الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خفايا تفاهمات "سوتشي" حول سوريا: تفكيك "تحرير الشام" وتمكين حكومة المعارضة

خفايا تفاهمات "سوتشي" حول سوريا: تفكيك "تحرير الشام" وتمكين حكومة المعارضة

12.01.2020
هبة محمد



القدس العربي
السبت 11/1/2020
دمشق – "القدس العربي" : شهدت محافظة إدلب في الشمال السوري، تصعيداً عسكرياً مكثفاً من قبل مقاتلات النظام السوري الحربية ومروحياته القتالية، تزامناً مع مفاوضات سياسية بين الضامنين الروسي والتركي بهدف التوصل إلى صيغة تفاهم حول مصير المحافظة.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، أنّ الجانبين التركي والروسي اتفقا على وقف إطلاق نار بمنطقة خفض التصعيد في إدلب اعتبارا من 12 يناير/كانون الثاني وفق التوقيت المحلي حسب وكالة الاناضول.
وأشار البيان إلى أنّ وقف إطلاق النار يشمل الهجمات الجوية والبرية، بهدف منع وقوع المزيد من الضحايا المدنيين ولتجنب حدوث موجات نزوح جديدة وإعادة الحياة لطبيعتها في إدلب.
 
هجمات برية
 
إلا أن قوات النظام واصلت هجماتها البرية عبر إطلاق القذائف الصاروخية والهاون على مناطق مأهولة في قرى وبلدات في إدلب. وبعد قصفها، مدينة معرة النعمان، وقرى معرشورين، وتلمنس، ومعرشمشة، بالصواريخ وقذائف أرض -أرض، واصلت قوات النظام الجمعة، قصف مدينة معرة النعمان، وقرية تلمنس.
ورغم الإعلان من قبل مسؤول في وزارة الدفاع الروسية عن دخول هدنة إدلب في التاسع من كانون الثاني/يناير الحالي، حيز التنفيذ، إلا أن مدفعية روسيا الثقيلة وأكثر من ثماني مقاتلات ومروحيات حربية تابعة للنظام السوري، واصلت استهداف المناطق المأهولة بريف إدلب الجنوبي بأكثر من 24 غارة جوية و55 قذيفة مدفعية خلال الساعات الماضية، وفق ما أكدته معرفات الدفاع المدني السوري.
 
اتفاق تركي روسي على وقف إطلاق النار في إدلب
 
الخوذ البيضاء، التي وثقت الغارات الجوية، أكدت في الوقت ذاته، أن الضربات الجوية والمدفعية، لم توقع خسائر عسكرية في صفوف المدنيين، في حين شمل القصف كلاً من مدينة معرة النعمان وبلدات تلمنس والدير الشرقي ومعرشمارين ومعرشمشة وخان السبل والصوامع ومعصران ومعرشورين والغدفة بريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن معاودة النظام السوري، استخدام سلاح البراميل المتفجرة في ضرب مدينة معرة النعمان، وكذلك الطريق الدولي "إم- 5" الدولي، والذي يربط بين محافظتي حلب شمالاً، ودمشق جنوباً.
وكانت قد نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء، يوم الأربعاء، عن الميجر جنرال الروسي يوري بورينكوف قوله "وفقاً للاتفاقيات مع الجانب التركي، فإن وقفاً لإطلاق النار قد نُفذ بمنطقة وقف التصعيد في إدلب بدءاً من الساعة 14:00 بتوقيت موسكو (11:00 بتوقيت جرينتش) يوم التاسع من يناير 2020"، إلا أن غارات النظام السوري لم تتوقف رغم الإعلان الروسي، وإنما شهدت المنطقة المزيد من الأعمال العسكرية.
القيادي في الجيش الوطني السوري مصطفى سيجري، كان قال لـ"القدس العربي": "تبذل الدبلوماسية التركية جهوداً كبيرة بهدف التوصل إلى هدنة ووقف إطلاق نار في إدلب، وفي حال نجحت المفاوضات الروسية – التركية فسوف تكون هدنة ووقف إطلاق نار لمدة 6 أشهر، على أن يتم خلال هذه المدة تنفيذ وتطبيق بنود اتفاق "سوتشي"، وأبرزها حل "هيئة تحرير الشام" بالإضافة لما يسمى بحكومة الإنقاذ التابعة للجولاني، وتمكين الحكومة السورية المؤقتة، حسب تفاهمات "سوتشي". ووفق المصدر، فإن روسيا تسعى إلى إضافة بنود جديدة على السابقة وإبرام اتفاق جديد، وهذا ما رفضته المعارضة، وكذلك الجانب التركي.
كذلك اعتبر المصدر المسؤول، أن "إعلان الجيش الروسي يوم الأربعاء عن "هدنة" ووقف إطلاق نار، هو إعلان "كاذب" ومحاولة للتضليل وخداع للرأي العام الدولي والإقليمي، ومازال الارهاب والعدوان الروسي بحق أهلنا وشعبنا مستمر حتى الآن" وفق سيجري.
الباحث السوري عبد الوهاب عاصي، رأى في قراءة تحليلية لـ "القدس العربي"، أن التهدئة المؤقتة لا تعني إنهاء الخروقات من قبل النظام السوري، الذي سبق أن قدّم صورة عن تعاطيه مع وقف إطلاق النار منذ توقيع مذكّرة سوتشي 2018. وأن ما يعمل عليه النظام والحلفاء المساندون له، هو العمل على تخفيض الطلعات الجوية إلى الحد الأدنى، مع استمرار القصف الصاروخي والمدفعي على خطوط التماس وفي العمق. فيما ينطلق حرص روسيا على استمرار الخروقات في منطقة خفض التصعيد، من رغبتها في استمرار الكارثة الإنسانية، أي بما يؤدي إلى:
الإبقاء على حالة الذعر بين الأهالي للتأثير على قراراتهم السياسية والقبول بالممرات الآمنة في حال أعلنت عن وجودها، ورغم أنّها أخفقت في تطبيق هذا النموذج في إدلب، لكنّ يبدو انها لا تزال تعوّل عليه مع ضيق البقعة الجغرافية.
الضغط على تركيا والمعارضة السورية، بحيث تؤدي موجات النزوح إلى خلق مزاج عام يطالب الطرفين بقبول المقاربة الروسية للمنطقة العازلة.
إتاحة الفرصة أمام تركيا والمعارضة السورية من أجل تطبيق بنود مذكّرة سوتشي (2018) وفق مقاربة روسيا، مع الأخذ بالاعتبار الواقع الميداني الجديد.
إبداء المرونة مع مطالب تركيا في التهدئة، حتى لا يتسبب التصلّب في الموقف والاستمرار في العمليات العسكرية بزعزعة الثقة المتدنّية بين الطرفين، وبالتالي تقويض ملف وقف إطلاق النار بشكل كامل.
 
تعزيز الجبهات
 
استثمار الفرصة لتعزيز جبهات القتال في محاور هجوم جديدة، على أن يتم استئناف العمليات القتالية في وقت لاحق، هذا في حال تباطؤ أو عدم استجابة تركيا والمعارضة السورية لتطبيق بنود مذكّرة سوتشي (2018).
ووجهة نظر الباحث عاصي، تقول: "الدعوة إلى التهدئة لا تُشكّل سوى وقف مؤقت لا نهائي لإطلاق النار في منطقة خفض التصعيد، على غرار الهدنة أحادية الجانب التي أعلنت عنها روسيا نهاية آب/ أغسطس 2019، وحثت تركيا لاحقاً على التمسّك بها.
في حين لا يبدو أنّ لدى تركيا والمعارضة السورية استعداداً لتقديم تنازلات مجانية إلى روسيا في تطبيق المنطقة العازلة غرب الفرات، ما لم يحصل تفاهم شامل حول ملف وقف إطلاق النار الذي يشمل أيضاً المنطقة الآمنة شرق الفرات في إطار أو على هامش مباحثات أستانة.