الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حلم السوريين بالحرية ، المعضلة والحل

حلم السوريين بالحرية ، المعضلة والحل

01.12.2016
د. وليد البني


 كلنا شركاء
الاربعاء 30/11/2016
من المؤكد أن هناك عوامل متعددة ومختلفة اوصلت سوريا والسوريين الى الوضع الكارثي الذي يعيشونه اليوم .
في آذار ٢٠١١ عندما بدأت أولى مظاهر الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالديمقراطية والتعددية وحرية التعبير ، وانهاء خمسون عاما من الاستبداد والفساد والقمع ونهب ثروات البلاد، لم يكن أكثر المراقبين والمحللين السياسيين تشاؤماً يتوقع أن تؤدي هذه الاجتجاجات السلمية بسوريا الى الكارثة التي تعيشها اليوم . لكن لماذا حصل ماحصل ومن يتحمل المسؤولية عن هذه الكارثة ؟،
طبعاً الجواب الأسهل بالنسبة لسياسيي المعارضة هو تحميل نظام مافيا الاسد والمؤامرة الدولية كامل المسؤولية ، وبالنسبة للمستفيدين من فساد نظام الاسد أو حتى السوريين المرعوبين من التغيير والبديل الاسوء ، خاصة بعد ظهور قوى التكفير الظلامية في سوريا، هو تحميل المؤامرة الكونية على نظام الأسد والمعارضة العميلة كامل المسؤولية ، دون محاولة تحليل الأحداث بشكل موضوعي وتوزيع المسؤولية على كل من ساهم في الأحداث التي جرت منذ ذلك التاريخ الى اليوم .
في البداية لا أحد يختلف في أن عائلة الاسد والمافيا المحيطة بها، هي المستبد التي ثار الناس عليها ليبعدوها عما آصبحت تعتبره مزرعة ورثتها عن حافظ الاسد، وبالتالي بالنسبة لها هي معركة حياة أو موت ستستخدم كل ما قد يتاح لها من ادوات مهما بلغت قذارتها، حتى لو وصلت الى اثارة الفتنة الطائفية أو تدمير البلاد أو رهنها للأجنبي ، حتى تتجنب السقوط والمحاكمة على جرائم تعتبر من أبشع مايمكن لمستبد أن يرتكبه، فمسؤوليتها عن هذه الكارثة لاتحتاج شرحاً ولا تفصيلاً لانها من البديهيات.
آيضاً لا يمكن اهمال الدور السلبي للقوى الدولية التي امتنعت عن مد يد العون لثلاثة وعشرين مليون سوري ارادوا تلمس طريقهم نحو الحرية والعصرنة بعد عقود من الكبت والقمع والابتعاد عن السياسة، ولا الاستغلال البشع الذي حصل من هذه القوى للأحداث السورية لخوض معاركها فيما بينها على حساب دماء السوريين ومستقبل دولتهم .
لكن اليس على من تصدى لقيادة هذه الثورة من مؤسسات معارضة مسؤولية لاتقل حجماً عن مسؤولية الأسد والمافيا التي يرأسها في الوصول الى تلك الكارثة؟؟.
لم يترك الكثير من السوريين الثورة ويفضلوا الحياد او الهجرة والبحث عن ملجأ آمن لهم ولعائلاتهم ، كرهاً بوطنهم أو حباً بنظام مافيوي فاسد خبروا فساده وإجرامه وغدره على مدى عقود، بل يأساً من قيادات معارضة سياسية وعسكرية لم تنجح في أن تكون أفضل منه.
لم تثبت مؤسسات المعارضة السياسية للسوريين انها أقل جشعاً للمال والسلطة وإمكانية الوقوع في إغراءات الفساد والتبعية لغير السوري مقابل المال والسلطة من مؤسسات التظام المافيوية التي كرهها الناس لنفس هذه الأسباب .
أما الفصائل العسكرية التي شكلت سلطة الأمر الواقع في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام فلم تختلف عنه الا في الامور التالية :
تم استبدال البدلة العسكرية المموهة أو الكورية بالبدلة الأفغانية، واستبدلت السيدارة بلفة الرأس السوداء، كما تم استبدال عبارة يارفيق البعثية بعبارة ياشيخ ، وبقي الخطف من المنازل والتعذيب والقتل لكل من يعارض رأي الخليفة أو الأمير أو الشيخ ، واستبدل الدعاء لقائد الأمة الرئيس المفدى ادامه الله ، بالدعاء للخليفة أو الأمير او الشيخ حفظه الله .
تغيرت التهم من وهن نفسية الأمة اثناء الحرب، أومعاداة النظام الاشتراكي ، أو محاولة اقتطاع جزء من سوريا وإلحاقه بدولة أجنبية ( تهمة خاصة لكرد سوريا) عند نظام عائلة الاسد ، الى الكفر الظاهر وترك الصلاة ، أو الحض على المعصية او سب الدين عند دعاة الخلافة والامارة ، والمطالبين بتطبيق الشريعة الاسلامية بالقوة، وعند من يضعون الديمقراطية تحت اقدامهم أو يعتبرونها شركاً بالله .
خسرنا السوريين غير المتدينين والسوريين من غير المسلمين السنة عندما تركنا الداعمين يُؤسلمون ثورتنا الوطنية، ونخسر الباقي تدريجياً بعدما رأى حتى المتدينون تصرفات من آلت اليهم الامور في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام .
ماالحل:
الحل قد يحتاج وقتا ، أو ربما ثورة ثانية تعود بنا الى مطالب الأشهر الأولى من الثورة، عندما كانت شعارات السوريين تدعو الى دولة سورية تعيد للسوري حريته وتحفظ كرامته وتحقق رغبته في الانتماء لسوريا خالية من الفساد والظلم والقمع والسجون السياسية ، سوريا لكل السوريين ، تحترم اديانهم وطوائفهم وقومياتهم يحكمها دستورا عصرياً لا يميز بينهم ولا يضطهد أحداً منهم .
بمطالب كهذه سيكون معظم السوريين معاً في خندق الحرية ، وبالاستفادة من التجربة المرة للسنوات الخمس الماضية سيستطيعون انتقاء أصدقاءهم بشكل أفضل وبناء علاقة أكثر ندية معهم، وسيتمكنون من مخاطبة العالم وصناع الرأي والقرار فيه بشكل مختلف حتى لا يُنظر اليهم خطأً وكأن كل ما يريدونه هو مجرد استبدال استبداداً بإستبداد من نوع آخر يخافه العالم المتحضر كثيراً ويرفضه.