الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رسائل "بير حسن"

رسائل "بير حسن"

23.11.2013
عريب الرنتاوي


الدستور
الجمعة 22/11/2013
بصرف النظر عن التفاصيل المتصلة بالتفجير المزدوج في منطقة "بير حسن"، على حدود الضاحية الجنوبية لبيروت، فإن القائمين على العمل الإرهابي، من أعطى الأمر وخطط ونفذ، أرادوا توجيه جملة من الرسائل الدامية إلى عدد من العناوين المحلية (اللبنانية) والإقليمية.
الرسالة الأولى إلى "حزب الله"، الذي لم يتوقف عن تلقي الرسائل في بيئته الحاضنة في بيروت وبقاع لبنان، من جماعات محسوبة على "القاعدة" والسلفية الجهادية، مفادها أن لا مأمن للحزب وأنصاره وداعميه، حتى في "عقر دارهم"، وأن الحرب التي اقترح زعيم الحزب حسن نصر الله، إبقاءها في الحدود السورية، لن تظل كذلك، وأن هناك تصميما على نقلها إلى قلب لبنان ومأمن حزب الله، بصرف النظر عن "القرار الإقليمي/الدولي" بإبقاء لبنان خارج دائرة النار السورية.
والرسالة الثانية، إلى "أهل السنة والجماعة" من اللبنانيين، ومفادها أن دوركم في دعم "الثورة" السورية مقدر ومشكور، بيد أنه لم يعد كافياً بعد أن "بلغت القلوب الحناجر"، وأمكن للنظام مدعوماً بمقاتلي حزب الله، أن يسجل اختراقات ملموسة على مختلف الجبهات، وأن "دوركم" اليوم، بات يتمثل في حلفاء النظام وداعميه، وها نحن في "كتائب عبد الله عزام" ندشن الحرب المقدسة على "الروافض" حلفاء "النصيريين" الكفار.
والرسالة الثالثة، إلى الداخل السوري: الجهاديون من شتى المدارس والكتائب والأولية، هو أصحاب اليد العليا والكلمة الفصل في رسم اتجاهات تطور الأزمة السورية، سلما وحرباً، وأن لهذه الحرب سياقاتها ومساراتها "المستقلة" تماماً عن مسارات "جنيف 2" وجدل المعارضة البيزنطي حول من يمثل من، ومن يتحدث باسم من ... هؤلاء يريدون القول، بأنهم هم، من يحدد مواقيت الحرب وجبهاتها وأهدافها، وهي "حرب واحدة" تُخاض في ثلاث دول على الأقل، من بغداد إلى "بير حسن" مروراً بـ"جرمانا" و"ساحة المرجة".
أما الرسالة الرابعة، فموجهة ضد إيران، وهي تذهب بعيداً عن مفاوضات طهران مع "مجموعة 5الجمعة 22/11/20131"، ومفادها أن طهران هي "العدو" المقدم على "العدو الصليبي – اليهودي"، وأن قتالها بات فريضة عين على كل مسلم ومسلمة، وأن "الاستشهاد" على مداخل سفاراتها في العالم، بات الطريق الأقصر للالتحاق بجنّات الخلد إلى جانب النبيين والصديقين والشهداء.
والرسالة الخامسة، موجهة إلى داعمي القاعدة وميسري أعمالها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتحديداً في الدول والمجتمعات "المُفرّخة" للتطرف والإرهاب، والتي تقوم على أوسع شبكات الدعم السياسي والمالي والاجتماعي والثقافي للتطرف والغلو، والتي إذ سارعت بإدانة التفجير، في مسعى لإبعاد أصابع الاتهام، فإنها سقطت من دون أن تدري في شرك "كاد المريب أن يقول خذوني"، اما مفاد هذه الرسالة فيتلخص بالقول: أن استثماركم في التطرف لم يذهب سدى، وأننا نخوض نيابة عنكم، حربكم مع "الروافض" في كل أماكن انتشارهم.
هي رسائل من العيار الثقيل، صيغت بدماء أكثر من عشرين قتيلا ومائة وخمسين جريحا ... بيد أنها على دمويتها، ستظل صرخة في بئر، "بير حسن" ... فلا حزب الله بوارد أن يعكس اتجاهاته وخياراته الاستراتيجية جراء أفعال من هذا النوع، وهو الذي قاتل بضراوة في أعنف المعارك والمواجهات مع إسرائيل ... ولا إيران ستغير "قيد أنملة" من مواقفها وسياساتها، فمثل هذه الأعمال، تساعد إيران في تسويق وتسويغ موقعها وموقفها وأدوارها الحالية والمستقبلية.
والمؤكد أن أفعالاً نكراء كتلك التي شهدتها "بير حسن"، ومن قبلها الضاحية الجنوبية، لن تساعد المعارضة السورية على كسب المزيد من التأييد لا شعبياً ولا سياسياً، بل على العكس من ذلك، فهي الخاسر الأكبر جراء هذه الجرائم، سيما عندما يتنطح بعض الجهلاء من الناطقين باسمها لتبرير هذه الأعمال والتورط أحياناً في الدفاع عنها.