الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "دستور روسي" للجميع.. إلا سورية

"دستور روسي" للجميع.. إلا سورية

07.02.2017
منار الرشواني


الغد الاردنية
الاثنين 6/2/2017
منذ إعلان الهدنة الثلاثية الروسية-الإيرانية-التركية، يبدو جلياً أن الأطراف الفاعلة في الحرب في سورية، قد توافقت على الرؤية الروسية للتسوية؛ في خطوطها العريضة على الأقل، مع الافتراض البدهي ببقاء خلافات، قلت أو كثرت، بشأن التفاصيل. وكما يبدو أيضاً، فإن ملخص الرؤية/ الأجندة الروسية هو مسودة دستور "الجمهورية السورية" التي قدمتها موسكو إلى قوىً سورية معارضة (أكانت معارضتها حقيقية أم مفبركة) للموافقة عليها، وليس مناقشتها كما يُقال؛ ودليل ذلك، ابتداء ومرة أخرى، هو التطورات الإقليمية والدولية، وتبعاً لذلك التطورات الميدانية في سورية.
لكن المؤشر أو حتى الدليل الدامغ على توافق إقليمي دولي على "الدستور الروسي!" لسورية، هو بنود هذا الدستور، كما تسربت إلى وسائل الإعلام، والتي تكاد تحاول إرضاء الجميع، باستثناء السوريين حتماً.
طبعاً، يمثل اسم الدولة الجديد "الجمهورية السورية"، من دون وصف "العربية"، إرضاء للأكراد أساساً، والذين يواصل الأميركيون في عهد ترامب كما سلفه أوباما، التأكيد على أنهم الحلفاء الحقيقيون الوحيدون للولايات المتحدة في حربها على الإرهاب في سورية. لكن الجائزة الأهم للأكراد في مسودة الدستور هي ما يسمى "جمعية المناطق"، التي لا يُتوقع أن تنفذ فعلياً إلا في المناطق الكردية، كما هي الحال في العراق. وأسوأ من ذلك التوسع في تطبيق الفكرة، على الأسس الدينية والطائفية التي أكدت مسودة "الدستور الروسي" على ضرورة ضمان "التوازن!" بينها. إذ حتى لو بقيت أغلبية أعضاء "جمعية المناطق" خاضعة لإيران وروسيا، فإنها ستؤسس حتماً لتمايز عرقي ديني طائفي دائم. وهذه "الجمعية"، بحسب المسودة "يقدم لها رئيس مجلس الوزراء برنامج عمل الحكومة"، ويحق لها (على قدم المساواة مع "جمعية الشعب" (المركزية)) حجب الثقة عن الحكومة بأغلبية ثلثي أعضائها، إضافة إلى أنها (جمعية المناطق) من تتولى تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا السبعة.
من زاوية أخرى، يضمن الدستور التوافق مع الأجندة الإيرانية الإقليمية الطائفية، ليس فقط بإبقاء بشار الأسد بمسمى رئيس للأبد، بل بإسباغ الشرعية على المليشيات الإيرانية الموجودة في سورية، عبر النص على أن "رئيس الجمهورية" قائد ليس فقط للجيش والقوات المسلحة، بل وكذلك لـ"التنظيمات المسلحة" الأخرى (المليشيات).
والمليشيات الإيرانية؛ هوية أو ولاء على أساس طائفي، لن تكون في سورية إلا كاحتلال "مشرعن" يستهدف الشعب السوري فقط، وليس أبداً لإحياء كذبة "المقاومة والممانعة" ولو خطابياً. ذلك أن مسودة الدستور الروسي تُرضي إسرائيل بدورها، بالتأكيد في الفقرة الثانية من المادة الثامنة على نبذ الحرب وسيلة لتسوية النزاعات الدولية؛ أي حتى لتحرير هضبة الجولان السورية، فكيف بالقدس وكل فلسطين؟!
طبعاً يبقى الغامض للآن هو حصة تركيا بموجب "الدستور الروسي". أما الواضح تماماً فهو غياب سورية الدولة تماماً كنتيجة طبيعية لكل ما سبق. مع الإقرار أن البعض، بمن في ذلك "قومجيون" عرب، سيردون بأنه طالما الأسد بخير "بمسمى رئيس جمهورية"، فإن سورية بخير؛ بل وفلسطين أيضاً بخير، ناهيك عن أن "العروبة" باعتبارها مرادفاً للاستبداد والفساد والتخلف، بألف ألف خير.