الرئيسة \  واحة اللقاء  \  درعا والمخيم المنسي

درعا والمخيم المنسي

12.09.2021
نزار السهلي


 نزار السهلي
القدس العربي
السبت 11/9/2021
منذ بداية الثورة السورية، وفي مهدها الأول مدينة درعا، التي تعرضت وتتعرض لدمار هائل هذه الأيام، بفعل حصار قوات النظام والميليشيا الإيرانية المدعومة منه، يحاول سكان المدينة إيصال صوتهم، ورسم صورة مقربة عن ظروف التدمير والقتل والتهجير، الذي تتعرض له المدينة، يحصل ذلك السيناريو، مع كل المناطق التي شهدت تمرد وثورة على نظام الأسد، التجاهل وتمييع الصورة وتغييب معاناة الضحايا عن الاهتمام المحلي والإقليمي والدولي، ونفاق المواقف الدولية حيال عمليات القتل والتدمير التي يلجأ إليها نظام الأسد وروسيا وإيران، ضد السوريين، مهدت الأرضية لمواصلة نظام بشار الأسد، اقتراف مختلف الجرائم واستخدام كل الوسائل ضد السوريين.
تدمير كل الجغرافيا
الحصار والتجويع، والتهديد بتدمير كل الجغرافيا الحاضنة لسكانها، مقابل مطالب الاستسلام الكامل لمشيئة البطش والتدمير، هي المسيطرة على نهج أداء النظام، وفي لجة المعركة المتواصلة في درعا البلد يرد اسم “مخيم النازحين” كناية باللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يقطنون المخيم في درعا، وهو من أوائل المخيمات في سوريا، الذي قدم التضحيات والخسائر منذ العام 2011، بصمت القيادة الفلسطينية والمنظمة وفصائلها عما يحدث للمخيم، الذي سبق مخيم اليرموك بمعاناته المستمرة، أوائل الشهداء في درعا البلد والمحطة، من مخيم درعا، تمت تصفيتهم على جريمة نقل البسكويت والحليب للمحاصرين في درعا البلد، وعلى جريمة نقل الجرحى تم إعدام أول شهيد من المخيم “وسام الغول” في 23/11/2011، توالت جرائم قتل وإعدام اللاجئين من مخيم درعا من البدايات حتى اليوم.
طرق وحشية
الصمت عن الجرائم مستمر، أشكال متنوعة وطرق وحشية مورست ضد الضحايا من الإعدام بالرأس بشكل مباشر إلى حرق الضحية مثلما حدث مع أول الشهداء أيضاً ” حمزة البكر” في 24/04/2011، درعا البلد اليوم تتعرض لسيناريو مشابه لبقية المناطق ومخيمها المنسي من أجندة القادة الفلسطينيين وسلطتهم، يتعرض المخيم للذبح من الوريد الى الوريد في مشهد الفرجة الذي اعتاد اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على مواجهته، رغم حجم التدمير والتهجير وامتلاء الفروع الأمنية السورية بجثث أبناء فلسطين، واحتراق ما تبقى من كواشين الأرض في فلسطين، وصهر مفاتيح الديار التي حملها اللاجئون سبعة عقود بقذائف الأسد، كل ذلك لم يدفع بضمائر “النضال” التحرك لوقف المذبحة المستمرة بحق أبناء شعبهم.
القضية الوطنية
كيف ستقنع شعباً بمقدرتك على حماية قضيته الوطنية وحقوقه المسلوبة، من عدو استعماري استيطاني، وأنت عاجز عن حمايته من القتل تحت التعذيب في سجون الأسد، ومن التصفية ومن التدمير الكلي لبيئته بطائرات و صواريخ تتأرنب في كل غارة إسرائيلية على مواقع الأسد، وأنت تقدم له في جولة الصمت الطويلة، براهين التآمر عليه والتحالف والتطبيع مع جلاده في دمشق، وهو يشهد سقوط الحالة الفصائلية والسلطوية، على أعتاب المخيمات الفلسطينية المدمرة، لن تعود هذه الحالة لسابق عهدها أبداً، جريمة التواطؤ والصمت والربت على أكتاف قتلة أبناء فلسطين وسوريا، لا تحمي قضية ولا صاحبها المعذب القتيل الشريد المحاصر، نسيان قضية مخيم درعا وتدميره وتهجيره وإسقاط كل الضحايا من الحسابات ومن الأخلاق والضمائر” الثورية”، وتحميل الأسد نياشين وشعارات حماية القضية بتدمير اصحابها هو المطلوب عربيا واقليميا ودولياً، أما تجريد صفة المؤامرة وحصرها بإنقاذ الأسد ليقتل ويجرح مليون سوري ويهجر عشرات الملايين، بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون، فتلك من أكبر المخازي التي دأب على ترديدها ثوريو الأسد في فلسطين وشتاتها
كلاجئ فلسطيني، لم يعرف مصير عمته في مخيم درعا، ولا يتعرف على قبرها المدمر ولا يعرف مصير العشرات من عائلته في فرع فلسطين، ولا مصير المئات أو الآلاف من أبناء جلدته في أقبية وزنازين الأسد، أتساءل هنا ما هو عمل التمثيل الفلسطيني الرسمي لدى الأسد؟
الفصائل والمكاتب
وما هو عمل “الفصائل والمكاتب والقوى ” المحصور عملها ببيانات تمجيد الممانعة وتنديد العدوان الصهيوني عليه والصمت على قتله أبناء جلدتهم؟
هناك مخيم في درعا منس ويدك بطائرات وصواريخ ومحاصر بعصابات تنتظر تعفيش ما تبقى من أثر للاجئين، واليرموك، يبقى مثالا حيا عن حالة التخاذل والتكاذب الثوري، أما البحث عن بطولة بعيدة في خيال فاشٍ وتمجيد حليفه المذهبي الطائفي، لن تنقذ القضية والوطن وأبناءها.