الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خاصرة إيران الرخوة في الاتفاق النووي

خاصرة إيران الرخوة في الاتفاق النووي

23.05.2018
علي حسين باكير


العرب
الثلاثاء 22/5/2018
يرمي الأوروبيون بثقلهم، مؤخراً، خلف الاتفاق النووي الإيراني، في محاولة منهم لإنقاذه، بعدما انسحبت الإدارة الأميركية منه، وشرعت في إعادة تطبيق العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، وسط تهديدات ترمب بفرض عقوبات أشد عليها في المرحلة المقبلة. وفي هذا السياق، تشير المواقف الرسمية الصادرة عن مؤسسات الاتحاد الأوروبي إلى أن المسؤولين الأوروبيين عازمون على التصدي لقرار ترمب، ومنع الاتفاق النووي من الانهيار، بعد أن تعهّدوا لإيران بالالتزام به، بغض النظر عن الموقف الأميركي.
ويركّز الجانب الأوروبي حالياً على طمأنة طهران لناحية الاستمرار في شراء المشتقات النفطية، وذلك على اعتبار أن دول الاتحاد وحدها تستورد أكثر من خُمس إنتاج إيران من النفط، بواقع حوالي ٦٠٠ ألف برميل يومياً، وهو عنصر مهم في حسابات الجانب الإيراني الذي يعتمد بشكل أساسي على صادرات النفط بالدرجة الأولى. وتدرس الدول الأوروبية كذلك إمكانية تحويل الأموال إلى البنك المركزي الإيراني بشكل مباشر، بالإضافة إلى تحريك قدرات بنك الاستثمار الأوروبي لدعم شركاتها والاستثمارات التي تقوم بها داخل البلاد.
ويعدّ الاتحاد الأوروبي ثالث أكبر شريك تجاري لإيران بعد الصين والإمارات، ولذلك يعتقد بأنّ الموقف الذي سيتّخذه سيكون حاسماً لناحية إقناع النظام الإيراني بعدم الانسحاب من الاتفاق من جهة، وإفراغ الخطوة الأميركية الأخيرة من مضمونها من جهة أخرى. لكن هناك من لا يوافق على هذا التشخيص، فجلّ ما ستفعله دول الاتحاد هو المطالبة باستثناء شركاتها من العقوبات الأميركية، وهو أمر قد لا يدوم طويلاً مع ترمب، فضلاً عن حقيقة أن مصالح الاتحاد الاقتصادية مع الولايات المتّحدة أكبر بكثير من مصالحه مع إيران، لذلك سيكون من الصعب بمكان المراهنة على أن تضحي دول الاتحاد بمصالحها مع واشنطن.
لكن ماذا عن الحسابات الإيرانية في هذا المجال؟ يقول رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، إنّ بلاده ستبقى ملتزمة بالاتفاق ما دام الآخرون ملتزمون به أيضاً، مهدداً في الوقت نفسه بأنّ طهران تملك خيارات أخرى، منها إعادة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%. لكن هناك من يشكك بمدى نجاعة الخيارات الإيرانية البديلة، في ظل الوضع الاقتصادي المزري للبلاد، وارتفاع معدلات البطالة، والتضخم، والمديونية. وإذا ما أضفنا ذلك إلى الوقائع التي تقول بعدم استفادة عموم الإيرانيين من الأموال التي وفّرها الاتفاق النووي، فهذا يعني أنّ ما سيفعله الاتحاد الأوروبي سيظل محل شك، فقد تنجح دول الاتحاد في إنقاذ الاتفاق، لكن ليس لديها ما يلزم لإنقاذ إيران إذا ما استمر الوضع الاقتصادي في التدهور.
إذا لم تحل مشكلة الاقتصاد الإيراني، فإن العقوبات الأميركية القادمة ستترك أثرها عيله من دون شك، بغض النظر عن المدّة التي ستحتاجها لليّ ذراع إيران. ويسعى الجانب الأميركي إلى استغلال نقطة الضعف الإيرانية هذه لجلب النظام الإيراني إلى طاولة المفاوضات من جديد. لقد عبّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن ذلك بشكل صريح مؤخراً، لكن هناك من المسؤولين الأميركيين من يريد أن يذهب أبعد من ذلك إلى تغيير النظام، انطلاقاً من أنّ المؤشرات الداخلية في إيران تساعد على تحقيق مثل هذا الهدف، خاصة إذا ما استمر التراجع في الوضع الاقتصادي، والتململ الشعبي إزاء هذا الوضع.;