الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خطاب الأسد وسوريا المستباحة

خطاب الأسد وسوريا المستباحة

21.02.2019
رضوان زيادة


سوريا تي في
الاربعاء 20/2/2019
ألقى بشار الأسد خطابا أمام مجموعة من شبيحته من النوع الرديء جدا في التصفيق وترديد الكلام الفارغ كي لا نقول الشعارات لأنه لم يعد للنظام أية شعارات يرددها، القتل والتعذيب والخوف يملأ سوريا كلها اليوم، والفقر والعوز والحاجة هي حقيقة السوريين اليوم داخل سوريا لا أمل لهم بالحصول على الغاز ولا كهرباء ولا ماء صالح للشرب إلى غير ذلك من الحاجات الأساسية اليوم التي لا يمكن لأية دولة إلا أن يكون هدفها الأول والرئيس هو السعي  لتأمينها.
هدف الخطاب الآن هو الرد على الأزمة الاقتصادية الخانقة بنظرية الحروب الأربعة التي أعلنها الأسد، وبالتالي على الشعب الذي قتلناه وهجرناه أن ينتظر عقوداً لأننا ما زلنا في حالة الحرب التي تبرر لنا كل ما فعلناه وسنفعله من قتل وتعذيب وتشريد، الأسد اليوم كما قلت أكثر من مرة هتلر زماننا المعاصر مع الفارق بالطبع في طموحات هتلر القومية وانعدام هذه الطموحات لدى الأسد اللهم إلا في المفاخرة بالقتل، النتيجة هي ذاتها على المستوى المتقدم في استخدام كل أنواع الأسلحة من أجل قتل السوريين وتصفيتهم.
ستنهي سوريا بعد أيام تقريبا عامها الثامن من الأزمة التي بدأت كثورة سلمية لها مطالبها المحددة في الإصلاح السياسي وإعادة هيكلة النظام السياسي على أسس ديمقراطية تستجيب لحاجات الشعب السوري سياسيا واقتصاديا.
استطاع نظام الأسد تدريجيا تحويل هذه الثورة السلمية إلى حرب أهلية طاحنة، كما وتحول النظام السوري نفسه وتدريجيا إلى ميليشيا قوية تشارك في صراع
الشعب السوري يكافح على مدى السنوات الماضية ليس فقط للحفاظ على المقاومة، ولكن الأهم من ذلك، تماسكه ضد سياسة منهجية تهدف إلى كسره وتحويله إلى أقليات متناحرة ومتصارعة
يائس مع الشعب السوري. يسعى بشار الأسد لاستنزاف سوريا من الموارد المالية والبشرية، والأكثر خطورة من كل ذلك هو تدمير النسيج الاجتماعي السوري من خلال خلق صراع طائفي بغيض. لقد تجاهل النظام، أو تحلل منذ بداية الثورة من جميع الالتزامات في زمني الحرب والسلم. واجه الثورة السلمية بالرصاص الحي، والتي حصدت أرواح خيرة الشباب في سوريا، ومع تحول الثورة إلى ثورة مسلحة لم يتردد النظام في سحق ودوس  قواعد الحرب أيضا، وبالتالي تحولت كل المستشفيات والمناطق السكنية والمساجد، والكنائس إلى أهداف للقصف بالبراميل والصواريخ، وامتلأت الفروع الأمنية بمئات الآلاف من السوريين الذين يقتلون تحت التعذيب وقد أظهرت الصور التي تم تسريبها من الفروع الأمنية حجم ومستوى التعذيب والوحشية التي يعيشها السوريون في أقبية المخابرات. وهكذا، نجد أن الشعب السوري يكافح على مدى السنوات الماضية ليس فقط للحفاظ على المقاومة، ولكن الأهم من ذلك، تماسكه ضد سياسة منهجية تهدف إلى كسره وتحويله إلى أقليات متناحرة ومتصارعة.
بعد كل هذه السنوات حيث بلغ عدد القتلى أكثر من خمسمئة ألف وتحول أكثر من ثلثي سكان البلاد إلى مشردين نازحين أو لاجئين، وظهرت الجماعات الإرهابية مثل داعش وغيرها التي سيطرت على أجزاء كبيرة من سوريا، ولكن ما يزال الأسد يكرر تقريبا الكلمات نفسها التي استخدمها في بداية الانتفاضة في مارس 2011، وكأنه يعيش في عالمه الخاص الذي نسجه من خياله بأنه قادر على العودة بسوريا إلى ما كانت عليه قبل مارس ٢٠١١.
قد يكون حال الأسد وكلماته نموذجا لأي دكتاتور، رأينا ذلك من قبل مع هتلر، صدام حسين، وميلوسيفيتش، وغيرهم من الذين يعتقدون أنهم سيكونون قادرين على كسب الحرب حتى وهم يعيشون في مخبأهم السري، وتاريخ معظم الطغاة يكشف عن ممارسات شبيهة لما يقوم به الأسد اليوم فهو يعيش في فقاعته الخاصة به، وهذا النوع من الطغاة يصبح أكثر خطورة مع الوقت وفي الوقت نفسه تصبح قضية إزالته أو القضاء عليه أقل أولوية لأن تكلفتها أكثر ارتفاعاً.
ربما كان تركيز المجتمع الدولي اليوم منصباً على بروز داعش وسيطرتها على أراض واسعة في سوريا كما هي حال إدارة ترامب اليوم، وزاد هذا الاهتمام من تركيز وسائل الإعلام الغربية على داعش
المعضلة التي تواجه الشعب السوري اليوم بين حكومة الأسد التي تعني القصف اليومي بالبراميل المتفجرة وبين داعش التي تحكم باسم الشريعة
بعد ذبحها للعديد من الرهائن، لقد ارتكبت داعش الكثير من الجرائم ضد الشعب السوري وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها في الرقة ودير الزور، فهي تمنع المرأة من الذهاب إلى المدارس، وإغلاق كافة الأماكن العامة وتطبيق الإعدامات والجلد في الساحات العامة و قطع الرؤوس باسم الإسلام وقد جرى تطبيق ذلك بحق الكثير من السوريين الذي يرفضون أوامرهم كما حدث ذلك للكثير من الناشطين في سوريا.
هذه هي المعضلة التي تواجه الشعب السوري اليوم بين حكومة الأسد التي تعني القصف اليومي بالبراميل المتفجرة وبين داعش التي تحكم باسم الشريعة، ينبغي على المجتمع الدولي ألا يسمح لهذا أن يستمر، عليه مسؤولية ودور لمساعدة الشعب السوري لإنهاء هذا الكابوس وفتح مستقبل ديمقراطي بالنسبة له.