الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رسائل طهران التصعيدية تُعقد خيارات واشنطن التفاوضية 

رسائل طهران التصعيدية تُعقد خيارات واشنطن التفاوضية 

06.03.2021
محمد المنشاوي


واشنطن 
الجزيرة 
الخميس 4/3/2021 
تثير الهجمات الأخيرة على قاعدة عين الأسد داخل العراق، وتوسيع الحوثيين هجماتهم على السعودية، وفي المقابل الضربات الأميركية الأخيرة على الفصائل الموالية لطهران في سوريا، أسئلة عن خيارات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في مواجهة ما قد يوصف بأنه تصعيد من إيران عبر وكلائها في المنطقة. 
وبينما أكد البيت الأبيض أن واشنطن ستردّ على الهجوم الصاروخي الذي استهدف قوات أميركية وعراقية وأخرى تابعة للتحالف الدولي في قاعدة عين الأسد بمحافظة الأنبار غربي العراق، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنه لا يمكن تحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم حتى الآن. 
انهيار الردع النووي.. لماذا تتجه مزيد من الدول إلى تصنيع قنبلتها الخاصة؟ 
وفي حديث مع الجزيرة نت، اعتبر المحاضر في كلية الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون ديفيد دي روش، أن قوة الهجمات الإيرانية تُعقّد خيارات واشنطن. 
وأوضح دي روش أن الرسالة التي أرسلتها الضربة المحدودة داخل سوريا إلى إيران، هي أن الولايات المتحدة مترددة أو خائفة من الانتقام من الوكلاء الإيرانيين في العراق. 
وقال إن هجوم قاعدة عين الأسد الجوية الأخير أظهر أن رد إيران على الرسالة كان بصوت عال وواضح، مشيرا إلى أن الطريقة الوحيدة للخروج من هذه الحلقة هي إما التوصل إلى اتفاق مع إيران أو ضرب مصالحها بشدة، سواء في العراق أو في إيران نفسها. 
تحسين الوضع التفاوضي 
في هذا السياق، اعتبرت آنيل شنايل خبيرة الشؤون الخليجية في معهد كوينسي بواشنطن أن زيادة أعمال العنف هي محاولة من الأطراف المختلفة لتعزيز موقعها التفاوضي. 
وأضافت شنايل في حديث مع الجزيرة نت، أن محاولة استخدام العنف لكسب نفوذ أكبر قد تأتي بنتائج عكسية، حيث قد يردّ الخصم بمزيد من التصعيد، كما أن فكرة أن العنف ينتج نفوذا أو يحسن الموقف التفاوضي فكرة معيبة، وغالبا لا تحقق النتيجة المرجوة. 
وهنا تحاول طهران تقديم نفسها على أنها تهديد للولايات المتحدة، مع السعي للاستفادة من وقف واشنطن الدعم العسكري الهجومي للسعودية في اليمن، إضافة لتوتر العلاقات مع الرياض عقب نشر تقرير جمال خاشقجي، وتشجيع الحوثيين على تصعيد أعمالهم الهجومية في مأرب. 
وأشار صامويل راماني الباحث في الشؤون الدولية بجامعة أكسفورد إلى أن إيران تختبر عزم الولايات المتحدة على مواجهتها، بينما تحاول أيضا الضغط عليها لتقديم تنازلات أحادية الجانب تجاه "خطة العمل الشاملة المشتركة"، تسمح بالعودة للاتفاق النووي. 
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار راماني إلى أن حسابات طهران محفوفة بالمخاطر، ومن المرجّح أن تدرك طبيعة الانتقام الأميركي كما جرى في الضربات على المليشيات الموالية لإيران في سوريا، لكن المليشيات المدعومة إيرانيا تواصل هجماتها مع ذلك. 
وأضاف راماني أنه يعتقد أن الهجوم الأخير على قاعدة عين الأسد جاء ردا على الضربة الأميركية لأهداف موالية لإيران في سوريا. 
حرب الإرادات 
واعتبر الخبير دي روش أن واشنطن وطهران تخوضان حرب إرادة بشأن استئناف المحادثات الخاصة بخطة العمل الشاملة المشتركة، فبينما تصرّ إيران على رفع جميع العقوبات أولا، ويطالب البعض داخل الحكومة الإيرانية بأن تدفع واشنطن تعويضات عن العقوبات التي فرضت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب قبل فعل أي شيء، تدعو الولايات المتحدة إلى وقف التخصيب الإيراني لليورانيوم قبل بدء المحادثات الفورية. 
وعبّرت شنايل عن اعتقادها أن شنّ بايدن غارات جوية على المصالح الإيرانية في سوريا، يظهر اهتمامه بالعودة إلى المفاوضات مع إيران، لكنه يجد صعوبة سياسية في القيام بذلك في الوقت الذي تواصل فيه المليشيات المدعومة إيرانيا شن هجمات على القوات الأميركية. 
وترى الخبيرة بالشؤون الخليجية أن بايدن تصور أن تؤدي الضربات الجوية إلى حمل الإيرانيين على وقف هجماتهم مدة كافية للدخول في المفاوضات، ولكن على العكس أدى العنف إلى مزيد من العنف. وإذا أراد بايدن أن تتوقف الهجمات، فعليه أن يبدأ من جديد في المفاوضات مع إيران، وهو ما سيتطلب منه رفع بعض العقوبات. 
واتفق الخبير راماني مع الطرح السابق، وأشار إلى أن إيران تهدف لتعظيم نفوذها وموقفها التفاوضي، وهدفها النهائي هو رؤية الولايات المتحدة تخفف من العقوبات أو توافق مؤقتا على إلغائها، واستخدام ذلك مدخلا للمفاوضات. 
واعتبر دي روش أن الهدف من وراء الهجوم الأميركي على مبنى أو مبنيين صغيرين داخل سوريا كان إرسال تحذير مدروس إلى إيران بعدم استهداف المصالح الأميركية في العراق. ولسوء الحظ، كان الرد صغيرا ومعزولا لدرجة أنه ربما ساعد على تسليط الضوء على القيود التي تواجهها أميركا في العراق، وبالتالي وضع قواعد جديدة لمزيد من الهجمات من قبل وكلاء إيران، "كما رأينا في الهجمات على قاعدة عين الأسد الجوية". 
الحرس الثوري الإيراني يسعى لتقديم مرشح متشدد في الانتخابات الرئاسية (مواقع التواصل) 
الثوري ومعضلة الانتخابات 
واعتبر بعض المعلقين أن الرد على الغارات الأميركية بالهجوم على قاعدة عين الأسد، يدل على أن نهج بايدن لم ينجح. ويرى صامويل راماني أن إيران -بسبب ذلك- تشن هجمات على الولايات المتحدة بدرجة نسبية من الثقة، كما أن من المهم الاهتمام بالسياسة الداخلية في إيران، حيث تجرى انتخابات في مايو/أيار. 
ويعتقد راماني أن الحرس الثوري الإيراني يسعى لتقديم مرشح متشدد في الانتخابات الرئاسية، لذلك فهو يحشد قواعده من خلال الخطاب القومي المناهض للولايات المتحدة والتصعيد، ويسعى إلى تأجيل العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة حتى انتهاء الانتخابات.