الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خطوة إيران التالية

خطوة إيران التالية

03.06.2019
فاطمة ياسين


العربي الجديد
الاحد 2/6/2019
سخنت منطقة الخليج العربي إلى درجة عَقْد عدة مؤتمرات قمة دفعة واحدة، فقد هوجمت أربع ناقلات نفط إماراتية راسية على ميناءٍ لا يقع على الخليج، وتعرّضت مصافي نفط في الداخل السعودي لهجمات.. يرغب المهاجم بإيصال عدة رسائل، منها التأكيد أن أصابعه أطول من المسافة الفاصلة بين موانئ أبوظبي ومضيق هرمز، ويمكنه حل هذه المشكلة اللوجستية بسهولة، والوصول إلى حيث يشاء. وفي هذه الرسالة، تسخين واضح يتضمن الجدّية، على الرغم من عدم عظم الضرر الذي حصل على أرض الواقع.. لم يتأخر مسؤولو الدبلوماسية والأمن الأميركيون في الوصول إلى المنطقة، وأعلن جون بولتون أن الحرس الثوري الإيراني وراء الهجوم. وعلى صدى هذا التصريح، دعت السعودية إلى عقد مؤتمرات قمة في مكة تحديداً، لحشد الرأي العام الإسلامي على نحو خاص في وجه إيران التي ادّعت النأي بنفسها عن الهجوم، ودعت إلى عقد اتفاقيات عدم اعتداء من دون تفصيلاتٍ أو إيضاحات. يمكن أن تُفهم هذه التكتيكات تمسّكاً بالمواقع الحالية، مع عدم ممانعة في تبديل بعض القواعد، جاءت الطمأنة على لسان دونالد ترامب الذي صرّح: لا أريد تغيير هذا النظام (الإيراني)، أريده فقط أن يتحدث معي، فخط هاتفي مفتوح.
لا أحد يرغب برؤية حربٍ جديدةٍ في الخليج، ولكن نتيجة القمّة تعكس تبرّماً من إيران، فالجميع يشتكي، حتى الصين تريد أن تتوقف عن شراء مزيد من النفط الإيراني! قد تكون تلك مناورة للحصول على تنازلاتٍ في السعر، ولكن الأمر مطروحٌ على الطاولة. ومع انتخاب رئيس الوزراء الباكستاني الجديد عمران خان، وقربه من السعودية، أصبحت بلاده تعامل إيران بشكل مختلف عن السابق. وعلى الرغم من قوة الأذرع الإيرانية الممتدة في العراق وسورية واليمن، إلا أن الحصار واضح التأثير، والعقوبات تقوم بحتٍّ تدريجي للاقتصاد الإيراني، لتجعل قدرة إيران على تمويل الحروب ودعم أذرعها، مبتورةً وقاصرة، وهذا يعجِّل في حصول المكالمة التي ينتظرها ترامب من حسن روحاني.
تتشارك روسيا وإيران في سورية، على الرغم من عدم وجود اتفاقية واضحة تحدّد الخطوط الفاصلة بينهما، ويقرّ كل طرف للآخر بأحقيته في الوجود على الأرض السورية، ولطالما تكاتف الطرفان في المعارك التي اشتعلت على أرض هذا البلد. وعلى الرغم من ذلك، يغضّ الروس البصر عن الهجمات الإسرائيلية المتكرّرة على الأهداف الإيرانية، فالشراكة بين روسيا وإيران ليست شراكة التكامل، بل قد تكون شراكة تنافسٍ تصل أحياناً إلى حد التناقض، وروسيا التي تحتل موقعاً بحرياً في طرطوس لا تشعر بالرضا عن تجاورها مع نفوذٍ بحري إيراني في بانياس، يمكن أن يمارس رقابةً وتجسّساً عليها، وقد يعرقل تحركاتها، وهي تسعى إلى بناء كيان سياسي في سورية له هيكل الدولة بالمتاح من الأراضي، تمارس من خلاله نفوذها في المنطقة، وهذا يناقض المشروع الإيراني الذي يرغب ببناء مليشيا عسكرية قوية، ذات نواة مذهبية، يكون لها سلطة أقوى من سلطة الدولة، على غرار حزب الله في لبنان. هذه المسارات المعقدة، قد تجعل روسيا تتشارك مع الآخرين في الضغط على إيران، لتمرير ما ترغب به من شروط..
أرسلت روسيا، بشكل لم يُعلن عنه، نائبَ وزير خارجيتها إلى طهران، يحذرها من أي خطوة متهورة قد تقوم بها بما يخص الاتفاق النووي، وقال إن خروجها منه يزعزع الاستقرار في المنطقة، على الرغم من أن إيران لم تتحدث أبداً عن هذا الخروج. ترفع هذه التصريحات بطاقات تحذير لإيران، تجبرها على أن تكون أكثر حذراً في خطواتها في المنطقة، ما سيجعلها تفكّر جدياً بفتح خط الهاتف مع ترامب، وما يزيد من هذا الاحتمال إعلان البيت الأبيض قمة أمنية ستعقد في يونيو/ حزيران الحالي بين مسؤولي الأمن القومي في روسيا وأميركا وإسرائيل، وهناك عنوانان وحيدان لهذا المؤتمر: سورية وإيران.