الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خطورة استقلال الأكراد

خطورة استقلال الأكراد

12.06.2017
د. شملان يوسف العيسى


الاتحاد
الاحد 11/6/2017
في الوقت الذي ينشغل فيه العالم العربي في حروبه الباردة بين أقطاره المختلفة وبازدياد العنف والإرهاب في أكثر من بلد عربي، تطل علينا مشكلة جديدة تتمثل في مطالبة الأكراد بالاستقلال، حيث أعلنت رئاسة إقليم كردستان في العراق تنظيم استفتاء بشأن الاستقلال في 25 سبتمبر القادم، رغم معارضة الحكومة العراقية لقرار كهذا لم يخضع لأي تشاور مسبق.
رئيس المخابرات الأميركية الدفاعية الجنرال "فنسنت ستيوارت" حذّر من عواقب إهمال الحكومة العراقية للتفاهم مع السنة الأكراد، معتبراً أن مساعي استقلال أكراد العراق عن بغداد مسألة وقت، إذا لم تتمكن العراق من معالجة التحديات بغية تطبيع الأوضاع سياسياً، لأن الأمر والحالة هذه قد يتحول إلى صراع بين جميع الأطراف داخل العراق. وأكد "ستيورات" على أن أكبر تحد للعراقية سيكون المصالحة بين الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد وبين الشمال الخاضع لسيطرة الأكراد.
المؤرخ الكردي إبراهيم مصطفى المقيم في ألمانيا، أكد بأن مطالب الأكراد المتحورة حول الاستقلال ليست بالأمر الجديد، وهم شعب كبير العدد يقدر عدده بنحو أربعين مليون نسمة، يتوزعون بين أربع دول هي تركيا وإيران والعراق وسوريا، كما يوجد البعض منهم في دول أخرى مثل أرمينيا وروسيا وأذربيجان وروسيا والشيشان وداغستان.
وقد جرت عدة محاولات للأكراد سابقاً لإقامة دولتهم خلال القرن العشرين إحداها الإعلان عن إقامة مملكة كردستان بشمال العراق، وجمهورية كردستان الحمراء (كانت تابعة لجمهورية أذربيجان) وجمهورية أرارات بتركيا وجمهورية مهاباد في شمال غرب إيران.
كما جرت عدة محاولات مسلحة وحروب لإقامة الدولة الكردية، فقد تحقق للأكراد حكم ذاتي في العراق عام 1975، لكن الحكم انتهى بعد عام بعد أن اتفقت إيران مع العراق.. وقبلها جرت محاولة لإقامة دولة كردية في عام 1920، لكن حكمهم الذاتي لم يتحقق إلا بعد عام 1922 بعد الاحتلال الأميركي للعراق، لكن كل هذه المحاولات من جانب الأكراد لإقامة الدولة الكردية المستقلة فشلت لأن الحكومات العراقية والتركية والإيرانية تعارضها، كونها تهدد الأمن القومي لهذه الدول ومعها سوريا أيضاً.
والسؤال المهم الآن هو: لماذا تهتم الولايات المتحدة باستقلال الأكراد؟ ولماذا في العراق تحديداً وليس غيره؟ إنهم في العراق يتمتعون بحكم ذاتي وفيدرالي ورئيس الجمهورية العراقية كردي، وكذلك عدد من الوزراء، ويشارك الأكراد في خيرات النفط العراقية.. وهنالك أكراد موزعون في كل أرجاء العراق. الحقيقة التي على الجميع فهمها، خصوصاً المسؤولين العرب، لا سيما في العراق بشكل خاص، هي أن الجمهورية الكردية سوف تعطي إسرائيل قواعد عسكرية لضرب دول المنطقة.
ويرى البعض أن الولايات المتحدة من مصلحتها تمزيق العرب إلى دويلات تحارب بعضها البعض، والدليل على ذلك وقوفها كداعم قوي وراء انفصال ثم استقلال جنوب السودان. وفي هذه الأخيرة -كما نعلم- انتهى الأمر بحروب قبلية وعرقية لا يمكن حلها بسهولة. المنطقة لعربية لن تستقر إذا لم تعِ الحكومات والشعوب فيها أن الحروب الطائفية سوف تمزق الوطن العربي، وسوف تدخلنا في متاهات الحروب الدينية الطائفية.
------------------
*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت