الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دراسة تتحدث عن دور المعابر التي استحدثتها الحرب في سوريا والمنهجية التي تحكمها 

دراسة تتحدث عن دور المعابر التي استحدثتها الحرب في سوريا والمنهجية التي تحكمها 

09.06.2021
ميس حمد


أورينت نت 
الثلاثاء 8/6/2021 
وثقت دراسة اقتصادية حال المعابر التي استحدثتها الحرب في سوريا بين أطراف النزاع المختلفة فيها، وعكست آلية تحولها إلى منهجية وسلوك مع بداية عام 2012 وارتبط بعضها بتمرير سلع غذائية وتجارية معينة. 
حيث كشفت دراسة بعنوان "المعابر الداخلية في سوريا 2021" أصدرها مركز جسور للدراسات فرز الحرب في سوريا مصطلح المعابر أو نقاط العبور بين مناطق السيطرة المتنازع عليها بين الأطراف. وتعرف تلك المعابر بتمريرها الأفراد أو المواد الغذائية أو غير الغذائية أو نقلها للآليات العسكرية. 
وميز التقرير بين معابر رسمية تنشأ باتفاق ضمني بين الطرفين يحرسه قوات شرطة وعناصر أمنية أو مدنية من أبناء المنطقة، في حين تعرف المعابر غير الرسمية بعدم ديمومتها وفرض أصحابها إتاوات على المارين من خلالها، وتهريب مواد ممنوعة أو تهريب بشر. 
ورأت الدراسة أن جميع أطراف السيطرة في سوريا كانت عاجزة عن تحقيق مرحلة "الاكتفاء الذاتي" بمنتجاتها في المنطقة، ما أرغمها على التفاوض لتطوير علاقاتها التجارية الأمر الذي أتبعه بضرورة فتح معابر تجارية تربط بينهم، لتتحول في بعض الأحيان إلى ورقة ضغط بين الأطراف المسيطرة في حال النزاع. 
إذ تتمتع مناطق شمال شرق سوريا بثروة استراتيجية قوامها النفط والقطن والقمح، في حين تمتلك مناطق الشمال السوري المحرر ثورة زراعية وحيوانية استكمل النقص الغذائي والخدمي الحاصل لديها من البوابة التركية، بينما ضمت مناطق سيطرة أسد سلعاً صناعية كالأدوية والتبغ وقطع السيارات. 
ولفت الدراسة إلى أن المعابر وتطور وتيرة الحرب في البلاد والتراجع الحاد في قيمة العملة المحلية حيّدت من دور النقود في التعاملات التجارية والتبادلية ليحل محلها مفهوم المقايضة كشكل متعارف عليه ، إذ لم يعد لدى الأطراف حاجة لتخزين النقود. 
ورأت الدراسة أن مركزية المؤسسات الرسمية والدوائر الحكومية في مناطق سيطرة نظام أسد دون غيرها اقتضى معه الاعتماد على المعابر لمرور المواطنين في حال تطلب الأمر مراجعة دائرة حكومية أو المضي في معاملة شخصية. بالمقابل استعادت المناطق الأخرى، منها الشمال المحرر بالنقص الحاصل لديها بأن تتحول إلى مراكز تجارية وحيوية كما هو الحال في كل من سرمدا واعزاز. 
لكن المشهد يبدو مختلفاً بالنسبة لمناطق سيطرة ميليشيات "قسد" إذ عمدت الأخير بحسب الدراسية إلى اتباع "براغماتية نسبية" حققت منها مكاسب اقتصادية، حيث تشترك "قسد" من نظام أسد بنحو خمسة عشر معبراً، خمسة منها فقط معابر رسمية، والباقي معابر لنقل الأفراد أو البضائع. 
وتحكم هذه المعابر "مزاجية سياسية بحسب واقع الصراع بين الطرفين"، إذ وثقت الدراسة إغلاق المعابر من طرف ميليشيا قسد بالتزامن مع تنظيم أسد لحملته الانتخابية المزورة، وذلك تعبيراً عن رفض قسد لتلك الانتخابات. 
إلا أن معابر التهريب في المنطقة تغرد خارج السرب، حيث تحكمها شبكات تهريب بين الطرفين لنقل الأفراد والبضائع، ما يحقق فوائد مالية واقتصادية مجزية، أبرزها معبر الشحيل وجديد عكيدات. 
وبحسب مخطط بياني نشرته الدراسة، توضح انتشار معابر التهريب في مناطق دير الزور الواقعة تحت سيطرة ميليشيات قسد، في حين تتركز المعابر المدنية التجارية في كل من الحسكة وريف حلب الشرقي. 
في حين أن واقع الحال يبدو أكثر ضيقاً في المعابر المشتركة بين مناطق الشمال السوري المحرر ومناطق سيطرة أسد، فالمعابر إما مغلقة أو أن الحركة التجارية فيها ضعيفة، وبهذا الحال تحل المعابر المشتركة بين الشمال المحرر مع مناطق سيطرة "قسد" كمعابر وسيطة، أبرزها معبر "عون الدادات" بالقرب من جرابلس، ومعابر تهيب أخرى كمعبر "أم جلود". 
وبحسب الدراسة، تغيب المعابر المدنية التجارية وكذلك معابر التهريب بين مناطق الشمال المحرر وسيطرة نظام أسد، في حين يتصدر كل من معبر أبو الزندين ومعبر معارة النعسان كمنفذين تجاريين بين الطرفين. 
وكخلاصة، تبدو أن مناطق سيطرة "قسد" هي الأكثر استفادة من المعابر التي تربطها بين جميع الأطراف المتنازعة في سوريا، فموقها الاستراتيجي، حيث تتوسط كلاً من مناطق النظام والشمال المحرر فضلاً عن العراق جعلها معبراً معتمداً ومتنفساً عند تضييق الخناق على طرف دون غيره.