الرئيسة \  مشاركات  \  خوارج الأمس : تمرّدوا على الخليفة ، ثمّ قتلوه .. فما تصنع تركيا ، بخوارج اليوم ؟ 

خوارج الأمس : تمرّدوا على الخليفة ، ثمّ قتلوه .. فما تصنع تركيا ، بخوارج اليوم ؟ 

16.09.2018
عبدالله عيسى السلامة




تمرّد خوارج الأمس ، في معركة صفّين ، على الإمام عليّ ، الخليفة المبايَع .. وكانت الغلبة له ، في الحرب ! وحجذتهم هي : أن الصفّ الذي يحاربهم ، رفع المصاحف ن على أسنّة الرماح ، طالباً التحاكُم ، إلى كتاب الله ! وكان أكثر هؤلاء المتمرّدين ، من حفظة القرآن الكريم ، كما تروي كتب التاريخ !
 وحين سُقط ، في يد عليّ ، وصار تحت الأمر الواقع ، قبل بالتحكيم ، بينه وبين معاوية !
وحين أراد انتداب رجل ، من خاصّته ، يؤمن بحقّه ، في الخلافة ، رفض هؤلاء الجنود، وكانوا لم يخرجوا ، على الخليفة ، بعد ، وطلبوا منه ، تكليف شخص محايد ، لأجل العدل والإنصاف ( أليسوا حفظة للقرآن الكريم !؟) ، فكلّف أباموسى الأشعري !
وجرى التحكيم ، بعملية سياسية ، فلم يكن حظ الخليفة ، في السياسة ، أفضلَ من حظه في الحرب ، برغم أنه ، كان متغلباً ، في الحرب ، واضح الحجّة والحقّ ، في السياسة ! (والبركة في جنده العباقرة) ! ومعلوم أن الحظّ ، لا يأتي ، بالضرورة ، موافقاً الحقّ !
ورحل عليّ ، بجيشه ، إلى الكوفة ، فأبى هؤلاء ، دخولها ، معه ، بل نزلوا ، في حروراء ، وسُمّوا (الحرورية !) وأعلنوا : أنهم كفروا ، في قضيّة التحكيم ، ثمّ تابوا .. وطلبوا ، من عليّ ، أن يعلن توبته ؛ لأنه كفر، كما يعتقدون ! وحين خالفهم ، خرجوا عليه ، وقاتلوه ، وانتصر عليهم ، في معركة النهروان ! وظلّوا يتحيّنون الفرص ، لقتله ، وقتل الرؤساء ، في جيش أعدائه ! إلاّ أن المكلّف ، منهم ، بقتل الإمام ، ظفر به ، وقتله ، عند صلاة الفجر.. ولم يظفر المكلّفان الآخران ، بقتل معاوية ، وعمرو بن العاص !
 هذا ماترويه كتب التاريخ ، وإن كان بعض الباحثين ، يشكّ في هذه الرواية ! ولن نتحدّث ، هنا ، عن الرجال ، الذين ظلّوا في صفّ عليّ ، وشايعوه ، فسُمّوا : الشيعة ، فمعضلة الإمام  معهم ، أعقد من معضلته ، مع الخوارج ، وأطول منها ، زمناً ، وأشدّ منها ، أثراً ، في نفس الإمام !
 هذا عن خوارج الأمس ، الذين لم يكن لهم ، إلاّ عقولهم الضعيفة ، واجتهاداتهم القاصرة ، في السياسة ، وغيرها .. ولم تصنعهم أجهزة المخابرات ، العربية والعالمية ، لتدمير الإسلام، والأمّة الإسلامية ، كلّها !
فما يصنع خوارج اليوم ، الذين صُنعوا ، بطريقة خاصّة ، في الأجهزة الاستخبارية : قياداتٍ، وراياتٍ ، وشعاراتٍ ، وأزياء ، وهيئات !؟
لقد تعاضدت ، تصريحات عدد ، من كبار الساسة ، في الدول التي صنّعت خوارج اليوم، ودعمتهم ، وموّلتهم ، وسلّحتهم ؛ تعاضدت هذه التصريحات ، مع اعترافات عدد ، من المنشقّين ، عن صفوف الخوارج .. وتعاضدت هذه التصريحات والاعترافات ، مع الواقع، نفسه ، ومع الآثارالمدمّرة ، التي تركها الخوارج ، في حسد الأمّة ، بين المحيطين ؛ من حيث عمليات القتل والندمير والتهجير، التي أحدثوها، بأيديهم ، أو بسببهم: بسبب إعطائهم الذرائع، لقوى الشرّ العالمية ، لتدمير الأمّة الإسلامية ، أوطاناً وإنساناً ، وهي الذرائع ، التي صُنعوا لأجلها ، أساساً !
تركيا : إحدى الدول ، الواقعة في قلب الدوّامة ، التي صنعها الخوارج ، فاستُنفرت قوى الأرض، للقضاء عليها ؛ بل للقضاء على الأمّة ، من خلالها !
وقد عانت تركيا : الدولة والمجتمع ، من عمليات الخوارج ، داخل البلاد ، وفي جوارها، الممتدّ تأثيره ، إلى الداخل !
وتركيا : حريصة ، على أمنها القومي ، داخليا ، وعلى مستوى الجوار ! وقد صارت لها ، اليد الطولى ، في التعامل ، مع القوى المسلّحة ، المنضوية ، تحت راية الجيش الحرّ، المتعاون مع تركيا !
وتركيا : الجارة لسورية ، حريصة ، على شعب سورية ، وأمنه وسلامته ، من عمليات القتل والتدمير والتهجير، التي يسبّبها الخوارج ( الذريعة الشيطانية ) !
 فهل تعجز تركيا ، عن التعامل ، مع الخوارج : بأصنافهم ، وأسمائهم ، وأهدافهم .. تعاملاً، يناسب الحالة الراهنة : تركيّاً ، وسوريّاً، وإقليميّاً، ودوليّاً، وهي تملك ، من القوّة ، بأنواعها، مايؤهّلها ، لهذا التعامل ، ولحسم معضلة الخوارج ، من جذورها ؛ ولا سيّما أن الصورة واضحة ، لديها ، تماماً !؟
إن تركيا ، أمام اختبار حقيقي ، اليوم ، لصيانة أمنها ، وأمن جيرانها ، من شرور الخوارج، ومن الشرور، التي يجلبونها ، على الأمّة !
فهل تلام تركيا ، إذا بادرت ، بحزم ، إلى حفظ أمنها ، وأمن جيرانها .. أم تلام ، إذا تركت الخوارج ، يعبثون بأمنها ، وأمن مواطنيها ، وأمن جيرانها .. دون أن تحرك ساكنا !؟