزامن مع تنسيق روسي-إسرائيلي وثيق، يثيران التساؤل عما يمكن أن تفعله موسكو في حال رغبت إسرائيل في توسيع المواجهة مع حزب الله وإيران، ولا سيما في حال إرضاء روسيا ومباشرة المضي في تسوية فعلية للصراع في سورية. ولعل الخيار المرجح هنا هو نقل القتال إلى لبنان، بما يعفي روسيا من أي حرج، لكن دوماً على حساب الدول العربية وشعوبها.