الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا تشهد ل"ديموقراطية" الأسد 

روسيا تشهد ل"ديموقراطية" الأسد 

30.05.2021
بسام مقداد


المدن 
السبت29/05/2021 
تجهد روسيا بكل قوتها لتفنيد إعتراضات الغرب على شرعية إنتخابات الأسد وديموقراطيتها . ووصلت المبالغة في الذود عن هذه الشرعية ، التي إستنكرها وسفهها العالم الديموقراطي بأسره ، إلى حد أن إندفع رئيس وفد مجلس الدوما الروسي (البرلمان)  لمراقبة الإنتخابات دمتري سابلين إلى دعوة الولايات المتحدة لتتعلم من سوريا كيفية إحراء إلإنتخابات لديها . ونقلت نوفوستي عن سابلين قوله بأن المراقبين من "سائر أنحاء العالم"  كان بوسعهم الإقتناع بأن الإنتخابات تتوافق فعلاً مع جميع المعايير الديموقراطية ، وكان بودهم "لو أن مثل هذه الإنتخابات تجري في الولايات المتحدة" . ورأى النائب أن المراقبين دُهشوا لمستوى تنظيم العملية الإنتخابية ، بدءاً من التدقيق في الوثائق الثبوتية للمقترعين إلى تعدد مستويات محاولات تكرار الإقتراع مع الأخذ بالإعتبار أن المواطنيين كان بوسعهم الإقتراع إما في مكان الإقامة أو في مكان العمل .  
 
وما أدهش النائب الروسي بصورة خاصة ، أن بعض المقترعين صوتوا بالدم ، إذ كانوا يوخذون إصبعهم  ثم يمسحون  ورقة الإقتراع بيدهم كي لا تحتسب ملغية ويسقطونها في صندوقة الإقتراع . وينقل عن السوريين ، الذين تحدث إليهم أعضاء الفريق ، بأنهم يفسرون مشاركتهم في الإنتخابات برغبتهم في أن يكونوا شركاء في النصر وفي مصير بلدهم ، الذي يبدأ للتو النهوض من حرب سنوات طويلة .   
 
ويتوجه سابلين إلى الغرب ، الذي اعتبر الإنتخابات "إهانة للشعب السوري" ، بالقول أن حق الإنتخاب هو حق الشعب "ولا يحق التدخل" فيه ، وعلى شركائنا الغربيين أن يفهموا ، أنهم لو كانوا "هنا معنا ، لكانوا دهشوا أيضاً".  
 
شهد الروس لإنتخابات الأسد كما تشهد أم العروس لإبنتها أمام الناس، إذ لا ترى فيها سوى ما يدهش ويسحر على الرغم كل ما فيها من عيوب وقباحة ظاهرة . فقد نقلت صحيفة الكرملين "vz" يوم الإقتراع عن مراقبي الهيئة الإستشارية الروسية لإنتخابات الأسد، بأنهم شهدوا إقبالاً كثيفاً على مراكز الإقتراع. وتحدثوا إلى المقترعين، و"يتضح فوراً" أن الكثيرين منهم سيقترعون "بالطبع" للرئيس الحالي بشار الأسد . ويشهد رئيس وفد الهيئة مكسيم غريغوريف أن "التنافس الإنتخابي متوفر"، وأن المراقبين رأوا في شوارع دمشق، ليس صور الأسد فقط، بل وصور المرشحين الآخرين أيضاً. ويؤكد غريغوريف أنه شهد شخصياً كيف يصوت بعض الناخبين بالدم للأسد "خاصة البدو"، الذين يحمل الأمر طابعاً رمزياً بالنسبة لهم .  
 
ويعتبر غريغوريف أن إعلان الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا في منتصف أذار/مارس المنصرم ، بأن الإنتخابات ليست نزيهة ولا يعترفون بها ، هو خرق لجميع الأعراف الدولية ، ويظهر أن ديموقراطية الإنتخابات لا تعنيهم مطلقا ، بل تعنيهم مصالحهم فقط . وأكد المراقب أن إنتخابات الرئيس السوري بعد العام 2012 تجري ، كما في البلدان الأخرى ، وفقاً لجميع القواعد الديموقراطية. 
 
المرافعة التفصيلية عن "ديموقراطية ونزاهة وتنافسية" إنتخابات الأسد جاءت على موقع معهد الإستراتيجيات السياسية والإقتصادية الروسي "Russtart" في نص بعنوان "مزالق الإنتخابات الرئاسية في سوريا" في 26 من الجاري. تصدى الموقع للرد على جميع إعتراضات الغرب على الإنتخابات، ومقارعتها بالحجج الروسية، التي درج عليها الكرملين وتقول بشرعية الإنتخابات ودستوريتها وحق الشعب السوري ب"إنتخاب" قيادته وما إلى ذلك .  
 
يقول الموقع أن من الواضح "منذ الآن" بأن الغرب سوف يستخدم الإنتخابات للقيام بمحاولة أخرى لتقويض موقع سوريا في العالم ، ولزعزعة الوضع الداخلي في البلاد . والجهد الأساسي يتركز على التلاعب في مفهوم الشرعية . فالولايات المتحدة والغرب عموماً يحاولون في الفترة الأخيرة إعطاء تفسير جديد لمفهوم الشرعية، بأنها نتيجة "تقويم" إجتماعي، وهو ما لا يرتبط لا بتنفيذ القوانين ولا بالظروف الموضوعية، ولا يتفق حتى "مع الحس السليم" .  
 
من الناحية الشرعية، تجري الإنتخابات على أساس الدستور السوري الراهن ، وبالتالي فإن من إنتخبه الشعب السوري ، سيشغل هذا الشخص كرسي الرئاسة بصورة مشروعة . لكن وفق نظرة الغرب، تفقد سلطة الدولة السورية شرعيتها "طالما أن الحرب الأهلية لم تنته في البلاد"، ولأن الانتخابات تجري فقط في الأراضي التي تسيطر عليها دمشق. وكذلك لأنه لم يراعِ الشرط ، الذي أقر في جنيف العام 2017 ويطالب بوضع دستور جديد "ديموقراطي" (المزدوجان من قبل النص) ، ينبغي إنتخاب الرئيس على أساسه .  
 
ويرى الموقع أن هذه النظرة تتجاهل أموراً مبدئية . في طليعة هذه الأمور ، أن الإعتراض على "عدم أخذ رأي جميع القوى في البلاد بالإعتبار"، يعني أنه ينبغي أن يشمل رأي من هم في الأراضي التي تتواجد فيها حتى الآن الدولة الإسلامية المعترف بها إرهابية، ليس من قبل روسيا فحسب، بل ومن قبل البلدان الغربية نفسها. أي أنه كان على الحكومة السورية أن تأخذ بالإعتبار رأي الإرهابيين المصنفين إرهابيين في العالم الغربي .  
 
ثانياً، تعتبر واشنطن أن من الخطأ إجراء الإنتخابات فقط في الأراضي التي تسيطر عليها دمشق ، متجاهلة أنها هي نفسها ترفض بشكل قاطع إجراءها على ذلك الجزء من سوريا ، الذي تحتله بصورة غير شرعية مطلقاً القوات الأميركية .  
 
ثالثاً، "عملية جنيف" التي نشأت بمبادرة الغرب، لم تتوصل منذ العام 2017 ، ليس فقط إلى وضع دستور جديد ما، بل لم يجر في إطارها منذ العام 2018 أي حوار، وليس فقط بين المعارضة والحكومة السورية، بل بين أطراف المعارضة نفسها. أي أن الدستور البديل ليس موجوداً حتى كمشروع ، في حين تنتهي صلاحيات الرئيس وفق الدستور الموجود ، والذي لم يلغه أحد بمن في ذلك الأمم المتحدة . ويسخر النص من الغرب ويتساءل "فما العمل ؟ هل تُترك البلاد بدون أي سلطة عليا ؟ هل أنتم جادون؟" . 
 
حتى بعد إعلان فوز الأسد بنسبة 94,1% ، لم يتوقف الروس عند هذه النتائج ، ولا يجدون حرجاً في تكرار مقولاتهم عن ديموقراطية وتنافسية إنتخابات الأسد، ويعتبرون إعلان الغرب عدم شرعية هذه الإنتخابات وكونها "إهانة للشعب السوري"، هو تطفل وتدخل في شؤون سوريا الداخلية . فقد أعلن نائب رئيس مجلس الإتحاد الروسي كونستانتين كوساتشيف في 27 أيار مايو ، أن أية تقويمات تصدر الآن عن الإتحاد الأوروبي بعد إنتهاء الإنتخابات، "هو بالتعريف" تطفل، وذلك لأن أوروبا سبق أن قومت هذه الإنتخابات قبل تنظيمها وإجرائها. وذكًر كوساتشيف بموقف الإتحاد الأوروبي في مطلع الأسبوع الذي جرت فيه الإنتخابات ، وأعلن بأنه لا يعترف بالإنتخابات السورية  تحت أي ظرف من الظروف . وقال لموقع "راديو سبوتنيك" الذي نقل كلامه، بأن موقف الإتحاد الأوروبي هذا هو تدخل في شؤون سوريا الداخلية في أكثر مرحلة حساسية من مراحل الإستعداد للإنتخابات الرئاسية وإجرائها. واعتبر أن هذا الموقف هو بمثابة ضربة لكل عملية التسوية السورية الهشة .