الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا أنفقت 7 مليارات لإنقاذ الأسد، وها هو على وشك الإفلاس.. فكيف تستعيد هذه الأموال؟

روسيا أنفقت 7 مليارات لإنقاذ الأسد، وها هو على وشك الإفلاس.. فكيف تستعيد هذه الأموال؟

17.06.2020
عربي بوست



عربي بوست
الثلاثاء 16/6/2020
نحو 7 مليارات دولار أنفقتها روسيا لإنقاذ الأسد عسكرياً منذ تدخلها المباشر في البلاد، ولكن اليوم النظام على وشك الإفلاس ونفط البلاد خارج عن سيطرته، فكيف ستستعيد روسيا الأموال التي أنفقتها في سوريا؟
بعد مرور أكثر من 4 سنوات ونصف على التدخل العسكري المباشر في سوريا، أسهمت روسيا بشكل فعّال في منع سقوط حليفها بشار الأسد، ومكّنته من استعادة السيطرة على مساحات واسعة من يد المعارضة.
لكن هذا التقدم العسكري لم يكن مجاناً، فروسيا تكبّدت نفقات عسكرية كبيرة لتحقيق ذلك، وبالمقابل لم تحصل على عوائد مالية من النظام الذي يعاني لسنوات من تدهور اقتصادي، جعله عاجزاً عن دفع أي مبالغ لحلفائه.
صحيح أن روسيا عززت تواجدها العسكري الذي كان قائماً حتى قبل تدخلها المباشر، إلا أنها لم تستطع جني فوائد اقتصادية تذكر، ولم تتمكن حتى الآن من تهيئة الأرضية في سوريا لتحقيق عوائد تغطي ما تكبدته من نفقات.
إليك التقديرات بشأن الأموال التي أنفقت لإنقاذ الأسد
بحسب عدد من الدراسات والتقارير، فإن معدل النفقات العسكرية الروسية في سوريا يبلغ بين 3 إلى 4 ملايين دولار يومياً، وهذا يعني 5 إلى 7 مليارات دولار منذ تدخلها.
ومن الجهات التي أجرت تلك الدراسات، مؤسسة البحوث الدولية "آي إتش إس" ومركزها لندن، وفي روسيا نفسها، مثل تقرير لحزب "يابلوكو" المعارض وصحيفة "غازيتا".
ويضاف إلى ذلك الدعم بالسلاح الذي قدمته للنظام منذ لجوئه لاستخدام الحل العسكري في البلاد، حيث لم تحصل روسيا على ثمن تلك الأسلحة وحوّلتها إلى ديون طويلة الأجل، أو اختارت تحصيلها من خلال مزايا أو اتفاقيات تضمن بها مصالحها وتواجدها بالمنطقة.
كيف ستستعيد روسيا الأموال التي أنفقتها في سوريا؟ عقود طويلة الأجل
يمكن القول إن كل ما حصلت عليه روسيا اقتصادياً من سوريا، هي عقود طويلة الأجل في مجالي النفط والغاز من نظام يبدو متهالكاً ومهدداً بالسقوط في أي لحظة، بالإضافة إلى أن الجدوى الاقتصادية من تلك العقود تبقى غير مؤكدة، خاصة أن معظم الحقول الغنية تقع في شرق البلاد تحت الحماية الأمريكية.
فقد عقدت شركات روسية عدة اتفاقيات مع النظام للتنقيب واستخراج النفط والغاز من الحقول المتبقية في يد النظام، كذلك وقعت اتفاقيات لترميم وتطوير المنشآت النفطية، إضافة إلى عقود لتنفيذ مشاريع لتوليد الطاقة واستخراج الثروات المعدنية.
وفي عام 2019، وقعت وزارة النفط التابعة للنظام السوري عقداً مع شركتي ميركوري وفيلادا الروسيتين، كما حصلت شركة ستروي ترانس على أحقية التنقيب واستخراج الفوسفات من المنطقة الشرقية الواقعة جنوب مدينة تدمر السورية، وعقد تأجير مرفأ طرطوس لشركة STG ENGENEERING لمدة 49 عاماً.
كما وقعت عقوداً في مجال الطاقة في مدينة حمص آذار/مارس 2018 بين النظام وشركات روسية، وعقداً آخر لإنشاء خط حديدي يصل مطار دمشق بمركز المدينة.
ولكن لا أمل لها دون عملية إعادة إعمار يموّلها المجتمع الدولي
إلا أن جميع هذه العقود حتى لو ثبتت جدواها الاقتصادية، فهي غير قابلة للتطبيق في حال لم يتم يتحقق الاستقرار الاقتصادي والسياسي والعسكري في سوريا، والبدء في إعادة الإعمار.
ويبدو أن روسيا أصيبت بخيبة أمل كبيرة مع رفض المجتمع الدولي بشكل متكرر وحازم تمويل أي خطط لإعادة إعمار سوريا، طالما لم يتحقق انتقال سياسي في البلاد وفقاً لقرارات مجلس الأمن، ولم تتمكن روسيا رغم كل التقدم على الأرض من فرض أمر واقع يدفع العالم إلى القبول ببقاء النظام مع تغييرات شكلية.
وها هي الليرة تنهار
وزاد خيبة الأمل الروسية مؤشرات لانهيار اقتصادي كامل في سوريا، حيث انخفضت قيمة الليرة إلى مستويات قياسية وبشكل متسارع غير مسبوق، بوصول سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 3200 ليرة قبل أيام، في حين كان قبل عام 2011 لا يتجاوز 50 ليرة.
ويشكل قانون قيصر الأمريكي الذي سيدخل حيز التنفيذ في 17 من الشهر الجاري، ضربة جديدة وقوية للآمال الروسية في تحقيق انتعاش اقتصادي في سوريا بعد حالة التقدم الميداني التي حققها النظام بمساعدة من موسكو وطهران.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صادق على قانون قيصر في كانون الأول/ديسمبر الماضي، وقد سُمّي القانون نسبة إلى ضابط سوري منشق قام بتسريب آلاف الصور لمعتقلين قُتلوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، الأمر الذي شكَّل صدمة للعالم، ومع ذلك لم يتم اتخاذ خطوات عملية ضد النظام.
فالقانون يفرض عقوبات اقتصادية على كل شخص أو شركة يثبت تعامله أو تعاملها مع النظام في مجالات البترول والبناء والمجالات العسكرية.
وهذا يعني أن الشركات الروسية العاملة في سوريا ستنال حظها من تلك العقوبات، ما سيزيد الضغط الاقتصادي على روسيا التي تواجه أساساً عقوبات أوروبية وأمريكية بسبب دعمها للانفصاليين في أوكرانيا.
الأمريكيون أطاحوا بآمال الروس في الوصول للنفط شرق الفرات
بعد عملية نبع السلام التي أطلقها الجيش التركي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي وانسحاب الولايات المتحدة من مناطق واسعة في شرق الفرات، دخلت القوات الروسية إلى المنطقة ونشرت أكثر من 2000 من جنودها هناك، لتملأ الفراغ الذي خلّفته الولايات المتحدة.
ومنذ دخول قواتها لشرق الفرات، حاولت روسيا الوصول إلى حقول النفط الغنية فيها، إلا أن القوات الأمريكية التي انسحبت إلى محيط حقول النفط، منعتها من ذلك مراراً، فقد قطعت دوريات أمريكية عشرات المرات الطريق على قوافل عسكرية روسية حاولت الوصول لمنطقة رميلان شمال شرقي سوريا.
وعندما عجزت روسيا عن الوصول عسكرياً إلى تلك حقول النفط، بدأت بالضغط على منظمة "ي ب ك – بي كا كا" الإرهابية التي تسيطر على المنطقة لإعطائها حصة من النفط، إلا أن الولايات المتحدة الداعم الأكبر للمنظمة منعتها من ذلك.
إيران الحليف الرابح
على عكس روسيا، تمكنت إيران من تحقيق مكاسب اقتصادية ملحوظة في سوريا، ويعود ذلك إلى أن الاستثمارات الإيرانية قائمة وبقوة حتى قبل اندلاع الثورة السورية، إضافة إلى أن طبيعة الاستثمارات الإيرانية قصيرة ومتوسطة الأجل، وتعتمد على التصنيع والإنتاج.
ومنذ التدخل العسكري الإيراني المباشر في سوريا عام 2013، زادت استثمارات طهران بشكل كبير، وشملت مجالات الإلكترونيات والبتركيماويات والجرارات والنقل ومواد بناء وتعهدات إنشاء وحدات سكنية.
من الشركات الإيرانية العاملة في سوريا، شركة "Nikan Engeering Development" في مجال التعهدات والبناء، والشركة الإيرانية لصناعة الجرارات وتجهيز المعامل (İTMC)، وشركة electronic Afzar Azma المتخصصة في مواد البناء، وشركة Hooman Polymer للبتروكيماويات، وغيرها.
هذه الشركات حصلت على امتيازات من النظام خلال السنوات الماضية، وهي تدر أرباحاً كبيرة على الجانب الإيراني، تمكنها إلى حد كبير من تغطية نفقاتها العسكرية في سوريا أو جزء منها.
انتقادات روسية داخلية
النفقات الكبيرة التي تكبدتها روسيا في سوريا أدت إلى ارتفاع أصوات المعارضين في البلاد الذين تساءلوا عن الفائدة من الاستمرار في دعم النظام عسكرياً وما ينجم عنه من نفقات.
هذا الأمر دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير دفاعه إلى التأكيد أكثر من مرة على أن المشاركة في الحرب في سوريا أفسحت المجال لاختبار الأسلحة الروسية ومدى فاعليتها، في محاولة لتبرير تلك النفقات بأنها ضرورية ومطلوبة.
كما أن ترسيخ روسيا لوجودها في سوريا عبر استئجار قواعد هناك لمدد طويلة، قد يكون سبباً مقنعاً في ذهن بوتين ورجاله يستحق أن تضخ كل تلك النفقات من أجله، فالوصول إلى المياه الدافئة هدف روسي قديم منذ سنوات طويلة، ولا يبدو أن هذه الغاية قد فقدت قيمتها بتقادم الزمن.
وخلال السنوات الماضية عززت روسيا تواجدها في مطار حميميم بمحافظة اللاذقية الساحلية على المتوسط غرباً، وقامت بتوسيع مساحته ليصبح أكبر قاعدة روسية في المنطقة، ووقعت على اتفاقية مع النظام على استخدامه متى شاءت دون أي إطار زمني.
كما قامت باستئجار ميناء طرطوس على المتوسط أيضاً لمدة 49 سنة، فيما تشير تقارير إلى أن روسيا تسعى حالياً إلى إنشاء قاعدة أخرى في مدينة كسب الساحلية شمالي اللاذقية، إضافة إلى عدد من المطارات في حمص وحماة تسيطر عليها روسيا بشكل كامل.