الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ردم الهوّة بين بايدن وإيران ليس قريباً 

ردم الهوّة بين بايدن وإيران ليس قريباً 

08.02.2021
هشام ملحم


النهار العربي 
واشنطن
الاحد 7/2/2021 
بدأت الاجهزة المعنية بشؤون الامن القومي والسياسة الخارجية عملية مراجعة السياسة الاميركية تجاه ايران، بما في ذلك المشاورات والتنسيق مع الحلفاء الاوروبيين الذين وقعوا الاتفاق النووي مع ايران في 2015، وأيضا مع القادة الديموقراطيين في الكونغرس، في الوقت الذي دعا 52 مشرعاً جمهورياً الرئيس بايدن الى مواصلة العمل بسياسة "الضغوط القصوى" التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب ضد ايران. 
وليس من المتوقع الاعلان عن أي قرارات بهذا الشأن لان المشاورات والمراجعة لا تزال في بدايتها. وحتى الان لم يصادق مجلس الشيوخ على أبرز تعيينات الرئيس بايدن للمسؤولين الذين سيلعبون دورا هاما في رسم وتنفيذ السياسة الاميركية تجاه ايران وخاصة ويندي شيرمان التي عينها بايدن نائبة لوزير الخارجية انتوني بلينكن، ووليام بيرنز الذي رشحه بايدن لادارة وكالة الاستخبارات المركزية (السي أي أي) . وكان بيرنز بصفته مسؤولاً بارزاً في وزارة الخارجية في ولاية الرئيس الاسبق باراك اوباما هو الذي بدأ المفاوضات السرية مع ايران والتي جرت في عمان ومهدت للمفاوضات اللاحقة الى ادت الى اتفاق 2015. كما كانت ويندي شيرمان وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية في ادارة الرئيس اوباما، وبهذه الصفة كانت المسؤولة عن ادارة المفاوضات النووية مع ايران وغيرها من الاطراف الموقعة على الاتفاق. 
واضافة الى ويندي شيرمان ووليام بيرنز، يشمل الفريق الاميركي الذي سيكون مسؤولا عن السياسة تجاه ايران، مسؤولين مخضرمين لهم خبرة في التعامل مع ايران، من بينهم مستشار الامن القومي جايك سوليفان الذي كان مساعدا للرئيس بايدن خلال ولاية الرئيس اوباما، وروبرت مالي الذي عينه بايدن المبعوث الخاص لايران، والذي كان عضوا في الفريق الذي ترأسته ويندي شيرمان في المفاوضات مع ايران. 
جاءت هذه التطورات على خلفية تسريبات من مصادر حكومية تحدثت عن احتمال اتخاذ ادارة الرئيس بايدن لبعض الاجراءات الانسانية تجاه ايران من بينها دعم قيام صندوق النقد الدولي بتوفير القروض لايران للحصول على المساعدات الطبية لمكافحة جائحة كورونا. ويقول المسؤولون الاميركيون ان مسألة الغاء العقوبات التي تسمح لايران بيع نفطها ليست واردة في أي وقت قريب. 
 ويوم الجمعة اجرى وزير الخارجية انطوني بلينكن اجتماعا افتراضيا (ألكترونيا) مع وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا والمانيا كانت ايران الموضوع الرئيسي على جدول الاعمال الذي تضمن ايضا تنسيق سبل مكافحة الجائحة. 
وللمرة الاولى عقد مجلس الامن القومي جلسة خاصة يوم الجمعة لمناقشة قضايا ونزاعات الشرق الاوسط، وكانت مسألة كيفية احياء الاتفاق النووي مع ايران وسبل تطويره من ابرز القضايا. ولم يشارك الرئيس بايدن في الاجتماع الذي ترأسه مستشار الامن القومي جايك سوليفان، لانه كان لمناقشة الخيارات المتوفرة وليس لاتخاذ قرارات محددة كما قالت الناطقة باسم البيت الابيض. 
 ولم يرشح الكثير عن اجتماع بلينكن بنظرائه الاوروبيين، او عن اجتماع مجلس الامن القومي، ولكن مصادر غير حكومية مقربة من بعض المسؤولين في مجلس الامن، قالت ان الرئيس بايدن وكبار مساعديه اضافة الى الفريق المعني بالسياسة تجاه ايران يدركون كليا ان احياء اتفاق 2015 لن يكون كافيا وسوف يواجه معارضة قوية في الكونغرس ليس فقط من الجمهوريين ولكن أيضا من مشرعين ديموقراطيين، اذا لم يشمل الاتفاق المعّدل البرنامج الصاروخي الايراني، واذا لم تشمل المفاوضات السياسات السلبية والتخريبية لايران في العراق وسوريا واليمن. أحد الاعضاء البارزين في الفريق الجديد الذي سيتفاوض مع ايران والذي لعب دورا في المفاوضات السابقة التي ادت الى اتفاق 2015، كان قد قال في حوار خاص معه، انه حض الرئيس الاسبق اوباما على ضرورة التصدي لنشاطات ايران السلبية في العراق وسوريا، ولكن اوباما – الذي وضع الاتفاق النووي مع ايران في طليعة اولوياته في الشرق الاوسط- كان يتخوف من ان التصدي للسلوك الايراني التخريبي في المنطقة سيدفعها للانسحاب من المفاوضات. 
وقبل ايام بعث 52 مشرعاً جمهورياً برسالة الى الرئيس بايدن وحذروه من مغبة العودة الى ما اعتبروه سياسة "استرضاء" ايران، "التي خلقت الاضطرابات في المنطقة". واضافوا ان التخلي عن سياسة الضغوط القصوى التي فرضها الرئيس ترامب واستبدالها "بسياسة التنازلات القصوى، سوف يخدم ايران". 
وتبين هذه التطورات، ان ادارة الرئيس بايدن تعتبر مسألة احياء وتطوير الاتفاق النووي مع ايران في طليعة أولوياتها الملحة في الشرق الاوسط. وتصر ادارة بايدن على ان تعود ايران الى الالتزام بالبنود المتعلقة بالقيود المفروضة على تخصيبها لليورانيوم كشرط ضروري لاستئناف المفاوضات، بينما تصر ايران عل الغاء العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس ترامب، كشرط أولى لاستئناف المفاوضات. وليس من الواضح كيف ستتعامل ادارة الرئيس بايدن مع ايران اذا نفذت تهديدها بوقف السماح لفرق التفتيش التابعة لوكالة الطاقة النووية الدولية بالقيام باعمال التفتيش المفاجئة، مع حلول الحادي والعشرين من الشهر الجاري، وهو ما نادى به البرلمان الايراني. وكانت ايران بعد انسحاب ادارة الرئيس ترامب من الاتفاق في 2018 قد بدأت بزيادة تخصيب اليورانيوم بكميات تفوق الكمية التي سمح لها اتفاق 2015. 
وفي خطوة متوقعة، سوف تلقى صدى ايجابيا في ايران، اعلنت الخارجية الاميركية انها ألغت قرار ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب تصنيف حركة الحوثيين في اليمن كتنظيم ارهابي، لان ذلك سيعرقل عمليات اغاثة اليمنيين، خاصة وان اكثريتهم تعيش في الاراضي التي تسيطر عليها القوات الحوثية.
 حتى الان يمكن وصف مواقف وبعض اجراءات الرئيس بايدن، مثل الغاء تصنيف الحوثيين كتنظيم ارهابي، وحديثه عن العودة للمسار الديبلوماسي مع ايران، وسحب حاملة الطائرات "نيميتز" من منطقة الخليج، على انها وفاقية. ولكن موقف ايران، كما عبر عنه وزير الخارجية جواد ظريف هو مطالبة واشنطن بالعودة الى الاتفاق مدعيا بان "الوقت ينفذ بالنسبة الى الاميركيين، بسبب قرار البرلمان، والمناخ الانتخابي"، في اشارة الى الانتخابات في ايران في حزيران (يونيو )المقبل. ردم الهوة بين الطرفين لبدء المفاوضات لن يكون سهلا أو قريباً.