الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رهان إيران الاقتصادي في سوريا مخيِّب 

رهان إيران الاقتصادي في سوريا مخيِّب 

22.03.2021
أنديرا مطر


القبس الدولي 
الاحد 21/3/2021  
تواجه إيران عوائق كبيرة في الحصول على "عائد الاستثمار" من انخراطها العسكري مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي دفع بمسؤولين إيرانيين كبار للتذمر من تفضيل النظام لروسيا على حساب طهران في كعكة المشاريع الكبرى. 
في بداية الحرب، كان انقاذ الحليف السوري هو الأولوية بالنسبة لطهران ويتقدم على كل الحسابات الأخرى. لكن عشر سنوات من الحرب كلفت ايران مليارات الدولارات وخسائر بشرية لم يتم الكشف عن عددها لكنها تقدر بالآلاف. 
وقد بدأ السجال حول هذا الالتزام العسكري المكلف يتصاعد داخل إيران خصوصا مع تفاقم أزمتها الاقتصادية نتيجة العقوبات الأميركية. وخرج آلاف الايرانيين للتظاهر في اكتوبر 2019 احتجاجا على ارتفاع أسعار البنزين مطالبين قادتهم بحل مشاكل البلاد بدلاً من انفاق الاموال على سوريا. 
 
عشرات الاتفاقيات والعقود 
توقع الايرانيون حصولهم على فوائد اقتصادية مع عودة الاستقرار الى سوريا. في يناير 2019 زار نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري دمشق لتوقيع مذكرة "تعاون اقتصادي واستراتيجي طويل الأمد"، شملت ابرام عشرات الاتفاقيات أبرزها يتعلق باستثمار مناجم الفوسفات في منطقتي الشرقية وخنيفس. كما تم التعاقد مع جمعية "بناة المساكن الجماعية" وهي شركة إيرانية خاصة، على بناء 200 ألف وحدة سكنية. ورحب رئيس الشركة إيراج رهبار بتوقيع الاتفاقية وقال إن "السوريين متحمسون للغاية لاستثمار الإيرانيين في بلادهم"، ناقلاً عن رئيس الوزراء السوري آنذاك عماد خميس قوله إن "إيران هي الشريك الأجنبي الأول لسوريا في تخصيص المشاريع". 
ورغم مرور سنة على توقيع العقد لم ينطلق المشروع السكني بعد والسبب وفق المقاول الايراني: "صعوبات يواجهها القطاع الخاص الإيراني في الاستثمار في سوريا والعقبات المصرفية – فالدولتان مدرجتان على القائمة السوداء للعقوبات الأميركية – والبيروقراطية السورية الهائلة". 
احباط الايرانيين على نطاق واسع يغذيه الشعور بأن الشريك الآخر لنظام الأسد، روسيا، يحصل على نصيبه من الكعكة. اللواء رحيم صفوي، القائد السابق للحرس الثوري والمستشار العسكري للمرشد علي خامنئي بدا واثقا في 2018 بأن الإنفاق الإيراني في سوريا سيتم تعويضه من خلال منح العقود إلى طهران. لكن هذا التفاؤل تبدد لاحقا ليعلن صوفي نفسه بأن "الروس يستفيدون من سوريا أكثر منا". 
مسؤول في وزارة الاقتصاد الايرانية رد تفضيل النظام السوري لموسكو على حساب طهران بالقول "عسكريًا، كان دعم الروس حاسمًا في الحرب، كما ان قدراتهم الاقتصادية والتقنية تفوق قدراتنا بأشواط". 
من جانبه، يعتبر المحلل السياسي الايراني حميد رضا عزيزي، أن مذكرات التفاهم بين البلدين "ذهبت أدراج الرياح بسبب نقص الموارد المالية في إيران". في اشارة الى المبالغ الهائلة، أو الرشاوى، التي يتكبدها رجال الأعمال الإيرانيين للحصول على اي صفقة. 
 
نفوذ ثقافي 
يؤثر نقص السيولة على النفوذ الإيراني في سوريا بكل جوانبه. الواقع ان إيران لم يعد لديها الوسائل لدعم حلفائها المحليين كما فعلت في بداية الحرب. يشير حميد رضا عزيزي الى أن "طهران شجعت وكلاءها في سوريا على تدبير أمورهم بأنفسهم، والعثور على الأموال في مكان آخر". وهذا من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التدهور في الوضع الأمني في سوريا. 
سبب اخر لانحسار الدور الايراني في سوريا، انها لا تحظى بأي نفوذ على اقتصاد الظل الذي ازدهر في الحرب من خلال شبكات التهريب وأمراء الحرب الذين يحرصون على حماية غنائمهم. يبقى لإيران التأثير الثقافي الذي يظهر بتوسع دور العبادة الشيعية والتعليم (إعادة بناء المدارس، وتدريب أساتذة الجامعات في جميع المجالات، والتعاون على إعادة كتابة المناهج الدراسية). يبرر مسؤول وزارة الاقتصاد الإيرانية هذا التراجع بالقول: "هدف طهران استراتيجي وطويل الأمد. في هذه المرحلة، لا تُطرح أسئلة الربح والخسارة. سيحين الوقت لكي تستفيد إيران وقطاعها الخاص من سوريا". 
يستمد هذا القول واقعيته طالما أن سوريا كانت وستبقى حلقة وصل ضرورية في المحور الذي يشكله طريق طهران – بيروت، مهما كانت الأثمان.