الرئيسة \  تقارير  \  حوار مع مؤلف “حياة ثورية: يوميات الربيع العربي”

حوار مع مؤلف “حياة ثورية: يوميات الربيع العربي”

18.01.2022
موقع قنطرة


حوار: توغرول فون مينده – (موقع قنطرة) 12/1/2022
الغد الاردنية
الاثنين 17/1/2022
آصف بيات باحث اجتماعي عكف على دراسة الثورات وتأثيرها منذ العام 1979. وفي كتابه الصادر حديثاً، يركز على تأثير ثورات الربيع العربي على حياة الناس اليومية. ولإضاءة محتوى هذا الكتاب، حاوره توغرول فون مينده.
* *
بروفيسور بيات، تقول في كتابك “ينبغي أن نعرف ما الذي تعنيه الثورة في قاعدة المجتمع، وكيف تحدثُ في المجال الاجتماعي، في الحياة اليومية، وبين القواعد الشعبية”. كيف بدت الثورة للأشخاص الذين تحدثتَ معهم وإلى أي مدى تعكس النظريةُ الحياةَ اليوميةَ في الواقع؟
آصف بيات: دعني أوضح أنه في جميع الأحوال لا غنى عن سردية الثورة في القمة، حول السلطة السياسية أو الدولة أو تغيير النظام، من أجل أي فهم منطقي للثورة. لكن هذا غير كافٍ.
ينبغي أن نعرف ما الذي نعنيه بقاعدة المجتمع. في الحالات التي فحصتها، تغلغلت الثورات في الحياة اليومية؛ تم التعبير عنها بمشاعر وممارسات متميزة على المستوى الشعبي وأثّرت بشكل كبير على المجال الاجتماعي. وقد بادر السكان المحليون في المزارع والمصانع والأحياء إلى الحصول على الأراضي الزراعية وتأسيس نقابات مستقلة والنضال من أجل تحقيق ظروف أفضل.
في تونس، كان حجم احتجاجات العمال الصناعيين لتحسين علاقات العمل غير مسبوق. وناضل القرويون من أجل الحفاظ على الموارد المحلية وإنعاشها، ولضمان تخفيف الديون ومن أجل الحصول على بنية تحتية ومنازل وخدمات أفضل. وأثارت المطالبة بمياه ري كافية نزاعات استثنائية.
وفي المدن، شنّ الفقراء حملات لا نظير لها لتأمين ملاجئ جديدة وإسكان حكومي والحفاظ على آلاف الشقق العشوائية. واكتسبت الأحياء وظائف جديدة، تدير وتطوّر نفسها بمساعدة الشباب والناشطين المحليين.
وشهدت الأسر ممارسات جديدة فيما يتعلق بالعلاقات الجندرية. أصبح صوت النساء أعلى: خلعت العشرات منهن الحجاب، وعبرن عن شكوكهن في الزعماء الدينيين وتنصّلن من الإسلام السياسي.
نُشرِت في كتاب باللغة الإنجليزية مجموعة مقالات لعلاء عبد الفتاح وصدرت باسم “أنت لم تُهزم بعد”. ما مدى تأثير هذا الكتاب على تفكيرك وعلى من تحدثت إليهم؟
بيات: أنا حريص على قراءة كتاب علاء عبد الفتاح في أقرب وقت. في كتابي “حياة ثورية” تناولت قصيدة علاء الرائعة، التي نُشِرت عشية الانتفاضة. يشكل أمله ورؤيته مصدر إلهام، خاصة وأن الكثيرين في المنطقة وفي المنفى يعانون اليأس. إذا نظرنا إلى هذه الثورات من منظور الديمقراطية، يمكن أن نقول إنها عبارة عن فشل.
في الواقع، يوجد الآن في بعض البلدان قمع أكثر مما كان عليه قبل الثورات. لكننا إذا غيرنا منظورنا ونظرنا إلى قاعدة المجتمعات لنرى ما الذي حصل في المجالات الثقافية والاجتماعية، فسيكون من الصعب بكل بساطة إعلان نهاية هذه الثورات لأنّ الكثير من الأفكار، وكما قلت سابقاً، قد تغيرت. لقد طوّر الناس رؤى وتوقعات جديدة لا يمكن حتى للأنظمة المضادة للثورات تجاهلها، وبالتالي يتوجب عليها تعديل سياساتها للتعامل مع هذا الوعي الناشئ وهذه التوقعات.
رغم أن كتابك يركّز على تونس ومصر، كيف تعتبر أحداث لبنان والعراق والسودان استمراراً للعام 2011 وأن لها تأثيراً على منطقة أوسع؟
بيات: من الإنصاف القول إن جميع هذه الأحداث تنتمي إلى ما تُسمى “Refolutions”، التي تجمع بين كلمتي “إصلاح” Reform و”ثورة” Revolution، أي الجمع بين الإصلاح والثورة على عكس خيار إما الثورة أو الإصلاح، وهي جيل جديد من ثورات القرن الحادي والعشرين الغنية كحركات وإنما الضعيفة عندما يتعلق الأمر بالتغيير. ولديها جميعها القدرة على إنشاء نوع من التعددية السياسية، لكنها ضعيفة بشكل كبير إزاء أهواء ومكائد النخب في المناصب وحلفائها، سواء في داخل الحكومة أو في المنطقة.
ولكن بقدر ما تتعلم النخب المضادة للثورة من بعضها بعضا، فكذلك يفعل الثوار. الثورات في لبنان، والعراق والسودان أو الجزائر حدثت في وقت لاحق، وبالتالي كانت لديها فرصة للمراقبة وربما تجنب أوجه القصور للثورات التي أتت قبلها.
ويشكّل السودان خير مثال على ذلك، فقد كانت إدارته لثورته ملهمة للغاية، على الرغم من أن الحكام العسكريين، الذين تشجعهم مصر، مستعدون لإلغاء وتفكيك المشروع الثوري بالكامل.
بالانتقال إلى دور الغرب والاتحاد الأوروبي، هل تعتقد أن الغرب قد فهم عملية الثورات؟ وما توقعاتك فيما يتعلق بدوره في تعزيز الديمقراطية في المنطقة؟
بيات: أعتقد أن القوى الغربية تنظر إلى هذه الثورات بشكل أساسي من منظور مصالحها الوطنية. إذا كانت إقامة الديمقراطية تخدم مصلحتها، فستدعمها؛ وإلا فإن هذه القوى الغربية ستعارض قدوم الديمقراطية. والواقع أن الربيع العربي أظهر مدى تناقض بعض الدول الغربية -ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية- في دعم الثورات أو معارضتها.
أفلتت تونس إلى حد كبير من انتباه الولايات المتحدة، على الرغم من أن فرنسا كانت قلقة للغاية إزاء ما كان يحدث هناك. وبقيت الولايات المتحدة مترددة فيما يتعلق بمصر، كما دعمت الانتفاضتين في سورية واليمن، بيد أنها عارضت انتفاضات البحرين ودول الخليج العربي.
اليوم، في شمال أفريقيا، يشعر الأشخاص الذين يهتمون بالديمقراطية وحقوق الإنسان بخيبة أمل شديدة، أو بالأحرى يشعرون بالغضب، بسبب التواطؤ الملموس للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالانقلابات المضادة للثورة في مصر، وتونس، والسودان.
يشعر العديد من الأشخاص في السودان بأن الجيش يفكك ثورتهم الديمقراطية، ومع ذلك فإن رد فعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يتجاوز مجرد الكلام عن “الانفتاح الديمقراطي” في هذه البلدان من دون أن يصدر أي إجراء جدي من هذه الحكومات الغربية.
*آصف بيات باحث إيراني أميركي. يشغل حاليًا منصب أستاذ كاثرين وبروس باستيان للدراسات العالمية وعبر الوطنية وأستاذ علم الاجتماع ودراسات الشرق الأوسط في جامعة إلينوي في أوربانا شامبين.
*ترجمته لموقع قنطرة: يسرى مرعي.