الرئيسة \  مشاركات  \  داعش استولت على الرمادي وتدمر تحت سمع وبصر واشنطن! ماذا يعني هذا؟

داعش استولت على الرمادي وتدمر تحت سمع وبصر واشنطن! ماذا يعني هذا؟

24.05.2015
الطاهر إبراهيم





الاجتياح الخاطف الذي حصل في شمالي العراق في حزيران من العام المنصرم وكان نتيجته أن تنظيم الدولة "داعش" استولى على ما يزيد عن ثلث العراق، وأصبح داعش قاب قوسين أو أدنى من بغداد.كانت النتيجة أن نصف الجيش العراقي خلف وراءه آلياته وأسلحته مع ذخيرتها غنيمة سهلة باردة بيد تنظيم الدولة، ما جعل حكومة نوري المالكي على كف عفريت.
المعارضة السنية في العراق التي كان من المفروض أن يصب هذا الحدث بصالحها، تساءلت بينها وبين نفسها كيف حصل ذلك ونحن لا علم لنا به؟ آخرون تساءلوا:إذا كان رئيس الحكومة نوري المالكي نائم على "أذنيه" كما يقول المثل العامي لأنه منشغل في الكيد لأهل السنة، فأين هي واشنطن ومخابراتها التي تعد على الناس أنفاسهم في المنطقة؟
المقهورون من أهل السنة في العراق وفي سورية لم ينخدعوا بما حصل. لأنهم،وقبل ذلك بأقل من سنة من هذا الاجتياح قام تنظيم الدولة بالاستيلاء على مدينة الرقة بعد أن حررتها جبهة النصرة وجبهة أحرار الشام من الاحتلال الأسدي. تم ذلك بخدعة لئيمة من داعش لقياديين في النصرة وأحرار الشام، ثم قتلهم بدم بارد.
على إثر احتلال داعش لمدينة الرقة شهدنا تباطؤا في انتصارات الجيش الحر، واستطاع جيش بشار أن يلتقط  أنفاسه، ساعده في ذلك حزب حالش اللبناني والميليشيات الشيعية الأخرى. بل إن تنظيم داعش كان ينقض على فصائل الجيش الحر كلما سنحت الفرصة. وأما ما بينه وبين  جيش بشار فكان بردا وسلاما.
لكن اجتياح داعش لشمال العراق حرك ما كان ساكنا في المنطقة. سمعنا رعودا أمريكية في سماء العراق وسورية، تشكل تحالف أربعيني بقيادة واشنطن لقتال داعش. تمثل ذلك بالحرب حول عين العرب "كوباني". رفضت تركيا المشاركة في هذا الحلف ما لم يشمل قتال نظام بشار أسد إلى جانب قتال داعش. انتهت معركة كوباني بانسحاب تنظيم داعش من كوباني، ولحظنا فتورا في الحرب على داعش.
عاصفة الحزم التي قادتها السعودية ضد الحوثيين وضدجيش علي عبد الله صالح كان لها تأثير إيجابي على فصائل الجيش الحرفي سورية. تشكل جيش الفتح من جبهة النصرة وعدة فصائل مقاتلة إسلامية سورية، وقد تم تحريرمدينة إدلب في الشمال الغربي السوري أواخر شهر آذار 2015. كما تم تحرير مدينة جسر الشغور ومعسكر المسطومة (7 كيلو متر جنوب إدلب) الحصين جدا، ولم يتبق (حتى كتابة المقال) إلا مدينة أريحا وقد أصبحت كجزيرة معزولة.
في هذه الأثناء فوجئ العراقيون بتنظيم داعش وقد استطاع في الأسبوع الثالث من شهر أيار أن يستولي على مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار وهي أكبر محافظة عراقية مساحة. بل إن داعش استولي أيضا علي سامراء أكبر مدينة بمحافظة صلاح الدين بعد أن غادرها الحشد الشعبي. المفاجأة الأكبر أن هذا الاجتياح حصل وكأن واشنطن كانت في إجازة.
في هذه الأثناء احتل داعش مدينة السخنة في بادية الشام،وتابع سيره نحو مدينة تدمر التي ذاع صيتها في ثمانينات القرن العشرين لكثرة من أعدم نظام حافظ أسد فيها من الإسلاميين.وقامت  سرايا دفاع رفعت أسد(شقيق حافظ)بالهجوم ليلا على سجن تدمرالرهيب في حزيران 1980.
أعجب ما في الأمر أن واشنطن أرسلت الكوماندوس لقتل أبو سياف وزير البترول في داعش وأسر زوجته قبل أقل من اسبوع من سكوتها عن تقدم عساكر داعش إلى تدمر. تحركت مئات من سيارات داعش من دير الزور على مسافة 300 كيلو متر تحت سمع وبصر واشنطن كأن رجال داعش ذاهبون في نزهة.الأعجب من ذلك أن داعش أعطى فرصة لأجهزة بشار الأمنية لترحيل معتقلي سجن تدمر قبل أن يطبق داعش عليها.
ولا تنقضي عجائب واشنطن. ففي الوقت الذي سكتت عن استيلاء داعش على مدينة الرمادي، والاجتياح الخاطف على مدينة تدمر الأثرية،أرسلت طائراتها لقصف جماعة من عشرة رجال من جبهة النصرة في إحدى قرى ريف إدلب، وهم يهيئون للهجوم على جيش بشار. 
اجتياح داعش للموصل وشمال غرب العراق، والاستيلاء على سلاح نصف الجيش العراقي، كما أن الاستيلاء على مدينة تدمر الأثرية بما فيها من آبار بترول وغاز، عدا عن آثارها التي تعد الأضخم عالميا،كل ذلك تم تحت سمع وبصر واشنطن التي يبدو أنها تسعى لتقسيم سورية.  بل إن جيش بشار أسد، لم يقصف تدمر بعد اجتياح داعش، بينما كان طيرانه يقصف مباشرة مدن ادلب التي حررها جيش الفتح. 
الخطة تضم منطقة تمتد من الموصل والأنبار في العراق وتمتد إلى حلب وإدلب في سورية يسيطر عليها داعش الذي أعطى للعالم صورة سيئة عن خلافة إسلامية. وستشكل حكومة تمتد   على شريط سوري يمتد من حمص إلى الساحل السوري تقوم فيها حكومة علوية. أما ما تبقى من العراق فسيقسم إلى حكومة شيعية وكردية، أما دمشق وما حولها فسيكون لها ترتيب آخر. فهل حان الوقت لمؤامرة سايكس بيكو جديدة.