الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  رأي الغارديان في سوريا: بوتين يختبر الغرب (المقالة الافتتاحية)

رأي الغارديان في سوريا: بوتين يختبر الغرب (المقالة الافتتاحية)

02.12.2017
الغارديان


الغارديان - الثلاثاء 28 نوفمبر 2017
ترجمة : معين آل حمصي
بينما تبدأ جولة جديدة من المحادثات في جنيف، تحاول روسيا تعزيز مكتسباتها العسكرية لصالح ديكتاتورية الأسد عن طريق تأمين شرعية من الأمم المتحدة.
أحد دروس التاريخ أن خطط السلام يضعها المنتصرون. بعدما يقارب السنة تماما من سقوط حلب، المعقل المديني الأخير للمعارضة السورية، تهيئ ديبلوماسية صنع السلام عودة غير مؤكدة. يتوقع بدء مباحثات برعاية الأمم المتحدة في جنيف هذا الأسبوع. ذلك شىء مرحب به، وإن كانت الآمال في حصول اختراقضعيفة جدا.عقدت وانفضت دورات كثيرة من المفاوضات منذ عام 2012 لكنها انتهت حقيقة دون جدوى. غالبا ما كان الفيتو الروسي هو المعطل لفعل مؤثر من الأمم المتحدة، بما في ذلك المسؤولية عن استعمال الأسلحة الكيماوية.   
أعادت مجموعات المعارضة السورية تنظيم فريقها التفاوضي تحت ضغط حقيقة أنها في موقع أضعف. قالت الحكومة السورية بعد أن كانت أعلنت أولا أنها ستقاطع المحادثات إذا أصرت المعارضة على رحيل بشار الأسد؛ إنها سترسل وفدا يوم الاربعاء.  يقول مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا إنّ عمله سيكون متفاؤلا ومصمما. لكن الأمر يتطلب ما هو أكثر من التفاؤل لأجل معالجة حرب سوريا المعقدة، وإنهاء المعاناة، وإصلاح البلد المنكوب، وبدء السعي في تحقيق العدالة للملايين من ضحاياها.
وقف القتال أمر لا يزال بعيدا. في الأيام الأخيرة،  قتلت الهجمات الجوية على معقل الثوار في الغوطة الشرقية قرب دمشق العشرات. حكومة الأسد مصممة على استرجاع أي شبر أرض خسرته بعد الانتفاضة الشعبية عام 2011 التي نادت بالإصلاح الديمقراطي والتي رد عليها الأسد باستعمال شامل للقوة. الشهر الماضي، استولى التحالف الدولي بقيادة الولايات التحدة الأمريكية ضد الدولة الإسلامية على الرقة "عاصمة" الخلافة المزعومة، بعد حملة قصف عنيفة. لكن المعارك مستمرة في في صحراء سوريا الشرقية القريبة من حدود العراق. تتقاتل القوى المتنافسة الحليفة لإيران وتلك الحليفة للولايات المتحدة لأجل تحقيق مكاسب استراتيجية. قد تكون المرحلة الأخيرة من حرب سوريا على وشك الانتهاء وقد لا تكون كذلك.
الأمر الواضح أن روسيا هي من يتخذ القرار الحاسم في معظم الأحيان. التدخل العسكري لفلاديمير بوتين الذي بدأه عام 2015 لينقذ أسد، في جهد مشترك مع إيران، أعطى بوتين اليد العليا. استثمر بوتين في سوء التقدير من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وفي التردد الأوربي ليشارك بصورة أعمق. باستثناء تهديدات ترامب ضد إيران، تبقى السياسة الأمريكية ضبابية، مركزة أكثر قليلا على محاربة الإرهاب. في الأسبوع الماضي استضاف السيد بوتين محادثات في سوتشي مع زعيمي إيران وتركيا.كما ظهر أمام الكاميرات مع السيد أسد. أوائل هذا العام، نظمت روسيا محادثات مع مجموعات سورية معارضة في أستانا، كازاخستان. إن تحييد الأمم المتحدة والقوى الغربية في كل خطوة يشكل إشارة إلى مشهد دولي متغير.
ما الذي تغير الآن؟ بعد سنوات من رفض موسكو أو إعاقتها أي مشاركة للأمم المتحدة، يحتمل أن السيد بوتين يريد الآن مساندة الأمم المتحدة ليعزز مكتسباته. لروسيا مصلحة ذاتية في الحصول على شرعية من الأمم المتحدة لخططها. الحرب المستمرة تستنزف الموارد. يتطلب إعادة بناء سوريا قدرا من التمويل لا تستطيع روسيا توفيره. العلاقات بين روسيا وتركيا وإيران أقل وضوحا مما يود أن يظهره زعماؤها. لا تزال القضية الكردية محل خصام. في سياق هذا المشهد، تعتقد الدول الأوربية، بما في ذلك المملكة المتحدة، أنها لا تزال تمتلك بعض التأثير في الخاتمة. إنه مسار ضيق وصعب. يجب ألاّ يُخدع أحد أن تلك الوعود، من نوع "انتخابات حرة"، التي تطرح كجزء من الخطة التي تقودها روسيا يمكن أن تكون إلا منظرا خداعا.
حرب الست سنوات حولت سوريا إلى أرض قفر. تخطر في الذهن هنا كلمات المؤرخ الروماني تاسيتوس/Tacitus عن "خلق صحراء وتسميتها سلاما". نهاية سلسلة طويلة من الهجمات الجوية المهولة وحصارات التجويع وغرف التعذيب لا يمكن أن تأتي في يوم قريب جدا. أما الكلام عن "نصر" كما يفعل السيد أسد فإنه تجاسر على كل معنى اللباقة والاحتشام. لا يمكن أن يكون هناك منتصرون في هذه الحرب. لا يمكن أن يكون هناك منتصر بعد ما يقدر بنصف مليون قتيل وملايين المشردين. السلام القابل للحياة والاستمرارية لا يمكن أن يأتي إلا بعد أن يمتلك جميع السوريين فرصة الاختيار الحر لمن يحكمهم ويحكم بلدهم. هذا هو المقياس الذي يجب أن تقيم به السياسة في نهاية المطاف وليس صور اجتماعات القمم.
رابط المقال:
https://amp.theguardian.com/commentisfree/2017/nov/28/the-guardian-view-on-syria-putin-tests-the-west