الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ربع مليون مستوطن إسرائيلي في الجولان بحلول 2048

ربع مليون مستوطن إسرائيلي في الجولان بحلول 2048

02.07.2019
نبيل السهلي


القدس العربي
الاثنين 1/7/2019
في تسارع مع الزمن تسعى إسرائيل لتهويد هضبة الجولان السورية المحتلة، حيث أعدت وزارة الاستيطان الإسرائيلية أخيراً خطة لتشجيع الاستيطان فيها، من خلال بناء عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية لاستيعاب ربع مليون مستوطن يهودي بحلول 2048، وسيطلق اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مستوطنة جديدة ستقام في الجولان كتعبير عن الامتنان لاعترافه بالسيادة الإسرائيلية على المنطقة الإستراتيجية في آذار / مارس الماضي. وتشمل الخطة التي صاغتها وأعدتها وزارة الإسكان مع جهات أخرى، بناء 30 ألف وحدة استيطانية في مستوطنة "كتسرين" وزيادة عدد سكانها بثلاثة أضعاف، وإنشاء مستوطنتين جديدتين في الجولان المحتل، كما تتضمن توفير عشرات الآلاف من فرص العمل، إلى جانب الاستثمار في البنية التحتية المتعلقة بالمواصلات والسياحة، وربط الجولان بشبكة المواصلات.
احتلال وضم الهضبة
وكانت إسرائيل احتلت القسم الأكبر من هضبة الجولان السورية في حزيران / يونيو 67، وأنشأت فيها 33 مستوطنة يتمركز فيها 25 ألف مستوطن إسرائيلي حتى بداية العام الحالي 2019، بعد طرد غالبية سكانها الأصليين. ولتثبيت خطواتها الاستيطانية على الأرض أصدرت إسرائيل قراراً بضم الجولان في 14 كانون الأول / ديسمبر1981، وقد أقر الكنيست الإسرائيلي ما يسمّى بـ "قانون الجولان"، وهو القرار الذي تم بموجبه "فرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على الجولان". لكن مجلس الأمن الدولي ردّ بسرعة على الخطوة الإسرائيلية الاحتلالية، بإصداره القرار رقم 497 بتاريخ 17 كانون الأول/ ديسمبر 1981 والذي اعتبر فيه أن قرار إسرائيل بضم هضبة الجولان السورية لاغياً وباطلاً وليس له أي أثر قانوني على الصعيد الدولي.
ومن الناحية الإستراتيجية تعتبر إسرائيل بأن هضبة الجولان المحتلة تشكل موقعاً هاماً لإسرائيل، وكذلك هي الحال في الجانب العسكري أيضاً، بسبب تكوين التضاريس والمرتفعات التي تطل على أجزاء مهمة من فلسطين المحتلة، هذا فضلاً عن الأهمية المائية التي أشارت إليها بوضوح جلي دراسات إسرائيلية عديدة. وقد أكدت عليها كافة المؤتمرات الصهيونية.
ومع إنشاء إسرائيل في أيار / مايو من عام 1948 على الجزء الأكبر من مساحة فلسطين التاريخية، ومحاولة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة جذب مزيد من يهود العالم إليها، بات التفكير الإسرائيلي ينصب على احتلال أجزاء من الأراضي العربية المحيطة بفلسطين غنية بالمياه لدعم النشاط الاستيطاني في فلسطين وتحقيق خطوات متقدمة من المشروع الصهيوني برمته عبر التمدد مائياً باتجاه الشمال، والشمال الشرقي من فلسطين المحتلة، وكانت هضبة الجولان وجنوب لبنان وروافد نهر الأردن في إطار الهاجس المائي الإسرائيلي على الدوام.
إعلان ترامب وتنشيط الاستيطان
يلحظ المتابع أنه على الرغم من مرور إثنين وخمسين عاماً على الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان السورية (1967-2019 )، ودخول إسرائيل عملية مفاوضات منذ نهاية عام 1991، إلا أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تسعى إلى فرض وقائع استيطانية على الأرض يصعب الانفكاك عنها.
وتسعى حكومة نتنياهو إلى مضاعفة عدد المستوطنين في الهضبة السورية المحتلة. ثمة خطط سابقة لتكثيف الاستيطان، منها خطة إسرائيلية جاذبة، أطلق عليها اسم "نيتو غولان"، وغايتها زيادة عدد المستوطنين ليصل إلى 100 ألف مستوطن بحلول عام 2028، لإسكانهم في الهضبة، و سيتم تقديم تسهيلات ضريبية وتخفيض أسعار الأراضي وتقديم مختلف أنواع الخدمات ووسائل الرفاهية، بغية تشجيع المستوطنين على السكن في الهضبة السورية المحتلة. وتشير دراسات إلى أن هناك 33 مستوطنة تم بناؤها في الجولان حتى بداية العام الحالي، تستحوذ على 25 ألف مستوطن إسرائيلي كما أشرنا، في مقابل اثني وعشرين ألف سوري في أرضهم في ست قرى سورية في الهضبة المحتلة.
وتستغل إسرائيل إعلان ترامب بالسيادة السورية المطلقة على الجولان، لتؤكد من جديد على إبقاء احتلالها وسيادتها على الهضبة الجولان السورية المحتلة، التي تستجر منها نحو 600 مليون متر مكعَّب من المياه سنويا، تمثل نحو ثلاثين في المئة من حاجات إسرائيل المائية السنوية الآخذة بالنمو بفعل الزيادة السكانية من جهة وجذب مهاجرين يهود من دول العالم إلى فلسطين المحتلة من جهة أخرى.
الجولان في العين الإسرائيلية
بات ماثلاً للعيان أن هدف الاستيطان في هضبة الجولان لا ينحصر فقط في نهب مياهها الوفيرة، بل تعداه خلال العقد الأخير إلى التنقيب عن البترول في منطقة وسط وجنوب الجولان، ويعد هذا خرقاً واضحاً للقانون الدولي. ونظراً لسرعة الرياح في هذه المنطقة المرتفعة، أقيمت عشر طواحين هواء إسرائيلية لإنتاج الطاقة الكهربائية التي بمقدورها سد الحاجة البيتية لخمسة عشر ألف شخص، وأخيراً مُنح ترخيص لشركة "جيني انرجي" الأمريكية -الإسرائيلية للتنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط في باطن أرض الجولان. واللافت أن خطوات تهويد هضبة الجولان المحتلة وتنشيط الاستيطان الإسرائيلي فيها ونهب خيراتها، قد تسارعت بشكل ملحوظ ومتواتر بعد إعلان ترمب خلال آذار / مارس الماضي، السيادة الإسرائيلية المطلقة عليها، ضارباً بعرض الحائط القرارات الدولية التي تعتبر الهضبة أراضي سورية محتلة.