الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خيارات إدارة بايدن في سوريا تتقلص وسياسة واشنطن لا تزال غامضة بشأن العملية السياسية 

خيارات إدارة بايدن في سوريا تتقلص وسياسة واشنطن لا تزال غامضة بشأن العملية السياسية 

22.03.2021
رائد صالحة



القدس العربي 
الاحد 21/3/2021  
واشنطن-"القدس العربي":  أكدت الولايات المتحدة أنها ملتزمة بتسوية سياسية تتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 لإنهاء الصراع في سوريا، بالتشاور الوثيق مع الحلفاء والشركاء والأمم المتحدة، ولكن يبدو أن هذه التسوية، التي أعلنها مرة أخرى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية تنطوي على عواقب لرئيس النظام السوري بشار الأسد وحكومته. 
 
وقال المتحدث الأمريكي إن الإدارة "ستستخدم الأدوات المتاحة، بما في ذلك الضغط الاقتصادي، من أجل إصلاح ذا مغزى ومساءلة نظام الأسد" في حين تم إدراج المعركة ضد تنظيم "الدولة" في الوقت الحاضر كأولوية ثالثة. 
واستنتج المحللون الأمريكيون أن الأسد غير مستعد للمغادرة في أي وقت، على الرغم من الوضع الكارثي في البلاد، في وقت تحاول فيه روسيا تخفيف الضغط عن النظام السوري، ولكن المتحدث الأمريكي أكد ثانية أن تغيير نهج واشنطن لن يأتي إلا استجابة لتحول في دمشق. 
وأقر المتحدث باسم الخارجية، نيد برايس، بأنه لن تكون هناك نهاية مستدامة للصراع السوري قبل أن يغير النظام سلوكه، مؤكداً أن واشنطن بصدد مراجعة ما قد تفعله لتعزيز احتمالات التسوية السياسية. 
وأصدر وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، في وقت لاحق بياناً مشتركاً إلى جانب نظرائه من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا حول الشأن السوري بعد 10 سنوات من بدء احتجاجات ضد النظام، جاء فيه إن الأسد وكل من دعمه يتحملون المسؤولية عن السنوات الماضية من حرب ومعاناة إنسانية. 
وأشار البيان إلى تدهور الوضع الاقتصادي لسوريا وحاجتها المستمرة للمساعدات الإنسانية، كما أكد على رفض الانتخابات السورية المزعومة ووصفها بأنها مشهد "لن يكون حراً ولا نزيهاً ولا يؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام السوري". 
وبدت الكرة في ملعب واشنطن بعد حديث عن "هدوء هش مزعوم" في سوريا ودعوات أممية للدفع بعملية دبلوماسية جديدة حول سوريا، في حين حذر العديد من السياسيين من عدم قدرة أي دولة على وضع قواعد اللعبة في سوريا وحدها. ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية المتعاقبة لم تكن تشعر بإلحاح للتصدي للحرب الدموية في سوريا، وبالنسبة لإدارة بايدن، لا يزال هناك نوع من الغموض حول سياسة الإدارة الجديدة بشأن سوريا. 
وأشار محللون أمريكيون إلى أن روسيا تحاول فتح الباب أمام تعاون محتمل مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشأن السوري، بعد أن وصلت الحرب الدموية في البلاد إلى علامة فارقة قاتمة، هي مرور 10 سنوات على الكارثة. 
وأكد ناطق للسفارة الروسية في واشنطن أن هناك مجالاً للتعاون بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا، ولكن للقيام بذلك يجب التغلب على لغة التنافس التي تعود للحرب الباردة، والتي تعتمد على المصالح المتعارضة والاتهامات البارزة. 
وأشارت صحف أمريكية إلى أن واشنطن وموسكو وجدتا أرضية مشتركة في سوريا في المعركة متعددة الجنسيات ضد تنظيم "الدولة" ولكن هناك حاجة الآن لتحديد مجالات إضافية للتفاهم المتبادل. 
وبالنسبة لموسكو، فإن التعاون المشترك يعني عدم اعتراض الجهود الأمريكية في تقديم المساعدات الإنسانية ومكافحة الإرهاب ودفع العملية السياسية إلى الأمام، وفقاً لرؤية قريبة من نهج روسيا. 
وهذا يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تعيد النظر في المقاربات والإجراءات المتعلقة بحليفها رئيس النظام السوري بشار الأسد، وإعادة التفكير في الاستراتيجيات الأمريكية في سوريا. 
لم تحقق الإدارات الأمريكية السابقة أي تقدم يذكر في الشأن السوري، ولكن العديد من المحللين يتوقعون أن تكون إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أكثر نشاطاً من تلك التي سبقتها. 
وقال العديد من المحللين إن الوقت حان إعادة انخراط الولايات المتحدة لتحقيق التوازن بين الأجندات الروسية والإيرانية في سوريا، وأكدوا أن هناك ضرورة لقيام واشنطن بإجراء محادثات مع تركيا وموسكو للتوصل إلى حد وسط بشأن الحد الأدنى من الشروط المقبولة في أي عملية مفاوضات بخصوص سوريا. 
 
حقول النفط 
ولا تخطط القوات الأمريكية لمغادرة سوريا قريباً، ولا يبدو أن إدارة بايدن على عجلة من أمرها لسحب 900 جندي أمريكي بقوا في البلاد، وهي قوة صغيرة نسبياً، يرى العديد من مسؤولي البيت الأبيض أنها ضرورية لمنع عودة تنظيم "الدولة الإسلامية" ومنع الأطراف الأخرى، بما في ذلك روسيا وإيران وقوات رئيس النظام السوري من السيطرة على حقول النفط. 
ولكن التزام بايدن بالإبقاء على القوات هناك على المدى البعيد غير مؤكد، حيث قال العديد من مسؤولي البيت الأبيض انهم يراجعون وجود القوات في سوريا، وهو أعلان أثار مخاوف من أن يعيد بايدن النظر في الانتشار كجزء من تقليص أكبر للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط والتحول المخطط له نحو آسيا. 
وقال الجنرال كينيث ماكنزي جونيور، القائد الأعلى للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، في مقابلة مع الصحافة الأمريكية بعد زيارته لشرق سوريا إن السؤال الأول في المنطقة كان هو ما الذي ستفعله إدارة بايدن في سوريا، مشيراً إلى أنه ينتظر توجيهات من الإدارة بهذا الشأن. 
ووصف روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق في سوريا خلال إدارة أوباما، الاستراتيجية الأمريكية بأنها "معيبة للغاية". 
وقد ساعدت الولايات المتحدة القوات الكردية (قوات سوريا الديمقراطية) على ترسيخ سيطرتها في شرق سوريا، وخلقت بديلاً للنظام وورقة مساومة إذا ما مضت الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية سياسية للحرب الأهلية إلى الأمام، واستنتج خبراء أن الاحتفاظ بالقوات الأمريكية في شرق سوريا سيساعد على السيطرة على الحدود السورية-العراقية، مما يؤدي إلى تحقيق هدف واشنطن في احتواء نفوذ إيران المتزايد في المنطقة. 
ولاحظ محللون أن بايدن قد يجد صعوبة بالفعل في عدم استخدام العامل العسكري في التعامل مع الميليشيات في سوريا، وكان أول عمل عسكري معروف له هو الأمر بشن غارة في شباط/فبراير ضد معسكر في سوريا، بالقرب من الحدود مع العراق، رداً على هجوم ميليشيا مدعومة من إيران على قاعدة أمريكية في العراق. 
وقد ركز الرئيس الأسبق، باراك أوباما على تقديم المساعدات الإنسانية والمفاوضات السياسية الهادفة إلى الإطاحة بالأسد، وتقليص الوجود العسكري هناك، ووافق على مساعدة عسكرية سرية لإنشاء قوة معارضة سورية معتدلة، ولكنها ظهرت كجهد فاتر نتجت عنه نتائج هزيلة. 
وتعهد ترامب مراراً بالانسحاب من سوريا بعد هزيمة تنظيم "الدولة" ولكنه تراجع بعد استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس احتجاجاً، وفي العام الماضي، أمر ترامب بسحب القوات من الحدود الشمالية بالقرب من الحدود التركية كجزء من تحرك مخطط له لسحب جميع القوات، ولكن تحت ضغط البنتاغون، وافق لاحقاً على إبقاء القوات في الشرق لمواصلة العمل مع القوات الكردية والمساعدة على حماية حقول النفط. 
ومع عزم أعضاء الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، على طرح مشروع قانون لإلغاء تراخيص الحرب، فإن خيارات بايدن ستكون محدودة للغاية في الشأن السوري من الناحية العسكرية، حيث قدم مجموعة من النواب مشروع قانون لإلغاء تفويض عام 1991 لاستخدام القوة العسكرية في حرب العراق 2002 وقرار 1957 الذي يجيز العمل العسكري في الشرق الأوسط. 
ووصف مقدمو المشروع القانون بأنه خطوة أولى نحو استعادة سلطة الكونغرس الدستورية لإعلان الحرب. 
وقد حصل مشروع القانون على زخم جديد بعد استخدام بايدن التفويض لشن غارات جوية على الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا.