الرئيسة \  رسائل طائرة  \  رسائل طائرة 16/05/2022

رسائل طائرة 16/05/2022

16.05.2022
زهير سالم



زهير سالم*

توضيح على توضيح..
وجزى الله المذكرين خيرا..
قولي بالأمس
لا نحكم على معين بجنة ولا نار.. نقصه استثناء
غير المبشرين بالجنة بأسمائهم ، وغير المبشرين بالنار بأسمائهم: أبو لهب وامرأته حمالة الحطب.
وهذه قبيلة همدان اليمنية نصرت سيدنا عليا رضي الله عنه في معاركه أيما نصر فقال فيها؛
ولو كنت بوابا على باب جنة..
لقلت لهمدان ادخلي بسلام
فعرف رضي الله عنه حده فوقف عنده، ليس في البشر رضوان ولا مالك..
الحياة في ظلال الإسلام رحبة واسعة فسيحة، ودائرة العفو في الشريعة الاسلامية هي الأوسع، والعيش في ظل العقول الصدور الضيقة حرِج.
==============================
أرجى آية عندي في كتاب الله..
ومنذ الأمس يتوفف إخوة أحبة كرام عند المساءلة الشفيفة، يوجهها الله سبحانه وتعالى، لروحه وكلمته وعبده ورسوله سيدنا عيسى ابن مريم: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ …)
إلى آخر الحوار، ويتوقفون عند الأدب الجم لسيدنا عيسى عند ربه، عندما يختم  بيانه ومرافعته ودفاعه عن نفسه، بقوله: (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ..)
وكم توقف المتأملون عند قول سيدنا المسيح، فإنك أنت العزيز الحكيم ولم يقل الغفور الرحبم، ويغفل الناس في هذه الآيات عن أمرين:
الأول: التفويض الذي اعتمده سيدنا المسيح في أمر من قال بألوهيته وألوهية أمه، التفويض بين خياري العذاب والمغفرة، (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
وسيدنا المسيح علبه السلام رسول ونبي من أولي العزم، لا يخفى على من هو في مقامه، أن باب المغفرة مسدود في وجه من أشرك، ولكنه قال..
ولا تقل لي ما كان هذا في شريعته، فعقيدة الأنبياء في أمر التوحيد واحدة، وأمور العقيدة لا يجوز عليها نسخ ولا تبديل ولا تطوير.
والأجمل من كل ذلك، قول الله تعالى (قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)
تملاها شفافةً مطلقة مفتوحة من غير أغلال ولا أعباء..
فمن هم الصادقون، في ذلك الموقف الضنك المشتبك؟؟ جوابه عند ربنا ولا نملك إلا أن نقول؛ اللهم إنا عرفناك بجهد صدقنا في معرفتك، وعبدناك بجهد صدقنا في طلب شريعتك، ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به
========================
وأرسل لي أخي كريم فيديو لرجل من أهل العلم، على إحدى الفضائيات يفسر قوله تعالى (تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ) بقوله اللقاء على الكلمة السواء، هي اللقاء على دين الاسلام، وانه وحده الدين الحق، وانه لا يحل ليهودي ولا نصراني يسمع برسول الله إلا أن يؤمن به أو يكون من أهل النار والحديث من رواية البخاري. وكل الذي قاله هذا الرجل الخليجي من زيه، في عصر طفت فيه الدعوة إلى الدين الأمريكي الجديد، ولا أقول الإبراهيمي أبدا، جميل، ولكنه في سياقه غير صحيح، وعلقت..
هذا يخلط حقا بباطل..
التعايش في الدنيا وليس في الآخرة.
لو استقام يهود يثرب لأمر الوثيقة النبوية لكان مجتمع المدينة خير وأجمل أنموذج  في التعايش.
اختلاف رسول الله والمسلمين على يهود المدينة، وإجلائهم تباعا، لم يكن بسبب عقائدهم، ولا طقوسهم، وإنما كان بسبب مواقفهم، نكثهم وغدرهم. فلنفهم هذا فإنه عزيز.
هؤلاء العلماء مع شفيف صدقهم يخلطون بين أمري الدنيا والآخرة.
الكلمة السواء ليست إعطاء مشروعية دينية وإنما لقاء على القواسم المشتركة الأعظم..
وتثبيت أرضية للتعايش بين الناس، الذين قضى الله أنهم ما يزالون مختلفين. نتعايش في الدنيا ونعلق أمر الآخرة للآخرة. يوم ينفع الصادقين صدقهم.
===========================
ووصلني هذا الاتحاف من الأخ الكريم والعالم المفضال الشيخ فؤاد رضا، حفيد الشيخ رشيد رضا، أستاذ الأجيال الحق، ولا يزال الأخ فؤاد حفظه الله ورعاه، يتحفنا بإرث جده في المنار فنطلع منه على كل عجيب ومفيد..
أتحفني فأحببت أن أشرككم فقد وجدت من العدل أن نكون في هذا العلم شركاء وكتب
"إنما أنا ناقل عِلْمٍ ولست بعالِمٍ"
أقولها منذ عشرات السنين
وقد تخطيت الثمانين
وكلما مرت السنون
اقتنعت بذلك
فأين أنا من قول الإمام الشافعي:
كلما أدبني الدهر * أراني نقص عقلي
وإذا ما ازددت علمًا * زادني علمًا بجهلي
ذلك أنني تعلمت الدين تعليما غير نظاميٍ، بينما الشيخ "عالِمُ الدين" قد أفنى عمره في حفظ وتعلم وفهم المتون على أساتذة علماء في كل مادة على حِدَةٍ
رغم أنني شيخ ابن شيخ ابن شيخ؛ فجدي السيد الإمام محمد رشيد رضا صاحب المنار هو سليل عائلة المشايخ في القلمون طرابلس الشام، وهو منسوب إلى الحسين بن علي من جهة أبيه وللحسن بن علي من جهة أمه
وما زلت أُدعى هناك بـ "الشيخ فؤاد"
ولكن (وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ)
"ولا محاباة في العلم والدين"
كما قال السيد رشيد رضا
والباحث عن الحقيقة
دائم البحث
لا يكل ولا يمل
فقد رُئي الإمام أحمد على كبر سنه وفي يده دواة وكاغد يكتب به وهو يركض بين الشيوخ، فقال له قائل: يا أحمد، هذا على كبر سنك؟ فقال: نعم، مع المحبرة إلى المقبرة.
والباحث عن الحقيقة
لا ينزعج من الرأي المخالف
فكما قال الإمام مالك بن أنس: "كل أحد يؤخذ من كلامه ويُرَدُّ عليه، إلا صاحب هذا القبر". ويشير إلى قبر النبي ﷺ. كما أوردها السيد رشيد رضا.
وقال الإمام الشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي * فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقـال لـي إن الـعـلـم نـور * ونـور الله لا يهـدى لـعــاصـي
وقال:
بقدرِ الكدِّ تكتسبُ المعالي * ومن طلب العلا سهر الليالي
ومن رام العلا من غير كد * أضاع العمر في طلب المحال
تروم العز ثم تنام ليلاً * يغوص البحر من طلب اللآلي
وقال:
العلمُ مغرسُ كلِّ فخرٍ وَاحذَرْ * يَفُوتُك فَخْرُ ذَاكَ المغْرَسِ
اعلم بأنَّ العلم ليس ينالهُ * مَنْ هَمُّهُ في مَطْعَمٍ أَوْ مَلْبَسٍ
إلاَّ أَخُو العِلمِ الَّذِي يُعْنَى بِهِ * في حالتيه عاريا أو مكتسي
فاجعل لنفسكَ منهُ حظاً وافراً * وَاهْجُرْ لَهُ طِيبَ الرُّقَادِ وَعَبسِ
فَلَعَلَّ يَوْماً إنْ حَضَرْتَ بِمَجْلِسٍ * كنتَ الرئيس وفخرّ ذاك المجلسِ
ويقول أبو المعالي الجويني الملقب بـ "إمام الحرمين":
أخي لن تَنَالَ العِلمَ الا بسِتَةٍ * سانبيك عن تفصيلها ببيانِ
ذكاءٌ وحرصٌ وافتقارٌ وغربةٌ * وتلقينُ أســـــــــــتاذٍ وطولُ زمانِ
فهيئ نفسك لذلك، لترى ما هناك
وإلى الباحثين عن الحقيقة غير المتعصبين لآرائهم، أهدي هذه الكلمات لعلها تنفعني وتنفعهم:
 "إن الفلسفة بحر، على خلاف البحور، يَجِدُ راكِبَهُ الخطر والزيغ في سواحله وشطآنه، والأمان والإيمان في لُجَجِه وأعماقه". كما قال الشيخ نديم الجسر مفتي طرابلس الشام في "قصة الإيمان، بين الفلسفة والعلم والقرآن" على لسان الشيخ أبو النور الموزون السمرقندي إلى تلميذه حيران بن الأضعف المائي البنجابي.
أما اختلاف الآراء فيحكمه قول الله تعالى:
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}[هود:118]
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال: (الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها)، رواه الترمذي في جامعه، وابن ماجه في سننه، والعقيلي في الضعفاء، وابن عدي في الكامل، وابن حبان في المجروحين.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكلمة الحكمة ضالة المؤمن حيث - وفي رواية فحيث - وجدها فهو أحق بها - وفي رواية جذبها)، رواه الترمذي وابن ماجه وابن حِبان بإسناد ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا.
والمعنى يظل صحيحا، ذلك أن المؤمن لا يزال طالبا للحق حريصا عليه، ولا يمنعه من الأخذ به شيء، فكل من قال بصوابٍ قُبِلَ قوله وإن كان بعيدا بغيضا، وقد قال تعالى في كتابه الحكيم: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة:8]
ويقول محمد رشيد رضا في "قاعدة المنار الذهبية": "نتعاون على ما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
فؤاد رضا حفيد رشيد رضا
حفيد تخطى الثمانين وغادر العشرين منذ ستين
=============================
للعلم الحق..
وهذا من أصول عقيدتنا، نحن المسلمين، من أهل السنة والجماعة: لا نشهد على شخص بعينه، باسمه ورسمه، أنه من أهل الجنة، ولا أنه من أهل النار. وهذا متفق عليه عند أئمتنا.
نؤمن أن المؤمنين في الجنة. وأن الكافرين في النار.
ولا نحكم بجنة ولا بنار على أي شخص متعين. وعندما نقول عن شخص رحمه الله تعالى، أو أصلاه الله لظى، وجعله في الدرك الأسفل من النار، فما نقوله ليس كلاما خبريا، نتألى فيه على الله. بل هو كلام إنشائي ندعو الله فيه، ونرجوه. وعندما نقول فلان رحمه الله تعالى، فكأننا نقول: نسأل الله، ونرجو الله أن يرحمه. من غير تأل على الله في أحد.
حقيقة أحببت توضيحها، وقد رأيتها مختلطة في أذهان الكثيرين وفيما يكتبون ويعلقون.
وكان الصحابة رضوان الله عليهم، يتهيبون، أن يشفعوا في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعله صلى الله عليه وسلم كان يحب لو يشفع أحدهم بخير، فوجههم: اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء. أي أن الشفاعة مأجورة، والحكم في النهاية لله ثم لرسوله.
وفي القرآن الكريم: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها…الآية
اللهم إنا نرجوك في آبائنا وأمهاتنا، وذرياتنا، وفيمن علمنا، وفيمن كانت له يد عندنا. وفيمن كانت له يد على مسلم..
وأعظم ما في الاسلام من دقيق الميزان. إن ميزان الحسنات والسيئات ذري.
وأن مومسا من بني إسرائيل دخلت الجنة بسقيا كلب، وأن امرأة غيرها دخلت النار في هرة حبستها.
هذه موازين الله يا قوم…
===============================
تحرش علمي
وأستعمل الكلمة من جميل كلام العرب، فيما أكتب، أقول لعل سائلا يسألني، فأجيبه، فيكون سببا لنشر العلم. ونشر العلم باب من أبواب العبادة، أخوكم الضعيف يحبه.
وسألني سائل أريب: ما معنى الزِّكن...
وأجيبه أولا ببيت من الشعر جميل يجب أن يُحفظ، ثم أشرح اللفظ والبيت. والبيت الجميل لأوس بن حجر جاهلي قديم حكيم محسن متقدم. له قصيدة جميلة في الرثاء مطلعها:
أيتها النفس أجملي جزعا ..إن الذي تحذرين قد وقعا..
ثم يقول:
الألمعي الذي يظن بك الظن..كأن قد رأى وقد سمعا
فهذا البيت بجملته هو شرح مباشر لوصف الزِّكن. ورجل زِِِكن، بيّن الزَكَن والزكانة والزكون.
والأصل في الزَّكَن، صدق الفراسة، والإدراك بالحَدْس،  والإصابة في الظن، وحسن التقدير.
وتقول العرب رجل: فَطِن زَكِن، للرجل الموهوب الذي يلتقطها وهي طائرة. على طريقة قوله تعالى: ففهمناها سليمان.
الزَّكِن: الذي يصيب الحقيقة بقوة ذاتية. وليس بمعرفة خارجية. فاعقد على هذا اصبعك.
أعد الآن قراءة بيت أوس بن حجر...
الألمعي الذي يظن بك الظن ..كأن قد رأى وقد سمعا
أي يخبرك تخمينا فيصيب الحقيقة كأنه قد رآها عيانا، أو سمع بها من مصدر يقين...
يا مفهم سليمان فهمنا...
____________
*مدير مركز الشرق العربي