الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دير الزور... محافظة سورية "تجتمع" فيها أطراف دولية وإقليمية 

دير الزور... محافظة سورية "تجتمع" فيها أطراف دولية وإقليمية 

22.10.2020
كمال شيخو


الحسكة: كمال شيخو 
الشرق الاوسط 
الاربعاء 21/10/2020 
باتت مدينة دير الزور شمال شرقي سوريا بعد مارس (آذار) 2019؛ منقسمة بين أطراف عسكرية محلية ودولية متعددة. تخضع جهتها الجنوبية وجزء من الشرقية لقوات النظام، تدعمها القوات الروسية بتغطية من طيرانها الحربي، إلى جانب انتشار كثيف لميليشيات إيرانية وحرسها الثوري، مثل "فاطميون" و"لواء العباس" و"حزب الله" العراقي في ريفها المحاذي للحدود العراقية. 
أما الجزء الآخر من جهتها الشرقية باتجاه الشمال، فتسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" وقوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن. وتحول مجرى نهر الفرات وسهله لنقطة تماس تفصل بين مناطق النفوذ التي تبدأ من عند منطقتي معدان والتبني غرباً تبعد نحو 60 كيلومتراً عن الرقة، حتى بلدة البوكمال المحاذية للحدود مع العراق شرقاً، وفي هذه البقعة الجغرافية تلتقي القوات الأميركية والإيرانية المتنافسة على ضفتي النهر بهذا البلد الممزق عسكرياً. 
وعمدت الجهات الإيرانية في القسم الخاضع لها، إلى شراء أراضٍ وعقارات في بلدتي الميادين والبوكمال حولتها إلى ثكنات ومقرات عسكرية للفصائل الموالية للحرس الثوري، وأطلقت حملات للتطويع لترغيب الشبان في القتال في صفوفها. 
وبحسب صفحات إخبارية وشبكات محلية، أطلق "الحرس" الإيراني حملة للتجنيد والانضمام إلى فصائلها المقاتلة، من الاختصاصات كافة على أن تكون أعمار الراغبين بين 30 و40 عاماً، ونقلت شبكة "دير الزور 24" عن مصدر محلي، أن الإيرانيين أطلقوا اسم "الدفاع المحلي" على التشكيل الجديد، وخصصت مبالغ للرواتب تبدأ بـ50 دولاراً أميركياً حتى 200 بحسب الاختصاص والشهادة. 
بالتزامن، تلقت قيادة المنطقة الشرقية بدير الزور أوامر من هيئة الأركان السورية إلى إعلان حملة تجنيد، وقالت شبكة دير الزور الإخباري والتي لديها مراسلون ومصادر من داخل المدينة؛ بأن قائد شرطة المحافظة يشرف شخصياً على الحملة وأعطى الأوامر بداية الشهر الحالي بتجول الدوريات على الأحياء والشوارع والأسواق ومداهمة المنازل لملاحقة الشبان في عمر الخدمة. 
في السياق، أكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" في تقرير نشر على حسابه الرسمي، بأن الحملة للسوق إلى الخدمة الإلزامية. وكانت الأجهزة الأمنية اعتقلت نحو 50 شاباً من مدينة الميادين، إضافة إلى اعتقال نحو 55 شاباً من بلدات "الزباري" و"سعلو" و"الموحسن" بريفها الشرقي الجنوب. 
فمدينة دير الزور تبلغ مساحتها نحو 33 ألف كيلومتر مربع وكان تعداد سكانها حتى مطلع 2011 يقدر بنحو مليون و200 ألف نسمة. تتصل حدودها الإدارية شمالاً مع محافظة الحسكة وغرباً مع الرقة، أما جنوباً تحدها صحراء البادية ومدينة تدمر الأثرية ومحافظة حمص. 
وتتنافس "قوات الدفاع الوطني" التابعة للنظام مع "الحرس" الإيراني والميليشيات الموالية؛ بهدف تجنيد وتطويع أبناء دير الزور، خاصة بلدتي الميادين والبوكمال الحدوديتين عبر وسطاء محليين وترغيبهم في المناصب والرواتب وبقائهم ضمن مناطقهم. 
وقالت شبكة "نهر ميديا" الإخبارية والتي ترصد عن كثب تطورات محافظة دير الزور بأن "الدفاع الوطني" دعت الأهالي العائدين لديارهم إلى تجنيد أبنائهم و"قامت باعتقال البعض من الشباب على الحواجز وساقتهم للخدمة الإلزامية كنوع من الترهيب للضغط على البقية"، بينما قامت الجهات الإيرانية، "عبر شخصيات عشائرية بارزة بحملة ترويج لتطويع هؤلاء الشبان عبر ترغيبهم بالنفوذ والرواتب المغرية". 
ونقلت الشبكة نفسها عن مصادر متواجدة على الأرض بأن "الحرس" الإيراني شكّل "جهازاً أمنياً أعلى" لمراقبة عناصر الفصائل المنضوية تحت لوائها، وتسيطر على المعبر النهري بين منطقتي "حويجة صكر" و"حطلة" داخل المدينة، كما تتحكم بالمعبر الحدودي بين منفذ البوكمال السوري ومعبر القائم من الجهة العراقية، ولها مقرات ونقاط تفتيش في معظم المناطق الحدودية لتأمين طرقها. 
في السياق، نشر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، حصيلة استمرار العمليات العسكرية في البادية السورية بين قوات النظام والفصائل الإيرانية ضد عناصر تنظيم داعش، فمنذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي أسفرت الاشتباكات عن مقتل 70 من التنظيم، في حين كان تعداد قتلى النظام والفصائل الموالية لها إلى 63، لترتفع أعداد قتلى الإيرانيين بسوريا إلى 140 بين مارس 2019 وأكتوبر 2020. 
وتتركز الاشتباكات بالبادية بين تلك الجهات المتصارعة على محاور بادية السخنة بريف حمص الشرقي عند الحدود الإدارية مع دير الزور، بالإضافة إلى استمرارها بمثلث حماة وحلب والرقة بالتزامن مع قصف واستهداف مكثف من الطيران الروسي. 
في القسم الشرقي الشمالي، نفذت قوات التحالف الدولي و"قوات سوريا الديمقراطية" فجر السبت الماضي عملية أمنية استهدفت بلدة "جديد عكيدات" وألقت القبض على ثلاثة مشتبهين بتعاملهم مع النظام الحاكم والميليشيات الإيرانية المنتشرة في الضفة الجنوبية من نهر الفرات، وبحسب شبكة "دير الزور 24" كانت المجموعة تقود خلايا نشطة تعمل على استهداف قوات التحالف و(قسد) بالمنطقة، والمجالس المحلية المدنية. 
ويقول ريان الشنان، المسؤول العسكري في "قوات سوريا الديمقراطية" بأن أغلب الخلايا الموجودة في المنطقة تتبع مباشرة للإيرانيين والحكومة السورية، حيث شنّت "قسد" في الفترة الأخيرة حملات أمنية مكثفة ضد خلايا نائمة موالية لتلك الجهات وضد موالي تنظيم "داعش" في المنطقة، "التحقيقات أشارت إلى أنهم كانوا يتسترون بعباءة (داعش)، لكنها مرتبطة بالأفرع الأمنية للنظام وللجهات الإيرانية، وتقوم باستهداف مؤسسات المجتمع المدني ووجهاء العشائر والشخصيات المجتمعية في المنطقة، وتعمل على نشر الفوضى والشغب". 
وأشار القيادي العسكري إلى أن الغاية من هذه العمليات حتى تدعي دمشق وحلفاؤها إيران وروسيا بأن مناطق الإدارة و"قسد" تعمّها الفوضى ويسودها التدهور الأمني؛ "لإظهار مناطقنا بأنها غير مستقرة لا عسكرياً ولا أمنياً ولا إدارياً، وإننا غير قادرين على ضبط الأمان والاستقرار"، وأخبر بأن هذه الجهات تعمل على نشر الفوضى، ونوّه الشنان إلى: "بهدف ضرب الصلات العشائرية العربية وتماسكها، وإشعال فتيل الفتنة بين المكونات الكردية العربية"، مضيفاً بأن القوات أحبطت محاولات عدة لعمليات إرهابية، وألقت القبض على أشخاص ومجموعات متورطة تتبع دمشق وطهران.