الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رسالة قاسم سليماني من حلب

رسالة قاسم سليماني من حلب

25.12.2016
منار الرشواني


الغد الاردنية
السبت 24/12/2016
هي المرة الثانية، والنادرة حكماً، التي يصدق فيها بشار الأسد، على امتداد عمر الثورة السورية على الأقل. فبعد وفائه بالوعد الشهير "الأسد أو نحرق البلد"، يخبرنا الآن أن التاريخ بعد حلب لن يكون كما قبلها؛ لكن على النقيض من تفسيره الذي ساوى فيه نفسه بالأنبياء.
فـ"الرئيس" الذي ورث عرش "الجمهورية" بشرعية القومية العربية -والتي بها أيضاً شرعن أبوه انقلابه وما تبعه من استبداد وفساد- لم يعد يملك فعلياً "بعد حلب"، وفق كل الشواهد، إلا مسمى "الرئيس". وهو المسمى الذي لا يكاد يستخدمه إلا في تبرير الاحتلال الأجنبي أساساً، إضافة إلى إجراء مقابلات صحفية، وإصدار بعض التصريحات.
إذ حتى الشبيحة، أكانوا محليين أم عابرين للحدود بغطاء القومية واليسارية الأممية، لم تعد تزعجهم، بعد استحالة الإنكار، حقيقة أن البيانات العسكرية بشأن كل المعارك في سورية تقريباً، ولا سيما في حلب، تصدر عن وزارة الدفاع الروسية. كما يقرر الكرملين عقد الهدن والتسويات التي قد تعترض عليها إيران وحدها! أما من يتجول في حلب اليوم، فليس الرئيس "المعلن" لهيئة أركان "الجيش العربي السوري"، أو أي ضابط من هذا الجيش؛ بل هو قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، الذي يحرص على بث الصور لاستعراضاته. وهي صور كان يُفترض أن تكون مسيئة أساساً، وقبل أي طرف آخر، لـ"الرئيس" السوري. لكن إيران تعلم، كما الجميع، أن "ما لجرح بميت إيلام".
طبعاً، تبدو الرسالة الروسية واضحة تماماً. وآخر مناسبة للتأكيد على بعض مضامينها، داخلياً وخارجياً، ما أعلنه وزير الدفاع الروسي صراحة، ونقلته "روسيا اليوم" يوم الخميس الماضي، باستخدام سورية وشعبها ميداناً لاختبار "162 نوعا من أحدث الأسلحة" (وبالتالي تحسين مبيعاتها)؛ كما وأد الثورات في المنطقة.
في المقابل، فإن أبرز مضامين الرسالة الإيرانية، بزيارات سليماني لحلب (والأنبار في العراق) -كما تصريحات كثير من المسؤولين الإيرانيين الآخرين- هو ذاك المضمون غير المعلن أبداً؛ والمتمثل في إهانة الشعوب العربية. أما الهدف المرجح من وراء ذلك، فهو دفع جزء من هذه الشعوب إلى مزيد من التطرف، أو أقلها مجرد خلق انطباع إقليمي وعالمي بوجود هذا التطرف، بما يعبد الطريق لسيناريو إيراني إقليمي غير مستبعد أبداً، يقوم على نشر مزيد من الاضطراب في المنطقة خصوصاً، وبالنتيجة مزيداً من التدخلات الإيرانية بكل تبعاتها المدمرة.
إذ ليس سراً اختراق الجماعات الإرهابية من أجهزة استخبارية عدة. وأكثر انفضاحاً علاقة إيران والأسد بـ"داعش"، كما اتفاق السلام بين نظام الملالي و"القاعدة" مقابل التجاء عدد من قادة التنظيم إلى إيران عقب الحرب الأميركية على أفغانستان. ويمكن أن نضيف إلى ذلك حقيقتا أن إيران كانت أكبر المستفيدين من ظهور "داعش" في العراق وسورية، والوحيدة التي نجت من عمليات التنظيم حتى الآن (وهما ما يُفترض أن تكفيا، وفق منطق "عروبيي طهران" ونظرية المؤامرة الكونية، للاستدلال على أن "داعش" صناعة إيرانية).
فهل يبدو مستبعداً بأي شكل تحريك إيران، بشكل مباشر أو غير مباشر، خلايا إرهابية للمساس بالدول العربية المستقرة، بزعم الانتقام لحلب والموصل؟