الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دراسة: 5 أحداث ترسم المشهد الاقتصادي لنظام أسد 2021 

دراسة: 5 أحداث ترسم المشهد الاقتصادي لنظام أسد 2021 

03.02.2021
أورينت نت


ورينت نت 
الثلاثاء 2/2/2021 
كشفت دراسة استشرافية، للباحث والخبير الاقتصادي خالد تركاوي أن اقتصاد نظام أسد لعام 2021 سيواجه العديد من العقبات والتحديات الكبيرة، أبرزها سيكون في القطاع النقدي. 
وذكر الباحث في دراسته التي نشرها مركز جسور السوري، أمس الإثنين خمسة أحداث ضربت اقتصاد نظام أسد في عام 2020،  ستحمل آثارها إلى العام الجديد 2021، وهي استمرار حرب النظام على شعبه وما جره من صراع دولي على سوريا منذ عشر سنين، والصراع الذي ظهر بين رامي مخلوف وأذرعه من جهة والأسد وأذرعه من جهة أخرى، الأمر الذي أعطى رسالة واضحة لرجال الأعمال من أبناء السلطة أنهم قد يكونون الهدف التالي على قائمة الاستهداف، ما دفع العديدين لمحاولة إخراج أموالهم أو بعضها خارج البلاد. 
وتمثل الحدث الثالث بالأزمة الاقتصادية في لبنان، والتي بخّرت أرصدة العملة الأجنبية لعدد كبير من أذرع أسد، والحدث الرابع هو انتشار وباء كورونا وما خلّفه من أثر نفسي على المجتمع السوري بدرجة رئيسية وضيّق ما تبقى من حركة للناس بين سوريا ومحيطها. 
 أما الحدث الخامس فكان العقوبات الأمريكية التي دخلت حيز التنفيذ وسط العام تحت عنوان "قانون قيصر"، والتي منعت أي تدفق لأموال من الخارج، وأوقفت طموحات مستثمري الداخل وشهوتهم لإعادة الإعمار. 
6 مسارات 
وقسّم الباحث دراسته بناء على هذه الأحداث إلى 6 مسارات أولها، المسار النقدي ويتعلق بالليرة السورية والمصرف المركزي والقطاع المصرفي بشكل عام، والثاني هو المسار المالي الذي يتناول الموازنة العامة بشكل رئيسي. 
ويتعلق المسار الثالث بالتجارة الخارجية والداخلية وحركة الأسواق والسلع والاستثمارات، والمسار الرابع يتعلق بالصناعة والزراعة والسياحة، والخامس هو مسار الطاقة والسادس هو مسار الديمغرافية السورية. 
استمرار مسلسل انهيار الليرة. 
دولار بأربعة آلاف  
وفي المسار الأول رجحت الدراسة الاستمرار في مسلسل انهيار سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، متوقعة أن يصل مع نهاية العام إلى 4000 ليرة أمام الدولار الواحد، وهذا يعود لحوامل الاقتصاد السوري الضعيفة التي تؤهل الليرة السورية لتعكس ذلك كون معظم هذه العوامل متآكلة ومستمرة بالتآكل. 
وجاء في الدراسة أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على مصرف أسد المركزي نهاية 2020 أثرت بشكل مباشر وغير مسبوق، وأدّت هذه العقوبات، مضافاً لها تآكل الاحتياطي النقدي الكبير وتراجع ثقة الناس به، إلى عدم وجود أي تأثير له  سوى ما هو إلزامي وإجباري من أدوات يمكن تطبيقها كالضغط على مكاتب الصرافة والبنوك وشركات التحويل للتعاون معه. 
وتابعت الدراسة أنه في ضوء هذه الصورة يمكن التنبؤ بأن ظروف المصرف ستكون محصورة في نطاق جمع مستلزمات التمويل الرئيسية، مع محاولة استحداث وسائل جديدة لتنويع مصادره، ولكن قد يشهد العام الجديد تضييقاً كبيراً في قدرته على التعاون مع الجهات الخارجية بموجب قانون العقوبات، ما سيؤخر على أقل تقدير كثيرا من العمليات التي يتوقع أن تعطي فيها الولايات المتحدة استثناءات له للاستمرار بها لأسباب إنسانية. 
2 مليار دولار 
وقالت الدراسة إن موازنة 2021 شهدت تضخماً في رقمها المعتمد وهو (8.5) ترليون ليرة سورية، ولكنها رغم ذلك لا يتوقع أن تتجاوز 3 مليار دولار بسبب انخفاض سعر الصرف، ما يجعلها الأقل تاريخياً مقومة بالعملة الأجنبية.  
وبحسب الدراسة، يُتوقع أن تواجه هذه الموازنة بشكل خاص وكل قطاع المالية العامة للدولة بشكل عام عدة مشاكل في 2021، فحجم العجز المعلن عنه في موازنة 2021 يبلغ 2.4 ترليون ليرة سورية (مليار دولار تقريباً، وفق أسعار مطلع 2021) أي قرابة 30% من إجمالي الموارد. 
ويتوقع بناء على المسارات المذكورة واستمرار مفاعيلها أن يزداد العجز الحقيقي في موازنة عام 2021  حتى يتجاوز 4.8 ترليون ليرة سورية (حوالي 2 مليار دولار) أي قرابة نصف الموازنة (50% عجز) وسينعكس هذا الأمر في قدرة جهاز حكومة أسد على ضمان تأمين الدعم للسلع الرئيسية وتنفيذ المشاريع، وربما بدرجة أقل دفع الرواتب للموظفين التي قد تتأخر عن المعتاد. 
ويعتقد صاحب الدراسة أن رقم الموازنة الحالية تم تضخيمها جداً لأسباب إعلامية، ولإثبات أن حكومة أسد ما تزال قادرة على الإمساك بزمام الأمور وقيادة المشهد الإداري والاقتصادي في البلاد. 
وبحسب الدراسة لن يكون هناك تغيير على قائمة السلع المستوردة أي سلع صناعية أو ماكينات، وسيستمر حظر توريد السيارات تجنباً لخروج كميات كبيرة من القطع الأجنبي من جهة ولكون الحاجة أقل لها من أي وقت آخر. 
قطاع التجارة 
كما أن الشركاء التجاريين الرئيسيين لنظام أسد في 2021 سيكونون بالدرجة الرئيسية الصين التي تستورد منها مناطق النظام. كما ستأتي روسيا في قائمة الشركاء التجاريين الرئيسيين استناداً لتجارة الحبوب، حيث يعتمد عليها النظام بشكل متزايد للحصول على القمح، وسيُصدّر لها الخضار والفواكه. 
ورغم أن الإحصاءات التجارية مع إيران ستغيب بشكل كبير كما هي عادة السنوات السابقة، إلا أن توقعات الدراسة أن تحافظ مناطق سيطرة النظام على علاقات تجارية قوية مع إيران خاصة في مجال الغذائيات المصنعة والسجائر.  
وسيحافظ الاتحاد الأوروبي (الشريك التجاري الرئيسي لسوريا قبل عام 2011) على مواقع متأخرة للغاية في 2021 بسبب العقوبات والمقاطعة. 
وسيشهد عام 2021 انخفاضاً للتجارة غير الشرعية (التهريب) عبر لبنان والعراق، نظراً للضغوطات الداخلية والخارجية التي تواجهها هذه الدول لوقف عمليات التهريب. 
وفي التجارة الداخلية توقعت الدراسة استمرار انتعاش الأسواق الساحلية، في 2021، على حساب إهمال الأسواق الأخرى في حمص وحلب وريف دمشق، وستعمل "المؤسسة السورية للتجارة" على ضم مزيد من السلع لبطاقتها الذكية، وتوسيع سلة منتجاتها، وقد تطرح سيارات وسلع رفاهية؛ كالأجهزة الكمبيوترية أو الجوالات وغيرها لتحصيل موارد للخزينة وحصر الموارد في يد الحكومة، ويتوقع أن تزيد الشركة من عدد صالاتها تباعاً وبشكل ملحوظ في 2021. 
في الوقت الذي ستبقى فيه الأسعار – العامل الأهم في السوق- مرتبطة بسعر الصرف وآخذة بالارتفاع، حيث يتوقع أن ترتفع بأكثر من 80% خلال 2021 على أقل تقدير، وخاصة سلع المواد الغذائية والمحروقات وبنسبة أقل الاتصالات والكهرباء والمواد المدعومة التي قد تسعى الحكومة لرفع سعرها في 2021. 
 وتوقعت الدراسة استمرار التراجع في الصناعة والسياحة مع بعض التقدم في النواحي الزراعية خاصة في المناطق الشمالية والشرقية وريف درعا، وذلك في سبيل تأمين احتياجات السكان اتجاه الأسعار المرتفعة للمواد الغذائية والنقص الحاد في بقية المهن والهدوء النسبي المتوقع في مختلف المناطق. 
الطاقة  
لا تزال خارطة الطاقة في سوريا تتمركز ضمن مناطق سيطرة قوات قسد، والتي تستحوذ على الكميات الأكبر،  وتعتمد مناطق المعارضة في غرب الفرات على كل من "قسد" وتركيا في استيراد المواد النفطية، ويعتمد نظام أسد على مصادر مختلفة، منها "قسد" وإنتاجه المحلي الصغير الذي يحاول توسيعه، ومحاولة شراء نفط من السوق السوداء العالمية، ويعتمد بشكل أقل على لبنان.  
ولا يتوقع في عام 2021 أن تتغير هذه الخارطة كثيراً، مع انحسار أكبر للكميات القادمة من لبنان نتيجة السعي لضبط الحدود. 
وترى الدراسة أن "قسد" ستستمر في تصريف كمياتها نحو العراق ومناطق الفصائل مع كميات نحو مناطق النظام ولو بشكل غير كبير، ويتوقع بالتالي أن تخبو أزمة المحروقات في مناطق النظام مطلع نيسان 2021 نتيجة ارتفاع درجات الحرارة لتعود مرة أخرى في تشرين الأول 2021 على خلفية ارتفاع الطلب نتيجة لانخفاض درجات الحرارة.وسوف تكون أزمة الغاز المخصص للطبخ أقل مقارنة ببقية أنواع الطاقة الأخرى، نظراً لأن الكميات المكتشفة مؤخراً في مناطق النظام، خاصة في حقول منطقة القلمون وريف حمص الشرقي، كبيرة نسبياً. ولكن المشكلة الرئيسية ستبقى في موضوع استثمار هذه المواد وتحويلها إلى منتجات قابلة للاستهلاك بسبب سوء البنية التحتية، ووجود إشكالات أمنية تتمثل في تزايد هجمات داعش في المنطقة. 
الاقتصاد السوري 2020 في أربع مؤشرات 
وفي ختام الدراسة توصل الباحث إلى 4 مؤشرات رئيسة لاقتصاد نظام أسد خلال عام 2021، تعتبر التحديات الرئيسة التي سيواجهها النظام في العام الجديد بناء على المسارات التي تناولتها الدراسة وتأثيرها في الاقتصاد، وهذه المؤشرات هي الفقر والبطالة والتضخم والصادرات والواردات. 
واستنتج الباحث أن التضخم  سيستمر بشكل واضح في 2021، ويتوقع أن ترتفع الأسعار طبقاً لانخفاض سعر الليرة أمام العملات الأجنبية، وكذلك الارتفاع في العرض النقدي نتيجة التوسع في الرواتب والنفقات، وهو ما سيعني أن الرواتب الممنوحة ستنخفض قيمها الحقيقية أكثر وستضعف القدرة الشرائية للسوريين في مناطق النظام. 
وفيما يتعلق بالفقر توقع الباحث أن ترتفع نسبة الفقر أكثر مما هي عليه  الآن في عام 2021، وألا يتجاوز مستوى الخط العالمي للفقر سوى عدد قليل من السوريين. 
وأمام تحدي الصادرات والوارادت فذكر الباحث أن التجارة الخارجية بالمجمل قد تتحسن بعض الشيء نتيجة لتوقيع عدة اتفاقات مع روسيا والتوجه نحو تحسين التجارة مع الصين والعراق ولبنان، ورغم أن الأوضاع الاقتصادية العامة في سورية ليست جيدة تماماً إلا أن الواردات قد تشمل مزيداً من السلع من المحروقات ومواد البناء وقطع السيارات وهي سلع غالية الثمن نسبياً، كما أن الصادرات ستبقى في إطار الخضار والفواكه وزيت الزيتون والقطن والبذور وغيرها من المكسرات والمواد الأولية. 
وفيما يتعلق بتحدي البطالة فتوقع  أنها ستنخفض نسبياً، حيث يسعى النظام لتوظيف المزيد من الأشخاص في القطاع الحكومي خاصة من الجرحى وأسر القتلى والمتضررين من الحرب، في ظل رغبته بتوسيع قاعدة الرضا بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية.