الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حين أصبحت الحرية عدواً للغرب في سوريا

حين أصبحت الحرية عدواً للغرب في سوريا

12.04.2018
د. أحمد موفق زيدان


العرب
الاربعاء 11/4/2018
حين أصبحت الحرية عدواً للغرب في سورياحين أصبحت الحرية عدواً للغرب في سوريا
لم يكن يتوقع الغرب أن يتعرض لامتحان واختبار قاسٍ بشكل لحظي، فضلاً عن يومي وعلى امتداد 7 أعوام، كما يتعرض له اليوم في بلدان الربيع العربي بشكل عام، وفي سوريا بشكل خاص، فالغرب الذي أقام فلسفته وأيديولوجيته -بمواجهة الشيوعية والفاشية- على الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وجد نفسه فجأة في خندق واحد مع أعداء الأمس من الشيوعية والفاشية العربية الاستبدادية، بمواجهة القيم التي كان يدافع عنها بالأمس، بل وشكلت حمضه النووي لعقود.
عشنا -نحن الصحافيين- في عصر، لم نسمع يوماً أن نقلنا عن مصادر دبلوماسية شرقية، واقتصرت مصادر الصحافيين على المصادر الدبلوماسية الغربية لثقتنا بها، وثقة الجمهور ثانية، بخلاف الثقة المعدومة في المصادر الدبلوماسية الشرقية، اليوم نرى أن الطرفين متساويان بالأمر، إن لم تكن الثقة بالمصادر الشرقية أفضل، وهو ما عكسته قياسات الرأي الغربية باستطلاعها الجمهور الغربي برأيها في المصادر الإعلامية الروسية، وتراجع الإعلام الغربي تراجعاً مريعاً في تظهير الصورة الحقيقية للأحداث على الجمهور العالمي، كما كان حاله أيام الجهاد الأفغاني والحرب الباردة بشكل عام، فنراه اليوم متقاعداً تماماً عما يحصل في الشام وغيرها.
صمت الغرب وصمتت معه رائدته أميركا عمّا يجري بالشام، بل ولحست كل تهديداتها وعنترياتها حين تجاوز الأسد الخطوط الحمراء ولا يزال، وتجاوزت معه انتهاك سيادة دولة بحجم سوريا بغزو خارجي، وميليشيات طائفية أجرمت بحق السوريين، بينما ظلت تركض وراء وهم عدو هو الجهاديون، وتخلت عن القاتل المتسبب بكل هذه المأساة، وعلى الرغم من عدم تعرضها لعدوان واحد من الجماعات الثورية السورية الموجودة على الأرض السورية، بله تصريحاً هجومياً واحداً من هذه الجماعات، فإنها ظلت تقصفها وتقصف معها المدنيين السوريين، طبعاً إذا استثنينا تنظيم الدولة "داعش"، في حين ظلت معه العصابة الطائفية طليقة من العقاب على الرغم من كل الجرائم التي ارتكبتها.
لم يعد السوريون ينتظرون من الغرب -وعلى رأسهم أميركا- دعمهم في التحرر من عصابة طائفية مدعومة من احتلال أجنبي، وإنما على الأقل أن تمنع تهجيرهم واقتلاعهم من أرضهم، بعد أن تم اقتلاع أكثر من 60 % من السوريين، أما إذا استثنينا الأقلية الطائفية التي أفرزت هذه العصابة، فنستطيع أن نقول، إن أكثر من 80 % من السوريين قد تم تهجيرهم، ومع هذا لا نسمع للغرب وأميركا ركزاً تجاه ما يجري من أفعال يندى لها جبين البشر، لكن ثبت أن من نعوّل عليهم قد فقدوا جينات بشريتهم منذ زمان.
ما الرسالة التي أرسلتها أميركا والغرب بشكل عام من خلال تعاطيهم مع الثورة السورية؟ إنها رسالة واحدة وهي أن الحرية خارج أميركا عدو أبدي لنا، وأن الاستبداد والاحتلال والخراب والدمار حليفنا الاستراتيجي الذي لا نحيد عنه، ولو كلفنا ذلك ما كلفنا من تدمير حتى لقيمنا، التي رفعناها وهتفنا بها صباح مساء.;