الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دولة إيران في العراق والشام .. وغيرهما

دولة إيران في العراق والشام .. وغيرهما

12.11.2019
فاتح حبابه



نداء سوريا
الاثنين 11/11/2019
بلادنا "حرة حرة إيران تطلع برا" هذا الشعار ملأ أرجاء العواصم التي احتلتها إيران، بعد غزوها لها مثل (بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء)، "الغزو" الذي لم يكن وَهماً تم كشفه، ولا زَيفاً حاولت إيران أن تُرَوِّجَهُ، إنما هو "واقعُ حالٍ" الجميعُ يعلمُه ويُقِرُ به.
من لا يؤمن بنظرية المؤامرة، وربما أكون متوازناً تجاهها؛ لا معها بالمطلق، ولا أنفيها بالمجمل، فإننا أمام مَن يقول إن المجتمع الدولي (الآيل للانتهاء)، يريد أن يُمكِّنَ إيران بشكل أكبر في بلادنا العربية.
بالمقابل نجد أن نظرية الوعي الشعبي والفهم، تُسَطَّرُ في عناوين المظاهرات قائلينَ: الشرارةُ أولعتْ، وإنَّ الشعارات ستُحَقَّقُ، وإن لم يتم التغيير الحقيقي، فستكون هذه الأصوات، لَبِنَةً لتغيير أرقى في المستوى الذي تعيشه الشعوب، وصولاً إلى التحرر من الغزاة والمحتلين في يوم من الأيام.
العراق ثم لبنان تزامناً مع بعضهما البعض، انتفضا ضد السياسيين في هذين البلدين، واللذان يعيشان تحت نفوذ ووصاية من عدة دول، وأبرزها إيران، كواقع حال سوريا بعد سنوات، حيث تعيش الدولة في داخلها دولٌ، مفاصلُ القرارِ مُتَحَكَّمٌ بها من خلال مُحَرِّكٍ آليّ، وبكبسة زر يُطَبَّق المراد تحت مسمى (دولة).
المظاهر التي جاءت بها إيران، من عباءةٍ وعمامةٍ وسيفٍ، تشبهُ المظاهرَ التي جاءت بها "داعش"، لكن الفارق بين المشروعين، أنهُ أريدَ لإيران أن تستلم العراق بإشراف أمريكي، وسوريا ولبنان بإشراف إسرائيلي، واليمن بإشراف عربي.
ومنه نستخلص أن "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام"، من ذات منبع فكرة (الدولة الصفوية الإيرانية في العراق والشام) وغيرها من العواصم العربية، وهو ذاته من منبع الدولة الصهيونية المحتلة لأجزاء واسعة من بلادنا، وهو كذلك منبع الحروب الصليبية.
الاستناد على "القومية" من أجل - السيطرة، والمصلحة، والسياسة - والاستناد على "الدين" من أجل استغفال الشعوب، والاستناد على "القوة" من أجل ترهيبها، هكذا يتم السعي من خلال هذه الأساليب لتحقيق المراد الدولي، والذي يرى المخططون فيه، أنَّ لكلٍ دوراً في مرحلةٍ معينة، وزمانٍ معلوم، ومكان مراقَبٍ، حتى ولو كانت الظواهر نتيجةً طبيعيةً لمؤثراتٍ محيطةٍ يتم استغلالها من قبلهم.
المقارنةُ بين المخاطر تؤدي إلى ذات النتيجة، وذلك بحسب المنطلق الذي ننطلق في التحليل منه، أو تنطلق منه الجماعات والمنظمات والدول في مشاريعهم، فإن تحدثنا عن الوطنية نجد أن أكثر الشعوب باتت مهجرة في عراء الدول، أو مقتولة على أرض الوطن، أو مغصوبةً على أمرها مُتحكَماً بقرارها داخلها، وكذا "الدين" وأي عقيدة لا بد لتطبيقها من "حرية"، وهي أساس تطبيق الدين، ولا حرية دون أمان، ولا أمان في ظل تكالب الدول.
بين المنطلق الذي بدؤوا منه، والمصالح التي يبتغونها، والغايات التي يخططون للوصول إليها، كالعادة كانت الشعوب هي الضحية، من خلال تهميش دورها وخنقه بدايةً، إلى صراعهم معها حتى على لقمة العيش، إلى استعبادهم لها من أجل مصلحتهم، إلى تواطئها معهم من أجل عمالتهم، إلى كفرها بهم بعد انتهاء السبل، ثمَّ إلى تظاهرها ضدهم، إلى حربها معهم، نعود إلى نظريتَي "المؤامرة والوعي".
"لا تغيير إلا بالدم" شعار توصل إليه مطلعون على التاريخ، ما دفع الدول إلى المواجهة، ظناً منهم أنهم سيستطيعون إطفاء لهيب الشعوب، وتصاعدَ الخطُ البيانيُّ وهبطَ، ثم علا ونزل، لا توازنَ ولا استقرار في ظلِّ حكم السلاح، صراعاتٌ في المشهد لصالح مَن في النهاية! ... الله أعلم.
إذا لم يستطع الشعب العراقي الانتصار، فسيحكم الحشد العراقي الطائفي بغداد، وإذا خمدت ثورة لبنان، فسيكون المتحكم الوحيد حزب الله، أما سوريا... فالله غالب على أمره، ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون، فالمشهد فيها يدمي القلب.
وكأن "المغرب والمشرق" يكتبان اليوم تاريخاً جديداً، لكن الميليشيا لا تُواجَه إلا بميليشيا، والدولة لا تُواجَه إلا بدولة، و"إيران" لا تُواجَه إلا بثورة ودولة، فهي نصفُ دولةٍ، ونصفُ ثورةٍ، وسلوكُ ميليشيا، أما الطريقُ فهو طويلٌ جدّاً في معركة التحرر، ضد الأداة، وكذا اليد التي تسيرها، وربما مع الزمن تَضْرِبُ قلبَ الجَسَدِ، أو ينتهي عمره مع مرور السنين، كما انتهت حضارات ودول وأمم.