الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ذكرى قاسم سليماني: أسبوع محفوف بالمخاطر 

ذكرى قاسم سليماني: أسبوع محفوف بالمخاطر 

29.12.2020
علي حماده


النهار العربي 
الاثنين 28/12/2020  
يوم الأحد المقبل يصادف ذكرى مرور عام على تصفية القوات الأميركية قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني في محيط مطار بغداد الدولي. و قد بدأت ملامح توتر الميليشيات العراقية التابعة لـ"الحرس الثوري" الإيراني تتصاعد، لا سيما في المواجهة المحتدمة بين بعض الفصائل في "الحشد الشعبي" و رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي تلقى في اليومين الماضيين تهديدات علنية من "حزب الله" العراقي و"عصائب اهل الحق" المؤتمرة مباشرة بـ"الحرس الثوري" الإيراني، وخصوصا على خلفية مسارعة قوى الأمن العراقية التابعة لأمرة رئيس الوزراء الى اعتقال عدد من المسؤولين في المليشيات المذكورة بتهمة اطلاق صواريخ على مقر السفارة الأميركية في بغداد أصاب العديد منها مباني سكنية في المنطقة الخضراء حيث تقع السفارة. 
في هذه الأيام التي تفصلنا عن موعد إحياء الإيرانيين و الميليشيات التابعة لهم في منطقة الشرق الأوسط ذكرى تصفية سليماني، هناك من يعتبر ان الانتقام لمقتل قائد كل هذه الميليشيات لم يحصل، و ان الرد ما كان في مستوى قتل سليماني الذي كان يعتبر نقطة ارتكاز السياسة التوسعية الإيرانية في الإقليم، فيما ساد قرار إيراني مركزي بتجنب الرد بمستوى يعطي الاميركيين ذريعة لتوجيه ضربة كبيرة و موجعة للايرانيين في مرحلة كان يبدو فيها الرئيس دونالد ترامب مستعدا للذهاب بعيدا في معاقبة الإيرانيين لو تجرأوا وردوا بقتل مواطنين اميركيين، او وجهوا ضربات موجعة لمصالح أميركية في المنطقة او خارجها. 
في مطلق الأحوال بقي مقتل قاسم سليماني من دون رد حقيقي في ما عدا مسرحية قصف قاعدة "عين الأسد" المشتركة بين القوات العراقية والأميركية، وما تلاها من كارثة اسقاط الطائرة الأوكرانية في محيط طهران عن طريق الخطأ. و قد لمس الإيرانيون طوال سنة ٢٠٢٠ كم كان تصميم الاميركيين كبيرا على التحرش بهم و توجيه ضربات موجعة لمواقع و اهداف عسكرية مهمة في مختلف انحاء الإقليم، وصولا الى قلب ايران نفسها، وذلك بالتعاون مع الإسرائيليين الذين حققوا قفزات كبيرة في المجال الاستخباري في السنوات العشر الأخيرة في مواجهة الإيرانيين والميليشيات التابعة لهم، من لبنان الى سوريا فالعراق، تجلت في ما تجلت في الضربات الدقيقة التي وجهوها الى الأهداف الإيرانية عل اختلافها. 
و لعل اهم تجليات التقدم في المسار الاستخباري الإسرائيلي في مواجهة الإيرانيين، طريقة تصفية "ابي القنبلة النووية " الإيرانية محسن فخري زاده في ضاحية طهران، من دون ان تصدر حتى الآن رواية إيرانية واحدة ذات صدقية تشرح كيف جرى قتل فخري زاده. فقد تعددت الروايات الإيرانية الى حد صارت مثيرة للسخرية، يقابلها صمت إسرائيلي مطبق. 
 اكثر من ذلك، بدت معالم التقدم الاستخباري الإسرائيلي أيضا في حجم الغارات وكمها التي وجهها سلاح الجو الإسرائيلي ضد الأهداف التعابعة لـ"الحرس الثوري" وميليشياته في سوريا، وعلى الطريق البري الواصل مع العراق، فضلا عن لبنان حيث ارتفع منسوب التوتر لدى "حزب الله" مخافة ان تقوم إسرائيل، بغطاء أميركي، بتوجيه ضربة موجعة لهدف استراتيجي قد يتمثل، بحسب مصادر دبلوماسية غربية في العاصمة اللبنانية بيروت، في موقع لتطوير صواريخ دقيقة للحزب وتخزينها، او القيام بعملية "قتل مستهدف" تصيب قادة من الصفوف العليا.  
كل هذا يحصل في وقت تتقاطع فيه مؤشرات القلق في الإقليم من احتمالات قيام الإيرانيين بعمل امني ما في العراق يقع على حافة الخطوط الحمر الأميركية، مثل استهداف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من جانب ميليشيات عراقية تابعة للايرانيين، ما من شأنه ان يعقد إمكان حصول رد أميركي، او إسرائيلي على اهداف إيرانية استراتجية. فتسدديد ضربة امنية في اتجاه رئيس الوزراء العراقي يمكن وضعه ضمن اطار الخلافات السياسية الداخلية العراقية، و قد يكون هذا الرد السياسي الأمني الذي يجهز له الإيرانيون، لمحاصرة الدور الأميركي في العراق، وادراج ذلك في اطار الرد على تصفية قاسم سليماني. فبقاء الكاظمي رئيسا للوزراء يزعج الدور الإيراني في العراق، و يمنع حتى الآن وضع اليد الإيرانية بالكامل على القرار العراقي السيادي، فيما إخراجه من المعادلة يمثل انتصارا إيرانيا صافيا في مرحلة تحتاج فيها ايران الى تجميع كل الأوراق في المنطقة بإنتظار حلول جو بايدن في البيت الأبيض، و بدء التحضير لطاولة المفاوضات العتيدة بين واشنطن و طهران. 
و لا يغيب عن البال ان تجميع الأوراق لا يقتصر على العراق، بل يمتد الى لبنان حيث يؤخر "حزب الله"، عن طريق حليفة الرئيس ميشال عون، تشكيل حكومة جديدة بمواصفات مستقلة و غير حزبية من شأنها اخراج "حزب الله" من الحكومة مباشرة او مداورة. انها مرحلة الانتظار الثقيل التي تمر بها المنطقة، والعين على بغداد، وعلى الرد الإيراني على تصفية قاسم سليماني، الذي يُتخوف من ان يتمثل في استهداف الحالة التي يمثلها الكاظمي.