الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رسائل قد تحلحل تعقيدات الملف السوري

رسائل قد تحلحل تعقيدات الملف السوري

18.05.2020
مراد عبد الجليل



عنب بلدي
الاثنين 17/5/2020
ترسل الدول المتصارعة والأطراف اللاعبة في الملف السوري رسائل متزامنة في الأيام الأخيرة، قد ترسم ملامح مستقبلية للعلاقات وتوزيع الأدوار في سوريا.
وتنوعت هذه الرسائل بين سياسية وعسكرية وحقوقية، تحاول عنب بلدي رصدها من خلال التصريحات والمواقف الصادرة خلال الأسبوعين الماضيين.
رسائل إسرائيلية- أمريكية لطرد إيران
حاولت تل أبيب مرارًا منع تعاظم النفوذ الإيراني في سوريا، وخاصة في الجنوب، إما سياسيًا عبر إدخال روسيا كضامن، لإبعاد إيران من حدودها لمسافة 100 كيلومتر باتفاق مع المعارضة السورية في 2018، أو عسكريًا من خلال تنفيذ ضربات جوية متكررة على مواقعها العسكرية واغتيال قياديين تابعين لها.
التصعيد الإسرائيلي ضد إيران زاد نشاطه، منذ مطلع العام الحالي، وتمثل بشقين، العسكري عبر استهدافات متكررة للأراضي السورية، توزعت بين حمص ودرعا ودمشق، وكان أحدثها، في 4 من من أيار الحالي، عندما استهدف قصف إسرائيلي بعض المستودعات العسكرية في مركز “البحوث العلمية” في منطقة السفيرة بمحافظة حلب، عبر طائرات قادمة من شمال شرق منطقة أثريا.
وفي ظل عدم اعتراف تل أبيب رسميًا بهذه الضربات، وهي سياسة تنتهجها دائمًا في عملياتها العسكرية، إلا أنها جاءت بعد تصريحات سياسية لوزير الدفاع، نفتالي بينيت، في مؤتمر صحفي، في 27 من نيسان الماضي، قال فيها إن “إسرائيل انتقلت من مرحلة إيقاف التموضع الإيراني في سوريا، إلى مرحلة إخراجها بشكل كامل”، بحسب ما نقلته صحيفة “معاريف” .
وأضاف الوزير، “ستسمعون وسترون أشياء، فنحن لا نواصل لجم نشاطات التموضع الإيراني في سوريا فحسب، بل انتقلنا بشكل حاد من اللجم إلى الطرد، أقصد طرد إيران من سوريا”.
أما رئيس قسم العمليات في الجيش الإسرائيلي، الجنرال أهارون حليوة، فأكد زيادة النشاط العسكري ضد الوجود الإيراني في سوريا، وقال في مقابلة مع قناة “واللا”  العبرية، في 29 من نيسان الماضي، إن “الأسد يفهم، أو بدأ يفهم، أن الإيرانيين الذين جاؤوا لمساعدته ضد تنظيم داعش بهدف إنقاذه، هم أنفسهم اليوم يشكلون خطرًا على استمرار حكمه وقدرته على إعادة الإعمار”، مضيفًا أن “إمكانية إيران للبقاء في سوريا انخفضت عن السابق”.
ولم يكن الحليف الاستراتيجي لإسرائيل بمعزل عن تصعيد اللهجة ضد الوجود الإيراني في سوريا، إذ قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، خلال زيارته إلى تل أبيب، بحسب قناة “كان” الإسرائيلية، في 14 من أيار الحالي، إن أمريكا وإسرائيل أوضحتا للنظام السوري والنظام الإيراني أنه تجب مغادرة إيران سوريا.
وأضاف بومبيو أن أمريكا عملت على سياسة ممارسة أقصى الضغوط، وكانت فعالة، وساعدت في “منع النظام الإيراني من امتلاك الموارد لمواصلة الإرهاب في جميع أنحاء العالم”، بحسب تعبيره.
الأمريكيون للروس: استغنوا عن الأسد
وتضمنت مقابلة للمبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري، جيمس جيفري، مع صحيفة “الشرق الأوسط“، مطلع أيار الحالي، عدة رسائل للنظام السوري، منها تأكيد تشديد العقوبات الاقتصادية عليه، وعلى الدول التي تحاول إعادة تأهيل النظام، وخاصة الخليجية منها.
لكن الرسالة الأهم التي غازل بها موسكو، هي الدعوة بشكل ضمني إلى عقد اتفاق يسهم بإخراج القوات الإيرانية من سوريا، والإسهام بشكل جدي في التوصل إلى حل سياسي.
وقال جيفري في المقابلة، إن “روسيا تدرك جيدًا ما يجري في سوريا، ونعتقد أن روسيا تدرك أيضًا أي نوع من الحلفاء هو الرئيس (السوري) بشار الأسد”، مضيفًا أن “السياسة الأمريكية تتمحور حول مغادرة القوات الإيرانية الأراضي السورية كافة، جنبًا إلى جنب مع كل القوات العسكرية الأجنبية الأخرى التي دخلت البلاد عقب عام 2011، وهذا يشمل قواتنا، والقوات الإسرائيلية، والقوات التركية كذلك”.
وحول القوات الروسية، أوضح جيفري أنها “دخلت الأراضي السورية قبل عام 2011، وبالتالي، فإنهم مستثنون من ذلك”.
وبعد قرابة أسبوع، عاد جيفري ليجدد رسالته إلى الروس خلال ندوة في معهد “hudson” لمناقشة الجهود الأمريكية والدولية لمحاسبة النظام السوري، في 12 من أيار الحالي.
وقال جيفري إن “روسيا ليست سعيدة مع الأسد ولكن لا يرون بديلًا عنه”، مضيفًا أن “الولايات المتحدة تحاول أن تجعل روسيا تفهم، أنها لن تحصل على دعم المجتمع الدولي للمصالحة الدبلوماسية أو لإعادة الإعمار طالما استمر تحالفها مع الأسد”.
وأكد جيفري أن “واشنطن ستواصل الضغط على نظام الأسد اقتصاديًا، وستستمر بعزله دبلوماسيًا، وبفرض العقوبات عليه وعلى داعميه، حتى التوصل إلى حل سياسي في سوريا بناء على قرار الأمم المتحدة رقم 2254، الذي يدعو إلى إجراء انتخابات في البلاد، والبدء بعملية دستورية جديدة”.
وفي المقابل، وجه جيفري تهديدًا ضمنيًا إلى موسكو في حال عدم التعاون معها لحلحلة الملف السوري، إذ قال إن “بلاده ستواصل وجودها العسكري في سوريا، وإن هدفها هو جعل الحرب هناك طريقًا مسدودًا أمام الروس”.
روسيا تقاطع جلسة الكيماوي
وفي ظل الحديث والتكهنات الإعلامية عن منحى مغاير للتعاطي مع الملف السوري، قاطعت روسيا والصين اجتماعًا مغلقًا عبر الإنترنت في مجلس الأمن، كان مخصصًا لمناقشة مسألة الأسلحة الكيماوية في سوريا.
واعتبرت روسيا الاجتماع غير مقبول لأنه ليس علنيًا، وقال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، بحسب “فرانس 24“، إنه رغم انتقاداتنا الصريحة للطبيعة غير المشروعة لفريق التحقيق، وتحديد الجهات المسؤولة عن الهجمات، لم نعارض إحاطة المدير العام في شأن التقرير الأخير لمنظمة الأسلحة الكيماوية، بل طلبنا الوحيد هو عقد هذا الاجتماع في إطار مفتوح”.
وأعرب نيبينزيا عن أسفه بسبب إصرار الدول الغربية على جعل الاجتماع خلف الأبواب المغلقة وفي مكان غير رسمي، مضيفًا، “نحن لا نخجل من مناقشة صعبة ولكنها صريحة”.
روسيا، التي لطالما دافعت عن النظام السوري جراء استخدام الكيماوي، واستخدمت حق النقض (الفيتو) لعدم محاسبته، حضرت سابقًا عدة جلسات مغلقة في مجلس الأمن لمناقشة استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.
من جهتها، اعتبرت البعثة الدبلوماسية البريطانية أن الاجتماع كان مقررًا بشكل مغلق للسماح لأعضاء المجلس وسوريا بتبادل وجهات النظر بشكل ودي وطرح الأسئلة، معتبرة أن رفض حضور الاجتماع، والتعاطي مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بشأن مضمون النتائج التي توصلت إليها، أمر مخيّب للآمال.
هذه الرسائل وما رافقها من هجوم روسي إعلامي ينتقد النظام السوري ورئيسه، بشار الأسد، إلى جانب ظهور خلافات بين رامي مخلوف والأسد، يمكن أن تكون لها تبعات ومآلات على الملف السوري قد تفصلها الأسابيع المقبلة.