الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "داعش" يخسر فمن يربح؟

"داعش" يخسر فمن يربح؟

30.05.2016
فهد الخيطان


الغد الاردنية
الاحد 29/5/2016
عندما كان تنظيم "داعش" يحرز تقدما في سورية، كان ذلك ينعكس بشكل أوتوماتيكي على حضوره في العراق، والعكس صحيح.
حاليا يحدث الشيء ذاته وإن بصورة مغايرة؛ يتقهقر التنظيم في غرب العراق، وبنفس الوقت في شمال وشرقي سورية.
بالتزامن مع معارك الأنبار، وتحرير الرطبة، كان مقاتلو "داعش" يخسرون القرى والبلدات في سورية. وفيما تقترب المعركة الفاصلة في الفلوجة من نهايتها، تحكم قوات "سورية الديمقراطية"، حصارها لمدينة الرقة؛عاصمة التنظيم في سورية، ومركز قيادة عملياته.
وعلى الجبهتين تلعب طائرات التحالف الدولي "أميركا" دورا حاسما في تمهيد الأرض أمام القوات العراقية لدخول الفلوجة، وتوفر الدعم اللازم لمقاتلين أكراد وعرب لاقتحام الرقة.
عمليا لم يعد لداعش من مناطق نفوذ مهمة سوى مدينة الموصل، وإذا ما تمكنت القوات العراقية المدعومة من مليشيات الحشد الشعبي، من دخول الفلوجة في وقت قريب، ستتجه الأنظار صوب الموصل. وليس مستبعدا أن تتحرر المدينة من قبضة التنظيم الإرهابي في غضون الأشهر القليلة المقبلة.
في سورية، سيقاتل "داعش" دفاعا عن جيوب متفرقة في أنحاء البلاد، لكن المواجهات التي يخوضها يوميا مع فصائل منافسة، كجبهة النصرة، تستنزف قدراته.
ومايزيد من مأزقه، انقطاع خطوط الإمداد والدعم من تركيا، بعد أن دخل التنظيم في حرب مفتوحة مع نظام أردوغان، فخسر ما حقق من مكاسب. يضاف إلى ذلك تآكل مصادر التمويل الذاتي، بعد تدمير خطوط نقل النفط، وتشديد الخناق على مصادر التمويل الخارجي.
لكن أفول "داعش" لا يبشر بقرب نهاية الأزمة سواء في العراق أو سورية. واللافت أن مايحدث هو العكس تماما؛ ففي العراق تتعمق الفجوة أكثر وأكثر بين المكونات الاجتماعية والسياسية، ويتصاعد الخطاب الطائفي على وقع المعارك في الأنبار والفلوجة، خاصة مع دخول إيران بشكل مباشر على مسرح العمليات، وظهور قاسم سليماني في أرض المعركة.
وفي سورية ينتاب القلق أوساطا واسعة من تداعيات دخول المسلحين الكرد مدينة الرقة في القريب العاجل. وعلى مستوى ثان، تدخل القوى المتنافسة على تركة داعش في قتال مرير فيما بينها، وتتعمق فجوة الخلافات على نحو يهدد بحرب واسعة بين الجماعات الراديكالية المسلحة.
على المدى القصير لن يحقق النظام السوري مكاسب ملموسة من سقوط "داعش". ومع تضاؤل فرص استئناف مفاوضات جنيف، تستعد أطراف الصراع لجولة جديدة من القتال على كافة الجبهات. ومن المؤكد أن قرار روسيا بتعليق عملياتها في حلب، لن يستمر طويلا، وستعاود طائراتها قصف مواقع "النصرة" تحسبا من تمدد هذا التنظيم على حساب "داعش".
ربما تكون القوى المعنية بمحاربة الجماعات الإرهابية في سورية والعراق قد حققت مكسبا استراتيجيا بدحر التنظيم الأكثر وحشية، لكن ذلك المكسب سيتبدد بعد حين، إذا لم تتمكن القوى الدولية والإقليمية من البناء عليه، واستكمال شروط التسوية السياسية في سورية، وتخليص العراق من مأزقه الطائفي.
وليس هناك في الأفق ما يوحي بأننا على الطريق الصحيح. تلك هي المفارقة المأسوية؛ داعش يخسر وما من أحد يكسب.