الرئيسة \  تقارير  \  خيارات محدودة أمام تل أبيب.. هذه سيناريوهات إسرائيل لمواجهة إيران نووية

خيارات محدودة أمام تل أبيب.. هذه سيناريوهات إسرائيل لمواجهة إيران نووية

28.06.2022
محمد وتد


محمد وتد
الجزيرة
الاثنين 27/6/2022
القدس المحتلة- أعاد إعلان مسؤول السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، استئناف المفاوضات النووية مع إيران واحتمال التوصل إلى اتفاق جديد مع واشنطن؛ السجالَ في إسرائيل بشأن اختيار التصعيد العسكري أو تأييد الاتفاق.
وتتباين المواقف الإسرائيلية بشأن إمكانية توجيه ضربة عسكرية فورية للمنشآت النووية الإيرانية، وكذلك بشأن السيناريوهات والخيارات لمواجهة ما تسميها إسرائيل "التهديدات الإيرانية"، وذلك رغم الإجماع العام على أن عودة الولايات المتحدة للاتفاق أو أي اتفاق جديد لا يلزم تل أبيب.
ويأتي استئناف المفاوضات وسط استفحال الأزمة السياسية داخل إسرائيل بعد حل الحكومة والذهاب إلى انتخابات برلمانية، هي الخامسة في 3 سنوات. وذلك في ظل توظيف بعض الأحزاب اليهودية -التي تسعى لتشكيل الحكومة المقبلة- مسألةَ الاتفاق النووي في أجندتها الانتخابية، وهو ما دأب عليه رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو من العام 2012، واستخدمه كفزّاعة لاستمالة جمهور الناخبين.
المحلل السياسي عكيفا الدار
ما خيارات إسرائيل للرد على استئناف مفاوضات النووي؟
يُجمع المحللون على أن خيارات إسرائيل محدودة، خصوصا أن استئناف المفاوضات واحتمال التوقيع على اتفاق جديد بين إيران والدول العظمى وأميركا، يأتي في أوج الشرخ الذي يعصف بالمشهد السياسي الإسرائيلي.
ويستبعد المحللون إمكانية توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية فورية للمنشآت النووي الإيرانية، لعدم جاهزية إسرائيل للقيام بمثل هذه المهمة بمفردها. وعليه، يبقى خيار ما تسميه تل أبيب "المعركة بين الحروب"، من خلال الاغتيالات والهجمات الإلكترونية، هو السلاح المتوفر. لكن حتى هذا قد يتم التقليل منه بضغط من واشنطن بحال التوقيع على اتفاق جديد مع إيران.
ويعتقد المحلل السياسي الإسرائيلي عكيفا إلدار أن تعليق مفاوضات النووي لعدة أشهر جاء بسبب التقاء المصالح بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي وأميركا، خاصة بظل الغزو الروسي لأوكرانيا. موضحا أن حكومة "بينيت – لبيد" امتنعت عن الصدام مع إدارة بايدن بالملف النووي الإيراني، كي لا تقدم تنازلات "بملفات حيوية" مثل القضية الفلسطينية.
كما أن إدارة بايدن -وفقا للمحلل- كانت معنية باستمرار حكومة "بينيت – لبيد" التي أطاحت بنهج نتنياهو، وأبدت تناغما معها، حيث منح البيت الأبيض الضوء الأخضر لتل أبيب للقيام بعمليات سرية ضد إيران ومشروعها النووي، كما أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية كان لها مصلحة في إظهار الشراكة والتعاون مع إسرائيل للضغط على طهران وإلزامها بتكثيف الرقابة على المنشآت النووية.
ما المواقف الإسرائيلية المتباينة من استئناف المفاوضات والعودة للاتفاق النووي؟
يتهم الائتلاف الحالي -برئاسة يائير لبيد ونفتالي بينيت- نتنياهو بعدم القيام بأية خطوات عملية لتقويض المشروع النووي الإيراني، ويحمّله مسؤولية عدم قبول توصيات رئيس الموساد مائير داغان، بين عامي 2006 و2010، بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، وهو الخيار الذي ما زال يتمسك به القادة الحاليون لجهاز المخابرات الإسرائيلي.
وخلافا لموقف الموساد وتراشق الاتهامات وإقرار الأوساط السياسية الإسرائيلية بالإخفاق في تحديد إستراتيجية للتعامل مع المشروع النووي وتعزيز نفوذ طهران في الشرق الأوسط وخاصة تموضعها العسكري في سوريا؛ تبدي قيادة الجيش الإسرائيلي "الموافقة المشروطة" لعودة واشنطن للاتفاق النووي مع إيران.
ويثير الموقف الذي عبر عنه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي والمخالف لرؤية الأجهزة الاستخباراتية؛ تساؤلات وعلامات استفهام بشأن قدرة إسرائيل على توجيه ضربة عسكرية للمشروع النووي الإيراني، وخياراتها لإحباط العودة للاتفاق النووي أو التأثير على مضمونه، وكذلك مدى قدرتها على تعزيز الحلف الإقليمي لمواجهة إيران.
كيف ستنعكس تطورات الملف النووي على المشهد الانتخابي في إسرائيل؟
في الوقت الذي تبدي الدولة العميقة ممثلة بجهاز الموساد معارضتها الشديدة لأي اتفاق نووي مع إيران ووضع سيناريو الخيار العسكري على الأجندة، ترى جهات سياسية إسرائيلية أنه يحظر تغيير السياسة الإسرائيلية الحالية تجاه الاتفاق النووي.
ووفقا لتقديرات صحيفة "يسرائيل هيوم"، فإن "إسرائيل لا يمكنها أن تكون شريكة في اتفاق سيئ تنتهي صلاحيته قريبا ولا يوجد فيه رد على ثقوب كانت موجودة في الاتفاق الأصلي منذ العام 2015".
ومع تعقيدات المشهد الانتخابي، اختار نفتالي بينيت رئيسُ حزب "يمينا" -الذي سيتولى في الحكومة الانتقالية منصب الوزير المسؤول عن القضية الإيرانية- دعمَ الإستراتيجية التي يدفع نحوها الموساد بتوجيه ضربة عسكرية وتقويض النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
ولكن بخلاف السياسيين، يفضّل الجانبُ العسكري الإسرائيلي الآن -بعد أن وضعت إيران آلية لتسريع وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60% في منشأة نطنز- التوصلَ إلى اتفاق نووي "سيئ"، ويرى أن اتفاقا كهذا سيمنح إسرائيل الوقت الكافي للتحضير للخيار العسكري.
هل سيخضع لبيد لضغوطات جيشه وواشنطن لقبول العودة للاتفاق النووي؟
تبدي أوساط في المعارضة والائتلاف الحكومي مخاوفها من ضغوطات يمارسها الجيش الإسرائيلي على السياسة التي سيقررها يائير لبيد، الذي تولى الحكومة حتى إجراء الانتخابات نهاية العام. وهي ضغوطات حيال الاتفاق النووي، وذلك قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تل أبيب في 13 يوليو/تموز المقبل.
ورأت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن لقرارات لبيد تبعات إستراتيجية وسياسية، كما أن ذلك سيكون مثار جدل خلال الحملة الانتخابية، علما أن الغالبية العظمى من الجمهور الإسرائيلي يعارض الاتفاق النووي مع إيران رغم جهله تفاصيله ومضمونه.
وبالتالي أي تغيير في هذا الإجماع من شأنه أن يُستغل بين الأحزاب لتصوير لبيد على "أنه خضع للضغوطات الأميركية في قضية وجودية بالنسبة لإسرائيل".
ويعتقد الإسرائيليون أن الاتفاق النووي الموقع عام 2015، لم يكن جيدا، لكن انسحاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منه في 2018 أدى إلى تسريع تطوير البرنامج النووي الإيراني.
ما مصير التهديدات الإسرائيلية بضرب إيران بعد استئناف المفاوضات؟
ستواصل إسرائيل نبرة التصعيد ضد إيران، وستستغل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المقررة في 13 يوليو/تموز المقبل إليها للضغط على واشنطن من أجل عدم رفع جميع العقوبات المفروضة على طهران وإرغامها عن التخلي عن المشروع النووي العسكري، وتكثيف رقابة الوكالة الذرية للمنشآت النووية الإيرانية المعدّة لأغراض مدنية.
وأوضح نير دفوري المراسل العسكري للقناة 13 الإسرائيلية أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تبدي قلقها من استئناف المفاوضات وإمكانية العودة للاتفاق النووي؛ حيث تقدر تل أبيب أنه بحلول نوفمبر/تشرين الثاني سيتم التوصل إلى صفقة بين واشنطن وطهران للعودة للاتفاق، وهو ما يتزامن مع مفاوضات تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
ووفقا للمراسل العسكري، فإن إسرائيل عشية زيارة بايدن ستمارس ضغوطات على واشنطن لعدم تجديد العمل بالاتفاق النووي وإلغائه نهائيا، على أن تُعلن طهران استعدادها للاستغناء عن مشروعها النووي لأغراض عسكرية، مقابل الحصول على تسهيلات وامتيازات ورفع متدرج للعقوبات.
المتخصص في الشؤون العربية والفلسطينية الإعلامي يواف شطيرن: الأزمة الخليجية وتفاقمها دون حل يخدم مصالح إسرائيل ويضر بالقضية الفلسطينية
هل إسرائيل قادرة في ظل أزماتها الداخلية على استمرار التصعيد مع إيران؟
تفضل إسرائيل -كما عبرت سابقا حكومة "بينيت – لبيد"- إيران ضعيفة ومحاصرة بلا اتفاق نووي، وهو ما يحظى بإجماع المستوى السياسي، بينما القيادة العسكرية ممثلة بالجيش ورئيس أركانه أفيف كوخافي وكبار ضباط شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، يدعمون توجه أميركا للعودة إلى الاتفاق الأصلي، ويقولون إنه يبعد طهران عن صنع قنبلة نووية ويتيح لهم مهلة زمنية للاستعداد لخيار عسكري.
وهذا الموقف يؤكد عدم استعداد إسرائيل عسكريا لتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، كما أن العودة لعامين ونصف من العمل بالاتفاق النووي يمكّن إسرائيل من تعزيز قدراتها العسكرية، وتحصين الجبهة الداخلية، وفق الصحفي الإسرائيلي المختص بالشؤون العربية يواف شتيرن.
ويعتقد شتيرن أن إسرائيل ستكثف جهودها السرية والعلنية في المسار الدبلوماسي لتشكيل حلف إقليمي تشارك به إسرائيل وتركيا والدول الموقعة على اتفاقيات التطبيع معها، من أجل مواجهة التحديات الإقليمية وبضمنها الإيرانية.
ويعتقد الصحفي الإسرائيلي أن التوقيع على اتفاق نووي جديد يلزم أميركا كدولة عظمى بالبقاء في الشرق الأوسط، ما يعني تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين دول المنطقة والدفع نحو تفعيل تحالف الدفاعات الجوية لمواجهة التهديدات والمخاطر الإيرانية، وهي فرصة لتعزيز الاستعداد الإسرائيلي للخيار العسكري ضد إيران مستقبلا.
المصدر : الجزيرة